تميزت علاقة الرئيس دونالد ترامب مع وسائل الإعلام الأمريكية بالعداء والانتقاد والسخرية، لم توفر هذه الوسائل فرصة إلا وشنت حرباً شعواء على الرئيس، بدوره شن حرباً منهجية عليها متهماً إياها بعدم النزاهة والتصيد والافتراء، إلا أن هذه الحالة يبدو أنها قد تغيرت بعدما اتخذ ترامب قراره باعتبار القدس المحتلة عاصمة للدولة العبرية، مما قد يفتح المجال أمام "مصالحة" فيما بينما، أو حالة من وقف "العداء"!
من تناول العناوين الأولى للصحف الأمريكية الرئيسية الثلاث، نيويورك تايمز وواشنطن بوست وول ستريت جورنال، لوجدنا أنها اتخذت موقفاً "مؤيداً" مع اعترافها بخطورة التداعيات، مع تناول الموقف العربي والفلسطيني في بعض الأحيان أثناء تناول العناوين الفرعية للمقالات التي رصدت هذا الخبر، مع تحذير من المخاوف والاحتمالات، إلا أن هذه التغطية الاخبارية، كما في أقلام الكتاب، لم تعد إلى الأوصاف والنعوت النكراء التي سبق وأن وسمت بها الرئيس الأمريكي، "خطوة ترامب تجاه إسرائيل تفتح فصلاً من عدم اليقين في الشرق الأوسط" "رئيس يفي بوعوده الانتخابية ويضع الشرق الأوسط على حافة الانفجار" "الفلسطينيون: الولايات المتحدة تخاطر بدورها كوسيط سلام"، "خطوة القدس: ترامب بوعده رغم التحذيرات"، "الخطوة تثير الفرح والهلع في إسرائيل".
الكاتب الوحيد الذي خرج عن هذه المنظمة، الشهير بكتاباته النقدية السياسية الساخرة في نيويورك تايمز، توماس فريدمان، يبدو أنه لم يتمكن من نشر مقاله أو رأيه حول هذه الخطوة في صحيفته الشهيرة، لجأ إلى فضائية CNN، ليقول أن ترامب بات مثل "بابا نويل" بالنسبة لإسرائيل، حتى أنه لم ينتظر إلى نهاية العام ليقدم لها هدية مجانية، فريدمان ليس ضد الاعتراف أو نقل السفارة، ولكن ضد اتخاذ هذا القرار دون مقابل، كان بإمكان ترامب، يرى فريدمان، أن يعقد صفقة مقابلة بوقف الاستيطان تماماً مقابل نقل السفارة.. فريد مان عاد ليصف سياسة ترامب الخارجية بالحمقى والخرقاء، في الصين كما في كوريا الشمالية، كما في حلف الناتو والخروج من اتفاقية المناخ.
غوغل، شركة أمريكية منحازة للسياسة التي تتبناها واشنطن، فقد قامت على الفور وبعد إعلان ترامب عن القدس عاصمة لإسرائيل، بتغيير عاصمة الدولة العبرية على خرائطها من تل أبيب إلى القدس المحتلة، بعدما قامت العام الماضي، بإزالة اسم فلسطين ووضعت اسرائيل بديلاً عنها، حتى من غير أن توضح الخرائط المناطق المحتلة عام 1967، الضفة الغربية وقطاع غزة!