Menu

ترامب ونتنياهو أخوة سلاح في خندق العنصرية ضد الشعب الفلسطيني

صمود الشعب الفلسطيني فقط سيوقف هذه الكارثة

مواجهات على الحدود الشرقية لقطاع غزة

بروفيسور: كامل حواش.

[تنشر الهدف فيما يلي ترجمة لمقال(Trump’s Administration will fail to break the Palestinians: Trump and Netanyahu are now brothers in arms in racism against the Palestinians) للبروفيسور كامل حواش و هو أستاذ هندسة (فلسطيني-بريطاني) في جامعة برمنغهام، ووهو معلق في شؤون الشرق الأوسط ونائب رئيس مجلس السياسات الفلسطيني البريطاني (BPPC) وعضو اللجنة التنفيذية لحملة التضامن الفلسطيني (PSC). ونشير أن المقال نشر أول مرة بالإنكليزية على موقع ميدل إيست مونيتور MEM، ونعيد نشر هذه الترجمة الخاصة والحصرية بالعربية بإذن خاص من الكاتب- الهدف].

يواجه الشعب الفلسطيني وقضيته تهديداً وجودياً في وطنهم، وأي شخص يرى مبالغة في هذا الاستنتاج عليه أن يتذكر كم مرة استخدم عبارة "لا أستطيع تصديق ما فعله للتو" منذ تولى ترامب منصبه في البيت الأبيض، مثلاً عندما عين فريقه للسلام المزعوم المناهض للفلسطينيين وحقوقهم الشرعية، والمكون من صهره جاريد كوشنر ومحامي شركته السابق جيسون جرينبلات ومحامي قضايا الإفلاس السابق ديفيد فريدمان، وثلاثتهم مؤيدين متحمسين للصهيونية ولإسرائيل ومشاريعها الاستيطانية، وبصورة لا تصدق قام بإضافة عدو الفلسطينيين جون بولتون كمستشار للأمن القومي.

بدا غير معقول للبعض أن يتخلى ترامب عن سياسات أسلافه منذ بيل كلينتون ليعترف ب القدس كعاصمة لإسرائيل، ثم يتبع ذلك بنقل السفارة الأمريكية إلى المدينة في وقت قياسي، وافتتاحها في الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية، وفي ذلك اليوم قتل أكثر من ستين فلسطينيا على سياج غزة في مسيرة العودة الكبرى السلمية، وكانوا يطالبون بالعودة إلى ديارهم التي سلبت منهم وطردوا منها عام 1948، وكان الافتتاح بحضور ابنة ترامب وصهره كوشنير، وزعم أن تحركه هذا سيقرب السلام عبر إزاحة القدس عن طاولة المفاوضات.

قيل أيضا "لايمكن تصديق هذا" عندما أقدم ترامب بداية على تقليص ثم قطع المساهمة الأمريكية في ميزانية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا)، التي تقدم خدمات حيوية للفلسطينيين، اللاجئين منهم على وجه الخصوص، وبدلاً من ممارسة الضغوط على إسرائيل للسماح لهم بالعودة السلمية إلى ديارهم، ردد ترامب أقاويل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الوكالة "تديم" مشكلة اللاجئين، عن طريق تمرير صفة اللاجئ من جيل إلى آخر.

وفي مواجهة العديد من الصعوبات المالية نتيجة لهذا التحرك الأمريكي اللاأخلاقي، حذرت مدارس الوكالة التي أعيد افتتاحها مؤخرًا للعام الدراسي الجديد، من أنها قد تضطر إلى الإغلاق في نهاية أيلول/سبتمبر ما لم يتم سد العجز البالغ 217 مليون دولار من قبل متبرعين آخرين، في وقت أفادت الأنباء أن معدل الأمية في فلسطين هو أحد أدنى المعدلات في العالم، وتأكيداً على هذا المسعى أفادت الأنباء أيضا أن جاريد كوشنير حاول الضغط على الملك الأردني عبد الله الثاني لسحب صفة لاجئ من سجلات مليوني فلسطيني مقيمين في المملكة، وهو ما رفضه الملك.

قيل أيضا أنه لايمكن تصديق ما يفعله ترامب عندما قطع ترامب 200 مليون دولار من تمويل السلطة الفلسطينية، مع المحافظة على تمويل الأجهزة الأمنية التي تضمن أمن إسرائيل وليس أمن الفلسطينيين، ولكن الشيء الأخطر غير القابل للتصديق هو قرار الإدارة الأمريكية قطع تمويلها البالغ 25 مليون دولار لعلاج السرطان في المستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية، هذا القرار المقزز يتسبب في تأثيرات فورية خطيرة على حياة الفلسطينيين وسلامتهم.

ولم يكن من غير المتوقع أن الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي قد أدانوا العنصرية الإسرائيلية والفصل العنصري الذي يؤكده قانون الدولة القومية، في الوقت الذي لا يمكننا نسيان الجانب الذي وقفت فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عندما كان السود في جنوب أفريقيا يناضلون من أجل حريتهم ونهاية الفصل العنصري هناك.

ربما كان المتوقع إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ونعلم أن القرار بقي على الورق لبعض الوقت، ولكن من المفترض أن شيلدون أديسون و آيباك لا يمكنهم أن يتحملوا رؤية العلم الفلسطيني في واشنطن، ومع ذلك، ما لا يصدق هو أن الكونغرس لا يزال يعتبر منظمة التحرير الفلسطينية منظمة إرهابية، على الرغم من أن ياسر عرفات ومحمود عباس تم استقبالهم على السجادة الحمراء في مدخل البيت الأبيض أكثر من مرة، وعلى الرغم من توقيع اتفاقات أوسلو ومصافحة رابين-عرفات الشهيرة على مروج البيت الأبيض في عام 1993، بل التقى ترامب نفسه مع عباس في بيت لحم في أول زيارة له كرئيس للمنطقة في العام الماضي، وكان السبب في الإغلاق هو رفض السلطة الفلسطينية العودة إلى مفاوضات لا معنى لها وتجرؤ هذه السلطة على محاولة إحالة إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية (ICC).

لذلك لم يكن غريبا خطاب جون بولتون وتهديده للمحكمة الجنائية الدولية بعقوبات في خطابه الأخير، بل لقد هدد القضاة بشكل مباشر إذا ما قاموا بعملهم وقدموا للعدالة ليس فقط مواطنين أمريكيين، ولكن أيضا السياسيين الإسرائيليين المشتبه بارتكابهم جرائم حرب، وحذر قائلاً: "إذا اقتربت منا المحكمة، من الولايات المتحدة أو إسرائيل أو حلفاء آخرين فإننا لن نجلس بهدوء"، مضيفًا: "سنحظر قضاتها ومحاميها من دخول الولايات المتحدة، سنحجز على أموالهم في النظام المالي الأمريكي ، وسنحاكمهم في النظام الجنائي الأمريكي. سنفعل الشيء نفسه بالنسبة لأية شركة أو دولة تطلب إجراء تحقيق من قبل المحكمة الجنائية الدولية بشأن الأمريكيين ".

من الواضح أن بولتون، الذي يعمل في تعاون وثيق مع السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، لا يعتبر الضفة الغربية أو القدس الشرقية أرضا محتلة، وفي كلمته أشار إلى بناء المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية بأنها مجرد "البناء الإسرائيلي من المشاريع السكنية في الضفة الغربية"، وانتقد المحكمة الجنائية الدولية لمحاولتها النظر بفرض عقوبات على القادة الإسرائيليين، وبالتالي لايمكن غض النظر أيضا عن أن المحكمة العليا الإسرائيلية حكمت أن المستوطنين تصرفوا "بحسن نية" عندما بنوا بشكل غير قانوني على الأرض الفلسطينية.

مع حذف القدس "من على الطاولة"، واعتبار المستوطنات مجرد مشاريع بناء، ورفض حق العودة للاجئين، ومنع الفلسطينيين من اللجوء إلى المحكمة الدولية، وإصابة مجلس الأمن بالشلل نتيجة الفيتو الإسرائيلي (هكذا بالضبط)، ومع إدارة أمريكية تدعم إسرائيل بشكل كلي ليس فقط سياسيا، بل بثلاثة مليارات دولار على الأقل سنويا، مع هذه العناصر كلها فإنه لاشك أن القضية الفلسطينية تواجه تهديدا وجوديا خطيرا.

ومع ذلك ، ليست القضية وحدها ما يواجه هذا التهديد الوجودي، بل الفلسطينيين بحد ذاتهم أيضا، فقانون "القومية" ينص على الحق الحصري لليهود في تقرير المصير ضمن أي حدود تطالب بها إسرائيل لنفسها وليس للفلسطينيين، كما يعترف هذا القانون بالمستوطنات اليهودية فقط باعتبارها "قيمة وطنية"، وإذا كان لليهود وحدهم الحق في تقرير المصير في إسرائيل، فيمكنهم أن يقرروا أنهم لا يريدون أي فلسطيني في المنطقة التي تحكمها إسرائيل.

إن دولة إسرائيل دولة عنصرية مدعومة الآن من قبل إدارة أمريكية عنصرية ضد الشعب الفلسطيني، وتزعم أنهم لا يملكون أي حق على الإطلاق، بصرف النظر عن أي فتات يرميه لهم نتنياهو وحكومته المتطرفة بدون أن يؤثر على أمن إسرائيل، أيا ما كان يعنيه مصطلح "أمن إسرائيل" الغامض.

وبعد أن فشلت إسرائيل على مدى سبعين عاماً من القمع بدفع وتشجيع الفلسطينيين للمغادرة الطوعية، قد يكون الوقت مناسباً لإسرائيل للزج بكل الفلسطينيين على متن حافلات وطردهم إلى الأردن و "غزة الكبرى"، التي تم الحديث عنها كجزء من صفقة ترامب "النهائية"، هل هذا غير واقعي وغير ممكن؟ من سيتصرف إذا أقدمت إسرائيل على هذا؟ بالتأكيد لن تكون أمريكا أو الاتحاد الأوروبي أو الدول العربية، ولن تكون المملكة المتحدة كذلك، حيث سيكون ذلك بمثابة إنجاز آخر لإعلان بلفور، الذي احتفل بمئويته في العام الماضي.

ما سيوقف ترامب ونتنياهو وصفقة القرن، هو صمود الشعب الفلسطيني فقط، ولا أحد غيرهم (الـ13 مليون فلسطيني)، وكان على ترامب وجماعته أن يدركوا هذا يوم مجزرة ذكرى النكبة في مسيرة العودة، تلك المجزرة لم تمنع الفلسطينيين من العودة إلى السياج مراراً وتكراراً، كما فعلوا منذ 30 آذار/مارس.

سيتجاوز الفلسطينيون إدارة ترامب، رغم أن الأمر سيستغرق زمناً طويلاً فإنهم سيصمدون في القتال من أجل وطنهم، ووجودهم فيه، ولن يتخلى اللاجئون في الشتات عن حقهم في العودة، فرغم كل شيء هم أصحاب الأرض الشرعيين وليس المستعمرين الاستيطانيين الإسرائيليين، الذين يواصلون التمسك بالأرض واحتلالها بقوة السلاح.