Menu

نتنياهو يسارع بتهويد «إسرائيل»

د.فايز رشيد

بعد خطاب نائب الرئيس الأمريكي بنس، في الكنيست، وقد تبنى الرواية اليهودية من دون تحفظ، وعرضها كاملة من دون نقصان حول الحقوق الدينية والتاريخية لليهود في «أرض «إسرائيل»» ، بشكل تجاهل فيه كلية الوجود التاريخي للفلسطينيين، وتأكيده على الجانب الديني التوراتي باعتبار أبناء «إسرائيل» في نظره هم «شعب الله المختار الذي وعده الله بهذه الأرض والذي تتوجب عودته إلى أرضه لتقريب اليوم الآخر، وعودة المسيح»، حسب المفهوم المسيحاني. وقد افتخر بالقول إنه يقرأ التوراة يومياً، ويقتبس مقتطفات منها في خطاباته. وتأكيده على أهمية تحقيق «يهودية «إسرائيل»»، وضرورة اعتراف العالم بهذه المسألة.

بالمعنى الفعلي، خطاب بنس في الكنيست أعطى دفعة قوية لمحاولات نتنياهو المضيّ قدماً في شعاره تحقيق يهودية الدولة، وفي أن يجعل ذلك شرطاً على الفلسطينيين قبل التفاوض معهم، وعلى العرب قبل التطبيع مع دولهم. وسيسهل ذلك للعالم تلبية ما تريده «إسرائيل». بالطبع، ليس أكثر من دويلة «إسرائيل» قدرة على التزوير والكذب على قاعدة «اكذب.. اكذب حتى يصدقك الناس»، فعلى شاكلة اختراع «الشعب اليهودي»، والمفاهيم الخداعية الزائفة «شعب الله المختار»، و«أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، و«الحق التاريخي لليهود في أرض فلسطين»، واختراع «أرض «إسرائيل»»، و«صناعة الهولوكوست»، طلعوا، ويطلعون علينا بأهمية الاعتراف بشعار «الدولة اليهودية».

نسأل نتنياهو، وكل قادة دويلته، هل توصلتم بعد سبعين عاماً على إنشاء «إسرائيلكم» إلى تعريف محدد لليهودي أولاً، قبل أن تكون «إسرائيل» دولة لليهود؟

بالطبع لا يمكن فهم هذا الشعار بعيداً عن إدراك مكونات مشروع نتنياهو القائم أيضاً على الدفع قدماً بفكرة «تديين الصراع»، وتحويله من صراع وطني وقومي، إلى صراع ديني. من أجل ذلك يريد نتنياهو توظيف الصراع الدولي مع «الإرهاب»، وظاهرة «الاسلاموفوبيا» في الغرب لخدمة شعار «يهودية الدولة». ولذلك تمارس حكومة نتنياهو، وكل الأحزاب اليهودية، مشروع غسل دماغ يستند إلى شيطنة الفلسطينيين والعرب من خلال الربط بينهم وبين ما يحرصون على تسميته ب«الإرهاب الإسلامي»، وليس «الإرهاب الدولي»، والتعبير الأول مقصود بالطبع، ولهذا يمضي قدماً في محاولة تهويد القدس ، بخاصة بعد قرار ترامب، وتأكيد بنس على أن نقل السفارة الأمريكية إليها سيتم قبل نهاية عام 2019، في حين تتسارع وتائر الاستيطان في منطقتها، والقيام بانتهاكات يومية للمسجد الأقصى، بهدف فرض الوقائع اليهودية على الأرض لتسهيل قبول العالم بشعار «الدولة اليهودية» التي ستكون «القدس الموحدة» عاصمتها «الأبدية والخالدة».

بمجرد كسب الاعتراف الدولي بيهودية «إسرائيل»، وفي مرحلة لاحقة، وعندما تكون الظروف مواتية، ستلجأ دويلة الاحتلال إلى أساليب تجعل من انهيار المسجد الأقصى مسألة حتمية، ليصار إلى بناء الهيكل المزعوم مكانه، حيث يصبح الأمر حقيقة واقعة.

المخطط اليهودي للعمل على تهيئة أسباب تنفيذ شعار ««إسرائيل» اليهودية» ابتدأ فعلياً (نظرياً كان موجوداً قبل إقامة الدويلة)، عام 1996 من خلال صدور فتوى دينية هي الأولى في تاريخ اليهودية الأرثوذكسية، واليهودية الدينية، تسمح لليهود بالصلاة في الأقصى، وصدرت الفتوى في العام نفسه الذي سمح فيه نتنياهو بفتح النفق تحت المسجد، ما أدى إلى هبّة شعبية حملت اسم «هبّة النفق». وبالتالي، فإن الاحتلال ماضٍ، وممعن في تحقيق شعاره، وبعد خطاب بنس في الكنيست ستضاف قوة دفع جديدة لتحقيق الشعار.