Menu

الذكرى ال55 للجبهة الشعبية.. وفاء للكفاح والمقاومة

سلامة عبيد الزريعي 

اختارت الجبهة منذ بيانها التأسيسي شعار الكفاح المسلح خيارًا أساسيًا لتحرير فلسطين، حيث جاءت انطلاقتها الأولى، ردّة فعل طبيعيّة وثوريّة على الهزيمة وعلى الانخراط في نهج التسوية على حساب الحق الطبيعي والتاريخي ـواليوم وفي الذكرى ال55 يأتي شعارها: (انطلاقتنا مقاومة)، كدلالة على صحته وضرورته الحتمية في كل زمانٍ ومكان، واستجابة للحالة الوطنية التي تعبّر عن المخزون الكفاحي والنضالي لجماهير شعبنا المشتبكة مع العدو في كل مكان، حيث تتواجد قوات الاحتلال.

رغم أن الانطلاقة هذا العام تأتي في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة وفي ظل تصاعد الإرهاب الصهيوني إلا أن الجبهة، رغم كل الآلام قررت أن تكون الانطلاقة الـ 55 مميزة، تحمل العديد من الرسائل، أولها: استمرار نهج المقاومة كونه الطريق الذي ستتحقق من خلاله العزة والكرامة لشعبنا الفلسطيني على خطى شهدائنا وأسرانا، ثانيا: مقاومة تعني عدم الإيمان بمسار العبث الاستسلامي ولا بكل المفاوضات التي لم تجلب إلا الخزي والعار، ثالثا: مقاومة تعزز صمود أبناء شعبنا في غزة المحاصرة والصامدة وأهلنا في الضفة و القدس المحتلة.

جاءت الانطلاقة، حاملة الرقم 55 وشعارا مُشكّلاً خارطة فلسطين كاملةً، ومن وسطها يخرج مقاتل حاملًا بندقيّته تعبيرًا عن مقاومتنا الفلسطينيّة التي تعتبر كتائب الشهيد أبو علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة للشعبيّة لتحرير فلسطين أحد أبرز أركانها، كما ويعكس شعار الذكرى "انطلاقتنا مقاومة"، التمسك بالمقاومة كخيارٍ أساسي لتحرير فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر.

جاءت الانطلاقة، لتؤكد لأبناء شعبنا أن الجبهة الشعبية لن تحيد عن البوصلة التي أسسها الحكيم جورج حبش ، وأبو علي مصطفى، وأحمد سعدات، وأبو ماهر اليماني، وماهر، وجيفارا، وصابر محى الدين، وكل الرفاق، والقائمة تطول من الشهداء والأحياء، ولتؤكد أنّ زوال العدو حتميّ وأن أسرانا سيكسرون القيد ويتنسموا عبق الحرية وأن المهجّرين بفعل الاحتلال والعدوان سيعودون إلى فلسطين منتصرين.

جاءت الانطلاقة هذا العام، شعار المقاومة لإيمانها الراسخ بأن المرحلة تقتضي أمام هذه العنجهية والتغول الصهيوني الشرس على شعبنا من قتل على المحاور والإعدام بدم بارد وقتل الشباب المقاوم على المباشر، كما شاهدنا على المباشر، حين أطلق جنديا صهيونيا الرصاص الحي على الشاب "عمار حمدي مفلح" من نقطه الصفر على مسمع ومرأى الأشهاد، بعد عراك بالأيدي بينهما. إنه شاهد جديد على فاشية وإجرام الكيان وإرهابه المنظم ضد الشعب الفلسطيني، ولهذا فإن الحالة والظرف اقل ما يكون أنها مقاومه، مقاومه.

جاءت الانطلاقة، موقظة للنائمين من سباتهم، معلنة وعلى الملأ أن المقاومة هي السبيل الوحيد لانتزاع الحقوق وعودة الأرض كاملة، واستجابة للحالة الوطنية التي تعبر عن المخزون الكفاحي والنضالي لجماهير شعبنا.

جاءت الانطلاقة، وفاءً وعهدًا لأرواح الشهداء التي ترفرف في سماء الوطن، لتؤكد على أنّها جبهة الشعب الفلسطيني، والفقراء والمضطهدين والمناضلين وأنها ما تزال حاضرة في ضمير شعبها وأمتها وأحرار العالم ومستمرة في كفاحها حتى العودة والتحرير وأنّها لم ولن تفقد البوصلة والأمانة وستواصل المضي على ذات الدرب حتى تحقيق شعبنا لكافة أهدافه.

جاءت الانطلاقة، لتؤكد أن المفاوضات عار أمام عرين الأسود وأن الشعب الفلسطينيّ لديه خيارًا واحدًا هو مقاومة الاحتلال الصهيوني وما المراهنة على المفاوضات وعلى قرارات ما يُسمّى بالشرعيّة الدوليّة واتفاق أوسلو ما هو إلا وهم وسراب، لم تحققّ شيئًا على الإطلاق، وأن فلسطين في هذا التوقيت أمام ثورةٍ شعبيةٍ يُعبَّر عنها بالمقاومة اليوميّة، والاستعداد للتضحية، وما تصاعد جرائم الاحتلال مؤخرًا إلا ترجمةً لإستراتيجية سياسيةٍ للكيان الصهيوني منذ قيامه، تقوم على أنه لا وجود لفلسطين أو الفلسطينيين.

جاءت الانطلاقة، لتؤكد أن مجموعة "عرين الأسود" شكّلت حالةً ممتازةً في مقاومة الاحتلال، كما نراه من التفافٍ شعبيٍ حولها، وما تقوم به أمام الاحتلال وجرائمه، مؤكّدة على عدم الفصل بين مجموعة عرين الأسود والفصائل الفلسطينية، باعتبار أنّهم يكملون بعضهم في مقاومة الاحتلال.

جاءت الانطلاقة، لتؤكد أن السواعد المقاومة التي تسطّر أروع الملاحم في صد العدوان الصهيوني المُستمر على أبناء شعبنا، هؤلاء هم فرسان فلسطين الحقيقيين وأبطالها الأوفياء الذين يدافعون عنها بكل بسالةٍ وانتماء، لا يخشون عدوّهم مهما كانت الصِعاب وصولًا إلى تقديم أرواحهم الطاهرة على مذبح الحريّة، وأنّ الجبهة في ذكرى انطلاقتها المجيدة الـ55 ستبقى وفيةً لدماء كل الشهداء، حاملةً وصاياهم، ووفيةً لذكراهم والسير على ذات الدرب حتى تحقيق أهداف شعبنا في التحرير والعودة، وأنّ دماء الشهداء لن تذهب هدرًا.

جاءت الانطلاقة، لتؤكد أن من يُطبّع مع الاحتلال هو متآمر على الشعب الفلسطيني، وانتقل من التطبيع إلى العمل المشترك مع الاحتلال، وأن شعوب البلدان المطبعة مؤيدة وداعمة للشعب الفلسطيني.

جاءت الانطلاقة، لتؤكد أنها تمثل انطلاقة شعب قدم وضحى بمئات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى وأن دماء الشهداء لن تكون سوى قنابل تتفجر في كل شارع وبؤرة استيطانية إرهابية.

جاءت الانطلاقة، لتبرق بالتحيّة وبكلّ الفخر والاعتزاز لمقاتلي شعبنا بكتائبه المختلفة، وإلى أهالي الشهداء على كامل الأرض الفلسطينيّة المحتلّة في ظل العدوان الصهيوني المستمر الذي يحتاج إلى تضافر كل الجهود الوطنيّة المقاوِمة لردع هذا العدو ومشاريعه التي تسعى لسرقة الأرض وتشريد الإنسان الفلسطيني.

جاءت الانطلاقة، أن العدو واهم إن اعتقد للحظة أنه باستهداف الشباب الفلسطيني المقاوم سيكسر إرادة شعبنا، فكل شهيدٍ يرتقي يؤسس لحقلٍ وأسلوبٍ وأداةٍ جديدةٍ من أدوات المقاومة، وأنّ الشعب الذي يخرج بالآلاف لتشييع شهدائه مؤكد أنّه لا خيار سوى المقاومة والوحدة طريقًا لمواجهة الإرهاب الصهيوني، وأنّ مواكب وأعراس الشهداء تؤكّد أنّ شعبنا يسير بخطى ثابتة نحو الانتفاضة الشاملة.

جاءت الانطلاقة، لتؤكد دعوتها، تشكيل جبهة مقاومة موحدة من أجل مقاومة الاحتلال وجرائمه ومواجهة السياسة الفاشية وإرهاب العدو الصهيوني واحتلاله للأرض بكل الوسائل والأدوات المتاحة. 

جاءت الانطلاقة، لتؤكد أن الشهداء والجرحى الذين يسقطون كل يوم في ساحات الاشتباك في الضفة الغربية ما هم إلا تيجان يجب أن ترصع بهم الهامات والرؤوس، فهذا هو العرس الفلسطيني الذي لا ينتهي إما نصرًا أو شهادةً إلى النصر المبين وتحرير كامل تراب فلسطين وما على المقاومة ببعيد.

 عاشت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمجد والخلود للشهداء الأبرار وكل انطلاقة والهامات شامخة والرؤوس مرفوعة