منذ العام 2000، أعلنت الدولة العبرية أنها ستسعى للحصول على مقعد غير دائم لعضوية مجلس الأمن، منذ ذلك الوقت، لم تكف قياداتها من بذل جهود محمومة في هذا السياق، زيارات رئيس الحكومة، ورئيس الدولة إلى عدة دول أفريقية وآسيوية، هدفت فيما استهدفت إلى جلب اعترافات وفتح سفارات ودعوة هذه الدول إلى التصويت لصالحها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، على خلاف ما كان يحدث ولا يزال، ذلك أن القضية الفلسطينية استحوذت على دعم هذه الجمعية بأغلبية عالية في كل مرة كانت تطرح قضايا متعلقة بها، للحصول على مقعد عضوية غير دائمة في مجلس الأمن يتطلب الحصول على ثلثي الأصوات، وهو أمر غير ممكن في الوضع الحالي، من هنا كان الجهد الإسرائيلي منصباً على الدول المؤيدة لصالح القضية الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالفعل، لاحظنا أن هناك دولاً أفريقية وآسيوية، ومن دول البحر الكاريبي، اعترفت بالدولة العبرية وتبادلت العلاقات الدبلوماسية معها، ما زال العدد محدوداً لكن الجهد الإسرائيلي ما زال مستمراً وبلا هوادة.
تتطلب عضوية مجلس الأمن الحصول على ترشيح المجموعة الإقليمية التابعة لها الدولة، إسرائيل تتبع مجموعة دول أوروبا الغربية، وهي في حال طلبت الترشح فإنها تنافس كل من ألمانيا وبلجيكا على هذا المقعد، من الصعب في هذه الحالة حصول إسرائيل على ترشح مجموعتها، المرة القادمة والتي تبدأ أوائل العام 2018، إلا أنها مع ذلك لن تكف عن حشد دول لصالحها في الجمعية العامة على أمل نجاح ترشحها في دورة قادمة.
المجموعة العربية تحركت مؤخراً، خاصة في أفريقيا، في مواجهة مع الجهود الإسرائيلية ويبدو أنها نجحت نسبياً في لجم اعترافات جديدة بالدولة العبرية التي عبرت في الأيام الأخيرة عن قلقها إزاء التحرك العربي، هذا التحرك مع أنه موسمي يمكن له أن يتصدى للمحاولات الإسرائيلية الحثيثة، إلا أنه يجب أن يتحول إلى تحرك منظم ومنهجي ودائم كي يمكن له أن ينجح في التصدي إلى تحرك منظم ومنهجي ودائم كي يمكن له أن ينجح في التصدي للحراك الإسرائيلي المتوازي مع خطط ودعم اقتصادي وزراعي وصناعي وتقني، الدول الأفريقية والآسيوية الفقيرة بحاجة ماسة له، لذلك فإن أي حراك عربي يجب أن يتوازى مع مصالح هذه الدول في التنمية والتطور.
من غير المحتمل أن تحاول الدولة العبرية الترشح لهذا المقعد بداية العام القادم، إلا أنها من شبه المؤكد ستسعى إلى ذلك بعد ستة أشهر، في الدورة اللاحقة، فهي بحاجة إلى شرح موقفها المعادي للأمم المتحدة لدول عديدة، ذلك أنها عمدت إلى تقليص حصتها في ميزانية الأمم المتحدة بعشرة ملايين دولار، خلال العام الماضي، كإجراء عقابي على قرارات الأمم المتحدة ضد سياساتها الاستيطانية والعدوانية على الشعب الفلسطيني، دولة مارقة على المجتمع الدولي تطلب بالمشاركة في قرارات المنظمة الدولية، الأمر الذي لا يمكن فهمه بالنسبة إلى العديد من دول العالم ويعبر عن غطرسة وتحد للمجتمع الدولي إضافة إلى كونه مكافأة وتشجيعاً على الخروج على قوانين الأمم المتحدة والرأي العام العالمي.
تفصلنا بضعة أشهر للتوجه الإسرائيلي لنيل عضوية غير دائمة في مجلس الأمن مما يجعلنا أمام مهمات فلسطينية دبلوماسية وسياسية ونشاط وحراك من أجل التصدي وعرقلة هذا التحرك، قبل أن نجد إسرائيل تحكمنا هذه المرة من خلال مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن؟!