في الخامس والعشرين من مارس عام 2015، بدأت قوى العدوان هجومها على اليمن، بحثًا عن نصرٍ عسكري سريع ينتهي بإخضاع الشعب اليمني واستسلامه لقوى العدوان، ولكن هذا لم يحدث لتستمر الحرب ويستمر العدوان ويتحول لواحدة من أبشع الجرائم في التاريخ الإنساني.
الخطة الحربية: مجزرة
الخيارات كانت واضحة منذ اليوم الأول، اختار الشعب اليمني بأغلبيته أن يقاتل ضد العدوان، فيما اختار الغزاة المجزرة كطريقة عمل لإخضاع اليمنيين، مجزرة مستمرة تكونت من آلاف عمليات القتل الممنهجة، بالغارات والقصف والرصاص والحصار، بمنع الدواء، بتدمير المستشفيات بكل أداة ممكنة.
بعد أكثر من عامين ونصف على بداية العدوان هناك ما يزيد على ١١ ألف شهيد يمني، بجانب عشرات آلاف الجرحى، فيما يقوم الحصار بدوره في المجزرة، فأكثر من 14 مليون يمني بينهم ٥ مليون طفل مُهددين بالموت جوعًا، فيما يؤكد الأمين العام للأمم المتحدة أن البلاد مهددة بواحدة من أسوأ المجاعات في العقود الأخيرة، في الوقت الذي تعجز فيه مستشفيات البلاد عن استقبال المرضى، ناهيكم عن التعامل مع هذا الوضع الكارثي في ظل العدوان المستمر.
تحالف الخيبة:
وعلى مدى ما يزيد على العامين ونصف لا زالت كل من السعودية والإمارات تتصدران قائمة المعتدين فيما انكفأت قطر قليلاً بفعل خلافها مع شريكتيها في العدوان، ورغم هذا الانكفاء القطري عن الشراكة المباشرة لا زالت قطر تُحملّ كل من التحالف وحركة أنصار الله مسؤولية ما يجري من مجازر في اليمن، ولا تقدم أي اعتذار عن دعمها لهذا العدوان منذ بدايته ومشاركتها فيه حتى مرحلة متقدمة.
من الواضح أن هذا التحالف بات أكثر عجزًا من أي وقت مضى عن حسم المعركة لمصلحته، فمن جهة تراجعت دول عدة عن وعودها بالمشاركة في العدوان بجانب السعودية والإمارات، فيما بات استجلاب المرتزقة الغربيين وغيرهم، أكثر كلفة من ذي قبل في ظل ارتفاع مخاطر الحرب في اليمن، وتزايد الضغوط على محمد بن سلمان ارتباطًا بقضية تصفية جمال خاشقجي.
التحالف الهش الذي تزعمته السعودية يواجه مشاكل حقيقية على أرض اليمن في ظل الخلاف مع الإمارات على النفوذ في "المناطق المحررة"، وعجز حكومة عبد ربه منصور هادي المدعومة سعوديًا عن القيام بأدوارها في إدارة المناطق المحتلة، أو توفير الأعداد الكبيرة من المقاتلين التي تطلبها دول التحالف في ظل ارتفاع عدد الضحايا في صفوف قواتها ومرتزقتها.
فضائح غربية:
أمس أعلنت منظمة "أوكسفام" الإغاثية الدولية التي تتخذ من أكسفورد البريطانية مقرًا لها، أن مشاريع إغاثية تابعة لها في اليمن استهدفت بغارات التحالف العربي الذي يحظى بدعم حكومة لندن، متهمة حكومة بلادها بلعب دور أساسي في العدوان على اليمن، هذه الفضيحة ليست الأولى من نوعها حول التورط الغربي في العدوان، فقد سبق ذلك افتضاح تعاقدات الشركات الأمنية الغربية والصهيونية مع كل من الإمارات والسعودية على تنفيذ اغتيالات لقيادات سياسية واجتماعية يمنية، وتوفير مقاتلين والقيام بمهمات "قذرة" لمصلحة دول العدوان.
هل تنتهي الحرب؟
الولايات المتحدة مصدر التسليح الرئيسي لقوى العدوان، وأحد أبرز الدول الداعمة لهذه القوى، قررت مؤخرًا الدعوة لوقف عاجل لإطلاق النار في اليمن، حيث دعا وزيرا الدفاع والخارجية الأمريكيان إلى وقف لإطلاق النار في اليمن، وبدء محادثات سلام خلال 30 يومًا.
فيما نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤولين لم تكشف عن أسمائهم، بأن الرئيس ترامب يضغط على الرياض من أجل إنهاء حصار قطر، وحرب اليمن. وقال المسئولون: إن الوقت حان للمضي وتحقيق الأهداف التي تريدها الولايات المتحدة الأمريكية بوقف حملة القصف السعودي في اليمن، الأمر الذي أدى لمأساة إنسانية، إلى جانب ملف حل الأزمة الخليجية، فهل حقًا تسعى الولايات المتحدة الأمريكية الداعم والشريك لوقف الحرب؟! أم أن المسألة تدخل في إطار المناورة التي تبقي المسؤولية في "حجر" ما تسمى بقوى التحالف؟!.
حتى الآن لا تبدي دول العدوان استجابة توحي بقرب نهاية الحرب، فلقد تواصلت الغارات على صعدة والحديدة ومناطق أخرى في اليمن خلال الأيام القليلة الماضية، وكذلك تواصل الحشد البري والهجمات التي تدعمها الإمارات للاستيلاء على مدينة وميناء الحديدة، هذه الهجمات تلقت مقاومة عنيفة وتعرضت لخسائر كبيرة على غرار سابقاتها، ما يشير لاستحالة حسم الصراع عسكريًا ويرجح احتمالات تراجع العدو ولو بعد حين، وتبقى حسابات الوقت والأيام لحين انتهاء الحرب تمتص دماء وأرواح أبناء اليمن، إلى أن يسقط العدوان وتنتهي الحرب.