إذا كان الفلسطينيون في مختلف مشاربهم، يعتبرون الانتفاضة الشعبية الكبرى عام 1987 حدثا تأسيسيا في تاريخ نضالهم الحديث، لما أحدثته من تغيّرات سياسية ومعنوية بالمعنى الاستراتيجي وإن لم تصنف ايجابية بالكامل، فإنها أيضا تعتبر في الأدبيات الصهيونية التي راجعتها وعلّقت عليها وتمحصت في دلالاتها ومضامينها وأسباب اندلاعها، حدثا تأسيسيا أيضا لدولة "إسرائيل" لما أحدثته من تغيير جذري على مستويات عدة، تبدأ بمعنى الاحتلال ووعيه ولا تنتهي بمحاولات دؤوبة لإعادة صياغة النظرية الأمنية الصهيونية، انتهاء طبعا بالتغير السياسي على الأرض الذي وإن أحدث شرخا في العقيدة الأيدلوجية الصهيونية تجاه مصير الأراضي المحتلة إلا أنه ولأسباب من خارج سياق الانتفاضة، وربما محمولة عليها جاء ضد مصلحة الفلسطينيين.
ففي السياق الصهيوني للحدث الكبير وسعت الانتفاضة بشكل ملفت وواضح الاستقطاب الأيديولوجي في المجتمع "الإسرائيلي"، وتسببت بانهيار ثقة الجمهور في المستويات العسكرية من المستويات التشغيلية اتكتيكية إلى الاستراتيجية، وحطمت فكرة الاحتلال السهل وشبه المجاني، وكما يرى المؤرخ أوري ميلستين فقد أَضرت الانتفاضة بشكل كبير بهيبة كبار الضباط والاستراتيجيين وكشفت عورات عجزهم.
فبعد عشرين عاما من احتلال قطاع غزة (عام 1967) تبدد وهم الهدوء، بددته حجارة صغيرة وزجاجات مولوتوف، ولكن أيضا عمليات مقاومة عظيمة قتل فيها جنود وضباط أعادت إلى الذهن العسكري الصهيوني سنوات الزخم الثوري أعوام 1970-1972.
وتجمع الآراء بدون حتى استثناء واحد، أن الكيان الصهيوني قد دخل بالفعل في مرحلة خمول في التعامل مع المناطق المحتلة، بسبب الركون إلى الهدوء الكاذب الذي عجزت عيون الشاباك عن النظر في أعماقه لترى فوران بركان، حيث لم يكن الجيش مستعدا، ولم يكن لدى المخابرات معلومات كافية مما أدى إلى سيادة عدم اليقين في أوساط صانعي القرار والعمليات على الأرض. فالانتفاضة لم تكن حدثا عابرا، بل تركيما هائلا لأحداث كان هناك ميل لاعتبارها عابرة، كذلك لم تكن من صنع رجل واحد، أو فصيل أو مجموعة محددة، بل صنع شعب كامل بإنخراط كلي، وكان من المشكوك فيه تماما أن تكون أي قوة قادرة على منع هذا الفيضان الثائر.
يتتبع هذا النص رد الفعل "الإسرائيلي" تجاه الانتفاضة، وكيف تم تصنيفها وتقييمها والتعامل معها، عبر عدد من المراجعات والدراسات الصهيونية لكتّاب مختلفين.
ورغم أن الانتفاضة لم يتم فهمها من قبل "الإسرائيليين"، وفي الغالب تم تفسيرها استنادا إلى قائمة المصطلحات المعتادة كـ"أعمال شغب" ومخربين، وعنف فلسطيني، إلا أن بعض الدراسات الصهيونية تحاول إعادتها إلى تركيم سابق ورصد الأحداث التي سبقتها في الأشهر القليلة، حيث يسجل ارتفاع عدد المواجهات. فقبلها بشهر في 8 آب/ أغسطس 1987 قتل ضابط احتياط، وبعده بأسبوعين زعم الأمن الصهيوني إحباط محاولة "انتحارية" في القدس ثم قتل جندي في مطلع أيلول/سبتمبر وطعن ثلاثة داخل "الخط الأخضر".
كيف بدأت الشرارة؟
اعتبرت التقديرات "الإسرائيلية" حينها أن الانتفاضة كانت ظاهرة عفوية جزئياً، ثم بدأ متحدثو منظمة التحرير يزعمون أن المنظمة هي التي نظمت الفعل الانتفاضي وأعدت له، ويعتبر مؤرخون صهاينة وفلسطينيين أيضا أن هذه المزاعم جاءت بسبب محاولة المنظمة إدخال مزيد من سيطرتها ونفوذها عبر جمهور كان فعلا ضمن المنظمة وفصائلها وسط المتظاهرين، ولا يخفى أن الواقع في الأراضي المحتلة كان قد أبرز ثلاث نخب أساسية كما يشير محلل فلسطيني، نخب المنظمة وفاصئلها على تفاوتها طبعا، والنخب الاسلامية التي تبلورت أساسا عبر حماس والجهاد الإسلامي، ونخب أخرى نتجت عن تمدد النظام الأردني إلى غزة ضمن رؤية "إسرائيلية" بالأساس باعتبار الأردن هو الحل، وكانت المنظمة هي الأكثر تجذرا وتنظيما وقدرة على العمل المنظم، بسبب تجربتها التنظيمية المطولة، ما اتاح لها أن تكون المرجعية للقيادة الوطنية الموحدة التي تشكلت أصلا من ممثلين محليين لفصائل المنظمة.
شملت سياسة "إسرائيل" في الضفة وغزة قبل الانتفاضة نشاطات روتينية منها: محو الشعارات التي تكتب على الجدران، وملاحقة الصبية من راجمي الحجارة الذين مهدوا بأفعالهم نوعا ما ليصبح هذا السلوك ظاهرة عامة، وكانت قوة حرس الحدود هي القوة الرئيسية لمعالجة الموقف مع تجنب الاحتكاك قدر الإمكان، وتدابير محلية بساسية العصا والجزرة في العقاب والثواب، وتأمين الطرق، وكان حظر التجول بمثابة وسيلة مفضلة للعقاب للحد من الاحتكاك مع السكان، ومحاولة السيطرة على الضفة وغزة بأقل النفقات، وإغراء الفلسطينيين بعائدات العمل داخل "إسرائيل"، حيث منحت التصاريح تقريبا لكل من طلبها، مع مساعدة الأردن لتعزيز مكانته في الضفة وتسريب نفوذه إلى قطاع غزة.
يجادل يعقوب بيري، رئيس الشاباك السابق بأن: " الانتفاضة كانت فورة عفوية وليست حدثا مخططا له مسبقا ". في حين ويرى مردخاي كيدار، الخبير في شؤون الشرق الأوسط من قسم اللغة العربية في جامعة بار إيلان، أن ما يميز الانتفاضة الشعبية ليس فقط قوتها، ولكن هذا النوع من الناس الذين شاركوا - الشباب والطلاب والمهنيين-، الذين في معظمهم لم يكونوا تجاوزا الخامسة والعشرين، وهو الجيل الذي ولد تحديدا في ظل الاحتلال، وهو الجيل الذي ذاق على جلده طريقة التعامل الصهيوني مع جيل الشباب الفلسطيني وكمية القمع الوحشي التي تعرض لها، وكان ينتظر فقط لحظة الانفجار.
يقول موشيه جفعاتي (عقيد احتياط) الذي قاد خلال الانتفاضة منطقة طولكرم وقلقيلية، وكان أول قائد للواء يهودا الذي عمل في الخليل قبل عام من الانتفاضة، "شعرت أن المنطقة بدأت تسخن ورأيت الهياج عن قرب، وبدأت المظاهرات تحدث على نطاق لم يكن معروفًا في الخليل، خاصة بين الطلاب الفلسطينيين"، وبشكل لا لبس فيه "كنا نلقي القبض على الأعلام"، ومع اندلاع الانتفاضة "لم يكن هناك عدد كاف من الجنود" و "الجيش لايعرف ماذا يفعل وبدا محرجا". ويضيف " لم يكن لدى النظام الوسائل للتعامل مع أعمال الشغب ".
كان البروفيسور موشيه ماعوز، من قسم الإسلام والشرق الأوسط في الجامعة العبرية في القدس، أحد كبار المستشارين في الشؤون العربية لوزير الحرب اسحق رابين، وفي كتابه "القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية"، الذي نشر في عام 1985، قبل عامين من اندلاع الانتفاضة، والذي نقله إلى الوزير رابين ورئيس الوزراء آنذاك بيريز ، كتب ماعوز أنه في المستقبل "ستنتج الضفة الغربية قيادة أصغر سنا، وأكثر راديكالية وتجدد النضال السياسي ومن بين أمور أخرى عن طريق العصيان المدني وأعمال العنف ضد إسرائيل، انطلاقا من الإحباط العميق واليأس بسبب زيادة وتيرة المستوطنات اليهودية وعملية ضم الأراضي".
ويرى أوري ميلشتين أنه على الرغم من أن كتاب ماعوز وصل إلى الأشخاص المناسبين و في الوقت المناسب، لكنه لم يحصل على الاهتمام المناسب وحتى بعد أكثر من 30 سنة من الأحداث الصعبة للانتفاضة، شعر بالإحباط، لأنه كان يتوقع المستقبل، وشارك أفكاره مع وزير الحرب الذي لم يقبل الحجج أو لم يستوعبها وكذلك المؤسسة الأمنية.
في تأريخ الانتفاضة، اعتبرت دراسات "إسرائيلية" وفي سجل شبه رسمي فلسطيني أن ما أِشعل شرارة الانتفاضة كان جنازة الفلسطينيين الأربعة من جباليا الذين استشهدوا بعد أن اقتحم/صدم سائق صهيوني سيارتهم بشاحنة جنوبي حاجز إيرز، واعتبر الصهاينة أن الاستهداف كان ثأرا لاغتيال شلومو ساكال، المستوطن الذي طعن حتى الموت قبلها بيومين، في سوق غزة. هذا القول يتنافى مع تاريخ المواجهة الطويل، فمثلا، في السادس من تشرين االأول/ أكتوبر اغتال الجيش الصهيوني خمسة من مجاهدي حركة الجهاد الإسلامي فيما أصبح معروفا بمعركة الشجاعية والتي اعتبرتها الحركة يوما لانطلاقتها، حيث كانت خلية الجهاد قد هربت من سجن غزة وقتل فيها ضابط الشاباك فكتور أرغوان. أعقب المعركة إضراب عام استمر ثلاثة أيام حيث شوهد المقاتلون المسلحون لأول مرة ربما منذ مطلع السبعينيات يتجولون في السيارات ويدعون للإضراب، وأيضا عمت موجة المظاهرات مدن ومخيمات غزة والخليل وبير زيت. أما حادثة الدهس فقد كانت مجرد شرارة إضافية ليست حاسمة، إذ كانت قد حصلت حوادث أسوأ سابقا خاصة حادثة مفترق أسدود حيث استشهد 23 عاملا معظمهم من عائلة البحيصي في دير البلح، ولم ينعكس هذا على الشارع الفلسطيني.
وبعد معركة الشجاعية ببضعة أيام أطلق مستوطن صهيوني النار على فتاة فلسطينية، وفي يوم 9كانون أول/ ديسمبر قام شبان بإلقاء الحجارة على الجنود في وسط مخيم جباليا، وحاصرت مجموعة من الفلسطينيين سيارة جيب وهاجموا الضابط وحاول واحد منهم الاستيلاء على سلاحه وألقيت زجاجتي مولوتوف على السيارة، وأشهر الضابط سلاحه وقتل الشهيد حاتم السيسي وقام الآلاف بمحاصرة المستشفى واسترداد جثمانه وأقاموا له جنازة كبيرة، وتسبب هذا بمزيد من الاحتقان والتصعيد، واعتبر هذا اليوم أول يوم في الانتفاضة، وحاتم السيسي شهيدها الأول، رغم تراكم الأحداث السابقة، ومن جباليا امتدت الانتفاضة لتعم البلاد كلها، ووصلت إلى القدس في التاسع عشر من الشهر ذاته، واختار الاحتلال الانقلاب على كل "جهوده" منذ احتلال المدينة بالكامل عام 1967، فبدأ بإعادة عزل أحياء شرقي القدس، كإجراء عقابي، وأدرك فيما بعد أن هذا ليس عملا حكيما، فتم إرسال الشرطة للسيطرة على المدينة التي فقد الاحتلال القدرة على "توحيدها" ثانية.
بالعودة إلى حادثة الدهس، عندما أصاب سائق الشاحنة الإسرائيلي هرتزل بوكوبزا، سيارة تقل ثمانية فلسطينيين كانوا عائدين من العمل في الداخل المحتل قتل أربعة من منهم، وعندما حاصر الجمهور سيارة بوكوبزا، هرب للنجاة بحياته وتم نقله بسيارة "إسرائيلية" مارة، وفيما بعد اتهم بالقتل الخطأ، ولكن هذه المسرحية القضائية "الإسرائيلية"، لم يكن لها أي تأثير على مجرى الأحداث وسرعان ما انتشرت الانتفاضة من غزة إلى مدن الضفة وقراها ومخيماتها.
ذلك كما قلنا، إضافة إلى عشرات الحوادث الأخرى التي اعتبرت في المستوى الأمني الصهيوني كمؤشر على تدهور الوضع الأمني في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث سجل تضاعف مستمر لما سمي "الحوادث الإرهابية" توجت بانسحاب ذليل لقوة "إسرائيلية " من مخيم بلاطة، في حادثة لم تعتبر عنيفة بشكل مميز.
فرضيات صهيونية عن الانتفاضة تتقاطع مع أخرى فلسطينية
يشير دارسوا الانتفاضة من الصهاينة إلى عديد من الفرضيات التي اعتبرت فلسطينيا أيضا محركات ونقاط اشتعال بنسب متفاوتة، أبرزها صفقة تبادل الأسرى بين الكيان والجبهة الشعبية-القيادة العامة، حيث أن يوفال ديسكين الذي عمل كمنسق أمن الشاباك في نابلس وجنين وطولكرم حينها، يعتبر أن إطلاق سراح الأسرى هو السبب الرئيسي للتغييرات والعمليات التي أدت إلى الانتفاضة الشعبية عام 1987، ويضيف: "لقد شعرنا بهذا، فجميع السجناء الذين أطلقوا كانوا قيادة جديدة ومتطرفة وناشطة مع شعور بأنهم بتحررهم هزموا دولة إسرائيل".
أيضا يرى دارسون آخرون أن دعوات اليمين المتطرف التي قادها أرئيل شارون لاقتحام الحي الإسلامي في القدس وتهويده، ونية فصل شرقي القدس عن شركة الكهرباء أدت إلى تصاعد التوتر والتحريض المتبادل.
يلاحظ آخرون أيضا أن الانحدار الاقتصادي كان عاملا مهما، حيث انخفض نصيب الفرد بعد 15 سنة من النمو في أوائل الثمانينات، وارتفع معدل النمو الطبيعي لسكان الضفة وغزة، بسبب تحسن الخدمات الطبية وانخفاض معدل الوفيات. إذا ترافق انخفاض الدخل مع ارتفاع معدل البطالة، وذلك جزئيا بسبب ارتفاع في تعليم السكان ورفض الشباب المتعلمين للعمل في وظائف بسيطة وزاد عدد الناس الذين يعتبرون أنفسهم فقراء.
كل هذا فُسر وبشكل محق فلسطينيا بأنه ناتج عن الاحتلال ونهب واستغلال الموارد الفلسطينية من قبله، بينما لم تستعمل الضرائب التي يجنيها من الفلسطينيين في الإنفاق على الخدمات في قراهم ومدنهم، وبالإضافة إلى ذلك، منع الفلسطينيين وأغلبهم فلاحين من الوصول إلى الموارد المائية وردم مئات الآبار، وحصولهم بتعنت على حصص مياه منخفضة جدا مقارنة بالمستوطنات، كل هذا عزز وضوح الرؤية لدى الفلسطينيين بأن "إسرائيل" تحتلهم ثم تنهبهم وتسرق مواردهم.
يلاحظ مؤرخون صهاينة وفلسطينيون أيضا أن من أسباب الانتفاضة: شعور الفلسطينيين بأنه تم التخلي عنهم من قبل العرب، وفشل منظمة التحرير في وعدها بتدمير "إسرائيل" وإقامة دولة فلسطينية، وهكذا يكتشف الكثير من الفلسطينيين أنهم في طريقهم لإكمال حياتهم تحت الاحتلال كمواطنين من الدرجة الثانية على الأكثر، يضاف إلى ذلك ما تسرب عن توقيع اتفاقية (لم تر النور فعلا) يوم 11 نيسان /أبريل 1987 في لندن بين شمعون بيريز والملك حسين تعزز الخيار الأردني في السيطرة على الضفة الغربية وتتجاهل منظمة التحرير الفلسطينية، كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
يزعم آخرون أن "التطرف الديني" اعتبر عاملا إضافيا في أعقاب انتصار الثورة الإيرانية التي نجحت في تحريك الرياح وتقوية التيار الديني، وأن "إسرائيل" نفسها قد شجعت هذه الظاهرة، و اعتبرت الحركات الدينية عقبة أمام منظمة التحرير الفلسطينية، وسمحت "إسرائيل" بحرية حركة الجمعيات الإسلامية ما مهد لولادة حركة حماس بالسيطرة على جميع المرافق الدينية عن طريق دفع العناصر المعتدلة للخارج. الأمر الإضافي الأخر، النجاح المبهر للهجوم الفدائي الذي نفذه خالد أكر بطائرة شراعية ضد معسكر غيبور (الأبطال) ما أيقظ بشكل كبير النضال الفلسطيني ضد "إسرائيل".
وهناك أمر آخر لايمكن تجاهله، في المقدمات التي قليلا ما تلفت الانتباه، يروي اسحق مردخاي نقلا عن كتاب "الإرهاب والأمل" للصحفي ديفيد يروشالمي، ويقول: أنه عام 1987، عُقدت محادثات مع الزعماء الفلسطينيين فيصل الحسيني وساري نسيبة وآخرين، الذين لم يعتقدوا أن اليسار "الإسرائيلي" يمكن أن يحقق السلام، من ناحية أخرى، اعتقدوا أن الليكود لديه فرصة، وتمكن من إقناع المرشح لرئاسة المكتب الصحفي لشامير، موشيه أميروف مشاركته تلك المحادثات، وأحضر معه العديد من الشخصيات الليكودية، الذين كانوا يعتبرون "أولاد شامير" وأبرزهم دان ميردور وأيهود أولمرت.
بعض نتائج الاتصالات تم إبلاغها لشامير ولكن الشاباك كان يعرف كل شيء عن العملية ويبلغ شامير أيضا، ويقول يرشالمي: "كنا نعتقد أن هذه الخطوة تمت بموافقة رئيس الوزراء، وبما أن شامير سمح لنا بإجراء المحادثات، كنا متأكدين من أنه سيكون سعيدًا بتوقيع الوثيقة، في آب / أغسطس 1987"، ولكن ما حدث أنه في اليوم الذي كان يفترض فيه توقيع الوثيقة تعرض نسيبة للضرب في رأسه من قبل رجال ملثمين وأصيب بجروح خطيرة، وقصفت القوات الجوية مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان وانهارت الخطة، وطُرد أميروف من الليكود بسبب خيانة الأيديولوجيا، وحوكم يرشالمي لمدة ثلاث سنوات بسبب الاجتماع مع منظمة التحرير وبقي أربع أشهر في السجن عام 1992، وأرسل شامير الحسيني أيضا إلى الاعتقال الإداري". ويزعم يروشالمي أن إحباط الفلسطينيين من توقيع الوثيقة قد يكون أحد عناصر الانتفاضة.
تزعم دراسات صهيونية أنه في الأيام الأولى للانتفاضة كانت غير منظمة، وأن الدراسات الاستقصائية التي أجريت بين المحتجزين الفلسطينيين كشفت أن معظم المعتقلين في هذه المرحلة لم يكونوا على صلة بنضالهم الوطني، وكثير منهم كانوا يعملون في "إسرائيل"، بالإضافة إلى ذلك اعترف بمشاركة النساء والأطفال في المواجهات، ولكن هذه "الفوضى" سرعان ما انتهت، بتشكيل اللجان الشعبية والقيادة الوطنية الموحدة التي تأسست رسميا في كانون أول/ديسمبر وصدر بيانها الأول في العاشر من الشهر التالي عام 1988.
تمكنت منظمة التحرير الفلسطينية مباشرة من قيادة الانتفاضة، لأن معظم أعضاء اللجان الشعبية وجميع أعضاء القيادة الموحدة كانوا أعضاء في فصائلها، ولكن بقي القادة المحليون مجهولون نسبيا ولم تكن منظمة التحرير وفصائلها وحدها في الميدان، بل وجدت نفسها تتنافس لأول مرة مع حماس والجهاد الإسلامي.
وعلى الرغم من أهميتها، تم تهميش الانتفاضة في الخطاب "الإسرائيلي العام في محاولة لعزل ما يحدث في "المناطق" عن المجتمع الصهيوني في الداخل، ولعل الشخص الأكثر صلة كان اللواء متقاعد اسحق مردخاي فعندما اندلعت الانتفاضة كان هو قائد الجبهة الجنوبية، ولكن بعد عام ونصف انتقلت المسؤولية إلى الجنرال ماتان فيلنائي، وحل مردخاي محل عمرام متسناع كقائد للقيادة المركزية.
الرد الصهيوني
تم تعيين مردخاي قائدا للقيادة الجنوبية في عام 1986، حيث يقول: إن غزة كانت مألوفة له مع مواقع خدمته السابقة، ويقول إنه اندهش من المساجد الكثيرة التي تم بناؤها هناك، ومن نفوذ الجمعية الخيرية التي يرأسها الشيخ أحمد ياسين "الذي تم دعمها استراتيجيا من "إسرائيل" كما يزعم، ويرفض عضو الكنيست بيري بشكل قاطع الادعاءات التي صدرت في الماضي بأن الشاباك كان وراء تأسيس المنظمة (يقصد حركة حماس). ويشير بيري إلى أن "الانتقاد غير صحيح" ، ولكنه يلاحظ أن جوهر المشكلة هو الاستعداد والرغبة "الإسرائيلية" في إنشاء حزب معارض لمنظمة التحرير الفلسطينية". ولسنوات عديدة ، "كانت إسرائيل تبحث عن أي منظمة لمواجهتها".
الدكتور كيدار ينضم لبيري، ويؤكد أن إسرائيل لم تقف وراء إنشاء حركة حماس، وإن كان يشير أيضا إلى تفاصيل حول السنوات التي سبقت الانتفاضة، والعلاقة بين مؤسس حركة حماس، الشيخ أحمد ياسين، ومنسق أعمال الحكومة في الثمانينات ديفيد بن إليعيزر، وسرعان ما أعلن عن تأسيس حماس، وظهر جيل جديد من الفلسطينيين الذين ولدوا بعد الاحتلال عام 1967، وكانوا يعيشون في ظروف مروعة، بينما امتلأت أسواق غزة أيام السبت بـ"الإسرائيليين" الذين يأتون لشراء السلع بأسعار رخيصة.
وأوضح مردخاي أن: "السلطة والمسؤولية عن قطاع غزة والضفة الغربية لم تكن من قبل الجيش، لكن وزارة الدفاع ومنسق أعمال الحكومة في المناطق، التي كانت خاضعة لوزير الدفاع. كان لدينا القليل جداً من المعلومات الاستخباراتية حول ما يحدث في قطاع غزة. وقفت هناك ولدي عشر كتائب، أي ما مجموعه 800 شخص، مع القليل من المعدات، ولم يكن لدينا أي فرصة للتعامل مع 650 ألف عربي كانوا يعيشون هناك".
يقول المؤرخ أوري ميلشتين إن أحدا في المؤسسة الأمنية الصهيونية، لم يفهم ما الذي يعنيه الحدث في جباليا ومخيمات غزة، وفي مراجعته لتلك الفترة، فإنه يقسم الانتفاضة لقسمين أو مرحلتين، الأولى ما يصفه باندلاع أعمال الشغب والمظاهرات العنيفة التي شارك فيها عشرات الآلاف من الأشخاص الذين تميزوا بالتسلح بالحجارة وإلقاءها على الجيش وقوات الأمن، ووصفهم الإعلام الصهيوني يومها بأنها "عودة إلى العصر الحجري"، ومرحلة ثانية زعم إنها مثلت "الحملة الإرهابية" التي بدأتها حماس والجهاد.
يروي ميلستين محادثة دارت بين إسحاق رابين، ورئيس هيئة الأركان دان شومرون الذي كانت ولايته قد انتهت، إذ سأله شمرون إن كان سيوقع اتفاقا مع ياسر عرفات ، وسأله رابين إن كان لديه حل فرد شومرون: "إسحق، الجيش الإسرائيلي ليس لديه جواب".
وكتب مردخاي بأن: " في المناقشة أجراها وزير الدفاع رابين قلت هناك إن الوضع قد تغير بشكل كبير، وأن الكثير من القوات كان يجب توجيهه إلى قطاع غزة، ولكن رابين طار إلى الولايات المتحدة تلك الليلة دون قرار، لكي يوقع اتفاقية شراء طائرات الأف 16"، وفي ذلك الوقت، يقول ميلشتين أن الضباط الكبار لم يفهموا أهمية الحدث، وحتى كبار الصحفيين، ولكن بعد أكثر من عامين نشر زئيف شيف المراسل العسكري لهآرتس حينها بالتعاون مع إيهود يعاري معلق الشؤون العربية في القناة الأولى كتابهما "الانتفاضة"، ووجها فيه انتقادات لاذعة لرابين لأنه واصل رحلته إلى الولايات المتحدة رغم إنه عاد مباشرة بعد التوقيع، وفي تلك المرحلة يقولان: أن الانتفاضة كانت قد اكتسبت زخمها وتتراكم. ميلشتين أن: "الإسرائيليين" لم يفهموا في الوقت الحقيقي والمناسب، الديناميكيات الكامنة وراء الانتفاضة، ولم يفهموا حتى اليوم.
وعندما بدأت الانتفاضة خرج كل شيء عن السيطرة كما يقول مردخاي، وردا على سؤال "لماذا لم تتمكن من السيطرة على أعمال الشغب عندما بدأت لأول مرة؟" يجيب مردخاي: "يجب أن نقول الحقيقة: فوجئنا، كما لم يكن لدينا الوسائل والموارد، ونحن لم ندرك في البداية ما يريدون، لم يكن لدينا حتى الآن سجلا في كيفية معاملة الفلسطينيين؟ ولم يكن الجنود معتادون على مثل هذه المواقف". ويصف يهودا مائير بأن التصرف كان نموذجا لعدم الكفاءة أدى إلى خسارة معركة الإعلام بشكل مبكر جدا.
وكان نشاط الشاباك كبيرا وتم رصد خطب الجوامع التي دعت الناس إلى عدم استخدام السلاح والسكاكين بل فقط الحجارة، كنوع من "إشارة سماوية" حسب تحليل صهيوني، وحينها اقترح يهودا مائير على الشاباك أن يرسلوا رجالهم ليمنعوا الخطباء في الضفة وغزة، ولكن الشاباك رد بأن ليس لديه ما يكفي من العملاء الميدانيين.
اكسر عظامهم
يقول العميد المتقاعد أميتزاي تشن الذي كان آمر وحدة كوماندوس "شاكيد" في مطلع السبعينيات في غزة: أن "الجيش الإسرائيلي" تجاهل عام 1987 دروس عامي 1971-1972.
وذكر مئير أن "رابين زار الأراضي المحتلة كثيراً وسألنا ماذا نفعل؟ لم يكن هناك جواب، لذلك قال: "كسر عظامهم". وسرعان ما انتشر أمره وحصلت فضيحة "لإسرائيل"، واضطر رابين للإنكار، وزعم: " لسوء الحظ، أُخذت كلماتي مأخذ الجد - لضرب المحرضين وبالتالي تحييد المظاهرات، طلبت وسائل الإعلام هنا أن أحاكم. لم أحصل على دعم". ولكن موشيه جفعاتي قال: إنه تم تنفيذ الأمر حرفيا.
نتيجة لخروج أمر رابين إلى العلن شن المحامي العسكري أمنون ستراشنوف محاكمة ضد اليسار في "إسرائيل" وحول العالم، وأصبح مائير كبش الفداء لتصريح رابين بعد أن قام شخصيا بتنفيذ أمره حرفيا، ففي إحدى المرات وضع مئير، وهو ضابط برتبة مقدم في الاحتياط، عددا من الفلسطينيين في حافلة، وزاد من ضجيج المحرك وأمر جنوده بضربهم، وكان موضوع المحرك لكي لا يسمع صراخهم في الخارج، وسيق يهودا مئير للمحاكمة، وفقا للقاضي المتقاعد أمنون ستراشنوف "هنا،" وعلاوة على ذلك، أمر جنوده بكسر الأيدي والأقدام لمثيري الشغب الفلسطينيين، على ما يبدو بالاعتماد على تصريح قد لا يكون رابين قد نطق به"، وقد تم تخفيض رتبته من عقيد إلى عريف، ثم طرد من الجيش. ويضيف مائير: "وفقدت معاشاتي. لقد كانت أول تجربة للانتفاضة، وكان أضرارها على جيش الدفاع الإسرائيلي ودولة إسرائيل هائلة، وبعد ذلك لم تكن هناك فرصة لوقف الانتفاضة".
جاء الاعتراف بضرورة تعزيز القوات بعد عودة رابين من الولايات المتحدة، ويتذكر مردخاي: "كانت هناك قوات في قطاع غزة، كنا 70 كتيبة، كان العامل الرئيسي هو شرطة الحدود"، ويضيف:" كل أسبوع كانت تجري مناقشة بين جميع الأطراف في وزارة الدفاع، وقمنا بتطوير نظرية لتفريق المظاهرات، وحتى عام 1989، لم يقتل أي مقاتل إسرائيلي في قطاع غزة، تم اختطاف اثنين من المقاتلين في اسرائيل وقتلوا".
في يوليو 1989، حل الميجور جنرال ماتان فيلناي محل مردخاي، الذي كان قد انتقل إلى القيادة المركزية، ووفقا لفيلناي: "وجدت نفسي في حالات خطرة للغاية، في نهاية أكتوبر 1991، بدأ مؤتمر مدريد، وكان رئيس الوفد الفلسطيني الأردني الدكتور حيدر عبد الشافي، أحد نبلاء قطاع غزة، الذي دافع منذ عام 1947عن فكرة الدولتين، وإذا فتحنا النار سنضر بالمؤتمر، ولكن القادة المحليون في الأحياء هم الذين حددوا التطورات وليس عرفات في تونس".
في هذه الأيام، يصف الكولونيل رون أبراهام سلسلة الأحداث: كانت شعبة كتائب الاحتياط في القطاع الشمالي مسؤولة عن الدوريات الأمنية الروتينية في غزة، وكان يصل العدد إلى 10 دوريات روتينية، ولكن "خلال أربعة أيام وصل العدد إلى 1200"، ويتابع الحديث عن أزمة المعدات، "لقد طُلب منا حماية المركبات من الحجارة (حتى كان جنود الاحتياط قد حموا السيارات بأسرة مربوطة بسيارة ...)، كنا نتعامل مع عدد كبير جدًا من الهجمات، أكثر من 150 هجمة يوميا".
يصف العقيد يشخشيل لولاتشي، الذي شغل منصب نائب مدير فيلق الاستخبارات العسكرية خلال هذه الفترة، واقع الحال كما يلي:
"دخلت القيادة في عملية متسارعة، حتى ذلك الحين كان الجميع يتعاملون مع قطاع غزة كمنطقة هادئة في ذلك الوقت، وعند اندلاع الانتفاضة تدفقت المعدات العسكرية والأسلحة بمعدل لم نكن نعهده من قبل، كانت القيادة مليئة بالقوة لدرجة أنه لم يكن هناك مكان لإيواء المركبات والجنود الذين وصلوا، لقد حاربنا أعلام وعلامات للفلسطينيين".
وصعدت "إسرائيل" ضغطها على من اعتبرت إنهم مُسيري الانتفاضة، من أفراد منظمة التحرير الفلسطينية وحماس، اغتيل أبو جهاد (خليل الوزير)، الذي كان مسؤولا عن تنظيم الانتفاضة في منظمة التحرير الفلسطينية، على يد وحدة السيرت متكال بعد خمسة أِشهر على الانتفاضة وبدأت شرطة حرس الحدود تشغيل وحدات متخفية في داخل الانتفاضة.
وبعد اختطاف وقتل شرطي حرس الحدود، نسيم توليدانو، تم تنفيذ عملية الإبعاد الجماعي، حيث اعتقل الجيش الصهيوني 1200 فلسطيني وتم ترحيل 415 منهم إلى لبنان، ورفض لبنان استقبال المبعدين، فأقاموا مخيمهم في مرج الزهور في المنطقة المحايدة، وسرعان ما تحول المخيم إلى مركز إعلامي أسقط صورة "إسرائيل" عالميا.
ما هو أكثر إشكالية "لإسرائيل" من الموقف الإعلامي، كان تواصل المبعدين مع ممثلي فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ويزعم العدو أنه تم تدريبهم على القيام بهجمات وعلى التفجيرات، وبرز في مرج الزهور قادة مهمين كالشهيد عبد العزيز الرنتيسي وغيرهم، في النهاية، أُجبرت "إسرائيل" على إعادة معظم المرحلين إلى بيوتهم.
في شهادته يقول العميد الدكتور دوف تماري، أن: "قادة البلاد وقادة الجيش الإسرائيلي اعتقدوا في عام 1987، أننا قادرون على التعامل مع سلسلة من الأحداث، ولكنهم لم يفهموا أن هذه عملية تاريخية".
ضمن الدراسات "الإسرائيلية" أيضا نشر الدكتور حاييم آتسا مؤخرًا كتابًا جديدًا بعنوان: "غرباء عن أنفسهم - تاريخ البشرية كثورة عقلية" ، من بين أمور أخرى، يتعامل مع ظاهرة الانتفاضة، وهو يعتقد أنه يجب بالفعل مكافحة "الإرهاب"، ولكن في الوقت نفسه، يضيف: يعاني النظام السياسي في إسرائيل من الرعونة والسطحية". ويقول إن أحد الأسئلة المثيرة للاهتمام هو ما حدث للجمهور "الإسرائيلي" من حيث الوعي الوطني؟ "لقد تغيرت المنطقة من نهاية إلى أخرى، طوال 30 عامًا، لم تعد يهودا والسامرة إلى الاستقرار كما كانت، مع مرور الوقت، كانت هناك عناصر إرهابية موحدة في الضفة الغربية، و العديد من الإسرائيليين لم يتمكنوا من رؤية هذه الأحداث، ويبدو أن اليسار كان يعبث بعقول الناس ضد الجيش" و "فاز اليسار بأكبر منظمة متطرفة نتيجة الانتفاضة وهي بتسيلم".
وقد أقر شلومو غازيت رئيس الاستخبارات العسكرية السابق في كتابه أن الانتفاضة وضعت حدا لعشرين عاما من وهم الهدوء النسبي، ويعترف أن: "المهمة لم تنجز بالفعل، قمنا بكل شيء: طردناهم، وكسرنا عظامهم، وهدمنا البيوت، ونفذنا إجراءات خاصة بالوحدات الخاصة، كل شيء جرب، ولكن دون أي نجاح والواقع آنذاك ما زال حاضرا اليوم".
أخيرا
في الوقت الذي تغالي فيه، بعض الأدبيات الصهيونية المتطرفة في تمجيد الذات، وبأن الجيش نجح في احتواء الانتفاضة وترويضها، فإن الأدبيات الموضوعية والأكثر رصانة وعلمية، تؤكد أن الجيش فشل فشلا ذريعا في التعاطي مع الانتفاضة حتى بعد ست سنوات من اندلاعها، رغم كل الإجراءات التي اتخذت في مواجهتها.
لم يتوقف زخم الانتفاضة نتيجة الإجراءات الصهيونية، ولكن يعيدها الأكثر إلى السلسلة المتدحرجة من الأحداث التي بدأت بغزو العراق للكويت في صيف 1990، واندلاع حرب الخليج بعدها بعام ونصف، وتحويل انتباه العالم تدريجيا، إلى بؤر صراع جديدة، وخلق واقع جيوسياسي جديد في الشرق الأوسط، مكن الولايات المتحدة من أن تلعب دوراً محورياً في المنطقة، بعد أن أصبحت قطباً أحادياً يقود النظام الدولي أثر انهيار التوازن الدولي، بتفكك الاتحاد السوفييتي ومنظومته الاشتراكية، و إخضاع الأطراف لفكرة ما سُمي في حينه مؤتمر السلام في مدريد، الذي قبلت أن تشارك فيه قيادة المنظمة، ضمن وفد فلسطيني أردني مشترك، وصولاً إلى مفاوضات أوسلو السرية، وما نتج عنها من اتفاقات كارثية، عبرت عن الذهنية السياسية القاصرة والمتسرعة التي سيطرت على تلك القيادة بحثاً عن نصر سريع، في معركة، جاء الواقع بعد ربع قرن، ليعلن أنها هزيمة لنصر كان يمكن أن يتحقق بمزيد من الوعي والمسؤولية والفعل والمثابرة والصبر.