يشكو تجّار المواشي في قطاع غزة - كما غيرهم لهذا العام - من إحجام المواطنين الـفلـسـطـينيـيـن عن شراء الأضاحي، في ظل استمرار الحصار الصهيوني المفروض منذ 12 عامًا، واستمرار السلطة بفرض عقوباتها على القطاع منذ أكثر من عام.
وجراء تردّي الأوضاع الاقتصادية وانعدام القدرة الشرائية في الأسواق، وصف بعض التجار حركة سوق المواشي قبيل أيام من عيد الأضحى بأنها الأسوأ على الإطلاق مُقارنةً بالأعوام السابقة.
المُختص في الشأن الاقتصادي، د.أسامة نوفل، قال إن "عيد الأضحى لهذا العام يأتي ولأول مرة دون توفر القدرة الشرائية لدى المواطنين، فمن المفترض أن الأسواق في هذه الأيام تشهد حركة كبيرة على شراء الملابس والأضحيات وغيرها من حاجيات العيد".
وتابع نوفل خلال حديثه لـ "بوابة الهدف"، أن "التجار أنفسهم عجزوا عن الاستيراد من الخارج، خاصة متطلبات العيد، وبشكلٍ كبير جدًا. كل ذلك بسبب تضييق الخناق على غزة من قبل الاحتلال، والاغلاقات المُتكرّرة لمعبر كرم أبو سالم التجاري".
مصادر استيراد سلعة المواشي في قطاع غزة ثلاثة، وهي: من الجانب "الإسرائيلي"، أو الجانب الـمـصـري، أو الإنتاج المحلي.
الاحتلال أغلق معبر كرم أبو سالم لفتراتٍ طويلة، ما أثّر على كمية الاستيراد، والجانب الـمـصـري كذلك، ما أحدث ضعفًا كبيرًا على حجم طلب لحوم الأضاحي بسبب تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين.
وكانت سلطات الاحتلال قررت في 10 تموز/يوليو الماضي زيادة تضييق الخناق على قطاع غزة بإغلاق المعبر التجاري الوحيد الذي يمد القطاع بالمواد والسلع الأساسية، وتقليل مساحة الصيد إلى 3 ميل فقط، بحجة إن "هذا القرار يأتي في ضوء استمرار إطلاق البالونات الحارقة".
أمّا وزارة الزراعة في غزة، فقالت إن استهلاك المواطنين للماشية تراجع هذا العام الى ما يقارب النصف عن الاستهلاك العام الماضي، كاشفةً في تصريحٍ لها أن "الأيام التي سبقت عيد الأضحى في العام 2017 شهدت شراء 34 ألف رأسًا من الماشية (أغنام وأبقار وماعز)، في حين بلغت حتى صباح أمس الأحد هذا العام 2018، 28 ألف رأس.
"اعتدنا في كل عيد على شراء الأضحية. تتجمع العائلة من كبيرها حتى صغيرها منذ الصباح لكي تشاهد الأضحية أثناء ذبحها. إنها طقوس جميلة، لكنّ هذا العام جاء غريبًا، كئيبًا علينا في غزة".. يقول المواطن أبو إسماعيل ماضي (42 عامًا).
"ماضي" والذي كان يُضحّي في كل عام، عزا الأمر إلى تراجع الأوضاع المعيشية في قطاع غزة، بسبب الحصار وتقليص رواتب آلاف الموظفين في غزة جراء العقوبات المفروضة من قبل السلطة الـفـلـسـطينية.
العام الأسوأ
وبدوره، قال مدير الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة في غزة، طاهر أبو حمد، في تصريحاتٍ صحفية، أن "هذا العام الأسوأ الذي يمر على سوق المواشي بغزة، حيث تعتبر حركة السوق الأقل والأضعف مقارنة بالأعوام السابقة، وفي مثل هذا الوقت من كل عام، يستهلك قطاع غزة ما يزيد عن 14 ألف رأس من الماشية (أبقار)، وأكثر من 30 ألف رأس من الأغنام".
وأضاف أن "حجم الاستهلاك تراجع، حيث وصل إلى 8 آلاف رأس من الماشية، وأقل من 20 ألف رأس من الأغنام"، في حين أشار إلى أن سوق المواشي سجل استيراد نحو 25 ألف رأس من الماشية في مثل هذا الوقت من العام الماضي، بيد أن تلك الكميات تراجعت لتصل إلى (15-16) ألف رأس فقط لهذا العام.
وحول أسعار المواشي في القطاع، أكّد بأنها ارتفعت تزامنًا مع ارتفاع أسعار السوق العالمي للحوم الحمراء، إذ ارتفع سعر الكيلو من (4-4.5 دولار) العام الماضي، إلى (4.8-5.4 دولار) هذا العام، فيما ارتفع سعر الكيلو من الأغنام من (4.5-6.5 دولارات) العام الماضي، إلى (6.5- 7 دولارات) هذا العام.
موسم المدارس
المُختص نوفل يُتابع لـ "بوابة الهدف": أن "قطاع غزة يشهد عدّة أزمات، فنحن اليوم أمام موسم شراء حاجيات المدارس"، مُتوقعًا بأن حركة الشراء في الأسواق ستكون معدومة تمامًا في ظل كل ما يعصف بالقطاع من أزمات وعقوبات.
أمّا المُحلل الاقتصادي، ماهر الطبّاع، فقد أوضح، أمس الأحد، أن "عيد الأضحى يأتي للعام الـ12 على التوالي في ظل أسوأ أوضاع اقتصادية ومعيشية وإنسانية تمر بقطاع غزة منذ عدة عقود"، مُؤكدًا أن "الإجراءات التي اتخذتها السلطة أدت إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وزيادة المعاناة للمواطنين وانخفاض الإنتاجية في كافة القطاعات الاقتصادية وارتفاع غير مسبوق في مُعدلات البطالة".
الإجراءات المُتخذة من قبل السلطة في أبريل 2017، فاقمت الأزمات الاقتصادية، فقطاع غزة يُعاني من نقص السيولة النقدية لعدم صرف رواتب الموظفين.
وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من نصف سكان غزة خلال العام الماضي 2017، عانوا الفقر بنسبة 53%، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الـفـلـسـطيني.