Menu

انتخاب السنوار تأكيد لنهج واستجابة لمتطلبات المرحلة

وسام رفيدي

خاص - بوابة الهدف

السنوار غدا رمزاً لتلك المرحلة بقيادته لفرع الحركة في القطاع، وبالتالي رمزاً للسابع من أكتوبر، ولكل صمود ومنجزات المقاومة بعد 307 أيام من حرب الإبادة على القطاع، وعليه فالرجل غدا رجل المرحلة، رجل المقاومة، والأهم رجل النهج.

نهج المقاومة أعاد الصراع لمربعه الأول كصراع وجودي بين مشروعين، مشروع التحرر الوطني الفلسطيني، والمشروع الصهيوني الاستعماري في فلسطين، وتلك السمة الرئيسية للصراع اكتسبها بدمويته التي خلقها المستعمِر الذي، وبحق، يدافع عن وجوده على أرض فلسطين، ذاك الوجود الذي بات موضوعاً على طاولة الشك، بفعل 7 أكتوبر، وما تلاه من تداعيات طوال شهور الاشتباك والقتال، على مستوى الإقليم، وأهمها نشوء وفاعلية محور المقاومة، من إيران مروراً ب اليمن والعراق، وصولاً لسوريا ولبنان وغزة.

هذا النهج الذي اعتقدت دولة الإبادة أنها بصدد القضاء عليه، بفعل اغتيال هنية وشُكر، ذهب أدراج الرياح. لندع جانباً حقيقة أن حركة المقاومة الفلسطينية، والعالمية أيضاً، كانت دائماً قادرة على التعويض السريع لقياداتها التي تستشهد على طريق التحرر، إلا أن الأهم أن حركة حماس بانتخابها للسنوار، بالإجماع حسبما أعلنت، أو حتى بالأغلبية، ولا يضير حماس الآلية الأخيرة، بل يؤكد حيوية بنيتها، تكون قد أكدت ما تؤكّده هي وقوى المقاومة في القطاع، وهو ثباتها على نهج المقاومة، باعتبار السنوار رمزاً لذلك النهج.

ولأن القطاع دشّن بدءاً من 7 أكتوبر مرحلة جديدة في النضال الوطني الفلسطيني، كان طبيعياً ان يتم اختيار مَنْ يرى فيه شعبنا رمزاً لتلك المرحلة. لكل مرحلة قياداتها. ذلك درس نظري/ سياسي موثوق في التاريخ. فالفراغ لا تعرفه مراحل العمل السياسي، فما أن تغيّب الحياة أو النضال قيادياً ما حتى تفرز المرحلة، موضوعياً، وبالاستجابة الذاتية للشرط الموضوعي، قيادييها. حماس استجابت للشرط الموضوعي باختيار السنوار ليكون هو الرجل المناسب للمرحلة، باعتباره رجل المرحلة.

مثلما عبّر قاسم سليماني عن مرحلة التشكل الفاعل لمحور المقاومة في ميدان الدعم اللوجستي والعملياتي والعسكري، ومثلما كان نصر الله تعبيراً مكثفاً عن مرحلة انطلاق المقاومة الإسلامية في الجنوب، كظاهرة تاريخية، ومثلما كان تسلّم عرفات لقيادة المنظمة نهاية الستينيات تعبيراً عن مرحلة جديدة في الثورة الفلسطينية، فالسنوار تعبير عن مرحلة سيادة نهج المقاومة، كبديل لكل نهج لا يستتجيب حقيقة لمهام التحرر الوطني من المشروع الصهيوني.

لذلك نقول إنه رجل المرحلة، رجل المقاومة ورجل النهج. وهذا يعني بوضوح ساطع أن انتخابه رسالة صارخة لدولة الإبادة على كل الصعد. فمن كان من مؤسسي كتائب القسام، وشارك بعملياتها العسكرية، وصدر بحقه حكم بالسجن عدة مؤبدات و54 سنة، قضى منها 25 عاماً في الأسر، رجل من هذا الطراز يكون انتخابه رسالة صريحة لدولة الإبادة، بأن مشروع التحرر الوطني يحتاج سياسياً من هذا الطراز، في نقض للتصنيف الغبي حول السياسي والعسكري في حركات المقاومة. سياسياً يدرك الأهمية القصوى لنهج المقاومة ويمارسه يومياً، فيغدو قائداً من طراز استثنائي، خاصة أنه قائدٌ (تحت الأرض)، يخوض غمار معركة دموية منذ عشرة شهور، ولا يُظهر (مرونة) مشتهاة من أعدائه، (مرونة) هي صنو الاستسلام.

وتلك رسالة وصلت ليس فقط لدولة الإبادة فقط، بل للنظام العربي الرسمي والإقليمي، الذي ربما من المنطقي التصور أن بعضه، كما أُشيع منذ لحظة اغتيال هنية، وبافتراض صحة ما أُشيع، يتطلع لأسماء معينة تكون أكثر (مرونة) في التعاطي السياسي، علماً أن بعض هذا النظام تجاوز حدود الضغط على المقاومة في المفاوضات، ليصل لحدود التآمر الصريح. إن اختيار السنوار والحال هذا، يستجيب ليس فقط لمتطلبات المرحلة فلسطينياً، بل وإقليمياً أيضاً، فالرجل بموقعيه القديم والجديد يؤكد حضور المقاومة القوي ضمن محور المقاومة، وهو المطلوب وبقوة بعد اغتيال هنية وشُكر.

إذن، هي رسالة تحدٍ لدولة الإبادة، نجحت حماس في تأكيدها، كما هي استجابة لمتطلبات المرحلة تؤكد أن حماس باختيارها السنوار اختارت الاستمرار بنهج المقاومة ذاته.

إن اختيار السنوار والحال هذا، يستجيب ليس فقط لمتطلبات المرحلة فلسطينياً، بل وإقليمياً أيضاً، فالرجل بموقعيه القديم والجديد يؤكد حضور المقاومة القوي ضمن محور المقاومة، وهو المطلوب، وبقوة، بعد اغتيال هنية وشُكر.