Menu

C.B.S .. ستون دقيقة من الخداع

هاني حبيب

نورا أودينيل في حوار مع محمد بن سلمان

تعلمنا كما علمنا، خلال رحلة العمل الصحفي، الفرق بين الإعلان والإعلام، وهنا تتعدد الفروقات بحيث يشكل كل منها فناً قائماً بذاته، ومهنة تتميز تماماً عن الأخرى، لكن هناك حبلاً سِرياً يكاد يجمع فيما بينهما في إطار الترويج للأفكار والسياسات، من خلال استخدام قالب صحفي، ورغم أن هذا الشكل غير المباشر يندرج في سياق الخداع الصحفي، لكننا نتحدث هنا عن الترويج لسياسات وأفكار وتسويقها للمتابع باعتبارها عملاً إعلامياً بالدرجة الأولى.

برنامج "60 دقيقة" المذاع من شبكة C.B.S الأميركية، أحد أهم البرامج مشاهدة من بثه للمرة الأولى عام 1968، حاصداً عدة جوائز عن تقاريره الاستقصائية والمقابلات والمنوعات والسير الذاتية، إلا أن "الحقبة الترامبية" على الأرجح ستضع حداً لشهرة هذا البرنامج والتشكيك بمدى مصداقيته ومهنيته، إثر المقابلة التي أجرتها مقدمة البرنامج نورا أودينيل مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتجاوزت في هذه المقابلة سقطات كل من توماس فريدمان وديفيد اغناطيوس، وهما مقدمان للبرامج يؤخذ عليهما التغاضي أثناء عملهما الصحفي عن حقائق السياسات السعودية، إلا أنهما كانا أكثر مهارة في الترويج لأفكارهما أكثر من أودينيل التي كان من السهل للمتابع كشف خداعها وترويجها الزائف لسياسات ولي العهد السعودي، وذلك ليس من خلال طريقة طرح الأسئلة فحسب، بل ومن خلال التغاضي عن أسئلة كان يتوجب طرحها.
مسؤولية السعودية عن الحرب الكارثية في اليمن التي كان لها دقيقتان فقط في البرنامج، سلسلة الإعدامات والاعتقالات لم تحظ بأي دقيقة، معظم الوقت ذهب في إعجاب أودينيل بالأمير الشاب ودعمه للشباب وحرية المرأة السعودية لجهة قيادتها للسيارة، لم تكن هناك أسئلة بقدر ما كان هناك تعبيراً عن الإعجاب بتجربة ولي العهد السعودي الذي يقود ثورة في بلاده.
في نهاية المقابلة تسأل: لديك من العمر 32 عاماً، يمكنك أن تحكم هذا البلد للسنوات الخمسين المقبلة، هل ثمة ما يمكن يوقفك عن ذلك؟ تابعنا إجابة ولي العهد السعودي على هذا السؤال، لكننا مع ذلك، نسأل بدورنا، أي خداع ساذج قامت به نورا أودينيل وهي تغادر مهنيتها مسيئة لبرنامج أخذ شهرته من قدرته على تمرير سياساته دون فضائح، كما لم تفعل نورا هذه.