عرضت هيئة شؤون الأسرى، مساء الثلاثاء، شهادة أسيرين قاصرين من ضمن (34) أسيراً نقلتهم إدارة سجون الاحتلال من "عوفر" إلى "الدامون"؛ تمهيداً لتطبيق سياسة فصل الأسرى القاصرين عن اللّجان الإدارية المسؤولة عنهم والمكّونة من أسرى كبار.
ونقلت محامية هيئة الأسرى عن الأسيرين القاصرين مؤيد أحمد عناتي (15 عاماً)، من مخيم الفوار في الخليل، وفادي أشرف الكسبة (17 عاماً) من مخيم قلنديا ب القدس ، عقب زيارتها لهما في "الدامون"؛ أن إدارة سجن "عوفر" بدأت بنقل (34) أسيراً قاصراً بتاريخ 13 كانون الثاني الجاري مع السماح لهم باصطحاب ملابسهم وغطاء واحد ومخدّة وغطاء فراش لكل واحد منهم، إضافة إلى مشتريات غذائية بسيطة من "الكنتينا" لا تكفي لعدّة أيّام، دون السّماح لهم باصطحاب الأغراض الضّرورية الأخرى والتي تكون في غرف الأسرى كسخّانات الماء وأجهزة الطّبخ، ودون السّماح بمرافقة ممثليهم من الأسرى الكبار لهم.
وأكّد الأسيران أنهم وصلوا لقسم (1) في "الدامون"، وهو قسم مهجور منذ سنوات، ومليء بالحشرات والصراصير، ولا يصلح للحياة الآدمية، لا تدخله أشعة الشمس وتهويته سيئة جدا، مكون من خمس غرف صغيرة، ثلاث منها لا يوجد فيها نوافذ، واثنتين بنافذتين صغيرتين، وسقف الغرف منخفض جداً، وجدرانها مهترئة ورطبة، والحمامات خارج الغرف ووضعها سيء، وتوجد شبه ساحة صغيرة يطلق عليها (الفورة)، لكنها عبارة عن ممر بين باب القسم الرئيسي وبين الغرف، ولا يُسمح لهم بالخروج إليها إلّا لضربهم فيها، عدا عن رائحة القسم الكريهة، والفراش المهترئ، ويقدّم لهم طعام سيئ كماً ونوعاً، ويقوم الأطفال برفض تناوله في غالب الأحوال.
ولفتا إلى أن القاصرين بدأوا بالاحتجاج بالطّرق على الأبواب والصّراخ منذ لحظة وصولهم، احتجاجاً على منع الممثلين من مرافقتهم، وأن إدارة السجن قامت باستجلاب وحدات قمع السّجون الخاصة لقسم القاصرين منذ اليوم الأول للنقل وحتّى اليوم الرابع، فكانوا يقومون باقتحام غرف الأسرى بشكل مباغت، ويقطعون التيّار الكهربائي والمياه، ويعتدون عليهم ويثيرون الرّعب بينهم، وفي كل مرّة يختارون أسيرين أو ثلاثة ويخرجونهم من القسم للفورة ويعتدون عليهم بالضّرب المبرح، وكان أشدّ تلك الاقتحامات قسوة في اليوم الرابع للنقل، إذ اقتحمت أربع وحدات خاصّة قسم الأطفال وقامت بدفع رؤوسهم نحو الحائط، وإجلاسهم أرضاً، وكبّلت أيديهم وأقدامهم بمرابط بلاستيكية لمدّة أربع ساعات، ثمّ كبّلتها بالأصفاد الحديدية لساعات أخرى، مع حرمانهم من استخدام الحمام، والاعتداء عليهم بضرب رؤوسهم بالحائط عند أيّ حركة بسيطة يقومون بها.
وأشارا إلى أن القاصرين كانوا قد أعلنوا الإضراب في اليوم الثاني للنقل واستمرّ ليومين، فردّت عليهم وحدة القمع باقتحام القسم في كل ساعة، وضرب الأسرى واقتيادهم وهم نائمين من فراشهم وضرب رؤوسهم بالحائط، ورشّ الغاز ومصادرة الملابس والمواد الغذائية والأغطية، فاضطروا للنوم على فراش إدارة السجون الرقيق في ظل البرد القارس، فيما قامت بنقل أربعة منهم إلى الزنازين الانفرادية في مركز توقيف وتحقيق "الجلمة"، بادّعاء ممارسة التحريض، وهم: خليل جبارين، محمود عويص، رياض العمور ويحيى صبيح.
وبيّن الأسيران عناتي وكسبة أن إدارة السّجن حاولت اختراق الأسرى بإجراء مفاوضات مع كل واحد منهم على حدة، بعرض قبول الوضع القائم مقابل تقديم "تسهيلات وامتيازات"، إلّا أنهم رفضوا ذلك جميعهم وأصرّوا على إحضار ممثلين من الأسرى الكبار لإدارتهم.
وأشارا إلى أن إدارة السّجن كانت قد سمحت لثلاثة أسرى كبار بالدخول إلى قسم الأطفال مساء 16 كانون الثاني الجاري، ودفع هؤلاء الأسرى الإدارة إلى فكّ قيود الأطفال، وإرجاع ملابسهم وأغطيتهم المصادرة والتي كان قد جرى الإلقاء بها في السّاحة، وقدّمت الإدارة لهم وعوداً بإنهاء الأزمة وإحضار ممثلين دائمين لهم، إلّا أنها نكثت بالوعد اليوم الثلاثاء، وقامت بإرجاع الأسرى الكبار إلى سجونهم، وأعلنت عن توجّهها بتعميم سياسة منع دخول اللّجان الإدارية التابعة للأسرى الكبار لأقسام القاصرين في كافّة سجون الاحتلال، ومحاولتها تجميع الأسرى الأطفال في سجن واحد، ليعود الحال على ما هو عليه قبل العام 2010، وهي المرحلة الأسوأ في تاريخ قضية اعتقال الأطفال، والتي ناضل الأسرى لسنوات للقضاء عليها وفرض إرادتهم بوجود ممثلين يديرون الحياة اليومية لهم ويحمونهم من اختراق إدارة سجون الاحتلال لهم.
وأوضحت هيئة الأسرى أن إدارة السّجن أبلغت الأسرى بقرارها فرض عقوبات عليهم، تمثّلت بحرمان الأطفال من زيارة أهاليهم لهم، وفرض مبالغ كغرامات مالية على كل أسير.
وناشدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الأطفال واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة العفو الدولية بالتدّخل العاجل لمتابعة شكاوى الأطفال الذين يعيشون ظروفاً تنكيلية لليوم التاسع على التّوالي، مضيفة أنها تتابع قضيتهم منذ اليوم الأول، رغم وضع إدارة سجون الاحتلال للعراقيل أمام زيارة المحامين لهم وتوثيق شهاداتهم، وحجب الاتّصال معهم.