أكد البيان الختامي لمؤتمر الحكيم، اليوم الأحد، على أن قضية فلسطين ستظل قضية العرب المركزية، وعلى أهمية المقاومة بكافة أشكالها ضد الاحتلال الكولنيالي الاستيطاني الاستعماري الصهيوني هذا الجسم الإحلالي الغريب في وطننا العربي، والمهدد لوجوده ومصالحه ومستقبله، وشدّد على أن شعوبنا العربية جميعها ضد كل أشكال التطبيع، وأنّ سير الأنظمة العربية في نفس المسار السلمي جعل من القضية الفلسطينية قضية ثانوية على أجندة الحاكم العربي.
وجرى المؤتمر بمشاركة شعبية ووطنية واسعة في مدينة غزة مساء الأحد 27 يناير 2019، حيث نظمته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تحت عنوان (جريمة التطبيع وسبل المواجهة)، على شرف الذكرى الحادية عشرة لرحيل مؤسسها الدكتور جورج حبش .
كما أكّد البيان الختامي للمؤتمر، على أن "اتفاقيات السلام في تسعينيات القرن الماضي مثل أوسلو، ووادي عربة ساهمت في فتح الباب أمام العديد من الأنظمة العربية للتساوق مع التطبيع مع الكيان الصهيوني، وشكّلت مزيدًا من الاختراق الصهيوني للجسم الفلسطيني والعربي على مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والإعلامية والسياسية، فضلاً عن استغلال الاحتلال حالة الانقسام الفلسطيني والتشرذم العربي الداخلي والعربي العربي في التغلغل بالمنطقة العربية".
وتوجه المؤتمر بتحية العهد والوفاء إلى روح المؤسس الدكتور جورج حبش أبرز ثوريي عصرنا وأرقاهم أخلاقًا وأشدهم تفانيًا، والذي كان شعاعًا من أشعة المقاومة المضيئة ومفكراً وحكيماً فعلاً وقولًا، والذي كان نموذجاً للعطاء والمناضل الشريف والاستقامة والنزاهة الفكرية والسياسية والأخلاقية ورمزًا وقدوة، وترك أثرًا لن يُمحى سواء في الحركة الوطنية الفلسطينية أو النضال الوطني التحرري العالمي.
كما ثمن المؤتمر الجهود المبذولة التي تقوم بها حملة المقاطعة في مقاطعة وعزل الكيان وفضح جرائمه، مستعرضاً أبرز إنجازات الحملة سياسياً وثقافياً وأكاديمياً واقتصادياً، ومناقشة الإشكاليات التي تواجهها، وتصاعد الحملات المضادة وملاحقة الاحتلال لنشطاء المقاطعة.
كما ناقش المؤتمر أبرز الاستراتيجيات والأدوات التي يعتمد عليها الاحتلال للتغلغل في المنطقة العربية، والتي يمكن تلخيصها بأن الكيان الصهيوني يشق طريقه بحضور سِلَعيّ وبآليات ثقافية تضليلية مثلما يشق جيشه الطرق ويدمر البيوت بآليات عسكرية فتاكة.
وتبنى المؤتمر بعد نقاشٍ معمق التوصيات التالية، من أجل مواجهة التطبيع وتعزيز حملة المقاطعة:
1. وضع استراتيجية فلسطينية وعربية ودولية على طريق تشكيل جبهة شعبية عربية لمواجهة التطبيع الرسمي والنخبوي وملاحقة رموزه، ومن أجل تبني نداء المقاطعة لتصبح فعلًا نضاليًا يوميًا ومستمرًا وجزءًا من الوعي الشعبي الوطني والعربي، يؤسس لاعتبار الاحتلال كيانًا منبوذًا عالميًا وانسانيًا، يضع كل من يتعاون معه أو يؤيده في دائرة العار المناهض للإنسانية والعدالة والحقوق والاتفاقيات الدولية، وهذا يستدعي ممارسة ضغوط شعبية على الأنظمة السياسية القائمة لوقف هذا التطبيع.
2. ضرورة سحب المبادرة العربية أو أية مبادرات أو مواقف تفتح قنوات للتطبيع مع الكيان الصهيوني، والارتكاز في مقاومة الاحتلال على الثوابت الوطنية الفلسطينية، والثوابت القومية العربية في مواجهة المشروع الصهيوني.
3. دعم حركة المقاطعة للكيان الصهيوني، وتعزيز الدور الشعبي والمؤسساتي لها، وتفعيل نداء المقاطعة الصادر سنة 2005 من كل القوى الفلسطينية وخاصة قوى اليسار والتقدم، وهي دعوة للتجمع الوطني الديمقراطي لتبني النداء وتنظيم حملات التوعية والنضال من أجل أن تصبح المقاطعة واجباً وطنياً، يمارسه كل بيت وفرد فلسطيني ومن ثم الانطلاق نحو المجتمع العربي والدولي.
4. تشكيل درع حماية من مؤسسات المجتمع الأهلي عامة ومنظمات حقوق الإنسان للدفاع عن مناضلي حركة المقاطعة وحمايتهم من الملاحقة القانونية وضمان حرية حركتهم وعملهم واستثمار كافة العلاقات الدولية لحمايتهم.
5. دعوة كل المؤسسات الأهلية والنقابات والاتحادات العمالية والمهنية إلى تبني نداء المقاطعة، وجعل المقاطعة ورفض التطبيع جزءًا من نضالهم النقابي، وبوصلة وشرطًا للعلاقات مع الاتحادات والنقابات والمؤسسات العربية والدولية .
6. دعوة المواطنين العرب للضغط على أنظمتها وخاصة التي انزلقت في وحل التطبيع إلى التراجع عن جريمة التطبيع والعودة إلى خيار شعوبها المناهضة للتطبيع بأشكاله المختلفة .
7. مواجهة محاولات كي الوعي أو ممارسة التطبيع الثقافي من بعض المثقفين العرب بعزلهم وتعريتهم، وفضح مآربهم الخبيثة في استدخال الأفكار المهزومة في المجتمعات العربية.
8. مقاطعة السلع الصهيونية وتجفيف مصادر إدخالها إلى الأسواق العربية، وبالمقابل دعم المنتج الوطني الفلسطيني وضمان وصوله إلى السوق العربية المشتركة، ومواجهة كل أشكال تسريب العقارات في القدس المحتلة، ومحاكمة المتسببين بها.
9. دعوة السلطة إلى وقف التنسيق الأمني ووقف التطبيع، ودعوة الحكومة في غزة والضفة إلى وقف علاقاتها مع الأنظمة العربية المطبعة مع الاحتلال والضغط على تلك الأنظمة لقطع علاقاتها مع الاحتلال ومنع اللقاءات التطبيعية العلنية والسرية ووقف استقبال قادة الاحتلال ورموزه في وسائل الإعلام العربية.
10. دعوة المؤتمر إلى ضرورة إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، وحالة التشرذم والنزاعات العربية الداخلية لتعزيز الجبهة الداخلية الفلسطينية والجبهة العربية.
وختاماً "عاهد المؤتمر المؤسس الراحل الدكتور حبش وكل شهداء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية بالاستمرار على نهج الراحل الدكتور وكل القادة الشهداء، وبضرورة العمل على توحيد طاقات أمتنا العربية ليكونوا سداً منيعاً أمام كل محاولات التطبيع مع العدو الصهيوني على كافة المستويات، وأن يظلوا أوفياء للقضية العربية وفي القلب منها القضية الفلسطينية، وستبقى فلسطين قبلتهم وسيبقى جورج حبش مدرسة ثورية ينهل منها الجميع دروسها أبد الدهر، وستظل الأجيال المتعاقبة تتعلم منه سيرة النضال الصحيح والالتزام والصلابة المبدئية التي لا تتزعزع كبوصلة في طريق نيل حريتها في العودة والحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على كامل التراب الوطني الفلسطيني".