يبدو أن المعادلة السياسية وموازين القوى في الكيان الصهيوني تتغير كليا، بينما بدأت المفاوضات بين أزرق-أبيض بداية بين متساويين وكباش متناطحة على الأولوية، يتحول غانتس الآن بعد الانشقاقات في حزبه إلى مجرد قائد فصيل من 15 مقعد كنيست مؤكدة، ما يجعل نتنياهو غير متسرع في التفاوض وينتظر أن ينضج خصمه تماما ليسقط ويستقر في حضنه، ولكن هذا ليس كل شيء، فالحلبة السياسية أيضا غارقة في الفوضى السياسية المتأثرة تماما بالأزمة الصحية ما يجعل الانتخابات الرابعة احتمالا قويا وإن بقي غير مؤكد.
ويتساءل يؤاف كراكوفسكي في (كان) عما حدث لبني غانتس فعلا، بعد أن كان قبل ثلاثة أسابيع يهدد بتفكيك مشروع نتنياهو السياسي ولكن يتحول فجأة لينضم إليه بذريعة فيروس كورونا الذي تحول إلى عنصر تأثير سياسي في الكيان الصهيوني، بل دفعه أكثر للاستسلام لتفكك تحالفه مع عناصره الجوهرية سواء لابيد المحرك الأقوى للتحالف أو موشي يعلون الذي اكتسب أهمية في الانتخابات.
بنيامين نتنياهو من جانبه يناور، يريد حكومة الوحدة، ولا يريدها في صراع بين حاجاته الخاصة المتناقضة، يذكرنا بالحمار الذي يسجن نفسه تماما بين حزمتي قش، ولكن نتنياهو ربما لايكون ضحية لهذا الصراع، فمن المعتاد إنه يجد مخرجا يتيحه له الآن أكثر من أي شيء آخر ضعف غانتس والنقص الحاد في ميزاته القيادية، ضعف لاتستطيع الآن بزة الجنرال إخفاءه.
طبعا الاستطلاعات جيدة بالنسبة لنتنياهو وأسهمه ترتفع، بسبب انهزام خصمه بالذات وليس بسبب حسن أدائه في الأزمة، فهو سيكون قريبا جدا في مواجهة أزمة الاقتصاد، متحملا مسؤولية كاملة عن قوة اقتصادية يختبئ ربعها في المنازل، و يمكن أن تتحول إلى تصويت احتجاجي ضد الحكومة.
كان خطاب غانتس في وقت سابق من هذا الأسبوع صرخة غضب، على ما يبدو تهديدًا لنتنياهو، ولكن في الواقع كان الخطاب بأكمله تعبيرًا عن ضعف غانتس في مواجهة رئيس الحكومة، وأصبح احتمال تشكيل حكومة في المستقبل القريب بعيدًا جدًا. بينما يتربع نتنياهو على تراث سياسي لرجل فاز ثلاث مرات، ويبالغ في تسجيل إنجازاته في الأزمة، والبيانات الطبية إلى جانبه. و تمكن من حجب عدم الاستعداد لنظام الرعاية الصحية، وانهياره في السنوات الـ 15 الماضية بسبب الميزانية، وكل ذلك نتيجة لسياسة نتنياهو كرئيس للوزراء، ووزير الاقتصاد، ووزير الصحة، لأكثر من السنوات التي شغل فيها منصب رئيس الوزراء.
في هذا الوقت يقاتل بني غانتس بدون سلاح، كحزب متقلص يسعى لتشرع ضد نتنياهو يجبره على القدوم والموافقة على الجلوس معهم في نفس الحكومة. ماذا يقول غانتس لمؤيديه؟ أنا أقترح تشريعًا يمنع نتنياهو من العمل كرئيس للوزراء ولكن هل هذا هو الهدف الرئيسي لهذا التشريع من حيث غانتس، هل سيتوقف التشريع عن السماح لنتنياهو بالعمل كرئيس للوزراء لمدة عام ونصف؟ لا نهاية للاحتمالات.
عندما حصل غانتس على 33 مقعداً كان الحديث عن حكومة وحدة.ـ وأرادها نتنياهو فعلا، وفي الأيام الأخيرة، ينظر نتنياهو إلى خصمه السياسي المضروب، ويقول لنفسه، إنها ليست حكومة وحدة فعلية، لماذا يجب أن أدفع لغانتس مثل هذا الثمن الباهظ؟ لماذا يجب أن أضمن انتهاء مدتي الآن؟
الانتخابات الرابعة - أقرب من أي وقت مضى
وحذر بيني غانتس يوم السبت من انتخابات رابعة و كشف كيف تبدو المفاوضات مع الليكود. في جميع اجتماعات بيني غانتس مع نتنياهو، كان هناك تقدم كبير بين الحزبين في صياغة الاتفاقات لحل الخلافات حول عدد من القضايا. ولكن فور انتهاء هذه الاجتماعات، يتم تشكيل فرق التفاوض بين الحزبين، حيث تجلس الفرق، والقضايا التي تم إغلاقها بالفعل، والقضايا التي تم الاتفاق عليها بين القادة، ويعاد فتحها كما لو لم يتم مناقشتها مطلقًا ولم يتم الاتفاق عليها مطلقًا. لهذا السبب يشعر الأزرق أبيض أن هناك خطاب مزدوج ومتناقض في الليكود. من ناحية، يريدون الوحدة، ومن ناحية أخرى يريدون الانتخابات.
تبقى أسبوعان ونصف حتى ينحل الكنيست الـ23، وتصبح الكنيست الـ24 ممكنه، وعلى ما يبدو أن الكيان أقرب من أي وقت مضى إلى الانتخابات الرابعة.