Menu

عصابة في ثوب دولة

د.فايز رشيد

قامت قوة من المستعربين «الإسرائيليين» باقتحام جامعة بيرزيت بمساندة من شرطة الاحتلال، واختطاف رئيس مجلس طلبة الجامعة عمر الكسواني من داخل حرمها. وكانت قوات الاحتلال قد فشلت في اختطاف الكسواني مرتين، الأولى عندما اقتحمت الشقة السكنية التي كان يقيم فيها في حي المصيون بمدينة رام الله، وتمكن عمر من الإفلات، وفي الثانية عندما حاولت أيضاً قوة من المستعربين اختطافه من أمام الجامعة في شهر فبراير/شباط الماضي وتمكن من الانسحاب.

معروف أن الجامعات هي مكان لا تدخله قوات أمنية، كما المساجد وكل الأماكن المقدّسة تقديراً لحرمتها. ذلك ينطبق على كل الدول إلا على دولة العصابات في دويلة الاحتلال بالنسبة للفلسطينيين. فلا يوجد مكان مقدس فلسطيني بالنسبة لها، حتى المسجد الأقصى.

رغم ذلك، لم تتناول وسائل الإعلام العالمية عملية الخطف إلا كخبر صحفي، ولم تقم بإدانة هذا العدوان المنكر على حرم جامعة. وكان من الواجب أن يدين اتحاد الصحفيين العالمي هذه الجريمة، لأن المستعربين دخلوا الجامعة بصفة صحفيين يريدون إجراء تحقيق صحفي عنها!

كان من الواجب تفتيشهم لأنهم كانوا يحملون سلاحاً، كما أن الجامعة (هي مثل كل أنحاء الضفة الغربية خاضعة للاحتلال)، لذا كان يترتب على السلطة الفلسطينية وضع قوة منها على باب الجامعة لحماية الطلبة، وبخاصة أن الكسواني قد تعرض لمحاولتي اختطاف من قبل، فليس متعذراً والحالة هذه التقدير بإصرار «إسرائيل» على اعتقاله بطريقة أو بأخرى.

للعلم، فإن «المستعربين» هم وحدات أمنية سرية وخاصة، وهي تابعة لشرطة الاحتلال «الإسرائيلي»، وتطلق عليها ألقاب ونعوت كثيرة، منها «فرق الموت»، ويتم زرع أعضائها بملامحهم العربية وسط المحتجين والمتظاهرين الفلسطينيين، حيث يلبسون لباسهم وكوفيتهم ويتحدثون بلسانهم، وسرعان ما ينقلبون ضدهم عنفاً واعتقالاً لصالح القوات «الإسرائيلية». تم إنشاء هذه الوحدات في ثلاثينات القرن الماضي، حيث عمل أعضاؤها ضمن عصابات «الهاجاناه» و«إيتسل» و«ليحي»، وأسستها منظمة «البلماخ» تحت اسم «الدائرة العربية التاريخية»، وعملت في التجسس وتنفيذ العمليات التخريبية داخل الأقطار العربية أيضاً، إضافة إلى نشاطاتها التخريبية والإرهابية في المناطق المحتلة منذ عام 1967. طوّرها عام 1943 يروحام كوهين، وشكلها من يهود متحدرين من طوائف يهودية شرقية، وانتحلت عناصر وحدات المستعربين شخصيات مزيفة وصفات مزارعين وباحثين أنثروبولوجيين وطلاباً، ويعيشون مدداً طويلة في بوادي وقرى بل ودول عربية، وقد كشفهم المتظاهرون الفلسطينيون أثناء التظاهرات ضد جدار الفصل العنصري.

من ناحية أخرى، سجلت العنصرية «الإسرائيلية» في الكنيست قبل أسبوع ذروة جديدة من حقدها الشرير والبغيض، حينما بادر عضو الكنيست البارز عن حزب «الليكود» يوآف كيش بالاعتداء على الذات الإلهية، وطالب فلسطينيي 48 بأن يقولوا في صلاتهم «إسرائيل أكبر»، بدلاً من «الله أكبر». فتصدى له النواب العرب. يوآف كيش هذا هو عضو الكنيست الأبرز في الليكود، خاصة في سن القوانين الداعمة للاحتلال والاستيطان والتضييق على الحريات. وهو صاحب مشاريع قوانين تدعو لضم مستوطنات الضفة وعزل أحياء فلسطينية أساسية عن مركز مدينة القدس ، وهو معروف بحقده العنصري القبيح منذ أن أصبح لأول مرّة عضواً في الكنيست قبل ثلاث سنوات.

بالله عليكم، هل بقي من يتصور في شعبنا الفلسطيني.. وفي أمتينا العربية والإسلامية إمكانية إقامة علاقة من أي نوع مع هذه الدويلة المارقة؟ فكيف بـ «السلام»؟