Menu

قراءة أخرى لأبعاد القصف ضد إيران..

رازي النابلسي

المفروض، التعامل مع إيران وفق كُل الحسابات، بشكل يختلف عن التعامل مع "حزب الله" و"حماس" وفصائل المقاومة عمومًا. بكلمات أخرى: لا يمكن أن نقرأ الحدث الذي حصل بالأمس بذات المنطق الذي نتعامل فيه مع ذات الحدث لو كانت "حماس" مثلًا في موقع إيران... أي أنه من الضروريّ الخروج من معادلة "المهم انضرب صواريخ ع إسرائيل". إنّه لأ، بنفعش. الضربة اللي ضربتها إيران امبارح كان أفضل لو ما ضربتها بالمرة، ضربة بدون أي معنى. وحتّى بالعكس، انتظار الضربة إسرائيليًا، كان مفعوله أقوى من ضرب 20 صاروخ 4 منهم وصلوا واعترضتهن القبّة الحديديّة والباقي تم إسقاطه بالأراضيّ السوريّة. وهذا طبعًا، غير رد الفعل الإسرائيليّ اللي كان عشرات الغارات على البنى التحتيّة الإيرانيّة في سوريا واللي أكيد حجم ضرره أكبر بكثير من حجم الضرر اللي تلقّته إسرائيل، في حال كان ضرر أصلًا.

لا يوجد تغيير في قواعد اللعبة، ويمكن بالعكس، بعد الرد الإيرانيّ الذي أدخل إسرائيل في نشوة صارت القواعد لصالح إسرائيل... إذ يشير الرد أولًا إلى أن إيران ترد مرغمة على الرد وبطريقة وصورة متردّدة غير واثقة وغير جاهزة لتحمّل العواقب؛ وثانيًا إلى أن إسرائيل استطاعات استثمار الرد بتدمير بنى وتدمير منظومات إيرانية وسوريّة. وبعرف إنه صعب ع كثير وأنا منهم نسمع هاي الحقيقة بعد سنين فيها جزء كثير كبير من الشعب الفلسطينيّ كان يعوّل ع إيران، بس نسمعها إسّا أحسن لا نشوفها بعدين بصورة أكثر واضحة بكثير. وصح، هذا اللي عم بكتبه كثير مش رح يتقبّلوه، بس هو الحقيقة: لو لم تتم الضربة كان أفضل من هيك ضربة دخّلت إسرائيل في نشوة اللي بقدر يقرأ عبري يروح يشوفها بالأخبار وبالتحليلات وبالمؤتمر اللي حكا فيه ليبرمان وبتصريحات الناطق الرسمي باسم الجيش. يمكن يكون هذا رد تكتيكي إيراني، وجميع التحليلات تشير إلى أن الأيّام القادمة سنشهد العديد من الاشتباكات الإسرائيليّة- الإيرانية. بس حتّى اللحظة، لا تزال إسرائيل بموقع متقدّم كثير وعم تحافظ ع خطوطها الحمر: لا حدود إسرائيليّة- إيرانية في سوريا.

بالنسبة إلنا الفلسطينيين، بعرف حجم السعادة اللي بتصينا مع السماع عن صفّارات الإنذار. بس باللحظة اللي صوت الصفّارات رح يعمينا نشوف ونقرأ الحدث وأبعاده ودلالاته منكون عم نفوت بنفس الكارثة: منشجّع منشجّع وبالآخر مننتكب. إذا ما بنينا حالنا، وإذا ما عزّزنا من قدرتنا على مواجهة التصفية اللي مخطّطة إلنا كقضية وشعب، رح نلاقي حالنا بكمان مخيّمات وكمان لجوء وكمان نزوح. وبفهم إنه لمّا "حماس" تضرب صاروخ ع تل أبيب، وتل أبيب تزت طن قنابل ع غزة منكون بعدنا منتصرين، بس "إيران" حالة أخرى كليًا ومن الخطأ الجسيم نقرأ وفق ذات المشاعر.