انتظرت القاهرة حتى اللحظة الأخيرة كي ترسل نائب وزير ماليتها للمُشاركة في ورشة البحرين، وكالة رويترز حاولت التعرف على الموقف المصري في الورشة من خلال تحقيق مطول، وصلت من خلاله إلى الاستنتاج أن مصر تعارض هذه الورشة رغم مشاركتها، القاهرة ترددت كثيرًا قبل الاعلان عن مشاركتها، يعود ذلك إلى سببين رئيسيين، أن القاهرة لن تسير ضد رغبة الفلسطيني، وأنها لن تتنازل عن أراضيها في سيناء لصالح الحل الاقتصادي الذي أشارت إليها الجهات التي أعدت خطة الورشة، في حين أشار البعض أن المبلغ المتاح لمصر في سياق مشاريع اقتصادية في سيناء، يعتبر مجرد قطرة في بحر لا يكفي لإنشاء بضعة طرق ومبانٍ (الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق) في حين اعتبر اللواء محمد ابراهيم عضو الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن إقامة مشروعات في سيناء يخضع للسيادة المصرية والقرار المصري وحده ولا يمكن لأحد أن يفرض علينا إقامة مشروعات جديدة، إلا أن ربط قطاع غزة بسيناء، هو السبب الأساسي لرفض مصر لأعمال الورشة، حسب ناثان براون أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج تاون، إن تمويل التنمية الاقتصادية لسيناء أمر جذّاب لكن يبدو أن الهدف من الخطة هو ربط قطاع غزة بسيناء بطريقة رفضتها مصر لأسبابٍ سياسية وأمنية.
وكان من الملاحظ على نطاقٍ لافت للانتباه، أن وسائل الاعلام المصرية ورغم المشاركة الرسمية المصرية هاجمت ورشة البحرين وصفقة القرن، الدكتور مصطفى الفقي رئيس مكتبة الاسكندرية، وفي برنامج "يحدث في مصر" اعتبر الخطة الأمريكية "بلهاء" لأنها تحاول اغراء الجانب الفلسطيني بوضع اقتصادي أفضل مقابل التخلي عن الحقوق السياسية، والخطة كما يراها جميل مطر في "الشروق" ألعن عملية ابتزاز بشري في العصر الحديث، ويضيف: "تصوروا معي حالنا لو هيمن كوشنير وفرض علينا وعلى أولادنا وأحفادنا قواعد صفقة القرن وأخلاقياته"، وأدلى الاعلامي عماد الدين أديب بدلوه في صحيفة الوطن مستغربًا طريقة تفكير (.......) في أن خمسين مليار دولار قادرة على شراء أكثر من سبعين عامًا من الصراع الدموي، وفي سياقٍ موازٍ، لفتت الكاتبة مي عزام في "المصري اليوم" الصفقة والورشة، حيث تقدم إسرائيل وأميركا الرعاية، لكن التمويل من العرب، في سياق خطة هي مجرد عملية استسلام وخضوع لفكرة التفوق الإسرائيلي والحماية الأمريكية الضرورية.
رغم المشاركة المصرية في ورشة البحرين، والتي تعبر رغم كل شيء إلى خنوع القاهرة للابتزاز الأميركي إلا أن الحملة التي شنتها وسائل الاعلام المصرية على الصفقة والورشة، تشير بوضوح إلى أن القاهرة تشعر بالقلق المتزايد من جراء هذه الخطة، على المستويين الأمني والسياسي، ولا شك أن الاعلام المصري اللصيق بالموقف الرسمي، كان أكثر تعبيرًا عن الرفض، رغم أن الموقف كان أقرب إلى التردد، بانتظار موقف أكثر حسمًا، ربما عند الاعلان عن الجانب السياسي من الخطة!!