عقد المنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني " تنوير" في نابلس، حوارًا حول قصة الكاتب الأسير وليد دقة "حكاية سر الزيت"، في حديقة مكتبة بلدية نابلس، أدار الحوار المهندس زياد عميرة رئيس مجلس ادارة التنوير حيث قدم نبذة عن الأسير وليد دقة الذي يشكل قوة المثل في نضالات أسرانا البواسل في صموده في باستيلات أبراتايد "إسرائيل" منذ أكثر من 32 عامًا وفي عزيمته لتركيم المعرفة وفي ابداعاته الأدبية التي نناقش اليوم إحداها.
وبعد أن قدم زياد المتحدثين الصحفية سناء سلامة زوجة الأسير وليد دقة، والكاتب وسام الرفيدي، والأسير المحرر الأستاذ بلال الكايد، رحب بالقادمين من فلسطين المحتلة 48، مُعتزًا بدورهم الوطني على مدى سبع عقود ونيف.
ثم تناولت الحديث الصحفية سناء سلامه، مُشيرةً الى نشأة وليد الوطنية في بلدته باقه الغربية، ودوره الريادي في مجتمعنا الفلسطيني في الداخل الذي بدا وعمره 16 عامًا من خلال انتفاضة يوم الأرض عام 1976 حيث اختار إثرها طريقها النضالية في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
وتابعت سناء: اعتقل وليد عام 1986 وحكم عليه ورفاقه ابراهيم ورشدي أبو مخ وابراهيم بيادسة بتهمة خطف وقتل جندي "إسرائيل" عام 1984 ثم تم تحديد حكمه بـ 37 عامًا علمًا بأن حكم المؤبد يحدد للمجرم القاتل الصهيوني بين 25 – 29 عامًا. ثم أضيف على حكمه سنتين اضافيتين بتهمة تهريب هاتف نقال.
وأكدت سناء شموخ وليد في صموده وقيمه النضالية ووعيه الثقافي والفكري على طريق الجبهة الشعبية ومؤسسها الحكيم جورج حبش .
تلا ذلك حديث الكاتب وسام الرفيدي في تحليل "حكاية سر الزيت" من الناحية الأدبية والفنية، مُشيرًا إلى أن "قوة حبكة هذه القصة تشدك بشوق كبير إلى متابعتها حتى النهاية، وفلسفة هذه القصة التي أراد وليد أن يقدمها للأسرى تتضح من بداية كلماته وهو يخاطب سجنه قائلاً إما أن أتحرر منك أو أحررك مني، فجوهر قوة قهر السجن تتجسد في قدرته على تقزيم الأسير ليغرق في تفاصيل هامشية تأكل كل ذاته وبالتالي يتطلب ذلك من السير أن يطلق سراح السجن من داخله لينطلق شامخًا في قضية شعبه ونضلاته".
وأضاف وسام أن "وليد استعاد في قصته الأسطورة الفلسطينية التي تقول إن من يدهن جسمه بزيت الزيتون يصبح مخفيًا يتحرك أنى شاء دون أن يراه أحد وهو ما فعله جود الصغير حين زار والده الذي لا يعرفه، لكن بعد الزيارة طالبه الأسرى بحبات الزيتون التي تفيض زيتًا مع ذلك ليتحرروا من السجن فرفض، وحين غادرهم ذهب إلى شط البحر حيث وجد أطفال فلسطين فأعطاهم حب الزيتون الناضجة ليلعبوا ويتمتعوا بفرحة طفولتهم ما يُؤكد أهمية فرح الأطفال في تفكير الكاتب"، مُشيرًا إلى "القيمة الأدبية لحروف الكاتب في كتابه الشهير صهر الوعي".
وانتقل الحديث بعد ذلك إلى الأسير المحرر بلال الكايد، حيث أكد على نبل ورقي قيم وليد وثقافته العميقة المؤنسنة وقدراته الابداعية في الكتابة وعظمة طاقته المخزونة لتحدي السجان إلى درجة رفض فيه الخروج من الزنزانة بعد فشل اضراب 2004 نتيجة تلاعب السجان في عقول بعض الأسرى بشكلٍ شقّ الصف النضالي.
ونوه بلال في هذا الخصوص إلى "قدرة وليد العالية على حسن الاستماع لرفاقه في حواراته معهم، فبعد فشل الاضراب عقدت جلسة تقييم عميقة كان فيها وليد مبتسمًا رغم النقد اللاذع الذي انصب من الرفاق على قيادة الاضراب في حينه، وحين انتهت الجلسة علّق وليد بكلمتين فقط خسرنا الاضراب وكسبنا معرفتكم العميقة وقدم استقالته من القيادة"، مُؤكدًا على أن "الجميع يدرك أن ما بعد 2004 يختلف جذريًا عما قبله، وبالفعل قدم وليد كل ثقافته ووعيه وقدراته للقيادات الشابة لتقود مرحلة جديدة ردت الاعتبار إلى عنفوان الحركة الأسيرة".
وأنهى بلال حديثه بقوله "إننا ونحن نتحدث عن وليد لا نتحدث عن شخص وانما عن الحركة الأسيرة التي كان ولا زال عنوانها وليد".
وفي الختام دار حوار جدي وفعال وعميق حول هموم الوطن عامة والحركة الأسيرة خاصة بشكلٍ نتج عنه توصية واحدة وحيدة أن الشعب الفلسطيني الذي يعيش قهر العنصرية الصهيونية لا يجوز له ولا بأي حال من الأحوال أن يبقى منقسمًا على نفسه تاركًا وطنه للذئاب الضالة.