Menu

المحاكاة الداعشية.. جهل تربوي!

هاني حبيب

انقسم أطفال المدرسة الابتدائية إلى قسمين، الأول يمثل تنظيم داعش ويرتدي عناصره ملابس وأقنعة سوداء ويحمل مسدسات وهمية، أحدهم يحمل علماً واحداً يجمع أعلام إيران وتركيا و قطر وإسرائيل، بينما الفريق الثاني يؤدي الصلاة في ساحة المدرسة بحضور عدد من أولياء الأمور، يقوم أطفال الفريق الأول بتمثيل إطلاق الرصاص على الفريق الثاني الذي يسقط أفراده غارقين في الدماء وسط صيحات الله أكبر.

تكرر هذا المشهد في مدرستين ابتدائيتين، إحداهما في دمياط والثانية بالقرب من القاهرة، كمحاكاة لمجزرة "الروضة"، تم إحالة مديري المدرستين إلى النيابة بعد قرار طردهما من وزارة التربية والتعليم، في وقت وافقت بعض الجهات عن هذه المحاكاة باعتبارها دروساً تربوية في الدفاع عن الولاء للوطن ونبذ العنف والإرهاب، ذلك أن معايشة الأطفال للواقع المحيط بهم، يحول دون التلاعب بعقولهم، وبحيث لا تنطلي عليهم الدعوات الإرهابية باسم الدين!

إن الزج بالأطفال في أتون تجربة تربوية من هذا النوع، له ما عليه من أخطار جسيمة على الأطفال، ذلك أن مثل هذه التجارب المشحونة بالعنف والدم والتطرف تحيلهم إلى شخصيات عدائية، إضافة إلى أن هذه التجارب تشير إلى عدم قدرة المجتمع على حمايتهم من الإرهاب والعنف بدلاً من ضرورة أن يشعر الطفل بالأمان في كافة الظروف حتى يتمكن من التحصيل العلمي والعيش في أمن وسلام، خاصة وأن هذه التجارب، تزج بهم في أتون قضايا أكبر من وعيهم وفهمهم، وقد تنقلب هذه التجارب على بعض الأفعال، بحيث يتملكهم الخوف ويصبحون أكثر "جبناً" في مواجهة العنف والشعور الدائم بالاستهداف من قبل المجموعات التكفيرية والإرهابية.

المشكلة تتجلى أن هذه التجارب لا تخلق بالضرورة درساً لمواجهة العنف والإرهاب، بل ربما تدفع بالأطفال إلى مواجهة عدائية، نحو الأسرة والمجتمع وتخلق طفلاً عنيفاً أثناء سلوكه اليومي مع الآخر وليس بالضرورة مع قوى الإرهاب، أفراداً وجماعات، في حين أن البعض الآخر من الأطفال الممثلين والمشاهدين، قد يصلون إلى نتيجة خطيرة، وبحيث يصبح "الممثل الإرهابي" قدوة وشخصية مهيمنة قوية، قد يحذو الطفل حذوها، خلافاً لمقاصد هؤلاء الذين نظموا هذه المحاكاة والذين افتقروا إلى وعي حقيقي لطرق التربية الصحيحة!