Menu

الانتفاضة والمقاومة طريقنا للوحدة والتحرير

محمود الراس

بكلمات عمدّتها تضحيات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى خطت الجبهة الشعبية بفرع غزة شعارها المركزي لإحياء ذكرى انطلاقتها المجيدة التاسعة والأربعين، ليعبّر هذا الشعار عن برنامج الجبهة الاستراتيجي الذي يسيّر حياتها، ويواجه من خلاله التحديات وعلى رأسها المشروع الصهيوني الكولنيالي العنصري.

وأمام تزاحم الأجندة، وتعدد القراءات الداخلية والخارجية للأوضاع الفلسطينية جاء الشعار هذا العام عله يقدم الإجابة لأسئلة مشروعة طالما أرقت المواطن الفلسطيني الذي طالما انشد للوحدة، واستقلالية القرار الفلسطيني، وقدّم في سبيل ذلك التضحيات الجسام.

فأي وحدة نريد؟! وأي الطرق نسلك لهذه الغاية التي طالما ابتعدت عن أهدافها بعدد اللقاءات والحوارات الثنائية القائمة على أساس محاصصة مغانم السلطة، وأمام اللحظة السياسية الراهنة، وما نشهده من محاولات إقليمية ودولية وأجندات خارجية لتصفية مشروعنا الوطني الفلسطيني، والاجهاز عليه، وإعادة صياغة المشهد السياسي الفلسطيني، بما يخدم على الأهداف الصهيونية والامبريالية في المنطقة والعالم، والتي ما كانت لتصل لما وصلت إليه اليوم لولا حالة التشظي والانقسام، التي أصابت النظام السياسي الفلسطيني في مقتل، ودعت دول الإقليم للتغول على حقوق الشعب الفلسطيني، والمجاهرة في تطبيعها وتنسيقها الأمني والسياسي مع العدو الصهيوني.

واستناداً لقراءة موضوعية وعقلانية لمراحل النضال الوطني الفلسطيني والأوقات التي تجسدت بها الوحدة  على الأرض وفي الميدان، وانطلاقاً من رؤية الجبهة لطبيعة الصراع مع العدو الصهيوني، واستناداً لنظرتها الدائمة للوحدة باعتبارها سلاح استراتيجي فاعل وموحد لشعبنا وطاقاته في مواجهة العدو الصهيوني، وجرائمه اليومية بحق أطفالنا وشيوخنا وأسرانا ومقدساتنا وحقوقنا الوطنية، حددت الجبهة بشعارها رؤيتها لهذه الوحدة، - إن لم تقل عقيدتها - بشأن إعادة ترتيب الأوراق والأولويات داخل البيت الفلسطيني، ورؤيتها للشراكة الوطنية القائمة على أساس تقاسم تكاليف المقاومة والصمود بوجه العدو ومخططاته، والاستعداد العالي للتضحية وترك المغانم والنفوذ والصراع على كرسي السلطة، والمحاصصة والصراع على وزارة هنا أو منصب هناك.

فأي وحدة لا تستند للمقاومة طريقاً ولتطوير الانتفاضة وتعزيزها سبيلاً ستبقى عرضة للاهتزازات العنيفة، والتي سترتد بؤساً وفقراً على المجتمع، وأي وحدة لا تكون وجهتها فلسطين وعودة اللاجئين ستبتعد بمسافة كبيرة عن طريق التحرير؛ فالمقاومة توحد شعبنا، والسلطة تفرقه، فلم يعرف شعبنا انقساماً وتشظياً بهذا العمق إلا إبان اتفاقات أوسلو والمسيرة العبثية للتسوية، والهيمنة والاستفراد من قبل حركة بعينها على مؤسسات ومقدرات شعبنا الفلسطيني، وجرنا إلى مربع التسوية والمفاوضات، التي اثبت فشلها على مدار أكثر من عشرين عاماً.

ولذلك، فعلينا استخلاص العبر من هذه التجربة، من خلال التأكيد بأن كل ثورات العالم توحدت ضد الاستسلام لأعدائها، وجعلت من المقاومة عنواناً لوحدتها.

من هنا كان شعار الجبهة وتقديمها لمحددات الوحدة في بداية الشعار في مواجهة أي اتفاقات للوحدة تفرط بالثوابت أو تجري تحت حراب التنسيق الأمني، كما أن التسلح بالمرحلية والواقعية لتمرير الاستسلام على شعبنا، وممارسة أبشع جرائم التطبيع والتنسيق الأمني ضد مصالحه وأمنه الاجتماعي والوطني، فهو أمر مردود على أصحابه، ولن يحقق أبداً الوحدة، وسيواجهه كل الوطنيين المخلصين وأبناء شعبنا بكل عزيمة وإصرار.

نعم قد نشهد انفراجات حياتية بهدف التسكين ولكنها أبداً لن تحقق الوحدة التي ننشدها، وسيبقى الصراع على السلطة سيد الموقف.