استعجلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عندما تحدثت عن أن مفاوضات نتنياهو مع الأحزاب الدينية المرشحة للدخول في ائتلاف حكومي برئاسته يواجه صعوباتٍ حقيقية، وذلك باعتبار أن هذه الأحزاب وفي بداية مثل هذه المفاوضات تضع شروطًا صعبة على صعيدي المناصب والميزانيات والصلاحيات، وهذه بديهية من بديهيات أية عملية تفاوضية، لذلك تستمر هذه المفاوضات عدة جولات من أجل التوصل إلى تفاهمات بحدود ما هو ممكن التوصل إليه من خلال مراجعات إلى الحدود التي من شأنها حسم الخلافات الأولية لصالح القبول بما هو ممكن ومقبول في إطار تعدد الأحزاب واختلاف متطلباتها، وهذه حال نتنياهو مع محاولاته السابقة لدى تشكيل الحكومات الأربع الماضية، والتي نجح في نهاية الأمر في التغلب على ابتزاز هذه الأحزاب، بفضل حنكت وقدرته على وضع التكتيكات المناسبة والتي شكّلت خبرته الطويلة في هذا المجال.
المشكلة الحقيقية التي تواجه نتنياهو على صعيد التشكيل الائتلافي، تتمثل في أن حزبه، حزب الليكود، الحزب الأكبر في الائتلاف المحتمل، لن يظل له إلا القليل في المناصب الحكومية والوزارات غير ذات أهمية أو شأن، بنتيجة ابتزاز الأحزاب الصغيرة، لكن لدى نتنياهو الحل، ذلك أن هذه الأحزاب الصغيرة الموغلة في ابتزازه لا تدرك أن هناك احتياطي يمكن لنتنياهو استدعائه وقت الحاجة، وليس بالضرورة أن يتم استثمار هذا الاحتياط عمليًا، بل الاشهار به كشكل من أشكال التهديد، بأن نتنياهو في نهاية الأمر لن يخضع لابتزاز هذه الأحزاب الصغيرة والخليفة التقليدية له.
هناك تسريبات أشارت لها صحيفة هآرتس، عندما أشارت إلى أن نتنياهو يسعى إلى حث أحد أعضاء الكنيست في حزب "أزرق- أبيض"، للانضمام إلى الائتلاف، خاصةً أن هذا الحزب برئاسة الجنرالات، مجرد تجمع غير متناسق لا تنظيميًا ولا سياسيًا، كان ما يجمعهم هدف واحد، وهو إسقاط نتنياهو، لكن نتنياهو لم يسقط، واحتمال إغراء أحد نواب هذا التكتل أو أكثر بات واردًا، وعلى الأقل فإن توجه نتنياهو لمثل هذا التسريب، حتى ولو لم يكن حقيقيًا، خاصة وأنه لم يتم ذكر اسم هذا المرشح للانضمام للائتلاف، من شأنه أن يوسع دائرة المناورة لدى نتنياهو، ويخفف من ابتزاز الأحزاب الصغيرة.
وعلى سبيل المثال، فإن حزب "إسرائيل بيتنا"" بزعامة ليبرمان، الحائز على خمسة مقاعد، يتمنى الاستغناء عنه لتشكيل ائتلاف في 61 مقعدًا، بدلاً من 65، من خلال ضم أحد نواب "أزرق –أبيض"، كما جاء في التسريب، الأمر الذي من شأنه الضغط على ليبرمان للتخفيف من اشتراطاته، خاصة وأن مكانه الطبيعي في هذا الائتلاف اليميني، ولا مكان له في الناحية الأيديولوجية في إطار المعارضة.