Menu

الرد الإيراني وتوازن الردع

غسان أبو نجم

غسان أبو نجم

خاص - بوابة الهدف

 

كتب غسان أبو نجم*

 سجلت الضربة الإيرانية لبعض مواقع عسكرية صهيونية بداية مرحلة جديدة من الصراع مع الكيان الصهيوني حيث انتقلت الاستراتيجية الإيرانية إلى الردع الاستراتيجي تمثلت بالانتقال من مرحلة الصبر الاستراتيجي الذي اعتمدته القيادة الإيرانية لسنوات ودفع الكيان الصهيوني إلى التمادي في عجرفته فقام بعمليات اغتيال لقادة عسكريين وضرب قواعد للحرس الجمهوري في سوريا وتوجيه التهديدات المتتالية لإيران وكانت عملية قصف السفارة الإيرانية في سوريا القشة التي قصمت ظهر البعير.

فبعد ٤٥ عاماً من الصبر الاستراتيجي اتخذت القيادة الإيرانية الرد الحاسم والرادع لعربدة الكيان الصهيوني في المنطقة ورغم المحاولات الأميركية عبر الوسطاء لثني إيران عن قرارها ضرب الكيان الصهيوني ومن الأراضي الإيرانية إلا أن القرار كان بضرورة ضرب الكيان الصهيوني كرد على اعتدائه على السفارة الإيرانية بوصفها أرض إيرانية وصمت الغرب الفرنكفوني وعدم إدانته لهذا الاعتداء الغاشم وكان أن دكت الصواريخ والمسيرات الإيرانية أهداف عسكرية صهيونية شاهدها سكان معظم الدول العربية. رغم محاولات الإعلام المتصهين الذي تعمد التقليل من أهمية الضربة الإيرانية وتوصيف بعض إعلامي ومثقفي الطابور الخامس الثقافي بأنها مسرحية وباهتة وتضخيم الدور الصهيوني وحلفائه في ردع هذا الهجوم واعتماد الرواية الصهيونية التي روجت لها قنوات الفتنة وإعلام البترودولار بأن جيش الإبادة الصهيوني أسقط ٩٩٪ من الصواريخ والمسيرات وأن هذه الهجمة لم تكن ذات قيمة رغم كل هذا التطبيل الممنهج إلا أنه كان لهذا الهجوم دلالات وأهمية على المستوى الاستراتيجي منها:

أولاً - انتقال إيران من لاعب قوي في المنطقة إلى قوة تمتلك قرار في الإقليم.

ثانياً - دللت الضربة الإيرانية للكيان الصهيوني أن الصواريخ والمسيرات الإيرانية قادرة للوصول إلى عمق الكيان الصهيوني

ثالثاً - أعطت مؤشرات لدول المنطقة وخاصة أنظمة التطبيع أن الكيان الصهيوني لا يمكن أن يشكل حامياً لها لأنه غير قادر على حماية نفسه وقد بدى ذلك واضحاً حين اعتبرت إيران أن التعاون بين أنظمة الكاز والغاز مع الكيان هو تعاون أمني وليس تجاري فقط مما يعني أنها في دائرة الاستهداف الإيراني.

رابعاً - شكلت الضربة قوة دعم معنوي وسياسي للشعب الفلسطيني الذي شاهد بأم عينه المسيرات والصواريخ الإيرانية تنهمر على مواقع العدو العسكرية بعد أن كان يشاهد بأم عينه شاحنات الغذاء والدواء والذخائر. تنطلق من إمارات الكاز لإنقاذ الكيان.

خامساً - عزز الهجوم الإيراني دول محور المقاومة عبر الانتقال من مرحلة الدعم العسكري والمالي والسياسي لها الي الانتقال للتصادم المباشر مع الكيان الصهيوني وحلفائه في المحور الغربي.

سادساً - كذلك يمكن اعتبار الضربة بالون اختبار لمدى قوة الردع الصهيونية ونوعية الأسلحة التي يمكن استخدمها للرد، وأيضاً ستكشف الحلف المعادي الذي يمكن أن يعترض هذه الضربة.

سابعاً - واعتقد هذا الأخطر فقد كشف الهجوم الإيراني المباشر على الكيان الصهيوني مدى صهر الوعي الذي عانت منه الجماهير العربية التي عانت من ترسيخ ثقافة الهزيمة والانصياع لماكينة الإعلام الموجه الذي عمد إلى تسخيف الهجوم واعتباره مسرحية وأن لا قيمة عملية له ومحدودية أثاره رغم أن إيران نفسها أعلنت ان الضربة ستكون محدودة ولن تطال منشآت اقتصادية أو بنى تحتية أو مدنين إنما موجهة للقاعدة العسكرية التي انطلقت منها الطائرات التي قصفت القنصلية وقد بدى هذا واضحاً من خلال محطات التلفزة البترودولارية ومثقفي الطابور الخامس الثقافي الذين اعتادو على تلقى تعليماتهم من أفيخاي أدرعي ولم يعتادوا على ثقافة الانتصار.

لقد شكل الهجوم الإيراني رغم محدودية آثاره العملية على الأرض بداية مرحلة جديدة من الصراع عنوانها أن محور المقاومة صاحب قرار إقليمي لا يمكن تجاوزه.

 

*كاتب فلسطيني