Menu

تكثيف حول التقييم الاستراتيجي لـ"إسرائيل" 2018-2017

[قدم عاموس يدلين، مدير معهد دراسات الأمن القومي الصهيوني يوم أمس تقييم التهديدات السنوي للرئيس الصهيوني رؤوفين ريفلين والذي أعده خبراء المهد وتناولوا فيه على العادة، التهديدات التي تواجه الكيان الصهيوني، وتقييم السنة الماشية وأهم المخاطر التي يجب التصدي لها للحفاظ على أمن الكيان من وجهة نظر المعهد شديد التأثير في السياسات والتوجهات الصهيونية. وفيما يلي نظرة عامة على أهم القضايا التي تناولها التقرير،  الذي صدر باسم "المسح الاستراتيجي لإسرائيل 2018-2017، وهو عبارة عن سلسلة جديدة من" المسح الاستراتيجي لإسرائيل 'التي ينشرها المعهد للأمن الوطني في كل عام، والتي تعكس القضايا الرئيسية التي تواجه الكيان في الوقت الحاضر والمعضلات التي يرونها في العام المقبل مترجمة عن الاستعراض الذي نشره المعهد في موقعه على شبكة الإنترنت –المحرر]

في نهاية عام 2017، ظهر عدد من التطورات الهامة في الشرق الأوسط، والتي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الأمن القومي "الإسرائيلي" حيث لاحظ التقريرخفوت الحرب في سوريا ودور اللاعبين الرئيسيين تركيا وإيران وروسيا، . وفي الخلفية تغيير ميزان القوى بين القوى العظمى وكذلك الديناميكية بين الشرق الأوسط وعلى الساحة العالمية، وتكثيف الصراع الإقليمي بين إيران وحلفائها والمملكة العربية السعودية وحلفائها. أخيرا، علاقات "إسرائيل" مع الولايات المتحدة، الشريك الرئيسي.

ونتيجة لذلك، يلحظ التقرير،  يواجه البرنامج السياسي والأمني ​​لدولة "إسرائيل" حاليا تحديات خطيرة على المدى القصير والطويل، الأمر الذي يتطلب اهتماما ومطلبا فوريا، الأمر الذي تترتب عليه آثار معقدة في المستقبل. ويتعلق الأمر بمجموعة من التطورات الاستراتيجية التي تشهدها المناطق المحيطة بالكيان مباشرة ما يضع عتبة لصانعي  السياسات ومتخذي القرار بالحاجة الواضحة لصياغة استجابة لمختلف القضايا، مع الأخذ في الاعتبار كلا من الاتصالات المعقدة بين الأحداث وتلك الاتجاهات و عواقب مجموع التحركات التفاعلية والمؤيدة العسكرية والسياسية.

وتعكس عناوين فصول الكتاب وجود صلة بين القضايا ومختلف الساحات، ومن المتوقع أن يكون لها انعكاسات لها طابع عسكري في الأساس - سوف يكون لها تأثير وانعكاسات على مجالات أخرى. وردا على مختلف القضايا، فإن تحليلات الساحة والتحديات الكامنة فيها تؤدي إلى توصيات لسياسة من شأنها أن تساعد الكيان على التأثير على عناصر مختلفة في بيئتها الاستراتيجية، وفقا لمصالحه كما يرى التقرير.

وتم تكريس الفصول الأولى للساحة الإقليمية والساحة العالمية من وجهة نظر دولة الكيان. التحدي الأمني ​​الرئيسي أمامه هو الساحة الشمالية، وهو يأتي على شكل توازن جديد للقوى تستند في المقام الأول للنفوذ الروسي في سوريا وتشبث إيران بالأرض في سوريا وتعزيز الوضع النسبي لقوة حزب الله. كما تم تحليل الآثار المحددة لهذه التطورات في الفصل المتعلق بالتوازن الاستراتيجي الإيراني كما التطور في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة. وكرس فصل آخر لمراجعة معاني الهزيمة العسكرية للدولة الإسلامية والفصل يدرس التغييرات الناشئة في علاقات القوة فيما يتعلق بالشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص ميزان القوى والنفوذ بين روسيا والولايات المتحدة. وقد نوقش الموقف الدولي للولايات المتحدة في الفصل الذي يركز على التعامل مع الأزمة النووية في كوريا الشمالية وآثارها على التعامل مع القضية النووية الإيرانية.

وتم تخصيص مقالات لمناقشة القضايا التي تعتبر دولة "إسرائيل" مركزا لها. ويتناول الأول على وجه التحديد علاقات الكيان مع الولايات المتحدة، مع التركيز على القرب الاستراتيجي بين الجانبين وأهميته للكيان، وخاصة في ضوء التحديات التي يواجهها على الساحة الإقليمية والدولية. وخصص فصل آخر لتحليل إمكانية تجديد الحوار "الإسرائيلي الفلسطيني" والآثار الإيجابية التي قد تنجم عن تطور علاقات "إسرائيل" مع الدول السنية البراغماتية في الشرق الأوسط. ويركز فصل آخر على معنى مفهوم "دولة يهودية وديمقراطية"، ويحلل الأصول الأيديولوجية والسياسية للنزاعات الأمنية الوطنية في "دولة إسرائيل". ويختتم الملف بمناقشة ختامية للتحديات السياسية - الأمنية التي تواجه دولة الكيان.

فال التقرير الصهيوين أنه قد استمر  عدم الاستقرار الذي اتسم به العالم العربي في السنوات الأخيرة، منذ اندلاع الاضطرابات الإقليمية. فالأنظمة في البلدان العربية ليس لديها أي دافع أو قدرة على التعامل مع المشاكل الأساسية التي تثير القلق والنوايا والعمل، ولا سيما الحالة الاجتماعية - الاقتصادية. ومما يزيد من حدة الصدمات بين الدول التوترات بين اللاعبين الإقليميين، وخاصة بين المعسكر الشيعي الذي تقوده إيران والمخيم السني الذي تقوده المملكة العربية السعودية، والذي يتعارض أيضا مع نفسه. ومع ذلك، تبقى أطر الدولة على قيد الحياة، والتقديرات السابقة لتفكيك النظام الحكومي في المنطقة وزوال الحدود، والمنتجات من اتفاقات سايكس بيكو، أثبتت أنها ملحة. وهذا التقييم صحيح أيضا بالنسبة لسوريا، التي بدا أن حدودها غير واضحة في المراحل الأولى من الحرب الأهلية التي استمرت لأكثر من ست سنوات، ولم يعد هيكل الدولة قائما.

وشهد العام الماضي إمالة التوازن الاستراتيجي لصالح إيران، وأصبح واضحا بالفعل في العام السابق. و المتغير الجديد عام 2017 - ظهور الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض - وتكثيف المواجهة بين إيران والمملكة العربية السعودية، ما يلقي بظلاله حسب التقرير دائما على إمكانات مساحة المناورة الإيرانية. حيث إن  إدارة ترامب تشكل تهديدا لإيران من جهة، في تصويرها كعامل عدم الاستقرار المركزي في المنطقة، وفي التهديد باستعادة العقوبات المفروضة عليها. من ناحية أخرى، فإن هناك مقاومة يثيرها هذا الموقف في أوروبا، فضلا عن روسيا والصين التي تلعب في ملعب إيران في هذه المرحلة، حيث تحاول إيران عزل الولايات المتحدة وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية دول الاتفاق النووي. في عام 2017، كما في السنوات السابقة، بقول التقرير،اتخذ اللاعبون الرئيسيون  في الساحة الدولية سياسة حذرة للاستثمار في الموارد المحدودة في الشرق الأوسط.

وزعم التقرير أن المعضلة الرئيسية في مجال مراقبة الأسلحة النووية في العالم اليوم تتصل بالتحدي المتمثل في صياغة سياسة فعالة ترمي إلى الحيلولة دون حيازة دول جديدة  أو عزمها على تطوير قدرات نووية عسكرية. هذه الدول التي أطلقت برامج سرية للأسلحة النووية بينما كانت أعضاء في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية - العراق وإيران وكوريا الشمالية، ولكن أيضا ليبيا وسوريا. ونفت هذه البلدان صراحة أنها تعمل على تحقيق قدرة نووية عسكرية ولكنها أساءت في الوقت نفسه إلى ضعف مواد الاتفاقية وعززت الخطط العسكرية. ووزعم التقرير أن هذا النشاط يشكل انتهاكا لالتزام صريح بالبقاء بعيدا عن امتلاك السلاح النووي،  وهذه الحالة الفريدة تجعل من الصعب جدا التعامل بفعالية مع الطموحات النووية لهذه البلدان من جانب الأطراف الفاعلة الدولية القوية المكلفة بمهمة تنفيذ الاتفاقية.

وحول العلاقات مع الولايات المتحدة، قال التقرير أنه في العقود الأخيرة حافظت "إسرائيل" والولايات المتحدة على علاقات ثنائية وثيقة وذاتية تقوم على القيم المشتركة والمصالح المشتركة بين الجانبين وتشمل القيادة والحكومة والمؤسسات الخارجية والأمنية وقطاع الأعمال والتكنولوجيا والثقافة،  ويرى أنه ليس هناك بديل عن دعم الولايات المتحدة بالنسبة للكيان، وتمثل رصيدا استراتيجيا رئيسيا لأمنه القومي. وتقترح المقالة مبادئ رئيسية لتعزيز العلاقة بين البلدين وتعزيز أهداف "إسرائيل" من خلال ذلك.

بخصوص تحديات الشرق الأوسط اعتبر التقرير أنه في العام الماضي وما بعده، تمكنت دولة "إسرائيل" من تجنب انتشار عدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ويمكن القول أيضا كما يرد في التقرير إن "إسرائيل" تمكنت من تسخير بعض التطورات في الشرق الأوسط لمصالحها الخاصة، بما في ذلك التوترات بين البلدان والمنظمات في المنطقة. وخلقت عدم الاستقرار، خصوصا التوتر بين الدول السنية البراغماتية وإيران االذي دفع هذه الدول للتقارب مع مصالح "إسرائيل"، وعلى هذا الأساس يتم تشكيل التعاون بين تلك الدول و"إسرائيل"، على الرغم من أنه في هذه المرحلة يقتصر على قطاع الأمن، وعادة ما يكون هناك أشياء تحت السطح. ويرى التقرير السقف الزجاجي الذي تواجه فيه العلاقات ينبع من صعوبات في دفع عملية سياسية فعالة بين إسرائيل والفلسطينيين. ومع ذلك، و على الرغم من شروط الحكومات العربية البراغماتية، وكذلك من حيث تركيا والقضية الفلسطينية على جدول الأعمال، هذه مسألة مهمة لعامة الناس في هذه البلدان، ومن الأمثلة على ذلك استجابة الحكومات العربية لتركيب أجهزة قياس المغنطيسية في المسجد الأقصى بعد الهجوم الفدائي في تموز / يوليه 2017. وكانت هذه الخطوة ضارة بشكل خاص بالعلاقات بين الأردن و"إسرائيل"، بعدما كانت إيجابية بشكل واضح. فالبلد العربي الوحيد الذي لم يعترض على التحرك الذي اتخذته "إسرائيل" هو المملكة العربية السعودية التي اعترفت حتى بأهميته في مكافحة "الإرهاب".

ويرى التقرير أن التحليل الاستراتيجي الكامل للقضايا المتعلقة بالأمن القومي "الإسرائيلي" يتطلب النظر في التحديات والخلافات الداخلية في المجتمع "الإسرائيلي"، خاصة وأن حوالي نصف الجمهور أكثر قلقا بشأن التهديدات الداخلية والاجتماعية من التهديدات الأمنية الخارجية. كما أن التماسك الداخلي مهم أيضا بوصفه عنصرا من عناصر القدرة الوطنية على الصمود، مما يؤثر على قدرة المجتمع "الإسرائيلي" على الصمود في الأزمات. لذلك، هناك صلة مباشرة بين الأمن القومي للدولة والجوانب المتصلة بالساحة الداخلية. وعلاوة على ذلك، فإن جزءا كبيرا من الخلافات الجوهرية القائمة بين الجمهور "الإسرائيلي" تتصل بقضايا الأمن القومي.

ويناقش النص الخلافات الرئيسية في المجتمع "الإسرائيلي" في مجال الأمن القومي، ويركز على المواقف حول هذه القضايا بين الجمهور اليهودي - الإسرائيلي وناقش كذلك المشكلات في التعريف الأيدلوجي و معنى تعريف الدولة بأنها "يهودية وديمقراطية"، وكذلك مسألة كيفية تحقيق التوازن بين القيم المتنافسة. وفي هذا السياق، يشير التقرير إلى اقتراح "القانون الوطني" الذي تبحثه لجنة خاصة بالكنيست. ثم بحث كيف يؤثر خطاب القيمة على تحليل الاختلافات الرئيسية.