Menu

معركة طوفان الأقصى في السياق الاستراتيجي .. "طوفان الأقصى نقلت قضية تحرير فلسطين من خانة الإمكانية التاريخية إلى حيز الإمكانية الواقعية"

عليان عليان

رفع-علم-فلسطين-على-دبابة-للاحتلال.jpg

"كتب عليان عليان"

دخل العدوان الصهيوني النازي على قطاع غزة شهره الرابع  بدعم أمريكي وغربي غير مسبوق، دون أن يتمكن العدو من تحقيق هدفه المعلن للحرب ، ممثلاً بالقضاء على حركة حماس  وفصائل المقاومة، وإنقاذ الأسرى الإسرائيليين ، وترميم قوة الردع الإسرائيلية والأهم من ذلك أنه فشل في تحقيق الهدف الاستراتيجي من الحرب، ممثلاً بتهجير أبناء القطاع الأشم، جراء تمسكهم بتراب الوطن ،  وصمودهم الأسطوري رغم التدمير غير المسبوق في تاريخ الحروب ، ورغم مئات المجازر بحق المدنيين - التي أدت حتى ساعة كتابة هذا المقال في اليوم أل (97) للحرب-  إلى ارتقاء ما  يزيد عن  ثلاثة وعشرين ألف شهيد - وإصابة  ما يزيد عن تسعة وخمسين ألف بجروح متوسطة وخطيرة ، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن.

ولا نبالغ إذ نقول إن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية ، بدعم  وإسناد من أطراف محور المقاومة ، في طريقها لتحقيق نصر إعجازي يراكم على النصر التاريخي الذي تحقق في السابع من أكتوبر 2023 .
انجازات المقاومة.

لقد حققت  المقاومة  الفلسطينية الباسلة  في قطاع غزة حتى اللحظة ،  إنجازات كبيرة  غير مسبوقة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني ، رغم انقسام النظام العربي ما بين متآمر أو مقصر متخاذل:

أولاً: أنها فرضت على العدو الصهيوني في الهدن الأربعة الأولى  ، القبول بشروطها بشأن الإفراج عن الأسرى  الفلسطينيين  من النساء والأطفال، مقابل الإفراج عن الأسرى الصهاينة من النساء والأطفال وفق معادلة  (3)مقابل (1)، وهذا العدو مضطر في ضوء  انتصارات المقاومة وثباتها على موقفها ، ضغط الشارع من أهالي الأسرى ومناصريهم للقبول بشرط المقاومة ممثلاً بمعادلة الكل مقابل الكل.

ثانياً:  نقلت قضية تحرير فلسطين، من زاوية الإمكانية التاريخية إلى زاوية الإمكانية الواقعية، وبرهنت أن تحرير فلسطين أمر ممكن ، على عكس ما روج دعاة الاستسلام باستحالة هزيمته ولجوئهم إلى طرح مشاريع التسوية، التي لم  يأبه بها العدو وألقى بها في سلة المهملات.

ثالثاً: أعادت القضية الفلسطينية  ، إلى سلم أولويات المجتمع الدولي بقوة واقتدار ،  بعد أن تراجعت في ظل  معاهدات  التسوية  المذلة مع العدو الصهيوني، واتفاقيات التطبيع الإبراهيمية ، وفي ظل استمرار رهان السلطة الفلسطينية على خيار المفاوضات الأوسلوي.

 رابعاً : أعادت الاعتبار للرواية العربية الفلسطينية في مختلف دول العالم وبخاصة  في أوساط الرأي العام  الغربي ، وأكدت  بالملموس أن الصراع مع العدو الصهيوني -كما قال حكيم الثورة  الدكتور جورج حبش – إن الصراع معه وجودي وأن سمته كانت وستظل انتحارية بامتياز.

خامساً: وجهت ضربة قاسية لمسار التطبيع مع العدو الصهيوني ولنهج التسوية المذل.

سادساً : - أعادت الاعتبار للشارع العربي من زاوية التفافه حول نهج المقاومة ومغادرة الحديث عن مشاريع التسوية وجدواها المزعومة.

سابعاً: برهنت على أهمية وحدة الساحات في إطار محور المقاومة من زاوية إسناد مختلف الساحات للمقاومة الفلسطينية.

ثامناً: والتطور الأبرز  والأهم ،  أنها أحدثت انزياحاً كبيراً جدا في  الرأي العام العالمي والغربي على وجه الخصوص لصالح القضية الفلسطينية ، من خلال المظاهرات المليونية التي عمت عواصم العالم، وعواصم الدول الغربية على وجه الخصوص ، التي تعبر عن إدانتها للمحارق الصهيونية وعن انحيازها للرواية العربية في فلسطين ، ما دفع ما يسمى بمعهد الأمن القومي الصهيوني لأن يعترف بأن 95 في المائة من المظاهرات في العالم كانت لمصلحة المقاومة الفلسطينية  و(5) في المائة فقط لمصلحة الكيان الصهيوني.

الانحياز الغربي  المطلق للكيان الصهيوني

لقد  ألقت معركة طوفان الأقصى الضوء  الكاشف على الانحياز  الأمريكي المطلق  للكيان الصهيوني والغربي  في مسألتين  رئيسيتين  بشأن :

1 -زيف ادعاء الدول الإمبريالية وعلى رأسها الإمبريالية الأمريكية بحقوق الانسان وبتمثل القيم الإنسانية ، فقد كشفت معركة طوفان الأقصى  عن وحشية صارخة لهذه الدول  حيال هذه الحقوق والمثل  ،عندما  تتعلق الأمور بمصالحها ، حيث تدوس إزائها على القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وعلى ميثاق الأمم المتحدة ، وتمارس ازدواجية مكشوفة للمعايير بشأن حقوق الإنسان وحقوق الشعوب في الحرية وفي تحرير أراضيها المحتلة .

2- الانحياز المطلق على الصعيد الإعلامي للكيان الصهيوني ، حيث راحت وسائل الإعلام الغربية منذ معركة  السابع من أكتوبر ، تروج لم يصدر عن حكومة العدو من أكاذيب وفبركات ،  وتعزف على وتر إدانة المقاومة ، وحق الكيان الصهيوني في الدفاع عن نفسه متجاهلةً  عن عمد (75) عاما من الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني  جراء الاستعمار الصهيوني الإجلائي والإحلالي المدعوم من القوى الاستعمارية.

سؤال المستقبل : المعركة في السياق الاستراتيجي

غداة دخول الحرب على قطاع غزة شهرها  الثالث ، راحت الولايات المتحدة -  التي أمدت  العدو الصهيوني بأطنان من الأسلحة والقذائف المتطورة  عبر جسر جوي بري وبحري لا يقل في حجمه عن الجسر الجوي الأمريكي للكيان الصهيوني إبان حرب تشرين   - تبحث مستقبل قطاع غزة بعد  القضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة ، وكأنها تستقرئ هزيمة كتائب القسام وبقية  الفصائلٍ، متجاهلةً عن قصد الحقائق القائمة على الأرض التي تؤكد ( أولاً) هزيمة العدوان الصهيوني  الماحقة على الأرض في السابع من أكتوبر الماضي ، والتي تؤكد (ثانياً)  هزيمة العدو في الحرب البرية في المرحلتين الأولى والثانية   وأن المقاومة عموماً وكتائب القسام  على وجه الخصوص، لا تزال   تمسك بزمام المبادرة في الدفاع  والهجوم ،  في إطار تماسك منظومة الدفاع والسيطرة  ،وأن الكيان الغاصب  يلعق هزيمة غير مسبوقة منذ قيامة عام 1948  سواء في المعارك البرية أو في  الهجمات الصاروخية غير المسبوقة .

وهذه الحقائق التي لا يمكن إنكار  مخرجاتها  ،سواء على صعد  الخسائر  العسكرية البشرية أو الاقتصادية أو  على صعد  تصدع الجبهة  الداخلية  تقتضي طرح السؤال الجوهري : ما هو مستقبل الكيان الصهيوني بعد وقف  الحرب الراهنة على قطاع غزة وليس مستقبل قطاع غزة  بعد  حماس وفصائل المقاومة ، وفق بديهية سياسية تقول إن النتائج السياسية اللاحقة تبنى على نتائج  المعارك السابقة؟ .

ولما كانت مخرجات المعركة الآن، وفي المدى المنظور – أقصد المرحلة الثالثة للحرب في حال الشروع فيها - هي لمصلحة المقاومة الفلسطينية ،يصبح الحديث عن مرحلة ما بعد  المقاومة نوع من الأماني البائسة أو أحلام اليقظة ، ومن ثم فإن السيناريوهات  والطروحات الأمريكية ، حول سلطة فلسطينية متجددة تحكم القطاع ، أو قوات طوارئ عربية أو دولية تحكم القطاع لفترة انتقالية  وكذلك حديث  نتنياهو عن إدارة مدنية تحكم القطاع في إطار سيطرة أمنية إسرائيلية، هي شكل من أشكال التمني  والهروب للأمام من قبل الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني ، وتجاهل لحقيقة أن المعطيات على الأرض تقول  إن مستقبل الكيان في المنظور الوجودي بات مطروحاً بقوة منذ زلزال السابع من أكتوبر.
مقارنات حاسمة لمصلحة المقاومة

وللإجابة  على  سؤال : مستقبل الكيان الصهيوني بعد وقف الحرب  أم مستقبل "حماس" والمقاومة ؟ نتوقف أمام المقارنات التالية ،  التي تؤكد أن السياق الاستراتيجي للحرب  بات محسوماً لمصلحة المقاومة ، وأن مخرجات هذه الحرب تشكل بداية نهاية هذا الكيان وانتهاء عمره الافتراضي بالمعنى المادي وليس بالمعنى الغيبي:

أولاً :  الجانب العسكري في ميزان الفعالية والنتائج  بين المقاومة وقوات العدو
وبهذا الصدد نشير إلى ما يلي : (فشل العدوان الصهيوني في تحقيق أي إنجاز على الأرض  في قطاع غزة  في المرحلتين   الأولى والثانية ،سواء في المحافظات الشمالية أو الوسطى أو الجنوبية ، فهو رغم توغله في هذه المناطق لم يتمكن من بسط سيطرته عليها) .

لقد أذهلت فصائل  المقاومة العدو والعالم أجمع، بقدراتها القتالية وإنجازاتها رغم الخلل الهائل في ميزان القوى ، وفي استخدامها غير المسبوق  لتكتيك الدفاع الهجومي بالاستناد إلى  استراتيجية الأنفاق وحرب المدن ، وإلى منظومة قيادة وسيطرة  تتحكم بمجريات  الحرب البرية ، وفي توقيتات إطلاق الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة وفي عمق الكيان الصهيوني.

2- في حال انتقال العدو الصهيوني للمرحلة الثالثة من الحرب بناء على توجيه أمريكي  التي تعتمد حسب  الزعم الصهيو أميركي ،  التوقف عن الحرب الكثيفة واستبدالها بالضربات الانتقائية لمواقع المقاومة ارتباطاً بجهود استخبارية  ، هذا الانتقال  لا يعني من واقع المعطيات على أرض المعركة ، بأنه حقق أهدافه في المرحلتين الأولى للثانية ، بل يعني هروباً للأمام  ،باتجاه فتح الباب أمام وقف إطلاق نار لاحق،  للبدء في مفاوضات تبادل الأسرى وفق مشاريع إقليمية  مطروحة( المبادرتان المصرية وال قطر ية) ، تسعى الإدارة الأمريكية أن تحقق للكيان الصهيوني  من خلالها ، الأهداف التي عجز عن تحقيقها بالحرب ، خاصةً وأن هذه الإدارة منحته  أكثر من ثلاثة أشهر لتحقيق  الأهداف المعلنة لكنه حصد الخيبة والفشل أمام فصائل المقاومة وانتصاراتها المذهلة .

خلاصةً في الجانب العسكري

يمكن الجزم بأن الصورة العسكرية  لا زالت تميل لمصلحة المقاومة وقيادتها ، خاصةً وأن العدو بات يعترف على لسان قياداته العسكرية والسياسية السابقة ، بخسائره الهائلة  وبفشله في تحقيق أهدافه من الحرب.
ثانيا :  في المقارنة بين جبهة العدو الداخلية والجبهة  الداخلية للمقاومة

رغم الخسائر الهائلة على صعيد الشهداء والجرحى ،، في أكبر عملية تطهير عرقي في التاريخين القديم والحديث، جراء لجوء العدو منذ اليوم الأول للحرب إلى   تدمير أحياء مدن القطاع ومخيماته وقراه وتدمير البنية التحتية والصحية  بالقنابل والصواريخ الأمريكية ، على نحو لم يحصل في الحرب العالمية الثانية ، هذا ( أولاً).

و (ثانياً) ورغم  نزوح ما يزيد عن  أكثر من مليون ونصف من غزة والمحافظات الشمالية إلى  الجنوب ، وتعرضهم لقصف مستمر ناهيك عن ظروف العيش القاسية ، إلا أن هذه الخسائر والمعاناة القاسية لجماهير شعبنا ، لم تربك المقاومة ،  بل دفعتها لمواصلة المعركة بذات الزخم الذي بدأته منذ مطلع أكتوبر الماضي ، حيث  فشل العدو  في ضرب الحاضنة للشعبية للمقاومة،  وليس أدل على ذلك  أن المواطنين  يخرجون من تحت الأنقاض ويرفعون صوتهم " نحن مع المقاومة" ، ما يؤكد  أن  الجبهة الداخلية للمقاومة لا تزال متماسكة مقارنة بانهيار الجبهة الداخلية في الكيان الصهيوني ،  التي  تشهد انهياراُ  وأزمات غير مسبوقة منذ  نشوء الكيان عام 1948.

ثالثاً: في المقارنة بين موقف الرأي العام العالمي من المقاومة والرواية الفلسطينية ومن الرواية الصهيونية .
بات العدو الصهيوني بعد معركة طوفان الأقصى، يواجه عزلة دبلوماسية وانقلاباً في الرأي العام العالمي  لصالح المقاومة والقضية الفلسطينية ، إثر الثورة الشعبية العالمية المنددة بالعدوان الصهيوني على قطاع غزة والضفة ،  التي تمثلت ولا زالت تتمثل بالمسيرات المليونية في كل من واشنطن  وشيكاغو وباريس ولندن وبرلين  وغيرها من المدن والعواصم الغربية .
 وبات الحراك الشعبي في معظم  بلدان العالم ،وخاصةً في دول المعسكر الغربي الرأسمالي الإمبريالي -  التي وفرت الغطاء السياسي والإعلامي للعدوان على قطاع غزة- يتبنى الرواية العربية في فلسطين ، ويكشف زيف مقولة معاداة السامية .
 إذ أنه- على سبيل المثال  لا الحصر- ووفقاً لنتائج الاستطلاع الذي أجراه  باحثون من معهد هاريس ومركز الدراسات السياسية الأمريكية بجامعة هارفارد  بتاريخ  13- 14 ديسمبر  الماضي، اللذان يتمتعان بموثوقية عالية ، يتبين  حدوث انقلاب في الرأي العام  بين  الشباب الأمريكي نحو دعم المقاومة الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني بالدفاع عن نفسه ، وإقامة دولته على كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر.
رابعاَ :أزمات الكيان الصهيونية المركبة

صحيح أن الجانب الفلسطيني المقاوم يواجه أزمة نزوح أبناء قطاع غزة ، وأزمة الخسائر الهائلة في صفوف المدنيين ، وأزمة الحرمان من السكن والوقود والغذاء والطاقة ، وأزمة القتل المستشري والاعتقالات في الضفة  الغربية ، لكن هذه الأزمة في التحليل النهائي هي ضريبة الحرية والتحرير ، وهي  في جوهرها تصب في أزمة العزلة الدولية التي بات يعيشها الكيان  الصهيوني منذ معركة السابع من أكتوبر التاريخية.

 لقد بات  الكيان الصهيوني ، يعيش أزمات  عديدة  ومركبة جراء معركة طوفان الأقصى أبرزها:

الأزمة البنيوية الداخلية  ممثلةً بما يلي :
- أزمة الصراع الداخلي بين  القيادة السياسية والقيادة العسكرية ، التي لم تتوقف بعد دخول  الحرب شهرها الرابع ، وتحميل كل طرف مسؤولية الفشل في السابع من أكتوبر على  الطرف الآخر ، ووصل الصراع ذروته بعد تشكيل رئيس أركان الكيان الصهيوني لجنة تحقيق بشأن ما حدث من إخفاق استراتيجي في  ذلك اليوم ، وما عمق من الأزمة تباين الرؤى بين أعضاء مجلس الحرب بشأن اليوم التالي لوقف إطلاق النار ، وكذلك قرار ما يسم بالمحكمة العليا الإسرائيلية بإلغاء  قانون  الموثوقية  الذي يقيد دور  المحكمة في  مراقبة  أداء السلطة التنفيذية، ومطالبة نسبة كبيرة جداً من المستوطنين باستقالة نتنياهو خلال مرحلة الحرب الراهنة .

- انعدام الثقة بين جمهور المستوطنين وبين القيادة السياسية والعسكرية ، جراء فشل قيادة العدو واستخباراته، في كشف مخطط كتائب القسام ، الذي ترجمته في معركة المقاومة التاريخية في  السابع من أكتوبر 2023  ، وجراء فشلها في العدوان البري على قطاع غزة واضطراره للدخول في  المرحلة الثالثة من الحرب ، بضغط أمريكي، دون أن يحقق نتائج يبني عليها  في المرحلتين الأولى والثانية من الحرب .
في ضوء ما تقدم  ، يمكننا الجزم بأن ميزان المناعة القومي، ممثلاً  بالعلاقة بين جمهور المستوطنين  والمؤسسة العسكرية، قد تراجع إلى حد  التلاشي،، وهذه المناعة لن يرممها الدمار الهائل الذي ألحقته آلة الحرب الصهيونية بقطاع غزة ، وحسب العديد من المحللين فإن ضرب جهاز المناعة في الكيان الصهيوني ، سيؤدي إلى تلاشي الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وزيادة الهجرة من الكيان  إلى الخارج ، ومن ضمنها هجرة الاستثمارات ورأس المال إلى الخارج.

- أزمة  الأسرى الصهاينة  : حيث لا زال الشارع في الكيان الصهيوني يشهد مظاهرات كبيرة ، تطالب  بالاستجابة لشرط المقاومة ، القائل بمبدأ الكل مقابل الكل ،  وتطورت الأمور  لاحقا ً برفع شعارات  تطالب بإسقاط نتنياهو  وبوقف  إطلاق النار.

- أزمة ضرب  مبدأ الاستيطان  
تمثلت بنزوح حوالي  نصف مليون من المستوطنين، من مستوطنات غلاف  قطاع غزة ومن مستوطنات شمال فلسطين المحتلة ، جراء ضربات المقاومة الفلسطينية وضربات المقاومة الإسلامية (حزب الله) ، ما شكل ضربة في الصميم للركيزة الثالثة  للاستراتيجية الصهيونية  ممثلةً  بالاستيطان إلى جانب  ركيزتي الهجرة والقوة المسلحة ،  وهذا الرقم لنزوح المستوطنين، مرة منذ (75) عاماً يُشكّل هزيمة كُبرى للمشروع الصّهيوني الذي تقوم أبرز أُسسه واستِمراره على  التوطين وليس  النزوح، وانتصاراً كبيراً للمقاومة  في إطار وحدة الساحات.

- الأزمة الاقتصادية
أزمة اقتصادية عميقة تحدث لأول مرة منذ نشوء الكيان،  جراء  معركة طوفان القدس وتداعياتها المستمرة ، حيث بلغت خسائر العدو  ما يزيد عن 60 مليون دولار ،  بدون احتساب  الكلفة العسكرية للحرب  التي قدرتها وزرارة المالية  الإسرائيلية ( 2،5) مليار دولار أسبوعياً،  وهذه الخسائر موزعة على قطاعات  الإنتاج الصناعي والزراعي  والتكنولوجي،  وعلى قطاع السياحة والخدمات والنفط والغاز والبورصة والبنوك والاستثمارات.  
بداية فقدان الدور الوظيفي للكيان الصهيوني.

اهتز الدور الوظيفي للكيان الصهيوني بعد معركة طوفان الأقصى ، لأول مرة من قيامه عام 1948 ، بوصفه  مشروع أساسي للدول الإمبريالية ، وقاعدة متقدمة لها لبسط هيمنتها على الوطن العربي ونهب ثرواته ، ولمنع حصول تنمية حقيقية في أي قطر عربي    أو تحقيق أي تكامل اقتصادي بين أقطاره ، ولضرب حركة التحرر العربية ، حيث وفرت له  هذه الدول كل المقومات العسكرية ليكون بمثابة قلعة متفوقة على عموم دول المنطقة.

وهذا الكيان  الذي حاول تخطي دور  (الوكيل- القاعدة )، للدول الإمبريالية بعد حرب حزيران 1967 ، واحتلاله مساحات واسعة من دول الطوق العربية ، ليلعب دور الشريك  بدا في غاية الضعف والهشاشة، إثر هجوم السابع من أكتوبر في إطار معركة طوفان الأقصى ، وباتت الدول الإمبريالية تشكك في قدرة  الكيان للعب هذا الدور  الذي  أوجدت من أجله ، بعد أن تمكن فصيل فلسطيني  مقاوم من بضعة آلاف من إلحاق هزيمة نكراء به رغم الهائل في ميزان القوى.

وأخيراً في ضوء الأزمات المركبة، التي يعيشها الكيان الصهيوني ، وبعد فشل العدو الصهيوني بعد مرور   أكثر من ثلاثة أشهر  على الحرب ، في تحقيق  أي هدف من الأهداف  التي حددها لعدوانه البري على قطاع غزة ،  لا مجال  أمام   كيان العدو سوى أن يتجرع كأس السم عبر موافقته على وقف إطلاق النار  والرضوخ لمطلب  المقاومة بتبييض المعتقلات الصهيونية مقابل الإفراج عن الأسرى الصهاينة ، وأن يكتب من لحظة تاريخ نهاية الحرب بداية نهايته.