Menu

وسط مُقاطعة واسعة..

انطلاق أعمال المركزي اليوم.. والمطلوب من الفصائل "أكثر من المقاطعة"

يُصرّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس على عقد الدورة الـ28 للمجلس المركزي برام الله المحتلة رغم المقاطعة الوطنية الواسعة

غزة_ خاص بوابة الهدف

وسط مقاطعة واسعة من الفصائل والشخصيات الفلسطينية، تنطلق أعمال الدورة التاسعة والعشرين للمجلس المركزي الفلسطيني، مساء اليوم الأربعاء 15 أغسطس، في مقرّ الرئاسة بمدينة رام الله المحلتة.

وذكرت الوكالة الرسمية "وفا" أنّ الرئيس محمود عباس سيُلقي خطابًا هامًا في افتتاح أعمال الدورة، التي تنطلق تحت عنوان (دورة الشهيدة رزان النجار، والانتقال من السلطة إلى الدولة)، وتستمر على مدار يوميْن.

وبحسب الوكالة "يتضمن جدول أعمال المركزي مسودة مشروع لاعتماده يشمل التحركات الدولية والعربية والشعبية للتطورات الفلسطينية، وكذلك الوضع الداخلي وضرورة إتمام المصالحة، و القدس واللاجئين، وكيفية التصدي لقانون القومية العنصري والعلاقة مع الاحتلال وسحب الاعتراف بإسرائيل". إضافة إلى "مناقشة آلية الانتقال من السلطة إلى مرحلة الدولة".

وقرّر تجمّع الشخصيّات المستقلّة، ظهر اليوم، مُقاطعة الدورة الحالية للمجلس المركزي. وكذلك حركة المبادرة الوطنية التي أعلنت عدم مشاركتها، مساء أمس، ومن قبلها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ظهر أمس.

هذا وأبقت  الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على موقفها بعدم المشاركة، وهو ذات الموقف الذي أعلنته قُبيل انعقاد الدورة الـ23 للمجلس الوطني في30 إبريل 2018 التي وصفتها الشعبية بأنها "غير توحيديّة". وكانت قد تحفّظت على البيان الختامي الصادر عن الدورة الماضية (28) للمركزي التي انعقدت في مُنتصف يناير 2018. يأتي هذا بالتزامن مع عدم مشاركة الفصائل خارج المنظمة (حماس والجهاد الإسلامي) لعدم تلقيهما دعوة للمشاركة. إضافة لمقاطعة العديد من الشخصيات الوطنية.

وأجمعت الفصائل والشخصيات الوطنية المُقاطِعة على أنّ سبب قرارها يعود لعدم تطبيق قرارات المجلس المركزي التي جرى اتّخاذها في الدورات السابقة كافة، وخاصة الدورتين الـ27 والـ28، في مقدّمتها سحب الاعتراف بدولة الاحتلال ووقف التنسيق الأمني والاقتصادي معه، إضافة للقرار الذي جرى اتّخاذه بإجماع الفصائل المُشاركة في الدورة الأخيرة للمركزي والداعي لرفع العقوبات التي تفرضها السلطة فورًا عن قطاع غزة. 

كما أعربت الفصائل المُقاطِعة عن استهجانها ورفضها لمنطق التفرّد والتسلّط الذي تُمارسه قيادة السلطة ممثلةً بالرئيس عباس على مفاصل المنظمة، والذي وصل لدرجات قُصوى بإصرار الأخير بعقد دورة المركزي الحالية وسط هذه المقاطعة الوطنية الواسعة.

غياب الشرعية الوطنيّة

ورأى مراقبون أن الدورة الحالية للمجلس المركزي مطعونٌ بشرعيّتها السياسية والوطنية، مع اتّساع دائرة المقاطَعة لها، ما يُعمّق من أضرارها على المستوى الوطني.

وقال المحلل والكاتب السياسي خليل شاهين أنّ شرعيّة جلسات المركزي تشهد اليوم مزيدًا من التآكل، سيّما بعد المقاطعة التي شهدتها دورة الوطني في رام الله قبل 4 أشهر، إلى جانب إقصاء فصائل عن المشاركة فيها. وهذا أدّى للإضرار بمصادر الشرعيّة التي اكتسبتها المنظمة طيلة السنوات الماضية، علاوةً على تراجع دورها ومكانتها في مختلف التجمّعات الفلسطينية، لصالح تغوّل السلطة أكثر فأكثر.

يُضاف إلى هذا أن التركيبة الحالية للمركزي تُعزز التحوّلات المُتسارعة للحُكم الفردي التسّلطي، الذي نجح إلى حد بعيد في تحويل مؤسسات السلطة والمنظمة إلى أدوات لتحقيق غايات سياسية تُكرّس تفرده بالقرار.

واعتبر شاهين أن قرار تفويض المجلس المركزي بصلاحيات المجلس الوطني يُؤثر بشكل كارثي على شرعية مؤسسات منظمة التحرير، ويلغي الحاجة أصلًا للمجلس الوطني، في وقتٍ يُعاني منه "المركزي" من خلل واضح في تركيبته في ظل المقاطعة الواسعة، وهذا يخدم منطق الإقصاء، ويعني مزيدًا من التماهي بين السلطة والمنظمة، وتحويل الأخيرة إلى أحد البراغي في ماكينة الأولى. سيّما بعد إقرار الدوائر الجديدة وتوزيعاتها في اللجنة التنفيذية.

وعن المُخرجات المرتقبة عن الدورة الحالية للمركزي، قال شاهين إنّ اتخاذ قرارات ذات طابع غير سليم فيها، سيُعمّق الانقسام والخلافات الداخلية. على شاكلة ما يتم تداوله حول إمكانية إحالة صلاحيات المجلس التشريعي للمركزي.

المطلوب من الفصائل "أكثر من المقاطعة"

ورأى شاهين أنّ ما شهدته الأيام الأخيرة من مقاطعة لاجتماعات المجلس المركزي سببه ضيق المساحة المُتاحة للقُوى والأعضاء وغياب الشراكة السياسية التي تُفضي لاتّخاذ قرارات وطنية. وهو ما يطعن بشرعية المؤسسة، ووطنيّة القرارات الصادرة عنها.

وأوضح أنّ المقاطعة تعني وصول المشاركة السياسية وإمكانية الإصلاح من داخل المؤسسات الوطنية إلى طريق مسدود، وحمّل مسؤوليّة الوصول إلى هذه النقطة من الأزمة للفصائل كافة، سيّما أنّ عقد الوطني والمركزي جاء بعد غياب سنوات طويلة، ورأى أن خطوات المقاطعة اليوم متأخرة، لكنّها ضرورية.

واستدرك بالقول "إنّ هذا كلّه لا يدعو لليأس، إنّما يُفترض أن يكون حافزًا لمزيدٍ من النضال والضغط من أجل استعادة منظمة التحرير التمثيلية وشرعيتها.

واعتبر أنّ استمرار العمل بالطريقة التي يُتّخذ فيها القرارات بدون أن تُنفّذ، وإدارة الظهر للعلاقات الوطنية، بات يتطلب البحث عن صيغ أخرى للعمل، وإلّا سيُشكّل حضور الفصائل غطاء لاستمرار الحالة القائمة واستمرار التدهور. وهذا يقتضي عدم القطع مع المنظمة، بل ضرورة البقاء تحت كنفها، والتمسّك بالضغط من خارج المؤسسة، على شاكلة الموقف الذي اتّخذته الجبهة الشعبية، ويكون الضغط بالحوار وإجبار القيادة الفلسطينية على القبول بعقد لقاءات تحضيرية لعقد مجلس وطني جديد يعيد الاعتبار للمؤسسات الوطنية الجامعة.

وقال "إن الفصائل كافة يجب أن تنتقل من مربّع تسجيل المواقف إلى جهة وضع خطة لتشكيل حالة ضاغطة لاستعادة الإطار الجبهوي للمنظمة ووقف التدهور المستمر في بُنية النظام السياسي نحو التفرد والإقصاء، وضمان أن تكون كل الخطوات التي يُمكن أن يُقدم عليها المركزي تُعزز الوحدة الوطنيّة على قاعدة برنامج سياسي توافقي بين الجميع".

"إنّ هذا الضغط لا يُمكن أن يتحقّق إلا بالعمل الجدّي لإعادة بناء تيار وطني فلسطيني، ويُمكن لقوى التيار الديمقراطي أن تُشكّل نواة له، ويضمّ هذا التيار كل الحريصين على الوحدة الوطنية واستعادة المنظمة باعتبارها المرجعية العليا للشعب الفلسطيني، وكل الرافضين لتحويل المنظمة لمجرّد بند في موازنة السلطة" وفق شاهين