Menu

"الانقضاض على مطار اللد".. ذكرى عملية "سابينا 571"

طائرة سابينا

فلسطين المحتلة _ بوابة الهدف

يوافق اليوم 8 أيار/ مايو، ذكرى عملية "الرحلة سابينا 571"، التي نفذتها منظمة "أيلول الأسود" ضد طائرة تابعة لشركة بلجيكية صهيونيّة، والتي استشهد فيها اثنين من المنفذين، واعتقل اثنين آخرين.

خطط القيادي في حركة فتح وأحد المسئولين عن منظمة أيلول الأسود محمد يوسف النجار (أبو يوسف) للعملية، بهدف مساومة الاحتلال لإطلاق سراح أكثر من 300 أسير فلسطيني في سجونه، ووقع اختياره على أربعة من عناصر المنظمة للتنفيذ: الشهيد علي طه أبو سنينة، والشهيد زكريا الأطرش، وريما طنوس، وتيريزا هلسة، ولم يلتق أحدهم الآخر أو يعرفه سوى ليلة التحرّك لتنفيذ العملية.

في الثاني من مايو/ أيار 1972، استقلت المجموعة طائرة من بيروت إلى روما بهويات زائفة وجوازات سفر لبنانية، ومن روما توجهت المجموعة إلى ألمانيا، حيث حصلوا على جوازات سفر "إسرائيلية"، انطلقوا بها إلى بلجيكا، وفي الثامن من الشهر نفسه، استقلوا طائرة الرحلة 571 لشركة سابينا المنطلقة إلى "تل أبيب"، مسلحين بمسدسين وقنبلتين يدويتين وحزامين ناسفين.

بعد توقف قصير (ترانزيت) في فيينا، أقلعت الطائرة ثانية، وبعد ثلث الساعة في الجو حلت ساعة الصفر. تحركت المجموعة بالشكل المتفق عليه: علي طه يسيطر على قمرة القيادة، زكريا الأطرش يحمي مدخل القمرة، تيريزا هلسة في منتصف الطائرة، وريما طنوس في نهاية الممر، وفي قمرة القيادة أمر علي طه الطيار اليهودي الإنجليزي ريجينالد ليفي – وكانت زوجته على متن الطائرة – بتوجيه الطائرة إلى مطار اللد (مطار بن غوريون حاليًا).

في المطار، أعلنت المجموعة مطلبها بالإفراج عن الأسرى، في تواصل مباشر مع وزير الخارجية "الإسرائيلي" موشي ديّان، ووزير المواصلات شمعون بيريز، اللذين ماطلا في المساومة لكسب الوقت ريثما يتم إعداد مجموعة عمليات خاصة لاقتحام الطائرة وتحرير الرهائن.

انتهاء العملية

كان من المقرر في الخطة الأصلية تفجير الطائرة بمن فيها إن لم تتم الاستجابة لمطالب المجموعة الخاطفة خلال ست ساعات، لكن قيادة التنظيم أصدرت تعليمات للشهيد علي طه من خلال أجهزة الاتصال في قمرة القيادة بتمديد المهلة لساعات إضافية، وعند نهايتها صدرت أوامر جديدة بالتمديد، الأمر الذي استفز تيريز هلسة ودفعها للتهديد بتفجير الحزام الذي كان بحوزتها، فأمر علي طه بسحبه منها وتسليمه لريما طنوس.

وافقت قيادة الاحتلال على مطالب المجموعة بداية، وظلت تماطل وتمدّد في الإجراءات بحجة أنّها تحتاج لفترة أطول لنقل الأسرى، وفي تلك اللّحظات؛ كان علي طه يحاول الاتّصال مع أبو إياد عبر جهاز لاسلكيّ، «بعد ذلك اتصل علي مع أبو إياد بعد ثماني ساعات تقريبًا، وكان الاتّصال الأخير»؛ تقول تيريز.

قبل ساعة من انتهاء المُهلة، جاء مندوب الصليب الأحمر في سيارة ومعه عربة نقل طعام، إضافةً إلى 15 شخصًا، ادّعى أنّهم "فنيّون"، بدأوا بالتجوّل حول الطائرة، بحجّة تفقّد الأعطال وإصلاح الخلل الذي أصاب الطائرة.

لحظات وبدأ الهجوم كلمح البصر من نوافذ الطوارئ، حيث لم يكن "الفنيّون" إلّا أفرادًا في وحدة من القوات الخاصّة "الإسرائيليّة"، وكان من ضِمنهم "إيهود باراك" و"بنيامين نتنياهو" والذي أُصيب في يده.

واستشهد إثر الاشتباك مع الجنود المقتحمين كلّ من علي وعبد العزيز، وأُصيبت تيريز، واعتُقلت ريما، وفيما بعد؛ كانت تيريز هلسة وريما عيسى من ضمن قائمة أسماء المعتقلين الذين أراد منفّذو عملية ميونخ مبادلتهم بالرياضيين "الإسرائيليين" الرهائن.

وكان قد حكم على ريما بالمؤبّد، وتيريز بالسجن 240 سنة، ولكن أُفرِجَ عنهما في نوفمبر تشرين الثاني عام 1983، في تبادل الأسرى بعد حرب لبنان 1982.

وتناقلت وكالات الأنباء أخبارَ العمليّة بتفاصيلها، وحبس ملايين الناس في العالم العربي أنفاسهم، ما بين اليأس والأمل طيلة 21 ساعة؛ إذ كانت كلّ الأنظار متّجهة إلى مصير الطائرة سابينا.

ونفت فتح مسؤوليّتها عن العملية، ولكنّها أشارت إلى أنّ "عمليّة مطار اللدّ تُعتبر تخطيطًا جديدًا فُوجئ به العدو.. فوق أرضنا الحقيقيّة".

مجلة "الهدف" الفلسطينيّة الصادرة في بيروت آنذاك، عنونت صفحتها الأولى في صباح اليوم التالي للعملية، بـ"أبطال عملية الانقضاض على مطار اللدّ" مرفقةً بصور منفّذي العملية، فيما عنونت أُخرى في صفحتها الأولى: "انفتح الجحيم.. وهجم الإسرائيليّون، خطأ أنهى بطولة الفدائيين في تلّ أبيب، منظّمة أيلول الأسود تتهم الصليب الأحمر بالتآمر وتَعِد بمواصلة عمليات خطف الطائرات".