Menu

لماذا يتسلح العرب؟!

هاني حبيب

قبل أربعة أشهر، وقعت قطر والولايات المتحدة اتفاقاً لشراء 36 طائرة إف-15، ومنذ قرابة عام واحد، ثم التوقيع بينهما على أن تبيع الولايات المتحدة لقطر 72 طائرة من نفس النوع بقيمة 21 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الصفقة الأخيرة 12 مليار دولار، وقبل أيام قليلة تم التوقيع بين الطرفين على صفقة دعم لهذه الطائرات بما يزيد عن مليار دولار، "الحالة القطرية" لا تختلف عن حالة دول الخليج العربي فيما يتعلق بالتسليح، وفي الآونة الأخيرة، تم عقد صفقات مماثلة بين كل من قطر والسعودية مع الاتحاد الروسي للتزود بالمزيد من الأسلحة والتوقيع على مذكرات تفاهم بأن التعاون في مجال الدفاع الجوي، هذا التوازن في الصفقات العسكرية الخليجية مع كل من أميركا وروسيا، جاء إثر اندلاع أزمة الخليج الأخيرة، مع أن صفقات التسلح بين الدول الخليجية والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لم تتوقف طوال العقود الماضية.

وحسب موقع "دوتش فيله" الألماني، فإن ما أنفقته دول الخليج العربي على التسلح خلال الأعوام الخمسة الماضية بلغت 800 مليار دولار، استمرار الأزمة الخليجية مع إيران، وهي أزمة مصطنعة إلى حد كبير، تبرر لهذه الدول كل هذا الانفاق الضخم على التسلح، مع أن هذه الدول بمجملها تحظى بالحماية الأميركية المباشرة من خلال انتشار القواعد الأميركية الضخمة على أرضها ومياهها الإقليمية، وهي بالتالي ليست بحاجة إلى الحماية حتى في حال اللجوء إلى مبرر الخوف من التطلعات الإيرانية!

وفيما يرى البعض أن ذلك يعد أساساً إلى شراء الولاءات السياسية، وإذ تعتبر السعودية ثاني أكبر مستورد للسلاح بعد الهند، يرى البعض الآخر أن صفقات السلاح تخفي العديد من صفقات الفساد وشراء الذمم والإثراء الفاحش لدى المسؤولين في ظل غياب الشفافية والمراقبة لعدم خضوع هذه الدول لمتطلبات الحكم الرشيد، خاصة المؤسسات التشريعية والرقابية المنتخبة.

وبحسب معهد ستوكهولم لأبحاث السلام، فإن الولايات المتحدة تعتبر الأولى في مجال الإنفاق على التسلح على الصعيد الدولي، ويمثل 3.3 بالمئة من ناتجها القومي، بينما يصل ذلك بالنسبة للسعودية إلى 15 بالمئة ولسلطنة عمان 16 بالمئة!

وإذا لم تستخدم كل تلك الأسلحة لشن الحروب الداخلية على المستوى العربي، كما تشهد الآن في العدوان على اليمن، فإن العديد من الأسلحة تستخدم لقمع الثورات الداخلية من ناحية، ولتلبية طموحات قادة هذه الدول في لعب دور إقليمي في الصراعات التي يتم تأجيجها من قبل هذه الأنظمة، وإذا ما اقتربنا ولو قليلاً من سلم الفقر والبطالة والتخلف التعليمي والصحي في عموم المنطقة العربية، لتوصلنا إلى أن جزءاً من الأموال التي تذهب لهذا التسلح الفاحش، من الممكن عملياً انقاذ هذه المنطقة من ويلات التخلف وانعدام التنمية!

ومع كل هذه الصفقات والمبالغ الطائلة، لم تفكر معظم الدول العربية في بناء صروح صناعة أسلحة متقدمة لحماية استقلالها وتشغيل ملايين العاطلين عن العمل في بلدانها، بل أن ذلك ساهم في تزايد ولائها للولايات المتحدة التي ما تزال تبني جزءاً كبيراً من تحسن اقتصادها على بيع السلاح لهذه الأنظمة المستبدة!