Menu

طفلة فلسطينية تنضم إلى "رياضة الموت"!

الطفلة رهف

بوابة الهدف _ غزة _ حمزة أبو الطرابيش

تحبس أنفاسك قليلاً حين تصعد رهف داوود، الطفلة التي أنهت عامها الخامس حديثاً، على منصةٍ خشبية ترتفع قليلاً عن الأرض، مستعدةً لإسقاط جسدها بطريقةٍ بهلوانية على لوحٍ إسفنجي، تطير رهف باتجاه السماء مكورةً جسدها الصغير، لتهبط على اللوح بسلام مبهرةً الجميع.

يصفق لها أعضاء فريقها (3 (Run GAZA بحرارة، والذي يُعد الفريق الأول من نوعه في فلسطين المتخصص في رياضة الباركور، ويضم حالياً 22 شاباً من الهواة تتراوح أعمارهم ما بين 10 إلى 25 عاماً؛ تبتسم لهم رهف ثم تصعد مرة أخرى على المنصة المرتفعة بعد ما أخذت جرعة تشجيع من زملائها، لتنفذ الحركة مرة ثانية.

انضمت رهف التي تقطن مع عائلتها على الأطراف الشرقية لمخيم جباليا شمال غزة، إلى فريق الباركور قبل شهرين من كتابة هذا التقرير عندما طلبت الانضمام من أخيها الكبير الذي يسمى فهد "20 عاماً"، والذي يعد أحد العناصر الأساسية في الفريق، حيث يمارس تلك الرياضة منذ كان عمره 12 عاماً.

استغلت بوابة الهدف استراحة قصيرة لفهد وشقيقته الصغيرة بعد حصة تدريبية كانت شاقة على جسديهما، يمسح العرق الذي يتصبب من جبينه ويقول: "اعتادت رهف على مرافقتي في جميع حصص التدريب، وفي الفترة الأخيرة كانت تطبق بعض الحركات البسيطة في المنزل إلى أن طلبت مني الانضمام إلى الفريق لتدريبها وتطوير مهاراتها", تقطع رهف الحديث قائلة: "أنا ما بخاف وأنا بلعب".

ويجدر الإشارة إلى أن لعبة الباركور تحتاج لأن يتمتع اللاعب بالشجاعة الكافية لتأدية حركاتها الخطرة، لا سيما أن بعض الحركات المخيفة والصعبة قد تؤدي إلى إحداث كسر في أحد أطراف الجسد وربما يصل الأمر إلى أخطر من ذلك إذا لم يتمكن اللاعب من السقوط بطريقة سليمة.

رياضة الباركور أو (PK) هي مجموعة حركات يكون الغرض منها "الانتقال من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) بأكبر قدر ممكن من السرعة والسلاسة، وذلك باستخدام القدرات البدنية، وقد وجد الباركور أساساً كطريقة جديدة ومختلفة لتخطي العقبات أو الموانع التي يمكن أن تكون أي شيء، مما يحيط بك من فروع أشجار أو صخور أو قضبان حديدية أو حتى جدران.

وبالعودة إلى حكاية أصغر لاعبة باركور في فلسطين، جرى تخصيص مدرب شاب لرهف، وهو عدي العجرمي، للإشراف على تدريبها وتطوير مهاراتها في هذه اللعبة، عدي يَدرس الحقوق في جامعة الأزهر ويلعب الباركور يمتلك خبرة عالية في هذه اللعبة، علماً بأن إغلاقات المعابر المتكررة قد حرمته وبعض من زملائه في الفريق من المشاركة في مسابقات رياضية عربية ودولية.

"تمتلك رهف مهارات عالية، كذلك لا تخاف من تجربة أداء بعض الحركات الصعبة، أتوقع لها مستقبل باهر في هذه الرياضة"، يفتتح عدي المشرف عليها حديثه.

ويعتمد عدي في تدريب الطفلة على سياسة التدرج في اللعب وفقاً لقواعد وضوابط اللعبة الأجنبية التي اكتسبوها من خلال الوفود التي كانت تحضر إليهم إلى جانب متابعتهم لمئات من المقاطع المصورة على الشبكة العنكبوتية التي تحاكي هذه اللعبة.

ويكمل صاحب البشرة القمحية: "أتعامل مع رهف بكامل الحذر، فهذه اللعبة تحتاج لتوخي الحذر ثم الشجاعة".

على الرغم من إيمان عدي بقدرات رهف وموهبتها لكنه محبَط، يتوقع أن مسيرة رهف في حياتها مع الباركور لن تكتمل، مستنداً في حديثه إلى أن مجتمع غزة بتقاليده وعرفه لا يتقبل أن تكون الفتاة رياضية بجانب أن لعبة الباركور يصفها الكثيرون بأنها "لعبة الموت".

قطع عدي الحديث معنا متوجهاً إلى وسط الصالة بعد نداء مدرب الفريق بصرخة التجمع، ولحقته رهف بخطى صغيرة لتحيي سلام ختام الحصة التدريبية، كونها أحد أعضاء فريق تلك "الرياضة المجنونة".