عقد "حزب التحرير الإسلامي" في محافظة بيت لحم ندوة سياسية وفكرية، وذلك في حديقة البط بمدينة بيت جالا، وشارك فيها نخبة من المحامين والسياسيين والصحفيين، وحاضر في الندوة عضويّ المكتب الإعلامي للحزب: د.ماهر الجعبري وأحمد الخطيب، ودار خلال الأمسية نقاش سياسي حول آخر التطورات والأوضاع، وعن مفهوم الخلافة الإسلامية التي يدعو حزب التحرير لإقامتها.
وقال مشاركون في النقاش بأنه دار بشكل حضاري وبأجواء من الاحترام، كما أثنى الحضور على تميز وإيجابية الحوار خلال اللقاء.
وتساءل المحاورون حول دولة الخلافة، وهل هي شعار واقعي في ظل الظروف الحالية ام انه غير واقعي وطرحوا أفكارا حول العيش المشترك: إذ تساءل الصحفي والسياسي حسن عبد الجواد عن قبول الآخر والتنوع، إذ إن أطروحات حزب التحرير تشير الى أنها لا تقبل الآخر وفيها الكثير من التكفير وكذلك طالب بموقف واضح للحزب فيما يخص السلفية الجهادية وتنظيم داعش حيث ان الحزب ليس واضحا موقفه إزاء داعش فهناك انتقاد خفي وغزل اكبر له وهذا ينطبق ايضا على جبهة النصرة.
وفي مداخلة للصحفي والمحلل السياسي حمدي فراج، أكد على أهمية الدور الدعوي والفكري الذي يخوضه حزب التحرير في خطابه الذي يناهض الاحتلال "الاسرائيلي" وما يمارسه من اعتداءات على الشعب الفلسطيني، ولكنه في نفس الوقت حذر حزب التحرير من التشبث بشعار الخلافة الإسلامية، التي سادت المجتمع الإسلامي على مدى 1400 سنة وقال ان حقبة طويلة من هذه الخلافة كان يطلق عليها مثلا ”الخلافة الاموية” او الخلافة العثمانية، وذلك نسبة الى بني أمية في الحالة الأولى ، وعثمان في الحالة الثانية، وهنا يكمن الخطر، إذ إنها أصبحت خلافة تعود لاسم العائلة كما يحصل في وقتنا الراهن، فهناك ممالك لها طابع عائلي كآل سعود مثلاً أو آل حمد أو آل خليفة، وهذا ما انتزع جوهر الخلافة الإسلامية وأهدافها السامية التي أطلق عليها في الحقبة الأولى، منذ نشوء الإسلام بالخلافة الراشدة.
من جانبه وجه المحامي فريد الأطرش مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في جنوب الضفة الغربية انتقاداً لحزب التحرير في النهج الذي يتبعه في الأرض الفلسطينية، فهناك آلاف الشبان التابعين للحزب مغيبين عن النضال ضد الاحتلال، ولا شأن لهم في مقاومته وبالتالي هم مُحيّدون تحت شعار أن الحزب يتبع العمل غير المادي، بينما يستقوي على الضعفاء وحينها يصبح عمله مادياً، كما حصل حينما منع ناشطات نسويات من تنفيذ نشاط وطني في مدارس بقرية حوسان، أو منع فرقة فنية مكونة من زهرات وأشبال من إحياء فقرات فنية تراثية، في قرية بديا قرب سلفيت، والتحريض عليهم بأنهم يخدشون القيم الإسلامية.
وأُثير في الندوة ايضا انتقادات اخرى حيث قال مُداخلون ان حزب التحرير يبدو مرتبكا في الكثير من المواقف فعلى سبيل المثال وحينما انتصرت الثورة الايرانية ذهب وفد كبير من الحزب الى قائد الثورة اية الله الخميني وهنؤوه بالانتصار واعتبروا ان الثورة الايرانية لبنة اساسية للخلافة الاسلامية، وعندما رفض الخميني ذلك تحولت هذه الثورة الى انها صنيعة امريكية، وفي مثال آخر فان الحزب بشعاراته الثابتة يعول على طلب النصرة من جيوش الامة لاقامة الخلافة، ولكن حينما تصل الامور الى الجيش السوري فانهم يؤدون الاعمال ضده لانهياره، إذ تقول الاحصائيات انه قتل حتى الان من جراء الاحداث المؤسفة في سوريا، نحو 70 الف جندي، اذاً كيف تستقيم الامور في مثل هكذا حالات.
كما تساءل احد الحضور عن "كيف يمكن ان يفسر بان الحزب لا يستخدم السلاح في اعماله بينما في سوريا رفع السلاح في وجه الجيش السوري".
وخلال الندوة بيّن الدكتور ماهر الجعبري أن الإسلام مبدأ لدولة تكون للناس وليست خاصة بالمسلمين، وأن المسلم يلتزم بقوانينها تعبدا، بينما يلتزم غير المسلم ذلك كتنظيم سياسي واقتصادي. وأكّد الجعبري أن الخلافة بشرية وليست إلهية ويعيش فيها المسلمون وغير المسلمين بأمان ويشاركون في ملكيات الأمة العامة كالنفط والموارد الطبيعية، وأن لغير المسلمين ما للمسلمين من إنصاف وعليهم ما على المسلمين من انتصاف.
وتحدث ايضا عن ان حزب التحرير يتخذ مواقفه حسب التطورات، وربما يغير أية مواقف تحتمل التغيير، شريطة ان لا تمس الثوابت فعلى سبيل المثال كان للحزب موقف من حكم الرئيس العراقي صدام حسين الديكتاتوري، ولكن حينما حشدت امريكا ضده واحتلت العراق جرى الوقوف معه في وجه هذه الهجمة، أما بخصوص الوضع في سوريا فقد اكد ان ما يحدث هي ثورة ضد الظلم والاستبداد وليس المقصود فيها الجيش السوري وانما القيادىة السياسية وهناك ألوية عديدة من الجيش السوري قد تنحوا جانبا ولم يشاركوا في القتال”.
وأوضح احمد الخطيب عضو المكتب الاعلامي للحزب خلال الندوة أن رسالة الإسلام جاءت لتحرر الإنسان، كل الانسان، بغض النظر عن دينه أو عرقه من العبودية للأصنام والأهواء والتشريعات البشرية، التي تخدم المستبدين والطغاة على مر العصور ليعيشوا في ظل أحكام مصدرها الخالق عز وجل تضمن السعادة والعدالة لهم.