Menu

ترامب ولغة الجسد

هاني حبيب

ربما أراد الرئيس الأمريكي الجديد، وهو يلقي كلمته الأولى أثناء تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة أن يبعث برسائل إلى أطراف مختلفة، لم يكتب ترامب خطابه، بل ألقاه شفهياً بسلاسة مدروسة مع حركات يده وعلامات وجهه، أراد أن يقول أنه ليس اقل اختصاصاً من الرئيس السابق أوباما الذي عُرف عنه قدراته الخطابية غير المكتوبة، إلا أن هذا ليس كل شيء.

أراد ترامب أن يؤكد على أن أقواله أثناء الحملة الانتخابية وما بعدها إزاء مجمل سياساته الخارجية، إضافة إلى الداخلية، ما زالت قائمة ومؤكدة، وأنه لم ولن يتخلى عنها بعدما بات في البيت الابيض، سياسة انعزالية عنصرية شوفينية بامتياز، فك التحالف مع أوروبا من خلال التخلي الأميركي عن حلف الناتو، بناء جدار على الحدود مع المكسيك، ليس فقط لمنع التهريب، ولكن كشكل من اشكال الانعزال الجغرافي عن القارة اللاتينية، التمسك بالموقف الإسرائيلي إزاء الاتفاق الدولي مع ايران، أما دول الخليج العربي فستدفع ثمن حمايتها وربما بأثر رجعي.

شعار "أميركا أولاً" الذي شدد عليه ترامب، بلسانه ويديه وتعبيرات وجهه، هو الناظم الأساسي لكل السياسات التي ستتبع في عهده، مقترباً من مبدأ "مونرو" الانعزالي، ومبتعداً عن مبدأ "ولسون" الذي ربط السياسات الخارجية مع الديمقراطية والحريات والتبادل التجاري.

ولعل أهم ما في خطاب ترامب، هو ما لم يقله، فقد تجاهل وعده بنقل السفارة الأميركية من تل ابيب إلى القدس المحتلة، ولعل هذا ما عجل بحث الأمر في الاجتماع السريع الذي عقدته الحكومة الاسرائيلية - المجلس المصغر - يوم الأحد الماضي، لتسريع اتخاذ قرار بضم المستوطنات الكبرى للاستفادة من وعد ترامب من ناحية، ولفرض الأمر الواقع على إدارته من ناحية أخرى، وهو ما كان يوضح خلاف داخل نقاشات المجلس المصغر، إذ أن البعض أشار إلى ضرورة عدم مفاجئة ترامب بقرار من هذا النوع، خشية أن يفسر من جانبه بأنه مفروضاً عليه، خاصة أن  بعض مستشاريه قد اتصلوا ببعض أركان حكومة نتنياهو طالبين منهم التريث وعدم مفاجئة ترامب، خشية رد فعل لا يتمنى العودة عنه من قبله.

سياسة ترامب الانعزالية، لا تشمل بالتأكيد الدولة العبرية باعتبارها مسألة أمريكية داخلية!!