Menu

"الحركة العالمية": الطفل مصطفى تعرض لانتهاكات جسيمة بمركز شرطة حماس

تعبيرية

غزة _ بوابة الهدف

قالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فرع فلسطين، إن الطفل مصطفى فايق سلمان (16 عاماً) من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، والذي أعلنت وفاته عصر اليوم الجمعة، تعرض لانتهاكات جسيمة لحقوقه خلال توقيفه في مركز شرطة "حماس" في بلدة بيت لاهيا على خلفية جنحة، دفعته إلى الإقدام على محاولة الانتحار داخل النظارة.

ووفق إفادة محمد فايق سلمان (22 عاماً) شقيق الطفل مصطفى، فإن الشرطة اقتحمت منزلهم في حوالي الساعة الخامسة والنصف من فجر الثاني من شهر تموز الماضي، واعتقلت مصطفى على خلفية مشكلة حدثت بينه وبين شاب من عائلة أخرى يبلغ من العمر (25 عاماً)، سببها "كيس بطاطا"، أصيب خلالها الشاب بجروح في يده، ما دفعه إلى تقديم شكوى بحق الطفل مصطفى، مُضيفاً أن شقيقه احتجز في نظارة مركز الشرطة في بيت لاهيا، مع حوالي 30 سجيناً بالغين، وكان يتم معاملته من قبلهم بشكل سيء، وباحتقار ويرغمونه على الجلوس قرب باب "حمام" النظارة ولا يسمحون له بالجلوس معهم، ويرغمونه على خدمتهم بحكم أنه أصغرهم، ما أدى لحدوث عدة شجارات بينه والموقوفين كان يتعرض للضرب خلالها.

وتابع: أن شقيقه مصطفى كان يقوم بضرب باب النظارة في محاولة لجلب انتباه رجال الشرطة، إلا أن الشرطة كانت تضربه وتعاقبه بحجة أنه يعمل فوضى، وأن شقيقه عُرض على النيابة التي أمرت بتوقيفه 24 ساعة ومن ثم 48 ساعة ومن ثم 15 يوماً ثم 15 يوماً آخر، ثم 45 يوماً، وفق رواية شقيق الطفل للحركة العالمية، مُشيراً إلى أن شقيقه مكث في النظارة حوالي شهرين، بينما حيث كانت العائلة تحاول الحصول على ورقة صلح من العائلة الأخرى للإفراج عنه، إلا أن العائلة رفضت كل محاولات الصلح ورفضت إعطاءهم ورقة الصلح.

وقال إن العائلة كانت تأمل الإفراج عن مصطفى مع حلول عيد الأضحى المبارك، في "إجازة عيد" مثل عدد من الموقوفين الذين خرجوا في العيد، خاصة أن موضوعه بسيط، مضيفاً أن شقيقه هيأ نفسه للخروج من النظارة في العيد وجمع أغراضه، إلا أن مدير شرطة بيت لاهيا رفض طلب منحه "إجازة عيد" بسبب عدم وجود ورقة مصالحة، رغم تقديم عدة ضمانات له، الأمر الذي ترك أثراً سلبياً كبيراً على نفسية مصطفى، خاصة أنه بقي مع موقوفين على خلفية قضايا كبيرة.

وفي أول أيام عيد الأضحى، ذهبت والدته وشقيقه أحمد لزيارته داخل النظارة، وكان في حالة نفسية سيئة جداً لأنه يرى أنه لم يفعل شيئاً يستحق مكوثه طوال هذه الفترة في النظارة، أو على الأقل عدم خروجه في "إجازة العيد"، وفي اليوم التالي زاره شقيقه محمد ووالدته التي أخذت معها طعاماً ومكسرات وعصائر وملابس داخلية جديدة، في محاولة للتخفيف عنه، وجرت الزيارة داخل الممر في مركز الشرطة وتحت رقابة عناصر الشرطة.

وذكر محمد في إفادته، "مساء السبت الثاني من أيلول الجاري، ثاني أيام عيد الأضحى، جاءه اتصال من قريب له يخبره بأن مصطفى شنق نفسه بواسطة "شباح" ربطه في نافذة حمام النظارة، وجرى نقله بواسطة سيارة الشرطة الحمساوية إلى المستشفى الاندونيسي فاقداً للوعي". وبين أن الأطباء شخصوا حالته أنها "موت سريري" ورفضوا في حينها تحويله لمستشفى الشفاء حتى لا يتوقف القلب عن العمل، وبعد انتظام عمل القلب جرى نقله لمستشفى الشفاء، مُوضحاً أن الطبيب أخبرهم أن مصطفى في حالة موت سريري بسبب عدم وصول الأوكسجين للدماغ، وأن خلايا الدماغ تلفت.

وتوجهت الحركة العالمية، في بيانٍ لها، إلى مدير مركز شرطة بيت لاهيا، الذي زعم بأن توقيف مصطفى كان في الثاني من شهر تموز الماضي بناء على شكوى من إحدى العائلات، على خلفية اعتدائه على شاب من العائلة من ذوي الإعاقة، وتم توقيفه 24 ساعة وفي اليوم التالي عرض على النيابة التي أوقفته 48 ساعة، وفي الرابع من شهر تموز تم عرضه على محكمة صلح جباليا التي أوقفته 15 يوماً، وبعدها تم تجديد توقيفه لـ15 يوماً آخر، في السابع عشر من الشهر ذاته، ثم تم توقيفه مرة ثالثة لـ15 يوماً من قبل محكمة صلح جباليا، وفي الخامس عشر من شهر آب الماضي جرى توقيفه من محكمة بداية غزة لمدة 45 يوماً.

وحول عدم تحويل الطفل مصطفى إلى مؤسسة "دار الربيع" المختصة بحماية الأحداث، زعم  مدير مركز الشرطة في بيت لاهيا إن الشرطة قامت بتحويله إلى المؤسسة المذكورة، لكن الأخيرة رفضت استقباله بسبب اكتظاظها بالأحداث، ولأن بنيته الجسدية كبيرة فتوحي بأنه شاب وليس طفلاً. وأكد أن "دار الربيع" زودت المركز بورقة رسمية تفيد بأنها لا تستطيع استقبال الطفل مصطفى لهذين السببين، ولذلك بقي في نظارة المركز، وطوال فترة مكوثه كان المركز على تواصل مع "دار الربيع" إلا أنه لا يوجد متسع له.

وقال أن مصطفى لم يتعرض لأي اعتداء أو مضايقة سواء من الشرطة أو الموقوفين، وأن الشرطة توفر الحماية لكافة الموقوفين.

من جانبه، أكد مدير مؤسسة دار الربيع للرعاية الاجتماعية والتأهيل في قطاع غزة أنور عطية، للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، أنه لم يتم رفض استقبال أي حدث أقل من (18 عاما) منذ توليه رئاسة المؤسسة منذ عامين تقريباً، مُشيراً إلى أنه في الثالث من شهر آب الماضي، جرى الاتفاق على عدم استقبال أي حدث بسبب الاكتظاظ الشديد في المؤسسة، واستمر هذا الإجراء لثلاثة أسابيع فقط، لتعود المؤسسة لاستقبال الأحداث من بداية شهر أيلول الجاري.

وشدد عطية على أنه من المستحيل أن تكون المؤسسة رفضت استقبال أي حدث من بداية شهر تموز2017 وحتى الثالث من شهر آب 2017، كما شدد على أنه لا يمكن رفض أي حدث لم يتجاوز الـ18 عاماً بناء على بنيته الجسدية، فهذا ليس مبرراً لعدم استقباله طالما أن الأوراق الرسمية تثبت أنه أقل من (18 عاماً)، مُضيفاً إن أي حدث لم تستقبله المؤسسة بعد الثالث من آب الماضي، قامت بإعطاء كتاب رسمي يفيد بذلك لمركز الشرطة الذي حوله.

وحول الطفل مصطفى سلمان، قال عطية إنه لم تحدث اتصالات بين مركز شرطة بيت لاهيا ومؤسسة دار الربيع حول الطفل المذكور، مُشيراً إلى أن اسمه لم يتردد على مسامعه.

وفي مقابلة مع المحامي في قطاع غزة جمال حويلة، أكد أن انتداب المحامي يكون فقط في الجنايات، أما الجنح فليس من الضروري انتداب محام فيها، فتتم المحاكمة بالجنحة حتى وإن لم يكن هناك محام، بمعنى أن الشرطة أو وكيل النيابة في حالة كانت القضية جنحة ليس من الضرورة أن يسألوا المتهم إن كان معه محامي أم لا، أما في حالة كانت جناية فيجب سؤاله عن وجود محام للدفاع عنه.

وفيما يتعلق بالأطفال في خلاف مع القانون بقطاع غزة، قال حويلة للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال: إن أي حدث يتم توقيفه من قبل الشرطة أو النيابة أو المباحث العامة أو مكافحة المخدرات يجب إيداعه في مؤسسة خاصة بالأطفال في خلاف مع القانون، مثل "دار الربيع" في غزة.

وفي حالة الطفل مصطفى سلمان، يرى المحامي حويلة أن الخطأ الذي ارتكب بحقه هو إبقاؤه في نظارة الشرطة مع البالغين وكان يجب تحويله إلى "دار الربيع"، مُؤكداً أن عدم وجود مكان له في المؤسسة ليس مبرراً.

وعن أهم العقبات التي تواجه الأحداث في قطاع غزة من الناحية القانونية، قال حويلة إن قانون مجرمي الأحداث لسنة 1938 الساري في قطاع غزة والمطبق حتى اليوم، هو من أهم العقبات التي تواجه الأحداث في القطاع، كما طالب بحضور ولي أمر الحدث ومراقب السلوك والمحامي عند التحقيق مع الأطفال.

وأشارت الحركة إلى أن المادة (7) من قانون رقم (4) لسنة 2016 بشأن حماية الأحداث جاء فيها إنه "لكل حدث الحق في معاملة تتناسب مع سنه وتحمي شرفه وكرامته وتيسر اندماجه في المجتمع، ويحظر إخضاع الحدث للتعذيب الجسدي أو المعنوي أو العقوبة أو المعاملة القاسية أو المهينة أو الحاطة بالكرامة الإنسانية"، و"تعطى الأولوية للوسائل الوقائية والتربوية والتأهيلية، ويتجنب اللجوء إلى التوقيف الاحتياطي والتدابير السالبة للحرية وبخاصة قصيرة المدة إلا في الحالات الصعبة، وبما يتفق مع مصلحة الطفل الفضلى".

كما تنص المادة (8) على أنه "تعتبر قضايا الأحداث من القضايا المستعجلة، ويراعى في جميع الأحوال الإفراج عن الحدث الموقوف احتياطيا في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة، شريطة ألا يشكل ذلك خطورة عليه وألا يضر بسير العدالة"، أما المادة (10) فتنص على أنه "يجب أن يكون للحدث في الجنايات والجنح محامياً للدفاع عنه، سواء في مرحلة التحقيق الابتدائي أو المحاكمة، فإذا لم يوكل متولي أمره محاميا، تتولى النيابة أو المحكمة على حسب الأحوال ندبه على نفقتها".

أما المادة (20) فجاء فيها "لا يجوز توقيف الحدث، إلا أنه إذا كانت ظروف الدعوى تستدعي خلاف ذلك جاز لنيابة الأحداث الأمر بتوقيفه في إحدى دور الرعاية الاجتماعية تحت ملاحظة مرشد حماية الطفولة المتابع وتقديمه عند كل طلب، على ألا تزيد مدة التوقيف عن 48 ساعة ما لم تأمر المحكمة بمدها وفقا لقواعد التوقيف المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية النافذ"، وأنه "في حال عدم وجود دور للرعاية الاجتماعية يوضع الحدث في محل توقيف خاص بالأحداث"، كذلك "يمكن للحدث الموقوف التمتع بإجازة في العطل الرسمية وأية أيام أخرى محددة وفقا لما تقرره المحكمة بطلب من نيابة الأحداث أو الحدث نفسه أو مرشد حماية الطفولة أو من يمثله".

وطالبت الحركة بتطبيق قانون رقم (4) لسنة 2016 بشأن حماية الأحداث في قطاع غزة، الذي جاء بمجموعة من المعايير والمبادئ الحقوقية التي تنسجم والمعايير الدولية لحقوق الطفل، خاصة اعتبار الأطفال في خلاف مع القانون ضحايا، وبدائل الاحتجاز، واعتماد مبدأ الوساطة.

يُذكر أنَّ المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أدان في بيانٍ له ما وصفه "احتجاز طفل في مركز توقيف للبالغين". حيث استنكر ما تعرض له الطفل مصطفى، وأودى به إلى هذه الحالة، كما طالب النيابة العامة بفتح تحقيق جدي في الحادث، وتحقيق آخر حول ملابسات احتجازه ومعاملته في مكان خاص بالبالغين، بدلاً من مؤسسة الربيع