دعا عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هاني الثوابتة، إلى "نقاش وطني معمّق لكيفية الخلاص من آثار اتفاقية أوسلو الكارثة. عن طريق مجابهة هذا المشروع الخبيث من جذوره بمشروع وطني متكامل".
ودعا إلى "أوسع حملة قومية ودولية لمقاطعة العدو ومؤسساته ومواجهة كل أشكال التطبيع واللقاءات مع الكيان".
جاء هذا خلال كلمة ألقاها الثوابتة، في المؤتمر الوطني الذي نظّمته الفصائل الوطنية والإسلامية في قطاع غزة، اليوم الخميس، لمناسبة مرور ربع قرن على توقيع اتفاق أوسلو، بين منظمة التحرير الفلسطينية وكيان الاحتلال.
ووجّه الثوابتة انتقادات شديدة اللهجة للسلطة الفلسطينية والقيادة المتنفّذة فيها، مُحمّلاً المسؤولية التاريخيّة والسياسية وتداعيات اتفاق أوسلو لمن وقّع عليه. وقال "استهدفت أوسلو القفز عن الأسئلة الوطنية الكبيرة المتمثلة في حقوقنا الثابتة، وعلى رأسها حق العودة، وأنتجت كيانًا مسخًا ذليلًا وتابعًا للاحتلال".
وأضاف "أنّ الاتفاق المشؤوم سعى إلى تمزيق أهم إطار وطني فلسطيني، وهي منظمة التحرير، عبر إلغاء الميثاق الوطني كعربون لأوسلو، حتى تحوّلت تدريجيًا لمجرّد حاكورة أسيرة لسياسات التفرّد والهيمنة والفساد"، وتابع أنّ "السلطة أصبحت اليوم وعبر إجراءات تخالف الإجماع الوطني تُمثّل قلّة قليلة متنفذة".
وربط الثوابتة بين أوسلو، والحالة الوطنية المتأزّمة، بالقول "إنّ المخاطر التي تعترض قضيتنا الفلسطينية جرّاء الحرب العدوانية التي يشنّها الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية على حقوقنا كثيرة وغير مسبوقة، سواء في محاولات تمرير صفقة القرن وإجراءاتها الهادفة لتصفية حقوق اللاجئين ومشاريع التوطين وحصار غزة وتهويد القدس . إن هذه التحديات والمخاطر لا يجب فصلها عن الحياة الفلسطينية الداخلية التي تشهد استمرارًا للانقسام وحالة الشرذمة والأزمة العميقة التي تمرّ بها القضية الفلسطينية، واستمرار اختطاف المؤسسة الوطنية جراء سياسة التفرّد والهيمنة وسيطرة الحزب الواحد، في ظلّ واقع عربي مُتأزم تتصدّر فيه أدوات الرجعية البائسة والذليلة المشهد التآمري على شعوبنا العربية".
واستدرك بالقول "إلّا أنّه وفي ظلّ هذا النفق المظلم يسطع شعاع أمل متمثّل بحالة الاندفاعية الثورية لجماهير شعبنا والتي عبّرت عنها في استمرار التصدي البطولي عبر مسيرات العودة، قبل 25 أسبوعًا، لتكون امتدادًا لنضال وشعلة شعبنا الوضّاءة في مسيرة العطاء والتضحية".
وقال "لقد وُلدت اتفاقية أوسلو مشوهة تحمل بذورًا سامة وظلّت حبيسة أزمتها وفشلها، فقد جرى توقيع اتفاق أوسلو من وراء ظهر الشعب الفلسطيني ومؤسساته وقواه كافة. ومن وقّع هذا الاتفاق يتحمل وحده المسؤولية التاريخية والسياسية عنه، فماذا جنينا نحن من هذه الاتفاقية الكارثية؟".
وتابع "لقد استهدفت أوسلو القفز عن الأسئلة الوطنية الكبيرة المتمثلة في حقوقنا الوطنية الثابتة، وعلى رأسها حق العودة، وذلك عبر محاولة تحقيق دولة مسخ لا تمتلك أية مقومات من السيادة والنهوض، أنتجت كيانًا مسخًا ذليلًا وتابعًا للاحتلال، ولعل قانون القومية الذي أقره كنيست العدو، هو أحد حلقات تصفية القضية التي بدأت بتوقيع اتفاقية أوسلو. بمعنى أن هذه الاتفاقية كانت المقدمة التي أتاحت للعدو قضم حقوقنا الوطنية."
وشدّد على أنّ "ما جرى في أوسلو لا يخرج عن كونه مشروعًا سعى لفرض مزيدٍ من الرضوع السياسي والاقتصادي على المنطقة، حيث أدّى لوجود حالة من التشابه بين الاحتلال، وظيفة السلطة الفلسطينية لصالح الاحتلال، وبلغ أوج انحطاطه بإلغاء الميثاق الوطني ومصادرة شرعية وصلاحيات المنظمة لصالح السلطة."
وزاد بالقول "إنّ أوسلو سعت إلى تمزيق أهم إطار وطني فلسطيني، وهي منظمة التحرير، عبر إلغاء الميثاق الوطني كعربون لأوسلو، حتى تحوّلت تدريجيًا لمجرّد حاكورة أسيرة لسياسات التفرّد والهيمنة والفساد، وأصبحت السلطة الفلسطينية اليوم وعبر إجراءات تخالف الإجماع الوطني تُمثّل قلّة قليلة متنفذة."
كما عززت أوسلو من حالة التمزق والانقسام وأفرغت مضمون الحوار الوطني من ركائزه وحوّلت مسألة الوحدة الوطنية لمجرد ورقة مناورة وليست نهجًا وطنيًا ثابتًا منظمًا لفعل الحركة الوطنية الفلسطينية بتيّاراتها.
وقال عضو اللجنة المركزية العامة للشعبية "لقد وجد شعبنا نفسه في ظل اتفاقية أوسلو والتزاماتها بين كماشة الاحتلال ومخططات التصفية من جانب وممارسات السلطة وأجهزتها الأمنية وتورّطها أكثر في أوسلو من جانب آخر.. وهذا فاقم المعاناة التي تعيشها الجماهير والقضية الوطنية".
ودعا لإطلاق أوسع حملة قومية ودولية لمقاطعة العدو ومؤسساته ومواجهة كل أشكال التطبيع واللقاءات مع العدو المجرم وتعزيز الجهود في خدمة حملة المقاطعة الدولية ضد الاحتلال ومؤيديه حول العالم.
كما دعا إلى نقاش وطني معمّق لكيفية الخلاص من آثار هذه الاتفاقية الكارثة. عن طريق مجابهة هذا المشروع الخبيث من جذوره بمشروع وطني متكامل وبمقاومة مؤسسة على استثمار كامل لعناصر قوّتنا والتحلل من اتفاقات أوسلو والتزاماتها الأمنية والاقتصادية، على طريق رسم استراتيجية وطنية وكفاحية تعمل على انتشال شعبنا من براثن هذه الاتفاقية
وأردف بالقول "إن تصاعد وتسارع وتيرة العدوان الصهيوأمريكي على حقوق وثوابث شعبنا وفي ظلّ عدم استخلاص قيادة السلطة العبر من هذا النهج الكارثي بات يستدعي منّا المسارعة في بناء إستراتيجية وطنية تقوم على مغادرة نهج أوسلو ومؤسساته والتحلل منها بشكل كامل لصالح تفعيل مؤسسات منظمة التحرير وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية شاملة والتمسك بميثاقها وبرنامجها الوطني.. وأولى الخطوات لذلك عقد مجلس وطني توحيدي يشارك فيه الكل الوطني".
وشدّد على ضرورة "التمسك بالقرار 194 كأساس قانوني لحلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين وذلك على قااعدة أن تلك القضية هي جوهر المشروع الوطني.. وبدون حلّها حلًا عادلًا وجديًا فإنّ الصراع يبقى قائمًا ومستمرًا، ولا توجد قوة أو قانون يبيح لأية قيادة سياسية التنازل أو شطب حق أي مواطن فلسطيني بالعودة إلى دياره التي هُجّر منها بقوة الإرهاب والمجازر، وهذا الحق لا يسقط بالتقادم أو تحت اختلال موازين القوى، وأي محاولة للمساومة على هذه الحقوق ستفشل وتتحطم على صخرة صمود شعبنا".
وقال "إننا في الجبهة الشعبية ومعنا كل الوطنيين من أبناء شعبنا، سنواصل المقاومة والنضال وتحشيد كل طاقاتنا من أجل تجاوز هذه الاتفاقية المشؤومة وشقّ طريق نضالي جديد، نبدأ فيه ببناء شرعيتنا الوطنية على أساس المقاومة وإعلان نهاية عصر ومرحلة أوسلو وللأبد، شرعية قائمة على أساس الشراكة الوطنية والدفاع للحقوق الثابتة ومواجهة مخططات تصفيتها، في مقدّمتها حق العودة واللاجئين الفلسطينيين، وقضية القدس، بما يتطلّبه من تنظيم نضالي وجماهيري متواصل في تجمعات شعبنا في الوطن والشتات، وإبداع الأشكال الملائمة، سواء مسيرات العودة أو الاشتباك المفتوح مع الاحتلال لتفعيل جماهير المخيمات والدفاع عن حقهم الثابت في العودة، وكسر الحصار وإنهاء جميع أشكال المعاناة على طريق العودة والتحرير، فلا خيار أمام شعبنا إلا التمسك بخيار المقاومة والوحدة، لدحر كل المخططات المشبوهة ومواجهة كل ممارسات وجرائم الاحتلال، يسقط أوسلو وكل المشاريع الاستسلامية."