تظاهر نحو 300 محامي فلسطيني من قطاع غزة، اليوم الثلاثاء 20 أغسطس، أمام حاجز بيت حانون "إيرز" شمال القطاع، رفضًا للحصار المفروض على على غزة منذ أكثر من 13 عامًا.
وخرج المحامون في التظاهرة استجابةً لدعوة الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار، تحت مسمى "محامون ضد الحصار". ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية، ولافتات باللّغتين العربية والإنجليزية دعت إلى وقف قتل الفلسطينيين والاستهداف المتعمد للمدنيين، ورفع الحصار عن القطاع فورًا.
من جهتها، أطلقت المحامية فاتن لولو، باسم محامي غزة، نداءً عاجلًا، شدّدت فيه على أنّ "وقت التحرك قد حان" لرفع الحصار المفروض على القطاع، والمتواصل منذ 13 عامًا ويزيد.
وفي "النداء العاجل"، قالت المحامية لولو، "إن سلطات الاحتلال تستمر في تشديد حصارها الشامل، الذي تفرضه على قطاع غزة، منذ يناير 2006 وحتى اليوم، ما يُدلل على حرص الحكومات الإسرائيلية على تطبيق سياسية عقاب جماعي للفلسطينيين بغزة، شملت العديد من القيود على حرية حركة الأفراد والبضائع، وهو ما تسبب بمأساة إنسانية بالغة التعقيد.
وبيّنت أنّ "نحو 2 مليون نسمة من سكان غزة، يعيشون في معزلٍ، وسجن جماعي لا تتجاوز مساحته 365 كم2، وتسببت هذه الممارسات الإسرائيلية في مزيدٍ من تدهور مُجمل حقوق السكان المدنية والسياسية و الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وانعكست تأثيراته بشكل خاص، بارتفاع نسب البطالة والفقر، وتقييد حرية الحركة والبضائع، وتدهور الظروف الإنسانية، وتردي مستوى الخدمات من صحة وسكن وتعليم وصحة، وهو ما يفضح زيف أيّ ادعاءٍ إسرائيلي بتخفيف وطأة إجراءات الحصار".
ونوّهت المحامية، في كلمتها خلال الاعتصام، إلى أنّ "نسبة الفقر في قطاع غزة وصلت إلى 65%، ونسبة البطالة تُقارب 53%، فيما تبلغ وسط الشباب نحو 63.8%، كما وتعاني حوالي 74% من عائلات قطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي، و4600 عائلة في قطاع غزة لا تزال مشردة بلا مأوى، فيما تعيش 5 آلاف عائلة أخرى في خيام أو بيوت من البلاستيك"، يُضاف إلى هذا "أنّ نسبة المياه الصالحة للشرب في غزة لا تتجاوز 3%، في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة الكهرباء إذا لا تزيد ساعات وصل التيار عن 8 في أفضل الأحوال".
بدوره، تحدث المحامي عادل مهنا مسؤول وحدة الرصد والتوثيق في نقابة المحامين بغزة، عن الآثار الناجمة عن الحصار "الإسرائيلي" على كافة القطاعات الخدماتية الإنتاجية، وفق متابعة ورصد طوال أعوام الحصار.
ومنها، ذكر على سبيل المثال، بأن القطاع الصحي يعاني عجز كبير في الأدوية الأساسية داخل مستشفيات القطاع بلغت 52%، أي أن نصف المرضى لا يتلقون علاج، وأن 69% من أدوية الأمراض المزمنة غير متوفرة، وعجز في خدمات مرضى السرطان بنسبة 55%، كما أن هناك 1000 طفل يعانون من توفر الحليب العلاجي، إضافة إلى 30% من المستهلكات واللوازم الطبية غير متوفرة.
وأكد مهنا ان النقابة ستبقى ملتفة حول أبناء شعبنا وقضيتنا في مطالبته العادلة والوطنية، مطالبةً الجهات الدولية العمل بجدية لرفع الحصار الفوري، وتوفير سبل العيش الكريمة لسكان القطاع.
ودعا المحامي مهنا، الجهات الحقوقية الدولية والمدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للإسراع في فتح تحقيق في الحالة الفلسطينية ومحاسبة الاحتلال على جرائمه ضد الفلسطينيين.
كما ودعا عادل مهنا في مستهل حديثه، طرفي الانقسام للإسراع في إنهاء هذا الانقسام الفلسطيني البغيض، وتوجيه البوصلة نحو مقاومة الاحتلال، وردعه عن جرائمه المقترفة بحق شعبنا.
"وطالت الأزمات القطاع الصحي، الذي يُعاني على مدار سنوات من نقص الأدوية والمستهلكات الطبية، بعجز يصل إلى 50 % شهرياً. كما تتواصل انتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين القاطنين في المناطق مقيدة الوصول، على امتداد حدود قطاع غزة الشرقية والشمالية، وبعمق يصل حوالي 1.5 كم، إذ يمنعهم الاحتلال من الوصول إلى أراضيهم الزراعية والعمل فيها، يُضاف إلى هذا استمرار الحصار البحري، عبر تضيق مساحات الصيد وتكرار الاعتداءات التي يتعرض لها الصيادون الفلسطينيون، من إطلاق نار وقتل وإصابة وملاحقة وتفتيش وتنكيل، ومصادرة مراكب أو إغراقها، ومصادرة معدات منهم".
وزادت المحامية فاتن لولو بالقول إنّ "قطاع العدالة، وأسوةً بكل القطاعات الاقتصادية الخدمية، عانى من تداعيات الحصار التي تركت آثار سلبية على السلطة القضائية، وعمل المحامين والمؤسسات الحقوقية وأجهزة انفاذ القانون".
"وبالتوازي مع حصار غزة، تواصلت الانتهاكات الإسرائيلية التي تقترفها القوات الحربية الإسرائيلية، بشكل يومي بحق المدنيين الفلسطينيين، وتفاقمت هذه الانتهاكات أثناء العمليات العدوانية الحربية الواسعة في الأعوام ( 2008، 2012، 2014)، والتي راح ضحيتها آلالاف الفلسطينيين العُزَّل، كما أنها خلفت مئات الآلاف من المصابين، والمباني السكنية والبنية التحية التي لم يتم إعادة إعمارها حتي الآن، بسبب إجراءات الاحتلال التي تعيق هذه العملية" حسبما قالته المحامية .
وأكّدت لولو على أنّ "الوقائع الميدانية خلال الأعوام الأخيرة تشير إلى استمرار إجراءات حصار على قطاع غزة، وكذب التصريحات الإسرائيلية المتعاقبة بشأن تخفيف الحصار، إذ لم يطرأ أي تغيير هيكلي على إجراءات الحصار، ولم تمس التسهيلات المزعومة التي تعلنها سلطات الاحتلال جوهر القيود المفروضة على حرية الحركة للأفراد والبضائع. ما يؤكد أن هدف سياسات الاحتلال هو مأسسة الحصار المفروض على القطاع، وجعله يحظى بموافقة دولية، ما يعني نجاحها في الالتفاف على قواعد القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان الدولي".
وذكّرت المحامية بأن "سكان القطاع يعانون معاناة إضافية من جراء استمرار حالة الانقسام السياسي والعقوبات الجماعية التي أخذتها الرئاسة والحكومة الفلسطينية بالضفة الغربية، والمستمرة لغاية هذه اللحظة، ما ضاعف من حجم المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، وأثرت وما زالت تؤثر بشكل سلبي على كل المنظومة الحياتية وخاصة قطاعي الصحة والتعليم، والكهرباء والمياه والاقتصاد والتجارة والبنوك وغيرهم من القطاعات الحيوية الهامة".
هذا وشدّدت لولو على أن "حصار قطاع غزة يعد خرقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، وعقوبات جماعية محظورة بموجب قواعد الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، و جملة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ومنها اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وقت الحرب للعام 1949، التي تشير للالتزامات القانونية التي تلقيها على إسرائيل باعتبارها دولة احتلال إزاء المدنيين، التي تحظر العقاب الجماعي وتدابير الاقتصاص من المدنيين. إذ تنص المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة علي تحريم العقوبات الجماعية، والمادة (50) من لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية، لاهاي 18 تشرين الأول/أكتوبر للعام 1907، ومخالف لميثاق روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية.
وحذّرت المحامية لولو، باسم محامي غزة "سلطات الاحتلال، وقواتها الحربية من سياسية الإمعان في العقوبات الجماعية واستهداف المدنيين المتظاهرين سلميًا، مُحملةً إياها المسؤولية القانونية عنها".
وعليه، طالبت المجتمع الدولي وكل المنظمات الدولية بضرورة تحمل مسئولياتهم القانونية والأخلاقية، والتدخل الفوري والعاجل، لجهة إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، والضغط على سلطات الاحتلال لإجبارها على احترام التزاماتها كقوة احتلال، بموجب مبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
كما طالبت هيئةَ الأمم المتحدة والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف بالقيام بمسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية، بالعمل على مساءلة ومحاسبة ومقاطعة دولة الاحتلال على جرائمها بحق المدنيين والأعيان المدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ودعت هيئات الأمم المتحدة كافة، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وكل المنظمات الدولية، بالعمل على تحقيق أقصى درجات الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، بما يساهم في إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، وقف جريمة الاستيطان وتهويد مدينة القدس ، والتصدي للانتهاكات بحق الأسري والمعتقلين في سجون الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة في إقامة دولة المستقلة وعاصمتها القدس، وضمان عودة اللاجئين وفق قرار 194، والعمل على التدخل على كل الأصعدة السياسية والقانونية الإغاثية والإنسانية لدعم صمود المواطنين في فلسطين".
وكذلك دعت المحامية لولو اتحادَ الحقوقيين الدولي، والمحامين العرب، وكل ممثلي المنظمات الدولية غير الحكومية، ونشطاء حركة حقوق الإنسان، والمدافعين والمتضامين الدوليين، إلى التحرك العاجل في الميادين كافة للتعبير عن دعهم لرفع الحصار عن قطاع غزة ودعم حقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الضغط على حكوماتهم لتبني مواقف علنية تنتصر للقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني.
وختامًا، أعربت لولو، باسم محامي قطاع غزة، عن أملها من جميع الجهات الدولية المعنية التحرك الفوري، وقبل فوات الأوان، وقالت "إن الضغط يولد الانفجار، فالموطنون في قطاع غزة، يستحقون العمل معهم ومن أجلهم، فجمعيهم يتطلعون لدورٍ دوليّ يضمن لهم ولأطفالهم حقهم في الكرامة الإنسانية، باعتباره حقًا غير قابل للتفاوض أو التنازل أو الانتقاص، لذا نأمل منكم تبني هذا النداء بصفتكم، و/أو باسم منظمتكم، والقيام بكافة الإجراءات التضامنية لضمان الاستجابة لمطالب وحقوق موطني قطاع غزة، وسرعة التحرك لرفع الحصار المفروض على القطاع".