Menu

كتّاب ومفكرون وصحفيون ينعون الراحل الصحفي أحمد جابر.. باحثًا عن الحقيقة في زواياها المعتمة والمضيئة

بوابة الهدف

نعى كتّاب ومفكرون وصحفيون، يوم أمس الخميس، الكاتب ومسؤول قسم شؤون العدو في مجلة وبوابة الهدف الإخبارية، المثقّف الوطني والكاتب والصحفي أحمد مصطفى جابر، الذي وافته المنية صباح أمس الخميس، في منفاه ب تركيا ؛ نتيجة تعرّضه لأزمةٍ قلبيّةٍ مفاجئة.

بدوره، قال المفكر والباحث غازي الصوراني، عن رحيل الصديق الرفيق الإنسان أحمد جابر، "يا له من خبر مفجع لي ولأسرة الفقيد الغالي شهيد الغربة والاغتراب الرفيق المناضل الكادر الجبهاوي الباسل صاحب المواقف الجسورة التي لا تعرف المجاملة، الكاتب المتميز والأديب المبدع والصحفي الفنان والإعلامي الطليعي الرائع أحمد جابر".

وأضاف الصوراني، أنّ "خبر رحيلك عن دنيانا فجيعة لي ولكل من عرف هذا المثقف الثائر والإنسان العظيم المتميز بقوة النبل في روحه وعقله، إنّه الراحل متعدد المواهب فقيد الجبهة وفقيد الحقيقة الموضوعية والموقف المبدئي وفقيد هيئة أركان مجلة الهدف التي لم يفارقها كاتبا سياسيا وثقافياً واعلاميا وأديبا منذ أكثر من 20 عاماً، وهو أيضًا فقيد الثقافة الوطنية التقدمية والرؤى السياسية الوطنية والقومية والإنسانية الأممية".

وأوضّح الصوراني، أنّ "فقيدنا الراحل أحمد جابر الإنسان عميق الوعي في العديد من المجالات الفكرية الحداثية والسياسية والأدبية إلى جانب المجالات الأكاديمية المتخصصة، كما تميز فقيدنا الراحل بعمق مشاعره بكبريائه وحسه المرهف واعتزازه بذاته وتفرده بصراحة الموقف النقدي الموضوعي الجريء بلا غرور في مجابهة مدعي النضال والمقاومة والثقافة والفكر والإعلام".

وفي ختام رسالته، قال "إليك مني ومن كل أفراد أسرتي أصدق مشاعر العزاء والحزن والمواساة لأسرتك الصغيرة ولأسرتك الكبيرة.، المجد والخلود لروحك وذكراك الناصعة البياض كما هو تاريخك وكما هي مواقفك وقناعاتك".

من جهته، كتب الأكاديمي ورئيس تحرير مجلة الهدف وبوابتها الإلكترونية د. وسام الفقعاوي، مقالةٍ نعى فيها الكاتب والمحرر المنفذ لمجلة الهدف ومسؤول قسم العدو في بوابتها الإلكترونية، بعنوان "أحمد مصطفى جابر: الرصيدُ الهائلُ السائرُ بنا نحو الهدف".

إنّ "أحمد كتب ذات مرّة، في مقالةٍ تحت عنوان: "الانتفاضة وإعادة اكتشاف الذات: حكاية صبي تائه"، أنّه أعاد اكتشاف ذاته في أتون الانتفاضة الشعبيّة الكبرى، بعد أن كان صبيًّا تائهًا، بين دروب الغربة ومخيّمات اللجوء التي جعلته منغمسًا تمامًا بمعنى فلسطين، بعيدًا عن القسمة السياسيّة داخلها، التي وضعها البعض بين تاريخين/نكبتين (1948-1967)، ومن ثَمَّ أصبحت دروبًا للتيه الحقيقي في مشاريع "العم سام" وأجنداته، في حين أنّ "الصبي التائه" كانت الثورةُ دليلَه، وعصف نيرانها في الناصرة، التي أنشد معها "يا ناصرة يا ناصرة.. شدي العزم والحيل.. خلي العبوة الناسفة تمحي ظلام الليل".

وأضاف الفقعاوي، "هكذا كتب ذات مرة، ومنذ أن شبّ وعيه، بقيَ يكتب لنا عن الهدف وفي الهدف، فهو لا يريد لنا سوى أن نعيد اكتشاف ذاتنا الصحيحة باستمرار، كي لا نتوه كما "تاه" ساسة الحل السلمي؛ فغدوا صنوانًا للأنانيّة والانتهازيّة التي لا تستقيم معها الوطنيّة"، مشيرًا إلى أنّ "أحمد ذاك المستقيم دون تيه، حتى قبل أن يبلغ سنّ الرشد الوطني، وهو ينتقل بين مخيّمٍ ومخيم، وكتابٍ وكتاب، ورصاصةٍ ورصاصة، ومنفى ومنفى، وسؤالٍ وسؤال؛ ولأن الوطن هو المكان الوحيد الجدير بكل الأسئلة، لم يكن يتعثّر في إيجاد الأجوبة، بالضبط كعدم تعثره في اقتفاء أثر من ساروا على دليل الهدف دون حيادٍ أو مجاملةٍ أو سكون؛ فكان يصوغ إرادته متكئًا على وعيه الذي شبَّ وسط سؤال حارق: لماذا أنا لاجئ؟ ".

وتابع الفقعاوي، "وسَط زِحام مدينة فيصل المصرية، قبل تسعة أعوام؛ كان اللقاء الأوّل بين لاجئيّن التقيا على وقع أغنيةٍ صدحت بها حناجرنا صغارًا وكبارًا: "وطني حبيبي الوطن الأكبر"؛ بعد أن كنت عرفته من قبل عبر صفحات مجلّة الهدف، وكوّنت انطباعاتي الأولى عنه؛ فتصورت أن يكون شابًا يافعًا مفعمًا بالحيوية والنشاط واتّقاد الأفكار والنهم الثقافي والانكباب على القراءة الفاحصة؛ مقبلًا على الحياة أو موقع "اللجوء" الإجباري الجديد بعد خروجه القسري من سورية المُثقلة بحربٍ ضروس؛ بابتسامةٍ لم تستطع أن تُخفي وجع (75) سنة مستمرة، ورثه عن جدته حليمة، تلك المرأة التي كانت تملك رائحةً لا مثيل لها؛ رائحة البلاد".

وأكمل الفقعاوي سرده، "كان كما تصورت وأكثر؛ الإنسان الكريم، الودود، الصادق، المخلص، الوفي، مرهف الحس، الحالم، المطمئن إلى خياره، القلق بين أسئلة الحاضر والمستقبل، المتوتر بين رهاناته التي لم تكن خاسرة. لقد كان ذاك الفلسطيني النموذجي في بحثه عن ذاته وسط قضيته/هدفه، وسعيه أن يترجم أبجديات الوصل بين الثقافة والسياسة إلى فعلٍ ثوريٍّ جماعيٍّ تحرري... لذا لم ينحسر إنتاجه يومًا، بل منحنا رصيدًا هائلًا كي لا نتوه أو نحيد عن الهدف".

ولفت الفقعاوي، أنّ "الفقيد أحمد كتب برصيده الهائل من الإنتاج الثقافي والسياسي تعريفه لذاته كما أراد هو، وليس كما أراد غيره؛ فانتزع موقعه من سكرتير للتحرير ومسؤول عن قسم العدو في مجلة الهدف، إلى المحرّر المنفّذ، الذي أعطى للموقع قيمته ودوره ومستواه الذي يستحقه بجدارة، فكان هو من يعيد خلق ذاته بمحاورة المعرفة والكتب لا بمجاراة الكراسي والرُتب".

وبين الفقعاوي، "كنت كما أردت يا أحمد... ذاك الفدائي المثقف الذي بُعث حيًّا من قلب نكبة شعبه، ويتجدد باستمرار مع كل تجربةٍ من علّقم الحياة، التي اختارت له منفًى جديدًا في تركيا؛ فالوطن الأكبر ضاق بأهله، ولم يعد للحياة متّسعٌ فيه أمام تغول أدوات القهر والقتل والسحل على الهوية ونفي العربي المُسجل خطر في أروقة الأمن وأجهزة التعقب السرية".

وأشار الفقعاوي، إلى أنّ "أحمد لم يكن عنوانًا للاختلال القائم بين فكرة الوطن الأكبر والمواطن الذي تسحقه عصا جلادٍ وجد بها "مصدر رزقه"، بل كان ذاك الانسجام والتكامل القادر أن يميز العدو من الصديق، والغث من السمين، والوهم من الحقيقة، والحلم من الإمكانية، والقول من الفعل، والظاهر من الجوهر، والجاهل من العالم، لقد ترجم بحق قوله وهو يكتشف ذاته: "أن المعرفة تتطلب جهدًا استثنائيًّا"، فالمعرفةُ مغامرةٌ متجددةٌ في اكتشاف الذات وإعادة موضعتها، وتحديد المسار الصحيح الذي أبقاه غاضبًا كما الانتفاضة، ومن ثَمَّ قادرًا على أن يعطينا رصيدًا هائلًا من المعرفة؛ فهو الإنسان الذي يساوي ما أنجز في حياته".

وأوضّح الفقعاوي، أنّ "تسعة أعوام على أول لقاءٍ لنا ويوم واحد على آخر مهاتفةٍ بيننا وساعات معدودة على وقع فجيعة رحيلك المبكر عنا... أفقدتني اتزان قدرة الكتابة المُبكرة لك وعنك.. فعزاؤنا أن رصيدك في الهدف، هو حقيقةٌ وغايةٌ وصوابٌ وهدفٌ مستمر".

وختم الفقعاوي مقالته، بالقول "سلامٌ لك يا خال - كما كنت تحب مناداتي - موصولٌ بين أحرف الفكرة التي آمنت بها هدفًا لا ينتهي، وأعطيتها رصيدًا سنبقى نغتني منه: فلسطين التي تفتقدك اليوم أيضًا".

من جانبه، قال الدبلوماسي ورئيس تحرير الهدف الأسبق، د. جواد عقل، إنّه "فجعنا صباح هذا اليوم بوفاة الرفيق أحمد جابر أثر نوبة قلبية وتعتبر وفاته خسارة لنا ولأسرة الهدف الذي عمل معها بتفاني لأكثر من عشرين عامًا وكان في مسيرته المهنية مثالاً  للكاتب والصحفي المتفاني والمتلهف لإيصال الحقيقة للناس من خلال كتاباته في جوانب مختلفة ومتعددة وخاصة حرصه على ما يجري في دولة الكيان من تطورات"، مضيفًا أنّ "تلك الكتابات أسهمت في تبوء اليمين المتطرف مكانة رئيسية في مجتمع الدولة الثكنة وقدم العديد من المقالات في هذا الجانب وبفقدانه تفقد الصحافة والكتابة الفلسطينية أحد أبناءها الذين قدموا كل ما يملكون من معرفة ورؤيا حول العديد من الموضوعات خدمة لوطنهم وقضيتهم الف رحمة على روحه الطاهرة وكل العزاء لأسرته وأبناءه وأهله وأصدقاءه ومحبيه ومريديه".

أمّا عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية أبو علي حسن، نعى الرفيق الراحل أحمد جابر برسالة عنوانها "الشنفري أحمد جابر مات طريدا في بلاد المهجر"، قائلاً فيها "خبر صادم لنا جميعا، غادرنا الرفيق المناضل المكافح الكاتب والصحفي أحمد جابر عن عمر أربعة وخمسون عامًا، جلها كانت في خدمة قضيته الوطنية.. باحثا عن الحقيقة في زواياها المعتمة والمضيئة، لا يعرف اليأس، جسورا في الإعلان عن قناعته، عنيدا في مواقفه، قارئا نهم، مثقفًا ثوريًا ملتزمًا، لا يقبل أن يكون من كسالى التفكير أو محدودي الثقافة، تخصص في العنوان "الإسرائيلي" مبكرًا، تحت عنوان اعرف عدوك.. محاولاً أن يسبر قاع الكيان".

وأوضّح حسن، أنّه "غادرنا أمس وهو محتضن فلسطين في قلبه وعقله وجدالاته وكتاباته وأفكاره، غادرنا وهو مهموم بوطنه وقضيته، وغادرنا وهو يبحث عن بلد يستقبله، مهاجرا من بلد إلى بلد، لعله جسد ذلك الشنفري الذي عاناه رفيقنا الروائي مروان عبد العال.. مات في الغربة طريدًا وشهيدًا... لروحه السلام".

فيما كتب الروائي والكاتب والصحفي المصري حسين البدري، "كنت أُعرف أحمد جابر لأصدقائي في القاهرة بـ"الفلسطيني الغاضب"، يحكي قصة غضبه من احتلال بلاده والتحاقه باليسار في مقاله الجميل الذي يشير إليه الدكتور وسام الفقعاوي (في مقالته المعنونة: "أحمد مصطفى جابر: الرصيدُ الهائلُ السائرُ بنا نحو الهدف")، يقول في نهايته: جئت إلى الجبهة مع الانتفاضة، ثم مرت الأيام، والسنين.. وأنا ما زلت غاضبًا".

ولفت البدري، إلى أنّه "في مقاهي حي المنيرة خضنا حوارات حالمة عن التحرير والشعوب الجنوبية وراهنية القضية الفلسطينية في الوعي العربي، عن بيروت وعمان ومخيم اليرموك وأيلول الأسود ونكسة يونيو، وحرب التحرير الشعبية، كل الصور البلاغية التي يستخدمها أحمد وكلماته الواضحة الواثقة تتداعى إلى عقلي منذ عرفت الخبر المفجع، بدري كتير والله يا أحمد، كيف حدث هذا وأنت تمضي من شتات إلى شتات جديد؟".

وتابع البدري، أنّ "أخي الكاتب الفلسطيني أحمد مصطفى جابر، رحل إلى رحاب ربه صباح اليوم الخميس في اسطنبول بشكل مفاجئ، قضى عمره القصير في الشتات، لم تمنحه الحياة القاسية فرصة تنفس هواء الخليل كما كان يتمنى، وطوال الوقت ظل عنوانا للمقاومة من أجل بلاده وأمته، وداعا يا رفيق الأحلام الكبيرة".

في السياق ذاته، كتب الروائي وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية مروان عبد العال، متسائلاً "لمن تركت "قلعة الحارثي" يا رفيق؟"، مضيفًا "وداعاً احمد جابر.. يا أبا مصطفى، أيها الحارثي، يا ابن الخليل، أبكرت الرحيل لم نصدق خبر رحيلك المفاجئ والمفجع، مازلنا نحبس دمعنا ونحاول انكاره".

ولفت عبد العال، إلى أنّ "حزن كبير بحجم الخسارة الفظيعة، لجبهة الثقافة الفلسطينية عموماً وللهدف خصوصاً، الرفيق الصديق اللطيف المثابر والفطن والعقل المشتعل دوماً والمتدفق بالعطاء والبحث والفكر والحب"، موضحًا "يا رفيق القلم وصاحب رواية "قلعة الحارثي"، حذّرت فيها من الحب في الأزمنة العادية ستكون مغامرة فكيف، إن كانت في زمن الحرب والاشتباك، كالتي بين بطله "عازم" ومحبوبته "هدى"؟ وبالمناسبة هي العمل السادس بعد خمسة كتب ذات طابع نظري فكري".

وتابع عبد العال، "رفيق السلاح، بأن الثورة تقوم على ثنائية الفكر والبندقية، فهو الفدائي الصغير وابن الفدائي، الشبل الذي يدرس ويقاتل، العابر بين قواعد الفدائيين من حدود فلسطين جنوب لبنان إلى البقاع، ثم معسكر درعا ومخيم اليرموك.. الفدائي الصغير يحمل في يده كتاب وعلى كتفه بندقية، قبل أن يذهب إلى دورة عسكرية خارجية متخصصة، يجادل في الأدب والفلسفة والسياسة والتاربخ وعلم النفس التربوي، مجال اختصاصه، كما يبحر في قراءة غسان كنفاني وجبرا إبراهيم جبرا وجورج لوكاش إلى غرامشي وإدوارد سعيد".

وأردف عبد العال، "لقبّه الرفاق تحبباً "إدوارد الصغير"، تيمناً بالمفكر الألمعي وضمه الحكيم جـورج حبـش مبكراً إلى فريق مكتبه في دمشق، ليكون أصغر أفراد الفريق، ونهل منه الكثير ثم انتظم في صفوف منظمة الشبيبة الفلسطينية، مندفعاً في تطوير إبداعات الشباب في الثقافة والأدب، نثراً وشعراً ونقداً، محرراً في مجلة الشبيبة، ثم في منتدى غسان كنفاني الثقافي، قبل أن ينتقل بعدها إلى مكتب مجلة الهدف.. ضمن فريق التحرير فيها، وفي قيادة فرع سوريا".

وأشار عبد العال، "ابن التغريبة الفلسطينية من الخليل إلى الأردن ثم ليبيا إلى سوريا، ونتيجة الحرب هناك نزح نحو القاهرة وبعدها إلى منفاه الأخير في اسطنبول، حيث وافته المنية نتيجة نوبة قلبية حادة"، مبينًا أنّه "حمل مجلة الهدف معه محرراً ومترجماً ومعداً للدراسات الاستراتيجية ومسؤول قسم شؤون العدو في بوابة الهدف الإخباريّة، كما الصفحة الثقافية".

وبين عبد العال، أنّ "الروائي والقاص والمحاور اللبق، عدو التفاهة والاستعراض الفارغ والشكوى الدائمة، وبعد حدوث كارثة الزلزال، سألته عن حاله والعائلة فقال: "نتحسب وننصت لصوت الأرض واضطراب العصافير".

وقال عبد العال، "نتراسل مع كل مخطوطة لرواية جديدة ليقرأها قبل أن تصدر، ففعل في روايتي الأخيرة، وهو بالعادة لا يجامل، لكن خفت أن أثقل عليه فقال: "لا غلبة أبداً بالنسبة للأدب الذي يكون له معنى بدون ابتذال لا لغوي ولا موضوعي، للأسف في أدب بيطلع بدعوى الحفاظ على الذاكرة والقضية، ولكنه يدمرهما معا.. لا يمكن للأدب السيء أن يدافع عن قضية جيدة"، مضيفًا أنّه "في آخر محادثة أخبرني أن العدد القادم من الهدف الورقي سيكون تحية للفنان الأممي مارك رودين، قال: "سنستخدم رسوماته في الأغلفة وفي داخل العدد. أحتاج إذا كان بحوزتك صورا لبوسترات غير مشهورة أو جدارياته"، كتبت عن مغامرة الحب في الأزمنة العادية؛ فكيف الرحيل في الأزمنة الاستثنائية؟".

وتسآل عبد العال، "لمن تركت قلعة الحارثي يا أحمد؟"، متابعًا "سنفتقد ضحكتك المجلجلة وتحياتك السريعة وتعليقاتك العاجلة، وملفاتك الفكرية العميقة في الكتابة والتحرير والتدقيق والمتابعة والنقاش، لقد استبق محمود درويش رحيلك منذ زمن وأنشد لك: "يا أحمد السريّ مثل النار والغابات، أشهرْ وجهك الشعبيّ فينا، واقرأ وصيّتك الأخيرة".

بدوره، نعى المخرج والكاتب الفلسطيني وليد عبد الرحيم، الصحفي الراحل أحمد جابر، قائلًا "أنعي باسم رفاق القلم، وكتاب وإعلاميي فلسطين، ومؤسسة الهدف ومجلتها، رفيق العمر، الصديق وزميل العمل الطويل، الرجل الثائر الصلب، سكرتير تحرير مجلة الهدف الكاتب والإعلامي الكبير أحمد مصطفى جابر إثر نوبة مفاجئة في تركيا، العزاء للعائلة وللشعب الفلسطيني وأحرار العالم".

أمّا الكاتب نصار إبراهيم، كتب مقالة عنوانها "وداعاً أحمد جابر المثقف والمفكر الذي لم يهدأ"، وافتتحها بالقول: "يا أحمد جابر الحتاوي! لن أرثيك، لأني أعلم كم كنت تكره الرثاء".

وأضاف إبراهيم، "كما أن ما أكتبه ليس مدحاً تمليه لحظة رحيل رجل جميل وشجاع، بل شهادة وفاء واعتراف تليق بك، شهادة اعتراف تليق بمناضل ومفكر شق طريقه على دروب المنافي يركض مع أسرة تلاحق فكرة، من هنا من الخليل إلى الأردن وسورية و مصر وأخيراً، حيث سيغفو في تركيا".

وبين إبراهيم، "ما كان بيننا ممتد وشاسع، منذ لقاءاتنا الأولى وأنت طالب في جامعة دمشق في كلية علم النفس التربوي! إلى أن دفعت لتكون محرراً في مجلة الهدف، وأنت الشاب اليافع المتوقد الحاد، عاشق النقاش ومراقصة الفكرة والأسئلة والنقد والبحث والتقصي. المثقف العصامي المشاكس، والمثقف الثوري الذي لا يهادن ولا يستسيغ المراوغة في القضايا والمواقف"، موضحًا أنّه "منذ لقاءتنا الأولى أدركت أن في أعماقك تلك الومضة والسمات الشخصية التي تبشر بمفكر ومثقف من نوع خاص. فكنت. وهكذا على مدار أكثر من عشرين عاماً وأنت تلازم مجلة الهدف إلى أن أصبحت سكرتير التحرير ثمّ المحرّر والمنفّذ حتى لحظة الرحيل".

وشدّد إبراهيم، أنّ " أحمد جابر المناضل، المفكر والاستراتيجي، الباحث والروائي والصحفي، تعلم أنه لا يهادن أو يساوم على المبادئ، وفوق كل هذا كان مقاتلاً شجاعاً، والأهم أنه أدرك قيمة وعي العدو الذي يجابه الشعب الفلسطيني، فراح يقرأ ويتعمق ويفكك بنية الاحتلال وخطابه ومؤسساته بكل علمية دون أن يسقط في السذاجة والسطحية؛ فأبدع مئات المقالات والدراسات والأبحاث"، لافتًا "إلى أنّ "كتابات أحمد قد كانت بالنسبة لي مرجعاً بحثياً علمياً يحظى بكل الاحترام. كان صارماً في مقارباته متمكناً من أدواته ومنهجه البحثي، بعيداً عن الغرور والتباهي".

وفي ختام مقالته، قال: "يا أحمد إني أشهد أني أحببتك ولا زلت، وأشهد أني كنت أثق بك حد الأعالي، فقد كنت بمثابة فرد من الأسرة، فائتمنك على كل شيء، فكنت وبقيت رفيقاً وفياً، مؤلم ومحزن رحيلك ومفاجئ يا أحمد. فلك المجد، ولزوجتك وأبنائك وأهلك ورفاقك الصبر والذكريات الجميلة. أما إبداعاتك؛ فستبقى وقوداً للأجيال الآتية".

من جهتها، كتبت الأكاديمية والأسيرة المحررة رلى أبو دحو، "مات المناضل المثال، يا مئة خسارة على الرجال، سنفتقد قلمك، عمق التحليل، قوة الموقف، وصلابة الإرادة، وداعًا رفيق أحمد".

وفي السياق، قال الكاتب والشاعر أيوب الشنباري، "لم أكن أتصوّر يومًا أنّني سأدقّقُ بيانَ نعيه!

خسرنا رفيقًا مناضلًا ومثقّفًا مشتبكًا، قابضًا على مبادئه بقوّة لا يعرف المساومة، متشبّثًا بكلّ قيم الانتماء والعطاء؛ أبكانا برحيله المبكّر والمفاجئ!"، مضيفًا "من عباراته التي لن أنساها أبدًا؛ كان كلّما أرسل مادةً للتدقيق أرفقَ معها عبارته الشهيرة: "لعناية الرفيق العزيز أيوب"، وداعًا رفيقي العزيز أحمد مصطفى جابر، المجد والخلود لروحك النقيّة!".

أمّا الصحفية باسمة الفرا، كتبت "وداعًا، المناضل والمثقّف الكاتب الوطني أحمد مصطفى جابر، الذي وافته المنية اليوم في منفاه بتركيا.

وكانت قد نعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان رسمي أمس، راحلها المثقف والكاتب والمناضل الوطني وأوردت  نبذة من سيرته الذاتيّة والنضاليّة:

- مواليد عمان الأردن ١٩٦٩

- حاز على إجازةٍ في علم النفس التربوي من جامعة دمشق - سوريّة.

- متزوج وله ولدان وبنت.

- تخرّج في الكليّة العسكريّة في ليبيا قادة سرايا، وشارك في العديد من الدورات النظريّة المتنوّعة.

- كُلّف ورفاقه بمهمّاتٍ قتاليّةٍ على حدود فلسطين الشمالية.

- عمل في مكتب الأمين العام المؤسّس القائد د. جورج حبش سنواتٍ عدّة.

- شَغَلَ منصب سكرتير تحرير مجلّة الهدف، ثمّ المحرّر والمنفّذ للمجلّة حتى رحيله.

- شغَل عضويّة اللجنة المركزيّة الفرعيّة لمنظّمة الجبهة في سوريّة.

- أصدر عددًا من القصص الأدبيّة، والكتب، ومئات المقالات والدراسات والترجمات الاستراتيجيّة والسياسيّة والأمنيّة والثقافيّة.

- عضو اتّحاد الكتّاب والصحفيّين الفلسطينيّين.