Menu

هل يفقد نتنياهو منصبه؟

د.فايز رشيد

آخر الأنباء عن نتنياهو، ما ورد على لسان رئيس الائتلاف الحكومي في الكيان دافيد بيتان حيث قال، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو «لا ينوي الاستقالة بتاتاً» حتى وإن قدمت لائحة اتهام ضده. ففي كلمة له بندوة ثقافية، قال النائب عن حزب الليكود إنه «لم تقدم أي لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء «الإسرائيلي» نتنياهو، وحتى لو تم ذلك فلن يستقيل من منصبه بتاتاً»، ذلك حسب ما نقلت عنه الإذاعة الصهيونية. نتنياهو كان قد خضع الأسبوع الماضي في مقر إقامته ب القدس المحتلة لجلسة التحقيق الرابعة، منذ بدأ ملف التحقيقات في شبهات الفساد معه. وتمحورت التحقيقات في القضيتين المعروفتين بقضية «1000» و«2000»، حيث يشتبه بتلقيه هدايا من رجال أعمال أثرياء خلافاً للقانون، والسعي لتلقي منفعة من ناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت» أرنون موزيس. كما تحقق الشرطة أيضاً مع نتنياهو منذ عدة أشهر في قضية تحمل اسم «ملف 3000» المتعلقة بصفقات شراء غواصات وسفن حربية من ألمانيا بشكل غير قانوني. ونفى نتنياهو مراراً أن يكون ارتكب أي أعمال فساد، معتبراً أن ما يجري «محاولة من الإعلام ومعارضيه لإسقاط حكومته». وتولى نتنياهو السلطة بشكل متقطع منذ عام 1996، وهو الآن في فترته الرابعة رئيساً للوزراء، وسيصبح أكثر رئيس وزراء صهيوني بقاء في السلطة، إذا ظل في منصبه حتى نهاية العام المقبل.

في ذات السياق، يتعمق الجدل في الكيان الصهيوني حول مستقبل نتنياهو السياسي والخطوات التي يترتب عليه اتخاذها إذا ما تم توجيه لائحة اتهام ضده في القضايا السابقة. اللائحة القضائية في حال تم توجيهها، رغم الجهود المكثفة التي يبذلها المستشار القضائي للحكومة افيحاي مندلبليت (صديق نتنياهو الشخصي والمدين له بتعيينه في موقعه) من أجل تأخير هذا الاستحقاق، تستوجب قيام رئيس الحكومة الصهيوني بخطوات قانونية، ليس أقلها «اعتزال» منصبه لفترة محددة، يقوم خلالها بالدفاع عن نفسه وإظهار براءته، ولا تزيد على مئة يوم متتالية، يفقد بعدها هذا المنصب قانونياً، وينتهي بذلك مستقبله السياسي والشخصي. نتنياهو العاشق للسلطة مازال «يقاوم» ضد الحملات الإعلامية التي تطالبه بالاستقالة، ويواصل مراوغته وتحميل الاتهامات إلى ما يسميه ب «أحزاب اليسار» المتمثلة بالإعلام وبقايا الأحزاب «اليسارية»، التي فشلِت في الوصول إلى تحقيق أغلبية في الانتخابات السابقة والعودة إلى الحكم. بالطبع، تزايدت فرص استقالته بعد تمكن الشرطة والنيابة العامة من الاتفاق مع «شاهد ملك» هو آري هارو، المدير السابق لمكتبه، وذلك في أعقاب مفاوضات بين الجانبين جرت في الأيام الماضية. وأصدرت المحكمة (الخميس 10 آب/أغسطس) أمر حظر نشر (ينتهي مفعوله في 17 سبتمبر/أيلول القادم) حول قضايا الفساد المشتبه بها، بناء على طلب الشرطة التي قالت في مذكرة قدمتها للمحكمة إن نتنياهو مشتبه بمخالفات رشوة واحتيال وخيانة الأمانة. ويتوقع أن يشهد هارو ضد نتنياهو ويقدم للشرطة معلومات جديدة.

لقد بدأ نتنياهو يدرك أن المتربصين به، داخل الليكود نفسه، ينتظرون وقوعه، وأنه فقد بعض قوته، سواء في ما خص ارتفاع نسبة المطالبين باستقالته من منصبه، في حال تم توجيه لائحة اتهام له (نسبتهم وصلت إلى 66% وفقاً لاستطلاع أجرته القناة العاشرة الصهيونية) أو في «شاهد الملك» الجديد الذي كانوا يسمونه (وزير مالية عائلة نتنياهو)، بحيث إنه لن يعود بنفس قوته السابقة، سواء في الحكومة أو في داخل حزبه «الليكود». ورغم تأكيد البعض على أن نتنياهو مازالت له فرصة لتمديد مستقبله السياسي، إلا أن الحملات عليه وعلى المستشار القضائي للحكومة متواصِلة، وخصوصاً في تذكير نتنياهو والمعسكر المؤيد له (الآخذ بالتناقص) بما قام به هو شخصياً، ضد رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت، عندما تم توجيه لائحة اتهام ضده، فرفعوا وتيرة أصواتهم آنذاك في حملة قاسية ضده كي يستقيل، وفعلاً استقال أولمرت تحت ضغط المعارضة والشارع والحملات الإعلامية، إلى أن انتهى به الأمر بالسجن الذي قضى فيه ثلثي محكوميته قبل أن يطلَق سراحه مؤخراً لما اعتبر «حسن سلوكه».

صحيفة معاريف في عددها الصادر (الأربعاء 9 آب/أغسطس الحالي)، تحدثت عن سيناريوهات عديدة بإمكان نتنياهو أن يلجأ إليها، منها خيار إجراء انتخابات مبكرة قد يفوز فيها، لكنها (وفقاً للصحيفة) لن توقف التحقيقات ضده. وسيناريو آخر هو.. قيام نتنياهو باعتزال السياسة كصفقة قانونية مع النيابة العامة في حال توجيه لائحة اتهام ضده. بالطبع بعد استنفاد كافة الإجراءات ضده وبعد الاستماع إلى إفادته والشهود. في الحالتين فإن التحقيقات ستنال من سمعته السياسية ومن تاريخه الشخصي ومستقبله السياسي.