Menu

الأونروا: خيانة اللاجئين تحت الضغط الصهيوني

بيسان عدوان

الانروا والاحتلال في غزة، وكالات

منذ السابع من أكتوبر 2023، تصاعدت الضغوط على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بشكل غير مسبوق، حيث تزامنت هذه الضغوط مع تصاعد العنف في قطاع غزة والتوترات المستمرة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي. وبدلاً من تعزيز دورها الإنساني في ظل هذه الأزمة، وجدت الأونروا نفسها محاصرة باتهامات إسرائيلية وأمريكية مشككة في نواياها ودورها، مما أدى إلى طرد عدد من موظفيها بزعم ارتباطهم بفصائل المقاومة الفلسطينية.

هذه القرارات المثيرة للجدل أثارت استياءً واسعاً في الأوساط الفلسطينية، حيث اعتبرتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين انحيازاً واضحاً للأكاذيب التي يروج لها الاحتلال الإسرائيلي، وخضوعاً للضغوط الأمريكية التي تهدف إلى تقويض دور الأونروا وتشويه سمعتها. لا يمكن فهم هذه التطورات إلا في سياق سعي حثيث من قبل إسرائيل والولايات المتحدة لإنهاء دور الأونروا كوكالة دولية تعترف بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، بهدف نهائي وهو القضاء على قضية اللاجئين ذاتها وإلغاء حق العودة، الذي يمثل جزءاً أساسياً من حقوق الشعب الفلسطيني.

منذ تأسيسها في عام 1949، كانت الأونروا حجر الزاوية في دعم اللاجئين الفلسطينيين الذين شردوا من ديارهم إثر النكبة. قدمت الوكالة خدمات حيوية في مجالات التعليم والصحة والإغاثة الإنسانية، معترفة بالحق القانوني والتاريخي للفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم. لكن، مع مرور السنوات، أصبحت الأونروا هدفاً لحملات مكثفة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، تهدف إلى إضعافها وتقويض حق العودة الذي يعد من أهم ركائز النضال الفلسطيني.

لقد اعتبرت إسرائيل الأونروا عائقاً أمام تحقيق أهدافها السياسية في فلسطين، حيث ترى أن استمرار وجود الوكالة يشكل تذكيراً دائماً بالمأساة الفلسطينية ويحول دون إمكانية التوصل إلى تسوية نهائية تضمن طمس قضية اللاجئين. من هذا المنطلق، كانت هناك جهود إسرائيلية مستمرة للضغط على المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، لتقليص الدعم المالي للأونروا وإعادة تعريف مهامها بشكل يخدم الأهداف الإسرائيلية.

في عام 2018، وصلت هذه الضغوط إلى ذروتها عندما قررت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قطع جميع المساعدات الأمريكية للأونروا، بحجة أن الوكالة غير قادرة على حل مشكلة اللاجئين وأنها تديم الصراع بدلاً من حله. كانت هذه الخطوة جزءاً من خطة أوسع تُعرف بـ "صفقة القرن"، التي تهدف إلى فرض تسوية على الفلسطينيين تتجاوز حقوقهم المشروعة وتلغي حق العودة. تزامن ذلك مع دعوات إسرائيلية لتفكيك الأونروا وإعادة توطين اللاجئين في أماكن تواجدهم الحالية، كحل نهائي للقضية.

على الرغم من الجهود الدولية لجمع التبرعات ودعم الوكالة، إلا أن هذه الأزمة كشفت هشاشة وضع الأونروا أمام الضغوط السياسية والمالية، وأثارت تساؤلات حول مستقبلها في ظل الهجمات المتزايدة عليها من قبل إسرائيل وحلفائها. الأحداث الأخيرة في أكتوبر 2023 أثبتت أن ما يحدث هو جزء من عملية ممنهجة لإعادة صياغة الواقع الفلسطيني بما يتوافق مع الرؤية الإسرائيلية الأمريكية، التي تسعى إلى فرض "حلول" تهدف إلى إنهاء الصراع وفقاً للشروط الإسرائيلية، مع إغفال الحقوق التاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني.

في ظل هذه الهجمة الشرسة على الأونروا، يحتاج المجتمع الدولي إلى إعادة تقييم دوره في دعم حقوق الفلسطينيين والوقوف ضد المحاولات الرامية إلى تصفية قضيتهم. يجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التحرك بشكل عاجل لحماية الأونروا وضمان استمرار عملها في تقديم الخدمات الأساسية للاجئين. إن الدفاع عن الأونروا هو في الواقع دفاع عن حق العودة وعن القضية الفلسطينية ككل، ولا يمكن السماح لإسرائيل والولايات المتحدة بإنهاء دورها وطمس حقوق الشعب الفلسطيني.

إذا لم يتم التصدي لهذه المحاولات بحزم، فإننا سنشهد تآكلاً تدريجياً لحقوق الفلسطينيين، وسيتحول النضال من أجل العودة والحرية إلى مجرد ذكرى، في ظل استمرار سياسات الاحتلال والتطبيع مع وضع جديد غير عادل. إن الدفاع عن الأونروا اليوم هو دفاع عن العدالة والكرامة لكل فلسطيني، وعن مستقبل يستحقه الشعب الفلسطيني.