في هذا المقال، يفند المرخ والناشط نورمان فينكلشتاين الخطاب الإنسانوي المنافق لمنظمة هيومن رايتس ووتش في غزة والذي يرى أنه في الوقت الذي يندد باستخدام "إسرائيل" للقوة ضد غزة، وحصارها بالقوة أيضا، إلا أن هذا الخطاب يبرر من جهة أخرى ما يزعم أنه حق "إسرائيل" في استخدام القوة للدفاع عن "حدودها"، بينما على المنظمة أن تطالب "إسرائيل" برفع الحصار فورا لأن هذا الحصار هو جريمة حرب مشابهة للخان الأحمر ، يأتي هذا ردا على ساري باتشي مديرة شؤون (إسرائيل-فلسطين) في هيومن رايتس ووتش، والتي كان سبق لها المشاركة في تأسيس مجموعة "غيشا" لحقوق الإنسان. بعد فترة قصيرة من المجزرة الصهيونية في غزة يوم 14 أيار/ مايو، نشرت باتشي تعليقا قالت فيه إنها "لا تلوم حماس على سفك الدماء في غزة".
ولكن الجملة الافتتاحية في بيانها كانت "إسرائيل لها الحق في الدفاع عن حدودها، ولكن إطلاق النار المتظاهرين العزل الذين لم يخترقوا حدودها غير متناسب وغير قانوني". وبما أن المتظاهرين لم يشكلوا "تهديدا وشيكا للحياة. وخلصت باتشي بأن "إسرائيل ليس لديها الحق في استخدام القوة المميتة ضدهم"
كانت منظمة الأمم المتحدة قد أعلنت أن غزة في طريقها لتصبح مكانا غير صالح للعيش، ومن المؤكد أن باشي لا تغفل الكارثة الإنسانية في غزة بسبب الحصار "الإسرائيلي"، لكنها لا تقيم علاقة قانونية بين آثار الحصار وحق "إسرائيل" في استخدام القوة، و بدلا من ذلك ، تتحدث عن المفارقة الظاهرة في أنه في حين فرضت "إسرائيل" الحصار على حماس الضعيفة ، فإنها في الواقع "ساعدت حماس على تنمية قوتها".
يجادل فنكلشتاين محقا أن الحصار لا يمت بصلة إلى قرار قانوني يجعل من حق "إسرائيل" أن تستخدم القوة، سواء كانت متناسبة أو غير متناسبة، معتدلة أو مفرطة، قاتلة أو غير قاتلة لمنع المتظاهرين من اختراق السياج المحيط بغزة، من أجل الإيجاز ، إنه مبدأ من مبادئ القانون الدولي أنه لا يمكن لأي دولة أن تلجأ إلى تدابير قاهرة دون "وسائل سلمية" وقد حسمت الأمم المتحدة (ميثاق الأمم المتحدة ، المادة 2). هذا المبدأ المقدس لحكم القانون والآن النظر في الوضع في غزة. يتفق جميع المراقبين الأكفاء تقريباً على ما يلي: فرضت "إسرائيل" حصارًا غير قانوني على غزة، لقد تسبب الحصار غير القانوني في كارثة إنسانية، وأخيرا · الدافع وراء الاحتجاجات في السياج الحدودي هو الحصار غير القانوني ، وهدفهم هو وضع حد له. تجدر الإشارة إلى أنه حتى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسلم بالنقطة الأخيرة. وقال "إنهم خنقوا اقتصاديا ، ولذلك قرروا أن يصطدموا بالسياج".
إذا كانت "إسرائيل" تريد حماية حدودها ، فينبغي عليها ألا تلجأ إلى الإكراه القاتل أو غير القاتل. بل أن ترفع الحصار فورا، ورفضها لاتخاذ هذه الخطوة السلمية الأولية يضعها في خرق مزدوج القانون الدولي: فرض الحصار غير القانوني و اللجوء إلى القوة المسلحة عندما لم تستنفد الوسائل السلمي بشكل غير قانوني أصلا.
ومن دواعي السخرية أن لا ترى باتشي أن لجوء "إسرائيل" إلى أي قوة ضد المتظاهرين في غزة لا يمكن تبريره قانونياً، ومن مدعاة الفزع أن معالجتهم لاستخدام "إسرائيل" للقمع تأتي فوضوية بدلا من تقديم المشورة، وليس فقط على سبيل النفعية السياسية ولكن أيضا بوصفها مسألة من مسائل القانون، لإنهاء الحصار. إذا، على سبيل المقارنة، عندما تقتحم الشرطة مبنى لرجل في انتهاك صارخ للقانون وتحاول السيطرة عليه هل يأتي ممثل حقوق الإنسان ليقدم المشورة للشرطة لكيفية استخدام القوة لإخراج الرجل من منزله؟
الغريب أن موقف الهيومان رايتس ووتش متناقض تجاه غزة عنه مع قضية الخلان الأحمر، ففي الخان الأحمر لم تطالب المنظمة الجيش باستخدام المسلات وغازات الروائح وغيرها بل أعلنت أن الترحيل هو جريمة حرب، بينما تعلم أن إقدام "إسرائيل" على رفع الحصار الفوري عن غزة من شأنه أن يدحض حجج اقتحام الحدود والتهديدات المزعومة ويصبح الحديث "عن القوة الزائدة عن الحاجة" بلا معنى.