Menu

الضحايا.. مئات الأُسر المُستحِقّة

مُخصصات الشؤون: معايير ظالمة.. وتسلّط من وزارة الماليّة

أنسام القطّاع

غزة_ خاص بوابة الهدف

مئات المواطنين في قطاع غزة صدموا بحجب أسمائهم من كشوف المستفيدين من برنامج الحماية الوطني الذي تشرف عليه وزارة التنمية الاجتماعية، في وقتٍ يُعاني منه كامل سكان القطاع من جُملة أزمات طاحنة طالت كلّ جوانب حياتهم أحد عشر عامًا.

"بوابة الهدف" علِمت من مصادر خاصة أن مؤسسات حقوقية في غزة تلقّت تظلّمات من مواطنين أقدمت وزارة التنمية الاجتماعية على حجب أسمائهم دون إبداء أسباب، على الرغم من استيفائهم كافة الشروط المطلوبة لإدراجهم ضمن المُستفيدين من برنامج الحماية الوطني.

وتُقدم وزارة التنمية الاجتماعية مخصصات مالية لنحو 71 ألف مستفيد في قطاع غزة إلى جانب 39 ألف في الضفة المحتلة، من الأُسَر التي تقع تحت خطّ الفقر الشديد، والأشخاص أصحاب الإعاقات، ومُسنّنين وذوي أمراض مُزمنة.

الشاب أدهم شمالي (24 عامًا) من سكان مدينة غزة، مُصاب بشللٍ دماغي، حجبت وزارة المالية برام الله اسمه من قائمة أسماء المستفيدين من المُخصصات التي تقدمها وزارة التنمية الاجتماعية، قبل عامٍ ونصف، بحجة ما تُسمّى "ازدواجيّة الصرف"؛ كون شقيقه يتلقى راتب جريحٍ، وعليه قررت "المالية" قطع المخصصات عن الشاب شمالي رغم حاجته الماسّة للراتب.

يقول والده لبوابة الهدف "ابني بحاجة إلى العديد من المستلزمات بسبب وضعه الخاص، والتي يجب توفيرها بشكل يومي"، ويوضح "أدهم لا يستطيع الحركة، لذا هو بحاجة إلى (باكيت كامل) من الحفّاظات الصحّية كل ثلاثة أيام، إضافة إلى عبوّة حليب خاص يوميًا، وصفه له الطبيب نظرًا لإصابته بفقر الدم.

بعد شهورٍ من وقف المخصصات، تزوّج الشقيق الجريح، واستقلّ في بيت خارج الأسرة، وفي هذه الحالة، يستحقّ الشاب أدهم إعادة صرف الدفعة المُستحقَّة له من الشؤون الاجتماعية، إلّا أنّ والده راجع وزارة التنمية أكثر من مرّة لهذا الأمر، لكنّ دون جدوى.

الشكوى ذاتها، أدلى بها المُواطن محمد اللوح (60عامًا) لبوابة الهدف، وقال "تم حجب المخصصات عنّي منذ قرابة عامين، ولا أعلم السبب".

المُسنّ الذي يقطن في منزل بالإيجار، أكّد أنّ وضعه المادي سيء جدًا، ورأى أنّه يستحقّ المخصصات، وقال إنّه راجع وزارة التنمية الاجتماعية عدّة مرات، وكان ردّها في كل مرّة حول تبرير سبب الحجب أنّه كان "يعمل في إسرائيل" دون مزيدٍ من التوضيح.

وأضاف "لا أعلم ما هي الأسباب التي تعتمدها الوزارة في حجب الأسماء، خاصة لمن هم بحاجة ماسة إلى تقاضي هذا الراتب"، لافتًا إلى أنّه لن يذهب مرّة أخرى للوزارة، بعد أن يَئِس من كثرة محاولاته شرح بؤس حاله وحاجته الماسة للطواقم المُختصّة في الوزارة من أجل إعادة صرف مخصصاته.

مدير مكتب غزة والشمال في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، المحامي رأفت صالحة، قال إن "الهيئة تلقّت عشرات الشكاوى من مواطنين حجبت وزارة المالية أسماءهم من المخصصات المُقدّمة من وزارة التنمية الاجتماعية".

المحامي صالحة، أوضح في مقابلة مع "بوابة الهدف"، أنّه بعد مُتابعة قضايا المحجوبة أسماؤهم، تبيّن العديد من الإشكاليات، أوّلها أنّ وزارة المالية أوقف صرف المخصصات، بحجّة ازدواجيّة الصرف، بشكل أحادي، دون الرجوع لوزارة التنمية صاحبة الاختصاص في تحديد الفئات المستفيدة.

وكشف لبوابة الهدف أنّ "الحجب من قبل وزارة المالية لمُستفيدين من مخصصات التنمية الاجتماعية، منذ بداية العام 2018، طال 630 حالة، تعاني من ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة وفق ما هو مُوثّق لدى وزارة التنمية.

وشمل الحجب 300 حالة من الأشخاص ذوي الإعاقة، بحجّة وجود مورد مالي لأحد أفراد الأسرة، بحسب محامي الهيئة، ممّا ضاعف معاناة تلك الأسر وأفقدها القدرة على تلبية احتياجات أبنائها من أصحاب الإعاقة، سيّما الإعاقة الحركية، وهم الأكثر حاجة للمُستلزمات الصحية والطبية. وفق ما وثّقته "بوابة الهدف".

وقال المحامي صالحة إنّ 6451 أسرة تعاني من ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، وتتطبق عليها كافة الشروط المطلوبة لتلقي المخصصات الاجتماعية، لا تزال ضمن قائمة الانتظار لدى الوزارة منذ العام 2016، بحجة عدم توفّر الموازنات للصرف، موضحًا أنه تم الصرف لمرة واحدة فقط لنحو 4850 مُستفيدًا من ضمن هذه القائمة.

"بوابة الهدف" توجّهت إلى وكيل وزارة التنمية الاجتماعية بغزّة د.يوسف إبراهيم، وقال "إنّ عدد المُستفيدين الذي تمّ حجب أسمائهم بالدفعة الأخيرة كان قليلًا جدًا، فقط عشرات".

وعلى النقيض من إفادة المواطنيْن شمالي واللّوح، وغيرهم ممّن تواصلوا مع المؤسسات الحقوقية مُتظلّمين بسبب الحجب، قال إبراهيم "حتى اللحظة لم يُراجعنا أحد بخصوص أيّ عملية حجب".

ورغم تأكيد وكيل وزارة التنمية الاجتماعية أنّ آلية الحجب، تتمّ بطريقة منهجية ومهنيّة، تقوم على دراسة الحالة من قبل الباحث الاجتماعي، الذي يرفع توصيته إلى لجنة خاصة داخل كل مديرية، وعليه يتم اتّخاذ قرار الحجب من عدمه، قال إنّ وزارة المالية أقدمت، قبل عامٍ ونصف، على حجب عددٍ من الأسماء دون الرجوع إلي وزارته.

وأوضح أنّ "المالية حجبت بعض الحالات دون الرجوع لوزارة التنمية، وتم الاعتراض على عملية الحجب، وكان هناك فرصة لإعادة النظر وتمت استعادة عدد كبير من المحجوبة أسماؤهم" على حدّ قوله.

وحول المعايير التي يتّبعها الباحثون، أشار وكيل وزارة التنمية أنّها تتعلّق بمستويات الدخل، وكذلك ملكية الأراضي، والمركبات، ومصادر أخرى للدخل لدى الحالة الواحدة، إضافة إلى وجود مشروع اقتصادي لدى الأسرة، أو حدوث تحسن ملحوظ على وضعهم المادي.

وفيما يتعلّق بالذريعة التي تُبرّر بها وزارة المالية حجب أسماء مُستفيدين مُستحقّين للمُخصصات، وهي "ازدواجية الصرف"، لم يعترض د.إبراهيم على اتّباعها من قبل "المالية"، ورأى أنّها تتّخذها وفق "معايير"، موضحًا أنّ "المصدر المالي يأتي من وزارة المالية في رام الله، عبر تمويلها من الاتحاد الأوربي، والتي من ضمن سياساته العامة وكذلك السياسات العامة لدى وزارة المالية، أن لا يتمّ صرف مساعدة ماليّة للأسرة مرّتين.

وزاد بالقول "إن المالية هي التي تصرف مخصصات الجرحى وذوي الشهداء، وكذلك ذوي الإعاقة، وسائر المساعدات، وفي حالة تكرار هذه المساعدات تحجب وزارة المالية إحدى المُساعدات وتُبقي على واحدة فقط".

ولم تُجِب وزارة المالية برام الله على اتّصالات "بوابة الهدف"، على مدار أسبوع، في محاولة الحصول على ردٍ منها لمعرفة أسباب الحجب الذي طال مئات العائلات بغزّة، والمعايير التي اتّبعتها في ذلك