Menu

قراءة في الحدث لمركز عروبة..

تحليل: تفجير الآليات واستبسال المقاومة في جنين سيُربك حسابات جيش الاحتلال وخيارات العملية العسكرية

تفجير الآليات في جنين قبل أيام

غزة _ بوابة الهدف

نشر مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي ورقة قراءة في الحدث حول تفجير الآليات والتصدي البطولي في جنين (19 حزيران/يونيو 2023)، اذ شكَّلَت المواجَهةُ، وما تخلَّلَها من نجاح المقاومة في تفجير وإعطاب عددٍ من آليات جيش الاحتلال، الاستكمالَ الأوضَحَ لتطوُّر أداء المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، ودشَّنَت مرحلةً جديدةً ستكون أكثر سخونةً وفاعليةً في جديَّة المقاومة في فِعلها، وأعادت النقاشَ جديًّا في أوساط الاحتلال حول خيار تنفيذ عملية عسكرية واسعة شمالي الضفة.

واستعرضت الورقة مجريات الحدث الذي بدأ مع ساعات فجر التاسع عشر من حزيران/ يونيو، اذ اقتحمت قوة خاصة صهيونية، تبعتها آليات الاحتلال، حي الجابريات على أطراف مخيم جنين، في عملية خاصة هدفت إلى اعتقال الأسير المحرَّر عاصم أبو الهيجا، فاندلعت اشتباكات عنيفة مع القوات المقتحمة، استهدفت في خلالها المقاومةُ الفلسطينيةُ قواتِ الاحتلال بالرصاص والعبوات الناسفة.

وشارك في العملية مئات الجنود من ست وحدات مختلفة، منها وحدات النخبة في جيش الاحتلال "غفعاتي" و"ماجلان" و"دوفدوفان" والمستعربون والمظليون، مع غطاء جوي من المروحيات، فيما كان أحد المصابين جندي مظلي من جنود الإسناد الذي دخلوا لإخلاء الجرحى.

وتطرقت القراءة لاستبسال المقاومين في استهداف منطقة الحدث بالرصاص الكثيف، ونجاحهم في تعطيل عملية إجلاء الجنود وسحب الآلية المستهدَفة، ما اضطَّر جيش الاحتلال إلى اللجوء إلى قصف محيط المنطقة بصواريخ من الطائرات المروحية العسكرية للمرَّة الأُولى في الضفة الغربية منذ العام 2006. وأشارت الورقة إلى أن جيش الاحتلال اعترف بإصابة ثمانية من جنوده، واعترف بأن سبعًا من آلياته العسكرية قد أُعطِبَت، إضافة إلى إصابة احدى طائراته المروحية أصيبت برصاص المقاومة.

ارتقى على إثر المواجهة خمسة شهداء، منهم مقاومان من "كتيبة جنين" التابعة لـ"سرايا القدس "، وثلاثة مدنيين أحدهم طفل وآخَر من مدينة طوباس.

وفق شهود عيان، نجحت مجموعات المقاومة في إيصال الإمدادات للمقاومين في المخيم في خلال المواجهة التي استمرت لساعات طويلة. وحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، بدأت العملية في الرابعة فجرًا وانتهت في الثالثة والنصف عصرًا، سجلت في خلالها المقاومة صمودًا أسطوريًّا وقدرةً عاليةً على الاشتباك والمناوَرة.

وأظهرت الورقة مؤشرات مهمة عكستها العملية، اذ أظهرت العملية حجم التطور في عملية تصنيع العبوات الناسفة، وتمكُّن المقاومة في جنين من تصنيع عبوات كبيرة الحجم تُفجَّر عن بعد، فيما يدلِّل نجاحُ المقاومين في إعطابِ الآليات وتعطيلِ عملية سحبهم على تطوُّر قدرتهم على نصب كمائن ناجحة، وإدارة عمليات النيران ودقة الإصابة، إذ استَهدَف المقاومون الآلياتِ والجنودَ استهدافًا مباشرًا وبعملية تكامُل معلوماتية صعَّبَت مهمةَ إسعاف الجنود الجرحى وسحب الآليات المعطوبة.

ولفتت الورقة إلى التطور في قدرات المقاومة على نصب كمائن ناجحة وإدارة النيران ودقة الإصابة. كما يدلِّل العددُ المحدودُ من الشهداء والمصابين من المقاومين على نضوجٍ أعلَى لدى المقاومين، وعلى تقدُّمهم في تكتيكات المناورة والانسحاب والتأمين والانتشار على المحاور في مواجهة الآليات المقتحمة، وهو ما انعكس بإدامة الاشتباك لفترة تجاوزت إحدى عشرة ساعة.

ووجدت الورقة أن لجوء الاحتلالِ إلى استخدام القصف الصاروخي من الجو يعكس تخوُّفه من تقدُّم المقاومين في اتجاه الآليات المستهدَفة وتصفية الجنود فيها، ما دفع الجيش إلى خلق محيط ناري في المكان.

ووفق الورقة، سيَخلق نجاحُ المقاومةِ في خوض معركة بهذا الحجم، وإخراج الاحتلال بخسائر واضحة وعلنية، حالةً معنويةً مهمةً عند مجموعات المقاومة داخل جنين وخارجها، التي باتت قادرة على خوض اشتباكات مميزة وخلق مَشاهد غابت طويلًا عن شوارع الضفة الغربية المحتلة.

وخلصت الورقة إلى أن المواجَهةُ الأخيرةُ في جنين، ونجاح عبوات المقاومة في إعطاب الآليات وتحطيم أكثر ناقلات الجند تحصينًا، شكلت الاستكمالَ الأوضَحَ لتطوُّرٍ بدأت علاماتُه في الظهور تواليًا في مخيم بلاطة ومخيم نور شمس حول تطوُّر المنظومة التصنيعية لمجموعات المقاومة في الضفة وقدرتها على صنع عبوات ناسفة ذات تأثير حقيقي في مواجَهة دروع وجيبات وآليات جيش الاحتلال، وسيَخلق هذا التطور واقعًا عملياتيًّا أصعَبَ على جيش الاحتلال، الذي سيسعى إلى محاولة خلق قواعد اشتباك جديدة أكثر إجرامية ودموية وبكثافة نارية أكبر،  كما سيُقلِّص من هامش حركته داخل المخيمات منعًا لتكرار المَشهد، وسيلجأ إلى البحث عن خيارات أكثر تحصينًا وأمنًا لجنوده.

وبحسب الورقة المعركة الأخيرة في مخيم جنين، وتطوُّر أداء مجموعات المقاومة الملحوظ، أعادا النقاشَ جديًّا حول خيار تنفيذ عملية عسكرية واسعة شمالي الضفة الغربية، إلا أن هذا الخيار، وعلى الرغم من جدية طرحه، يبقَى رهينة الحسابات الدقيقة لجيش الاحتلال وجهاز "الشاباك" بالمعنى الميداني والعملياتي، وحسابات المستوى السياسي بشأن ارتدادات مثل هذه العملية على الاحتلال من عدة جوانب، أهمها إمكانية تدخُّل المقاومة في قطاع غزة وساحات أخرى، وتأثير عملية مشابهة على تثوير بقية محافظات الضفة الغربية، إضافةً إلى تأثيرها على الشرعية المتهالكة للسلطة الفلسطينية، والتوتر الذي يمكن أن يسُود مع الإدارة الأمريكية التي لا تمرُّ العلاقة معها حاليًّا بأحسن أحوالها.

الجدير بالذكر أن مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي، في برنامج الإنتاج المعرفي، يقوم بتقديم أوراق القراءة في الحدث، في قضايا محددة يرى المركز أهميتها، ويتم نشرها عبر المنصات الإعلامية الخاصة به.

لمُطالعة الورقة: اضغط/ ي هنا