Menu

تركيا وقطر تدعمان الإرهاب

"الشيوعي المصري": أوضاع ليبيا وسد النهضة أخطر التهديدات الراهنة للأمن القومي المصري

القاهرة _ بوابة الهدف

قال الحزب الشيوعي المصري، اليوم الثلاثاء، إنّ "ثورة 30 يونيو 2013 كانت ضربة قاصمة لتنظيم الإخوان الإرهابي، ليس في مصر فقط ولكن على مستوى المنطقة والعالم، وقد أدى ذلك إلى إخفاق الكثير من المخططات الإمبريالية والإقليمية الخاصة بإقامة ما أسموه بـ"الشرق الأوسط الكبير"، على أنقاض الدول القائمة بالفعل، حيث كان من المفترض تفكيك تلك الدول، بعد الإجهاز على جيوشها الوطنية، لصالح إقامة كيانات طائفية ومذهبية وعرقية ضعيفة ومتقاتلة إلى ما لا نهاية، ومن هنا، بم يحقق التفوّق المطلق لإسرائيل، ويسهّل لأمريكا عملية احتكار ونزح ثروات شعوب المنطقة والتحكم في طرق التجارة المارة به، في مواجهة أيّة قوى عظمى بازغة تقضي على هيمنة القطب الأمريكي الأوحد على العالم".

وتابع الحزب في بيانٍ له وصل "بوابة الهدف": إنّه "ومنذ سقوط حكم الإخوان في مصر، انتقل مقر قيادة التنظيم الإرهابي إلى تركيا و قطر ، وصارت هاتان الدولتان تدعمان الإخوان وجماعات الإرهاب في المنطقة بشكلٍ مباشر، حيث تقوم هاتان الدولتان (متحالفتين) بدور وظيفي يلتقي مع المخطط الصهيوني الأمريكي، كما يحقق مصالح كلتيهما في الهيمنة الإقليمية، فتخرج قطر من وضعية الدولة الضعيفة المهمشة إلى وضعية الدولة الفاعلة والمؤثرة التي تنفق من فوائضها النفطية بسخاءٍ شديد على كل المنصات الإعلامية الإخوانية والجماعات الإرهابية في المنطقة، كما تخطو تركيا في اتجاه حلم استعادة الإمبراطورية العثمانية المقبورة، ولذا فقد بدأت عقب ثورة 30 يونيو محاولات استنزاف مصر وإنهاك جيشها على محورين: الأوّل محاولة زعزعة الأوضاع في مصر بكل السبل الممكنة من خلال تجنيد وتسليح أعداد هائلة من الإرهابيين الذين يستهدفون كل مرافق الحياة في مصر، بدءاً من أبراج الكهرباء والشوارع والمرافق والأحياء السكنية ودور العبادة، خاصة كنائس المسيحيين، وقد تمكنت أجهزة الدولة المصرية من القضاء على هذه المجموعات وحققت تأمينًا كبيرًا لكل مناحي الحياة في البلاد، والمحوّر الثاني هو محاولة إدخال الجيش المصري في حالة استنفار واستنزاف دائمين من خلال مهاجمة مواقعه العسكرية في سيناء، وقد تمكّن الجيش من تحجيم هذه الهجمات والسيطرة على الأوضاع على نحو ملحوظ وحصرها في مساحة ضيقة وعلى فترات متباعدة تقع في المثلث الشمالي الشرقي لسيناء".

وأوضح أنّه "إزاء فشل تلك المخططات تم تحويل جبهات الصراع ضد مصر إلى الجبهة الليبية عبر التدخل التركي المكثف والمتصاعد، والجبهة الجنوبية عبر دعم أثيوبيا، خاصة من جانب تركيا وقطر وإسرائيل، لاستكمال بناء سد النهضة دون إبرام اتفاقات نهائية تضمن حق مصر في مياه النيل والاطمئنان على سلامة السد من الناحية الفنية".

وأكَّد الحزب أنّه "لا شك في أنّ طبيعة الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا (سلبية كانت أو إيجابية) تؤثر بقوة على الأمن القومي المصري، وذلك نظرًا لطبيعة الأرض والحدود الفاصلة بين الدولتين، فالحدود طويلة (1200 كيلو متر) والجغرافيا صحراوية خالية، والأرض منسابة بلا تعقيدات جيولوجية كبيرة بين البلدين، بما يسهّل من عملية الانتقال غير الرسمي بينهما، وبما يجعل من عملية تأمين هذه الحدود أمرًا بالغ الصعوبة، خاصة إذا لم يكن الطرف المقابل متعاونًا في عملية التأمين هذه، فما بالك لو كان طرفًا معاديًا، كما أن العلاقات الديموجرافية بين مصر وليبيا قوية للغاية، نظرًا للتنقل الحر للسكان عبر الحدود بين البلدين بسهولة كبيرة".

ورأى الحزب في بيانه أنّ "ليبيا عانت بشدة بعد تفكيك أجهزة الدولة وانتشار الميليشيات المتطاحنة هناك عقب إسقاط نظام القذافي، مما جعل الصحراء الغربية الشاسعة، والحدود المصرية الليبية معبرًا للسلاح ومعقلاً للإرهابين، وبذل الجيش المصري جهودًا كبيرة وناجحة لتأمين تلك الجبهة خلال السنوات الماضية، ودعمت مصر بقوة الحكومة الليبية ومجلس الشعب المنتخب والجيش الوطني الليبي المتمركز في شرق ليبيا، غير أنّ تركيا بعد تحجيم دورها في كلٍ من سوريا والعراق وتصاعد الأزمة الاقتصادية والصراعات السياسية داخلها، انتقلت إلى تكثيف تدخلها في ليبيا وإرسال جماعات المرتزقة وعناصر المخابرات والقوات والأسلحة التركية لدعم حكومة السراج في طرابلس، وأعلن الرئيس التركي أردوغان صراحة أن ليبيا جزءًا من (ميراث أجداده)"، ويأتي التدخل التركي في ليبيا طمعًا في ما تحتوي عليه أراضيها وبحرها من النفط والغاز بالإضافة إلى محاولة اقتسام غاز شرق المتوسط الذي ليس لها أية حقوق فيه حسب الاتفاقيات الدولية، وكذلك باعتبار ليبيا منصة مثالية لاستكمال حلقات الحصار حول مصر، فإذا كان أردوغان قد صرّح منذ حوالي سنتين بأن إرهابيي داعش سيتم نقلهم من سوريا إلى سيناء بعد انتهاء معركة الرقة، فإن إرهابيي ليبيا قدموا من استانبول رأسًا، يحملون الأعلام التركية ويتقاضون رواتب من الحكومة التركية، وصرح قادتهم وقادة مليشيات حكومة الوفاق في طرابلس بأن الهدف القادم هو مصر، ولا يتوقف أردوغان عن إظهار موقفه العدائي والثأري تجاه مصر ورئيسها، بالقول والفعل، وذلك على خلفية موقف الشعب والجيش المصري من الإخوان والإطاحة بحكمهم".

وجاء في بيان الحزب: "قد تحركت مصر بقوة لحماية الأمن القومي المصري والعربي، خاصة وأن موقف مصر تدعمه أغلبية الشعب الليبي، كما أنّ هناك دائرة واسعة من الدعم للموقف المصري على الصعيد الدولي، وإن كانت دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا وروسيا تكتفي بتصريحات رافضة للتدخل التركي دون اتخاذ أية مواقف عملية توقف هذا العدوان والزحف الإرهابي الذي يشكّل خطرًا ليس على مصر وحدها، بل على منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وعلى أوروبا أيضًا، ولكل ما سبق، فقد أعلن الحزب الشيوعي المصري في بيانٍ له مُؤخرًا عقب خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في المنطقة العسكرية الغربية، تأييده الكامل لما ورد في الخطاب، وخاصة تأكيده على حق مصر المطلق في الدفاع عن أمنها القومي، وأن خط سرت- الجفرة هو خط أحمر، كما سبق أن أعلن الحزب تأييده للرؤية السياسية المصرية بشأن ليبيا، والتي سبق إعلانها أمام مجلس الأمن قبل سنوات، وتتمثّل في الحفاظ على وحدة الدولة الليبية وجيشها الوطني والاعتراف بمجلس الشعب المنتخب، والحل السياسي عبر الحوار بين أطراف الصراع في ليبيا، ومنع تصدير المرتزقة والسلاح إلى ميليشيات وجماعات الإرهاب في ليبيا، وفرض عقوبات على الدول الداعمة للإرهاب وعدم وجود قوات أو قواعد تركية في ليبيا".

 مخاطر سد النهضة

وفي هذا الجانب، قال الحزب الشيوعي إنّ "نهر النيل يمثل شريان الحياة بالنسبة لمصر، فهو يمثل نحو 90% من موارد مصر المائية، ولذلك فقضية مياه النيل هي قضية وجود بالنسبة للمصريين، وهو ما أكَّدت عليه القيادة السياسية المصرية أكثر من مرة، والموقف الأثيوبي الساعي لإقامة السدود على النيل الأزرق ليس جديدًا في محاولة لاستخدامها كوسيلة للتحكم في مياه نهر النيل والضغط السياسي على مصر، فقد تم التلويح به خلال حقبة الستينيات بتشجيع من أمريكا، لكن كاريزما عبد الناصر ونفوذ مصر الهائل في القارة الأفريقية والعالم الثالث كانا كفيلين بوأد هذه المساعي، وقد تجدَّد الأمر ذاته في حقبة السبعينيات والتسعينيات، ولكن رد الفعل الرسمي المصري كان حادًا للغاية، بما جعل الأثيوبيين يجفلون من التمادي في مخططاتهم، رغم تراجع الدور المصري أفريقيًا خلال تلك الفترة، وذلك لأن القوى المتربصة بمصر لم تكن قد استكملت حلقات نفوذها في القارة الأفريقية بعد بما يجعلها تدعم هذا الاتجاه لدى حكام أثيوبيا".

وبيّن أنّ "الفرصة جاءت لأثيوبيا إبان وبعد ثورة يناير 2011، مستغلة حالة الارتباك التي صاحبت تلك الفترة، وتوفر الدعم والتشجيع العلني الواضح من الكيان الصهيوني ومن بعض الدوائر الدولية الأخرى، فتشجّعت أثيوبيا وشرعت في إقامة السد دون أن تهتم كثيرًا بالرفض المصري، ولقد اتسمت مواقف القيادة المصرية الحالية بقدرٍ هائل من التريث والصبر واللجوء إلى الوسائل الدبلوماسية طوال الوقت، تارة بالتفاوض الثنائي وأخرى الثلاثي بإشراك السودان ، وثالثة تحت رعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي ورابعة تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، وكل ذلك في محاولة لحشد دعم دولي للموقف المصري، الذى نجح المفاوض المصري في تصديره إلى الرأي العام العالمي باعتباره موقفًا متوافقًا مع المواثيق والقواعد الحاكمة للأنهار الدولية، كما أنّه موقف يدافع عن البقاء والحياة للشعب المصري، وأيضًا بذلت مصر جهودًا لاستقطاب بعض الدول التي كانت داعمة للجانب الأثيوبي، وذلك لاستنفاذ كل الفرص السلمية المرتكنة إلى الشرعية والمواثيق الدولية، لعلها تجنب الجميع ويلات مواجهات عنيفة هم في غنى عنها".

وشدّد على أنّه "بالرغم من كل ذلك لا تزال أثيوبيا مستمرة، بدعمٍ تركي قطري إسرائيلي واضح، وتواطؤ من بعض الدوائر الأمريكية والأوروبية، في استخدام نفس الأساليب الصهيونية في المراوغة والمماطلة مع الاستمرار في تنفيذ مخططها منفردة، وإصدار تصريحات مستفزة حول أحقيتها وحدها في تقرير نسبة ملء خزان السد دون الأخذ بالاعتبار تأثيرات ذلك على حق مصر والسودان في المياه، بل وشروعها بالفعل في ذلك، ويتفق حزبنا مع الموقف الرسمي المصري، والذي يؤيّد حق أثيوبيا في إقامة مشروعاتها التنموية، مع التمسك بثوابت وخطوط حمراء لا تراجع عنها بشأن سد النهضة، وهي حق المصريين الكامل في مياه النيل وفقًا للاتفاقيات القائمة، ووجود آليات محددة وملزمة لملء خزان السد، وخاصة في فترات الجفاف والجفاف الممتد، ولحل أي خلافات مستقبلية، وضمانات السلامة الفنية لجسم السد بما يؤكّد عدم وجود مخاطر مقبلة تهدد السودان ومصر معًا، والمؤكّد أنّ مصر تمتلك وسائل أقوى لم تقرّر اللجوء إليها بعد للحفاظ على حق المصريين في الحياة، ولكنها قد تلجأ إليها لو وصل الأمر إلى تهديد حياة المصريين".

ورأى الحزب في بيانه أنّ "الأداء المصري اتسم في معالجة كلتا القضيتين (الليبية والاثيوبية) بقدرٍ كبيرٍ من النضج والهدوء والأداء الدبلوماسي والاستراتيجي الاحترافي، الذي يعرف جيدًا الأطراف الحقيقيين للعبة وطبيعة كل طرف، والردود المناسبة لكل موقف، سواء كانت ردودًا مباشرة أو غير مباشرة، كما أنّ هذا الأداء لا يفتقر إلى عناصر القوة، سواء كانت قوة ناعمة، أو قوة خشنة في التفاوض أو أية خيارات أخرى".

وأكَّد الحزب الشيوعي المصري على أنّ "هذه المخاطر على الأمن القومي المصري تتطلب احتشاد كل الأحزاب والقوى الوطنية والمنظمات الجماهيرية والمجتمع المدني في معركتي الدفاع عن الوطن والحفاظ على حقوق المصريين في مياه النيل، الأمر الذي يتطلب بالضرورة مناخًا ديمقراطيًا يُنهي الممارسات التي تكرّس الصوت الواحد، وسرعة الإفراج عن المسجونين في قضايا الرأي والذين ليس لهم علاقة بأعمال العنف والإرهاب".