Menu

عندما يكون باراك الوجه الحقيقي لليمين الصهيوني

باراك

بوابة الهدف/إعلام العدو/ترجمة خاصة

بصريح العبارة، كشف بطل الليبرالية الصهيوينة أيهود باراك عن موقف اليسار الصهيوني من الاحتلال، انه "تحريرأرض اليهود"، الذي اكتمل منذ خمسين عاما، ويشعر باراك بالخيبة من ضعف الحضور اليساري الصهيوني في احتفال الكيان بمرور خمسين عاما على الاحتلال، ليثبت لمن يحتاج لاثبات أن هذا اليسار جزء من عملية الاقتلاع الوحشي للشعب الفلسطيني بل هو كما يتفاخر باراك رائد هذا الاقتلاع.

في مقالة له في هآرتس، تحسر باراك أنه لم يكن هناك تمثيل يساري قوي في الحدث الاحتفالي الذي جرى في مستوطنة غوش عتصيون، يقول باراك أن هذا "الحدث الوطني هو ما يوحدنا بدلا من حالة الانفصال". التمثيل الضعيف لم يعكس بما فيه الكفاية "فضل اليسار" في مشروع الاحتلال والاستيطان، كما عبر باراك،

باراك يثير الشفقة في محاولته اليائسة للعب دور ما في كل ماهو "وطني عام" وهذا ما عبر عنه جدعون ليفي في مقالة رد بعنوان "إذا كان باراك يتبنى خط نتنياهو والمستوطنين فلماذا المعارضة؟". ويضيف ليفي " إن نصير "معسكر السلام" الإسرائيلي فخوربعدد  المستوطنات التي بناها، وهو معدل بناء يمكن لنتنياهو أن يحلم به فقط دون الوصول إليه".

يلاحظ ليفي كيف أن باراك يغرق في نفس لغة اليمين المتطرف عبر عبارات مثل "نحن فخورون بدورنا في العودة إلى كل جزء من الأرض وفي المشروع الصهيوني الاستيطاني الذي يعتبر ضروريا لأمتنا" ويقول ليفي من المشكوك فيه أن يكون نتنياهو عبر عن الأمر بلغة مختلفة. ويؤكد ليفي أن باراك كشف الوجه الحقيقي لليسار الإسرائيلي، بدون أقنعته الخارجية.

يشرح باراك في مقالته الوضيعة، اقتراحاته حول من كان يجب أن يكونوا المتحدثين "اليساريين"  الرئيسيين في "الإحتفال الوطني"، وشملت اقتراحاته مجرم الحرب ميجر جنرال في الاحتياط إيلاد بيليد الذي احتل صفد ونفذ فيها التطهير العرقي، ورئيس وحدة البلماح، التي احتلت الضفة الغربية ورئيس شعبة الـ36 الذي لم يذكر اسمه.

يريد باراك أن تتحدث داليا رابين ابنة إسحق رابين الذي "حقق النصر" عندما كان رئيسا للأركان، واسحق هيرتسوغ زعيم المعارضة الذي هو نجل رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق شيم هيرتسوغ،  وشغل منصب "أول حاكم القدس الموحدة "، وكذلك هيلا اليعازر كوهين،" الابنة البكر للواء الجنرال ديفيد العازار الذي طالب بالهجوم على مرتفعات الجولان وقاد الهجوم في اليوم الرابع. ويواصل باراك سرد انجازات "اليسار" متحدثا عن خطة آلون، الجنرال الذي اخترع فكرة "تسوية" الاستيطان.

وباراك طبعا لايفارق الحقيقة، فالاحتلال والاستيطان لم يكن أبدا في الأصل مشروعا لليمين الصهيوني والمستوطنات لم تبن فقط بفضل بعض المستوطنين اليمينيين، لقد كان اليسار في الطليعة.

لايختلف باراك مع اليمين إلا في تصنيف الكتل الاستيطانية وأهميتها الأمنية إنه الرجل "أمن" ويعبد الأمن كإله ، كما يقول جوناثان أوفير في "ألموندو" وهو اخترع أسطورة "العرض السخي" التي قدمها إلى ياسر عرفات عام 2000، وهو الذي اخترع مصطلح "لايوجد شريك، ولكن جوناثان أفير يعيد التأكيد أن باراك لم يقدم أكثر من مشروع بانتوستان، عرفات شخصيا لم يكن بإمكانه قبوله، وفكرة باراك عن الأمن هي فكرة الصهيونية الكلاسيكية: عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، فلاشيء ممكن غير التحكم والسيطرة،  عبر الحكم الذاتي، والتطويق، والأهم من ذلك "الفصل" فالانفصال هي الكلمة الطنانة لليسار الإسرائيلي، و "الانفصال" كما تطبقه إسرائيل هو الفصل العنصري، الذي نشهده منذ عقود، وما يريده براك هو الحفاظ على القدرة على إخفاء ذلك بوجه جيد خلف قناع براق، وأيضا وزير خارجيته عندما كان في الحكم شلومو بن عامي، خلق أسطورة أمنية أخرى متعلقة بوادي الأردن، وزعيم اليسار إسحق هيرتسوغ هاجم بعنف  قرار مجلس الأمن رقم 2334 العام الماضي الذي أدان جميع المستوطنات (بما في ذلك القدس الشرقية) بأنها "انتهاكات صارخة" للقانون الدولي. ماهو القرق الحقيقيق إذا بين باراك وجماعته من زعماء اليسار وبين اليمين المسيحاني اليهودي؟ إنه السعي لخدمة دين الدولة الإسرائيلية - الصهيونية - في إطار مفهوم العلمانية "الأمن"، في حين أن المستوطنين يركزون على "الوعد الإلهي" وهنا يصبح شعار "عدنا إلى الوطن" هو الشعار القومي الصهيوني الجامع مع اختلاف التوصيفات.

الأمن يحكم كل شيء وقد اعترف الجنرال تال في أحد أخطر التصريحات عن حرب 1967، بأن السوريين لم يكونوا يشكلون تهديدا أبدا، واحتلال الجولان كان غير ضروري و80% من المناوشات التي سبقت الحرب تسبب فيها الصهاينة، كانوا يريدون السيطرة على المرتفات لقيمتها الزراعية والاقتصادية، يرسلون جرارا زراعيا إلى المنطقة منزوعة السلاح ليحرث الأرض، ويطلبون منه التوغل أكثر، طبعا سيرد السوريون، ثم تتدخل المدفعية ثم يحلق سلاح الجو فوق الجولان ليقصف المراكز السورية، إنهم يعبدون إله الأمن فعلا، لكنه إله طماع يفكر بالاقتصاد والمنافع، يقول الجنرال تال " تحدثت معهم. ولم يحاولوا حتى إخفاء جشعهم تجاه تلك الأرض ".

ويختم جوناثان أوفير أنه من الممكن دائما تهدئة اليمينيين المسيحانيين المتدينين، لكن الجشع المتخفي بلباس الأمن لايمكن تهدئته.. هذه هي الصهيونية .