Menu

تسريبات جديدة.. إدارة ترامب "يجب إنهاء الأونروا"

غزة_ بوابة الهدف

باتت المُخططات الأمريكية التي تسعى لتصفية الحقّ الفلسطيني مفضوحةً، وكذلك التحرّكات التي تستميت لإنهاء هذه "العقبة" في طريق استكمال تحقيق المشروع الصهيوني في المنطقة.

وكشفت تسريبات جديدة قرارًا ومسعًى أمريكيًا واضحًا بضرورة إنهاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي تُديم هذا الحقّ، وتُعيق مُخططات نسفِه.

مجلة فورين بوليسي الأميركية نشرت مُراسلات بريديّة داخليّة كتبها جاريد كوشنر صِهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكبير مستشاريه، في وقتٍ سابق من العام الجاري، تكشف عداءً صريحًا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وتُطالب بإنهائها وتعطيل عملها.

وأوردت المجلة في تقريرٍ، نشرته أمس الجمعة، مُراسلة تعود لتاريخ 11 يناير 2018، وجّهها كوشنر للعديد من كبار المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم من يُسمى بمبعوث السلام في الشرق الأوسط جيسون جرينبلات.

اقرأ ايضا: مشروع قانون أمريكي يعترف بـ1% فقط من اللاجئين الفلسطيين!

وكتب كوشنر في رسالته "من المهم أن يكون هناك جهد صادق ومخلص لتعطيل الأونروا". مُضيفًا "هذه الوكالة تُديم الوضع الراهن، وهي فاسدة، وغير فعّالة ولا تساعد على السلام".

وفي ملفّ أزمة الوكالة، التي تفتعلها السياسة الأمريكية، تكشّفت مُؤخًرا مُباحثات بشأن قانون يشقّ طريقه في الكونغرس الأمريكي "لمعالجة قضية اللاجئين" والقصد بالطبع الإجهاز عليها. لن يُعترَف بمقتضاه سوى بـ1% فقط من اللاجئين الفلسطينيين.

وذكرت تسريبات سابقة أنّ القانون الأمريكي سيُقلّص عدد اللاجئين إلى نحو 40 ألفًا! بدلًا من 5.2 مليون -إجمالي عددهم وفق سجلّات (الأونروا)- وهو ما يزعم القائمون عليه أنّه سيقُلّص إلى حدٍّ كبير نفقات وكالة الغوث، التي تُساهم واشنطن بالجزء الأكبر من ميزانيتها. ولم يعُد خفيًا أنّ الهدف الحقيقي منه هو تجريد الفلسطينيين من الصفة التي تُديم حقّهم في أرضهم التي هُجروا منها في عام النكبة 1948 على يد العصابات الصهيونية، سعيًا لإخراج ملف اللاجئين بأكمله من أيّة مفاوضات مُقبلة في الصراع الفلسطيني الصهيوني.

وتُواجه وكالة الغوث حاليًا عجزًا ماليًا حادًا بفعل تقليص الولايات المتحدة مساهمتها المالية للأونروا إلى نحو خُمس المبلغ المفترض لموازنة العام 2018، إضافة لعجز مُرحّل من الأعوام السابقة.

هذا يعني أنّ القانون الذي يُحاول مجلس الشيوخ الأمريكي تمريره لن يعترف بنحو 4.8 مليون لاجئي فلسطيني، بادّعاء أنّ المساعدات التي يجب أن تقدّمها واشنطن للوكالة  يُفترض أنّ تُخصص للّاجئين الذي هُجّروا إبان النكبة بالعام 1948 وليس سلالتهم ممّن وُلِدوا في مُخيّمات اللّجوء داخل وخارج فلسطين.

وبحسب الأونروا، التي تأسست بعد النّكبة، في ديسمبر 1949، فإنّ اللّاجئين الفلسطينيّن هم "أولئك الأشخاص الذين كانت فلسطين هي مكان إقامتهم الطبيعي خلال الفترة الواقعة بين يونيو 1946 ومايو 1948، والذين فقدوا منازلهم ومورد رزقهم نتيجة الصراع العربي - الإسرائيلي عام 1948". وقد عمِلت (الأونروا) مع اللّاجئين الفلسطينيين مذ كان عددهم نحو 750 ألفًا، على مرّ أربعة أجيالٍ متتالية، وعددهم اليوم تجاوز خمسة ملايين، تُواصل وكالة الغوث تقديم الخدمات لهم.

وتقول الأونروا في موقعها الإلكتروني "هذه الخدمات، من حقّ أبناء اللاجئين الأصليين والمُنحدرين من أصلابهم، ممّن يعيشون في مناطق عمليّاتها، وهُنّ خمس: قطاع   غزة  ، الضفة المحتلة، الأردن، لبنان، وسوريا. وتشتمل خدمات الوكالة على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيّمات والدّعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة بما في ذلك في أوقات النّزاع المسلّح".

وممّا كشفته مجلة فورين بوليسي، يبدو جليًا أنّ قضيّة التمويل هي محضُ ذريعة من أجل إنهاء الوكالة، التي تراها "إسرائيل" ومعها الولايات المتحدة حجر العثرة أمام خطّتهم "للسلام" في المنطقة، المُسمّاة إعلاميًا بصفقة القرن، والتي لا مجال فيها لحقّ اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، وهو الحقّ الذي تُبقيه وكالة الغوث حيًا منذ 7 عقود.

وبإزاحة "ملف اللاجئين" عن طاولة المفاوضات، لا يتبقّى الكثير أمام استكمال تنفيذ صفقة القرن، سيّما بعد إزاحة "ملف القدس "، بعد اعتراف واشنطن بها عاصمةً للكيان الصهيوني في ديسمبر 2017، وبدء إجراءات نقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إليها، وهو ما تمّ في مايو 2018.

يتزامن مع هذا كلّه، إجراءات تقشّفية حادة تتّخذها إدارة وكالة الغوث منذ مطلع العام ، بذريعة الأزمة المالية، طالت الخدمات والبرامج الأساسية التي تُقدّمها لعموم اللاجئين في مناطق عملياتها الخمسة، وكذلك العاملين، إذ جمّدت عقود التوظيف والتثبيت كافة، وفصلت مؤخرًا نحو ألف موظف يعملون على ميزانية الطوارئ في قطاع غزة.

ولأجل هذا، يخوض موظفو الوكالة حِراكًا احتجاجيًا، وبدأوا اعتصامًا مفتوحًا داخل المقر الرئيسي للأونروا بغزّة الوكالة يوم 25 يوليو الماضي، مُطالبين إدارة الوكالة بالتراجع عن التقليصات، سيّما فصل الموظفين، وحمّلوها مسؤولية الخروج من الأزمة المالية دون المساس بحقوق الموظفين وعموم اللاجئين.

وباستذكار أنّ تجديد التفويض الأممي الممنوح لوكالة الغوث يُفترض أن يصدر قبل نهاية العام 2019، يكون التساؤل: هل تُفلح المساعي الأمريكيّة بالوصول لهدفها بإنهاء الوكالة، ما قد يُفضي لعدم إصدار التفويض؟!