حالة من الهيستيريا أصابت قادة الدولة العبرية خشية من عواقب وتداعيات الإضراب المفتوح عن الطعام الذي بدأته الحركة الأسيرة، حتى قبل بدء هذا الإضراب، إثر نشر صحيفة نيويورك تايمز مقالاً للأسير مروان البرغوثي، ليس كإعلان ولكن كمادة تحريرية، وهي سابقة بالغة الأهمية في هذا السياق، دلائل هذه الهيستيريا، ما شنته القيادة الإسرائيلية ومعها معظم وسائل إعلامها، من حرب على صحيفة كانت – وما تزال – إحدى أدوات الإعلام الصهيوني في الولايات المتحدة، لمجرد أنها فتحت صفحاتها لهذا المقال، وأخذ الانتقاد الاسرائيلي على الصحيفة أنها ذكرت في ذيل المقال، أن البرغوثي "برلماني وقيادي" وهو الأمر الذي اعتبره هؤلاء بعيداً عن حقيقة أن البرغوثي قاتل وتم تجريمه في محاكمة عادلة، إثر هذا الهجوم الكاسح من قبل القيادات ووسائل الإعلام الإسرائيلية على الصحيفة، عادت نيويورك تايمز لتشير من خلال محررتها العامة "ليز سبيد" في قسم مقالات الرأي، إلى ضرورة أن تتضمن السيرة الذاتية لمروان البرغوثي إلى قائمة التهم التي أدين بها. إلا أن ذلك لم يشفع للصحيفة إذ استمرت الحرب عليها.
الخشية الإسرائيلية من إضراب الحركة الأسيرة، تعود إلى أكثر من سبب، في طليعة هذه الأسباب ما يتعلق بالتوقيت، المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، إن استمرار الإضراب سيتوافق مع نوايا إدارة ترامب في تحريك ملف العملية السلمية، وحيث سيلتقي عباس مع ترامب، مما يحيل الإضراب إلى "أزمة عميقة"، بحيث لا يتمنى معها وفاء وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان بتعهده بعدم التفاوض مع المضربين أو الاستجابة إلى طلباتهم!
الاشتباك بين الاحتلال وصحيفة نيويورك تايمز، يشكل دليلاً آخر على أهمية "الإعلام الخارجي" وهو ما اعتقد ما ينقص حتى الآن طبيعة الاسناد والدعم للحركة الأسيرة في إضرابها من خلال وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية، إذ أن كافة الجهد الإعلامي يرسل رسالة الإعلاميين لذاته ولنفسه، ولم ينجح في توجيه رسالة إلى الرأي العام العربي والدولي، هناك حراك من خلال الجاليات الفلسطينية والعربية في الخارج، إلا أنه رغم أهميته غير كاف، والمطلوب تطوير الإدارة الإعلامية الفلسطينية والعربية بحيث يمكنها أن تؤثر على الرأي العام في الخارج، إذ أن المهم في هذا السياق، وقوف العالم مع قضيتنا وبالجوهر منها قضية الأسرى، ولعل في رد فعل الدولة العبرية على النيويورك تايمز، ما يشير من جديد على أن تأثير الإعلام الخارجي هو ما تخشاه الدولة العبرية، قيادة وإعلام!