Menu

طهران و "حماس": اللقاء يتعذّر دائماً في الملف الإقليمي

طهران وحماس اللقاء يتعذر دائما

الهدف/ الحياة اللندنية

لم تنجح محاولات التقارب بين حركة حماس والمحور الإيراني في إعادة العلاقة بين الطرفين إلى ما كانت عليه قبل عام 2011، على رغم التحسّن في الفترة الأخيرة، لا سيما بعد حرب غزة، وما تلاها من تصريحات ولقاءات. بيد أن بيان الحركة الفلسطينية الأخير بشأن اليمن، وما ورد فيه من مساندة "حماس" الشرعية السياسيّة وخيار الشعب اليمني، أثار امتعاض طهران.

مسؤول في الحرس الثوري الإيراني التقى عضو المكتب السياسي لـ "حماس"موسى أبو مرزوق خلال زيارة الأخير بيروت، وبدا عاتباً جداً على الحركة.

قال الرجل لوفد "حماس" إذا كنتم تدعمون الشرعية في اليمن فلماذا لم تفعلوا ذلك في سورية. حاول القيادي الفلسطيني أن يشرح موقف الحركة وظروفها والإمكانات المتاحة أمامها في ظل الاشتباك الإقليمي الحاد، والفرق بين الموقف مما يجري في سورية والموقف من تطورات الأمور في اليمن.

 أكد أبو مرزوق أن بيان الحركة كتب بعناية بالغة، فهو من جهة يدعم الشرعية الرسمية، ومن جهة ثانية يدعم خيارات الشعب التي تحدد الشرعية الحقيقية.

 كما أن البيان لم يُذكر فيه إطلاقاً دعم الحركة الحرب على الحوثيين، بل أكد وقوف «حماس» مع وحدة اليمن وأمنه واستقراره، والحوار والتوافق الوطني بين أبنائه.

التقى أبو مرزوق أيضاً في جولته اللبنانية كثيرين من المسؤولين الفلسطينيين والقيادات اللبنانية، من بينهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بحضور عضو المجلس السياسي في «حزب الله» ومسؤول الملف الفلسطيني حسن حب الله.

قبل هذا اللقاء حصل اجتماع آخر بين نصر الله وعماد العلمي عضو المكتب السياسي لحركة «حماس». خلال اللقاءين أجرى الجانبان جردة حساب كبيرة، وناقشا مختلف القضايا والمواقف، وأبرز التطورات وخصوصاً في اليمن وسورية.

 اتفق الطرفان على أن يتفهم كل منهما موقف الآخر. فالنقاشات واللقاءات كشفت أن من غير الممكن في الوقت الراهن إقناع أيّ منهما الآخر بصوابية رأيه في القضايا الإقليمية، أو أن يدفعه للتفكير في إعادة التموضع.

 فالطرفان مصرّان على موقفيهما، ولكل منهما حساباته وظروفه. وقبل مغادرة أبو مرزوق الأراضي اللبنانية اتصل به قائد فيلق القدس الإيراني "قاسم سليماني" مطمئناً على صحّته بعد إجراء الأخير عملية في القلب في قطر أوائل الشهر الماضي.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ما الذي تغيّر منذ الحرب الأخيرة على غزة حتى الآن؟ وما هي طبيعة العلاقة الآن بينهما؟ بحسب مصدر في «حماس» فإن الخلاف السياسي بخصوص قضايا المنطقة ما زال على حاله، وإن انخفض مستوى التوتر بينهما وتراجعت نبرة الانتقاد.

أما في ما يتعلق بالشق العسكري، فقد طرأ بعض التحسن، لكنه لم يعد كما كان في السابق، أي قبل الأزمة السورية. يقول: «كان الإيرانيون يرسلون لنا السلاح من بلادهم إلى غزة. ونتعاون معهم في إدخاله إلى القطاع. لكن الوضع تغيّر اليوم. فإدخال السلاح بات صعباً جداً، في ظل هدم السلطات المصرية الأنفاق، وجرف مناطق حدودية مع القطاع، وتشديد الرقابة الأمنية.

وعليه فإن تأمين السلاح وإدخاله بات من اختصاص كتائب القسام، فيما تعهدت إيران بتقديم المبالغ المالية اللازمة التي يحتاجها الجناح العسكري. فالدعم العسكري الإيراني "للمقاومة" لا يرتبط بالتوافق أو التباين السياسي بين حماس وطهران".

 وإضافة إلى الصعوبات اللوجستية في إيصال وإدخال السلاح، فإن إيران حريصة في الوقت الحالي على عدم إغضاب أو استفزاز السلطات المصرية، وتوتير العلاقات مع القاهرة. فموقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مما يجري في سورية يتقاطع كثيراً مع ما تطرحه إيران من حلول للأزمة، لا سيما أن الرجل يرى أن الأسد سيكون جزءاً من عملية التفاوض والاتفاق في حال اجراء حوار بين النظام والمعارضة. كما أن موقف مصر من أزمة اليمن والحل العسكري ما زال ضبابياً، ويُظهر أن القاهرة غير متحمسة لأيّ تدخل بري.

أمّا الشق الثاني من التعاون العسكري فيتعلق بمجال تطوير الصواريخ. خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل بدا واضحاً أن الصواريخ البعيدة المدى التي تطلقها كتائب القسام غير فعالة، وآثارها محدودة جداً. وعليه، يقوم الإيرانيون بتزويد مهندسي القسام بالتقنيّات والخبرات اللازمة لزيادة وزن الرأس المتفجر للصاروخ والمحافظة على مداه، بغض النظر عن دقة الهدف، باعتبار أن كل الأراضي التي يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي هدف مشروع.

أما في شأن زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل إلى طهران فقد باتت غير مطروحة في الوقت الحالي، فالحركة الفلسطينية لا ترغب في استفزاز أي طرف، وتسعى قدر الإمكان إلى النأي بنفسها عن الاشتباك السياسي والعسكري في المنطقة.

 كما أن طهران تجاوزت هذه المسألة، في ظل تباين الرؤى بين الجانبين في القضايا الساخنة. لترسو العلاقة على تفهم كل منهما لموقف الآخر، والعمل معاً في الملفات المشتركة، وفي مقدمها مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

نقلا عن الحياة اللندنية