Menu

معركة الضفة: موارد لا قصائد

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

رغم أن تصاعد مظاهر الاشتباك المسلح بين قوات العدو الصهيوني وأبناء شعبنا في الضفة الغربية المحتلة، أبرز تشكل مجموعات مسلحة من المقاومين الفلسطينيين، شكّلت نموذجًا مهمًا للعمل الوحدوي في مواجهة الاحتلال، وفي الاستعداد للتضحية والفداء، إلّا أنّ هذا كله لا يجب أن يغطي على حقيقة تسعير العدو الصهيوني لهجمته على شعبنا في الضفة، واتخاذ هذه الهجمة شكل حملة تصفيات وقتل ممنهجة ضد أبناء شعبنا.

إن اعتداد الشعب الفلسطيني بشجاعة الفدائيين من أبناؤه في الضفة المحتلة، وفخره بتضحياتهم وبطولاتهم، لا يجب أن يكون أداة للتخلي عن خيار المواجهة الجماعية لهذا المحتل، بما يعنيه ويحتاجه هذا الواجب من ضرورة لتطوير أدوات المواجهة بكافة أشكالها، وتوفير حاضنة جماهيرية وشعبية لكل فعل مقاوم، وتعميم تجارب الاشتباك والصمود مع الاحتلال لكل موقع في فلسطين المحتلة، كما أنّ هذا النضال البطولي الذي تنهض به بضعة من المجموعات محدودة الموارد، يجب أن يفهم في سياقه باعتباره سدًا لعجزٍ عام عن ردع ومواجهة عدوان صهيوني متمادي، وكف فلسطينية مدماة تقف في مواجهة آلة عسكرية صهيونية متمادية في عدوانها؛ تحاول الذوذ عن فلسطين وشعبها، وعن الضفة والمحتلة والمثخنة في ظل مسعى استراتيجي صهيوني لضم معظم أجزاءها وحصر أهلها في معازل؛ يحيط بها الزحف الاستيطاني من كل حدب وصوب.

إنّ معركة الضفة المحتلة هي معركة فلسطين ومعركة كل العرب، فما سعي العدو لضم الضفة وعزل سكانها، إلا نكبة جديدة يتم إلحاقها بشعب فلسطين، وجزءًا من خطوات العدو في المجال الاستراتيجي لحسم الصراع في أرض فلسطين، وتصفية حقوق الشعب الفلسطيني وقدرته على المقاومة؛ بما يفتح الباب لتأبيد احتلال الغزاة الصهاينة لأرض العرب، ومد الهيمنة الصهيونية على كامل المنطقة العربية.

إن هزيمة هذه الموجة من العدوان الصهيوني هي واجب الوقت لكل فلسطيني وعربي ومؤمن بالعدالة والإنسانية في هذا العالم، أما الاختباء عن هذا الواجب وراء عبارات المديح لبضعة من مقاتلين يخوضون معركة أمة بأسرها فهو هروب من المعركة، وتنازل عن الحاضر والمستقبل، وتسليم لرقابنا جميعًا للصهاينة.

لم تنتصر الشعوب والأمم بنظم قصائد المديح لشهدائها في ساحات الوغى، أو لأبطال قضوا منفردين يجابهون الغزاة، ولكن شقت دروب النصر، بنضال جماعي تضافرت لأجله كل الجهود وتراكمت في سبيله التضحيات وتجندت لأجله الموارد، فما آن لأمة العرب، ولشعب فلسطين؛ مغادرة مواقع الاستنزاف والصراع على حطام سلطات تحت حراب المُستعمِر، ووقف وتجاوز حروب التدمير الذاتي التي مزقت وحدة هذه الأمة، وأخضعتها للتقسيمات ومشاريع الاستعداء والاستنزاف الطائفي؟

ضفة الصمود، وحيفا والنقب، تنتظر من شعبها الفلسطيني والعربي الكثير، لا من موقع الاستجداء للعون، ولكن من موقع من يخوض معركتنا جميعها، ويطلب محقًا موارد معركته ممن يذوذ عنهم، هذا واجب يعرفه شعبنا جيدًا، وهذا الشعب لم يترك يومًا نضاله أو واجبه.