Menu

سؤال الاستراتيجية الفلسطينية والتنسيق مع الأردن في مواجهة قرار الضم الإسرائيلي

عليان عليان

نُشر هذا المقال في العدد 16 من مجلة الهدف الرقمية

سؤال الاستراتيجية الفلسطينية والتنسيق مع الأردن في مواجهة قرار الضم الإسرائيلي

عليان عليان

كاتب وباحث سياسي- الأردن

تأجيل تنفيذ قرار الضم الذي سبق وأن حدده رئيس وزراء حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو في الأول من شهر تموز/ يوليو الماضي، ارتبط بالخلافات داخل حكومة العدو حول توقيت الضم، وبالمواقف المتباينة للمستشارين في الإدارة الأمريكية، بشأن مدى تأثيرها على فرص فوز دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من تشرين ثاني- نوفمبر القادم. وهذا التأجيل لا يعني بأي حال من الأحوال أنه سيتم إلغائه، فالمطروح كبديل مؤقت لقرار الضم الكلي بات معلوماً، وهو قرار الضم الجزئي "الزاحف" الذي جرى الكشف عن خريطته، إثر المباحثات التي جمعت الوفد الأمريكي بتاريخ 27- حزيران/يونيو الماضي برئاسة المبعوث الخاص "آفي بيركوفيتش"، وعضوية السفير لدى الكيان الصهيوني "ديفيد فريدمان"، ومسؤول لجنة الخرائط "سكوت فايث"، مع المسؤولين الإسرائيليين (نتنياهو وبيني غانتس) بشأن تنفيذ ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى كيان العدو، بحيث يشمل الكتل الاستيطانية الرئيسية في الضفة الغربية الواقعة في المنطقة (ج)، وهذا الضم لا يقل خطورة عن الضم الكلي، كونه يضيف "جيتوات جديدة" إلى خارطة البلدات والمدن التي تحولت إلى "جيتوات" بفعل جدار الفصل العنصري، بحيث يصبح الحديث عن موضوع الدولة الفلسطينية درباً من الخيال.

وهذه الخريطة الجديدة هي حصيلة قرار مشترك إسرائيلي أمريكي، بشأن خطة الضم بناء على الخرائط المشتركة التي وضعها الجانبان خلال الأشهر الماضية، على أن يكون هذا الضم متدرجاً يبدأ في مناطق خارج الأغوار، على أمل عدم إغضاب الأردن في هذه المرحلة وللتخفيف من ردة فعل السلطة الفلسطينية، وذلك وفق التقديرات الصهيو أميركية.

ويعود إصرار نتنياهو على تنفيذ قرار الضم كلياً أو جزئياً في زمن قريب، إلى أسباب عديدة على رأسها؛ استثمار وجود ترامب في السلطة، لإنجاز عملية الضم، ولأنه يخشى في حال تأجيل تنفيذ قرار الضم، أن يصطدم القرار بعقبات كبيرة، خاصةً إذا لم يتمكن ترامب من الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة في تشرين ثاني/نوفمبر القادم. فاليمين الصهيوني عموماً، يرى في ترامب فرصة تاريخية لا تتكرر، لتنفيذ مشاريعه وخططه غير المسبوقة في المنطقة، سواءً عبر صفقة القرن، أو عبر قوانين الحصار لأطراف محور المقاومة.

ضم الغور جزء أصيل من الاستراتيجية الإسرائيلية

وللتذكير ابتداءً، نشير إلى أن قرار ضم منطقة الغور والتوسع الاستيطاني ليس وليد صفقة القرن، بل طرح مبكراً في السياق الاستراتيجي الإسرائيلي، بعد حرب حزيران 1967، من خلال مشروع "ايجال آلون" الذي تضمن بنوداً عديدة من بينها: "تحديد الحدود الشرقية للكيان الصهيوني بنهر الأردن، وخط يقطع البحر الميت، من منتصفه تماماً مع  الأردن/ ضم منطقة لغور نهر الأردن والبحر الميت، بعرض بضعة كيلومترات، إلى نحو 15 كيلومتر وإقامة مجموعة من المستوطنات والتجمعات الزراعية والعسكرية والمدنية فيها".

وللتذكير أيضاً، فإن موضوع ضم منطقة الغور، جاء في خطة وزير الخارجية الأسبق جون كيري في إطار ما عرف "بخطة كيري المتدحرجة" عام 2013-2014 التي نصت على بقاء القوات الإسرائيلية في منطقة الغور المحاذية للأردن لمدة عشر سنوات، نزولاً عند شرط نتنياهو، بهدف منع ما أسمته تسلل المسلحين، ومنع عمليات إدخال السلاح للضفة الغربية من نهر الأردن، واعتبار منطقة الغور خلال العشر سنوات هذه- رغم مرابطة القوات الإسرائيلية فيها - تحت السيادة النظرية للدولة الفلسطينية المرتقبة. ومناورة كيري بشأن الوجود الأمني الإسرائيلي المؤقت آنذاك، كانت تستهدف تذليل الموقف الفلسطيني الرافض لهذا الوجود، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن جوهر الموقف الأمريكي هو ضم منطقة الغور للكيان الصهيوني، والذي كشف عنه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عشية جولة بيكر للمنطقة، في تصريحاته أمام مؤتمر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية الذي نظمه معهد بروكينجز الأمريكي "حول دولة فلسطينية محدودة الصلاحيات في الضفة الغربية، مقتطع منها الغور والكتل الاستيطانية، ويلتحق بها قطاع غزة بعد أن يلمس الكرامة والنعيم الذي سيتحقق في الضفة"!!

الموقف الفلسطيني من قرار الضم

بداية نشير إلى أن إفشال صفقة القرن، وعنصرها الراهن ممثلاً بقرار الضم الكلي أو الجزئي يعتمد بالدرجة الأولى على تكامل الموقفين الفلسطيني والأردني، وصياغة خطة مشتركة للتصدي لها بعيداً عن الضغوطات الأمريكية، وضغوطات النظام العربي الرسمي، وخاصةً الشق السعودي والخليجي منه المرتهن للإمبريالية الأمريكية.

من يراقب الموقف الفلسطيني؛ إن على صعيد منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، أو على صعيد الفصائل الوطنية والاسلامية، يلمس وحدة الموقف الفلسطيني في مواجهة صفقة القرن وقرار الضم الإسرائيلي، لكن هنالك فروقات جوهرية في سبل مواجهة الصفقة وقرار الضم؛ فالسلطة الفلسطينية من جانبها - وبعد تلكؤ طويل في الاستجابة لقرارات المجلسين الوطني والمركزي، الداعية لإلغاء اتفاقات أوسلو، والتنسيق الأمني، واتفاق باريس الاقتصادي- أعلنت على لسان الرئيس محمود عباس في 19 مايو/ أيار الماضي، عن إنها في "حل" من العمل باتفاقات أوسلو، والتنسيق الأمني رداً على قرار الضم الإسرائيلي، لكن هذا الموقف من قبل السلطة توقف عند مجرد الإعلان، ولم يتبنَ آليات محددة لمواجهة قرار الضم وصفقة القرن، ناهيك أن مسؤولين في السلطة، تبنوا مواقفاً مغايرة، تؤكد على بقاء التنسيق الأمني من تحت الطاولة، وبهذا الصدد نشير إلى ما جاء في مقابلة حسين الشيخ- وزير الشؤون  المدنية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح - مع صحيفة (نيويورك تايمز) في الثامن من حزيران/ يونيو الماضي: "إن الأجهزة الأمنية ستعتقل أي شخص في الضفة الغربية، يخطط لتنفيذ عملية في إسرائيل، وفي حال علمت السلطة بوجود ذلك المهاجم في المناطق الإسرائيلية، فسيخبر الأمن الفلسطيني نظيره الإسرائيلي – عبر وسيط- بضرورة اتخاذ التدابير، وسنجد أي طريقة لإحباط ذلك الهجوم". وكذلك التصريح الذي أدلى به حسين الشيخ "لشبكة كان الإسرائيلية" في (21) من حزيران/الماضي" الذي أكد فيه "بأن السلطة الفلسطينية، لن تسمع بالعودة إلى مربع العنف، وأنها لا تزال تسيطر على الأمور"، والتصريح الذي سبق وأن أطلقه الدكتور صائب عريقات – أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير – غداة إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وقف العمل باتفاقات أوسلو "بأن السلطة لن تسمح بالفوضى والعنف، ومخالفة القانون العام"!

هذه التصريحات لا تدع مجالاً للشك، بأن التنسيق الأمني لا يزال على سابق عهده، وأن مرجعية التنسيق الأمني ممثلةً "باتفاقيات أوسلو" لا زالت قائمة عملياً، وليس أدل على ذلك تهديد قيادة السلطة والمنظمة بسحب الاعتراف (بإسرائيل)،  ما يعني أن الاعتراف لا يزال قائماً حتى اللحظة، ومن ثم فإننا لسنا بحاجة  للمزيد من الأدلة للبرهنة على أن السلطة لم تلغِ في الجوهر اتفاقات أوسلو ومشتقاتها.

في الجانب الفلسطيني الآخر، صدرت ولا تزال تصدر تصريحات عن  فصائل المقاومة (الجبهتان الشعبية والديمقراطية، وحركتا حماس والجهاد الاسلامي) ترى في خطوة الضم لمنطقة الغور والمستوطنات التي تمثل (30) في المائة من مساحة الضفة الفلسطينية، إعلان حرب جديد وتطهير عرقي، يجب التصدي له بالمقاومة المسلحة وبالمقاومة الشعبية، وهذا الموقف من الفصائل الذي يتجاوز حالة الاحتجاج وتسجيل المواقف، في حال ترجمته عملياً في قطاع غزة والضفة الفلسطينية، يشكل الرد المطلوب على خطوة الضم؛ الأخطر منذ حرب حزيران 1967.

غياب الاستراتيجية

حتى اللحظة ورغم التصريحات المتكررة الرافضة للصفقة، ورغم المسيرات الشعبية التي عمت القطاع والضفة والشتات التي تعكس نبض الشارع وتؤكد الاستعداد للمواجهة؛ إلا أن قيادة منظمة التحرير لم تضع استراتيجية محددة، لمواجهة قرار الضم وصفقة القرن، بينما تواصل فصائل المقاومة في غزة؛ النضال المشترك في إطار غرفة عمليات مشتركة، وسبق وأن قادت مسيرات العودة، وأدارت المواجهات العسكرية مع العدو الصهيوني بكفاءة واقتدار، لكن هذه التجربة في غزة على أهميتها، لم تصل إلى مستوى الاستراتيجية، ناهيك أن هذه التجربة ظلت محصورة في قطاع غزة، ولم تنتقل إلى الضفة الغربية؛ بحكم رفض السلطة الأمني والسياسي لنقل هذه التجربة ومناهضتها لها.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا أعلنت السلطة عن قرارها بوقف التنسيق الأمني ووقف العمل باتفاقات أوسلو رداً فقط على قرار الضم، ولم تتخذ موقفها هذا مبكراً منذ نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في (26) ديسمبر/ كانون أول  2017، بعد أن وضعت الخطوط الأولية للصفقة في الرياض، بين مستشار ترامب "جاريد كوشنير" وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بترتيب مسبق مع نتنياهو ، وذلك إبان زيارة ترامب إلى الرياض في مايو/ أيار 2017 ، وعندما تم استدعاء رئيس السلطة محمود عباس للرياض، لإبلاغه بعناوينها الرئيسية وتهديده بالموافقة عليها، وإلا فإنه سيواجه خيار العزل من السلطة؟!

فمنذ أن بدأ الحديث عن صفقة القرن في مايو- أيار 2017، مروراً بأول تطبيقاتها ممثلاً بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ولجوء الإدارة الأمريكية إلى تجفيف مصادر دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وصولاً إلى الإعلان النهائي عن صفقة القرن في يناير/كانون ثاني الماضي، وإعلان نتنياهو مبكراً أنه بصدد ضم 30 في المائة من مساحة الضفة الغربية (منطقة الغور والكتل الاستيطانية في المنطقة "ج")، لم يصدر عن قيادتي السلطة والمنظمة على امتداد تلك الفترة، أي توجه بطرح استراتيجية لمواجهة الصفقة، بعناوينها وتفاصيلها المختلفة التي تصب في خانة تصفية القضية الفلسطينية، وإنهاء الحلم التسووي بشأن إقامة دولة فلسطينية، حيث اكتفت قيادتا المنظمة والسلطة، بممارسة الشجب والإدانة، وتوصيف الأخطار الناجمة عن الصفقة، والتهديدات العنترية بإفشال الصفقة، وبالتالي سمعنا ولا زلنا نسمع جعجعةً ولا نرى طحناً، وظل همها الرئيسي هو الدخول في المماحكات المتبادلة بينها وبين حركة حماس في قطاع غزة، والاستمرار في سياسة فرض العقوبات على قطاع غزة - الذي يدفع ثمنها عملياً أبناء شعبنا في القطاع - ومناكفة الجبهة الشعبية بوقف مخصصاتها، من الصندوق القومي في محاولة بائسة ويائسة، لثنيها عن موقفها النقدي من نهج قيادة المنظمة والسلطة.

صحيح أن قيادة المنظمة، لعبت دوراً إيجابياً في إفشال مؤتمر البحرين الاقتصادي، بوصفه آلية من آليات تطبيق الصفقة، لكنها توقفت عند هذه الخطوة، ولم تتخذ بعدها أي خطوات على الأرض في تلك الفترة، وراحت تتحرك على الصعيد الدولي، متجاهلةً حقيقة أن التحرك على الصعيد الدولي، يفقد قيمته في غياب التحرك على الأرض، حتى لو حصلنا على عشرات القرارات الدولية التي تدين الاستيطان والضم.

ولنعترف هنا بأن فصائل المقاومة، رغم دورها المركزي المقاوم في قطاع غزة؛ إلا أنها لم تصوغ حتى الآن خطة لمواجهة صفقة القرن في الضفة الفلسطينية، وإن كانت هذه الفصائل تمارس الفعل المقاوم بأشكاله المختلفة وبالحدود الدنيا بين فترة وأخرى، والسبب بات معلوماً للجميع وهو أن السلطة اتخذت قراراً بعدم مواجهة الصفقة على الأرض عبر نهج مقاوم، وأنها مستعدة للصدام مع أي طرف، يمارس الاشتباك المسلح أو الاشتباك الانتفاضي مع الاحتلال، وأنها ضد الاخلال بالنظام العام وضد ممارسة العنف، وغيرها من العبارات التي لا تمت بصلة لأدبيات التحرر الوطني، خاصةً في ضوء تماهي موقف بعض قيادات "حركة فتح" النافذة مع موقف السلطة، لكن هذه المعوقات من قبل السلطة، لا ينبغي أن تغل يد الفصائل في وضع خطة المواجهة على الأرض مع الاحتلال لإفشال صفقة القرن وعناصرها، وآخر هذه العناصر قرار الضم الإسرائيلي لأكبر مساحة من الضفة الغربية منذ عام 1967، حيث يجري تبرير ذلك بمبررات من نوع الحفاظ على  الوحدة الوطنية، وعدم الدخول في صدام مع أمن السلطة.. الخ.

إن هذه المبررات إذا ما استمر الأخذ بها، ستمنح العدو الفرصة لاستكمال مخططاته التهويدية ما يستدعي من فصائل المقاومة الرافضة لنهج أوسلو، أن تباشر بوضع استراتيجية المواجهة بكل أشكالها، بالتنسيق مع القيادات والكوادر الفتحاوية الرافضة لحالة المراوحة في المكان، وأن تعمل على تعبئة الشعب بمختلف تشكيلاته الاجتماعية، لخوض معركة المواجهة مع الصفقة وقرار الضم ، وذلك بغض النظر عن الأثمان التي سيتم دفعها. كما يتوجب استمرار الضغط على قيادة السلطة، وعدم القطع معها بشأن بناء استراتيجية موحدة للنضال المشترك، وفق آليات متفق عليها للمواجهة؛ إن على صعيد الانتفاضة أو الشعبية وذروتها الانتفاضة، أو على صعيد المقاومة المسلحة، كما يتوجب أن تشتمل هذا الاستراتيجية، التفاعل والتواصل بآليات مختلفة، مع حراك الشارع العربي والأممي المتصاعد والرافض لصفقة القرن ولقرار الضم الإسرائيلي لأراضي الضفة الغربية.

لقد رحبت الفصائل الفلسطينية، بالمؤتمر الصحفي المشترك لكل من جبريل الرجوب- أمين سر لجنة فتح المركزية- وصالح العاروري – نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس – في الثاني من شهر تموز/ يوليو الماضي، بشأن العمل المشترك مع بقية الفصائل لإفشال الصفقة وقرار الضم، ورأت في هذه الخطوة يمكن البناء عليها لإنهاء الانقسام، لكن تظل العبرة في آليات التنفيذ، في ضوء خبرة الشارع الفلسطيني باتفاقات المصالحة السابقة التي لم تتم ترجمتها عملياً، بسبب اختلاف البرامج من جهة، والصراع على السلطة من جهة أخرى.

الموقف الأردني من قرار الضم

كما أسلفت فإن إفشال قرار الضم وصفقة القرن يعتمد بالضرورة على تكامل الموقفين الفلسطيني والأردني؛ فالموقف الرسمي الأردني منذ أن حدد نتنياهو تاريخ الضم في  الأول من يوليو- تموز، لا يزال يؤكد على رفضه للقرار، وسبق للعاهل الأردني أن صرح في مقابلة مع صحيفة "دير شبيجل" الألمانية في الخامس عشر من شهر أيار/مايو الماضي، "بأن قرار الضم في حال تنفيذه، سيكون له عواقب وخيمة وصدام كبير" دون أن يفصح عن أوراق القوة التي سيستعملها. والموقف الأردني الرسمي ينطلق من اعتبار، أن قرار الضم يشكل خطراً على الأمن الوطني الأردني، من زاوية الخشية من أن يتبع موضوع الضم، قرار الترانسفير الإسرائيلي للفلسطينيين للأردن، حيث يرى بعض المراقبين أن الأردن يخشى من طرح الوطن البديل والنظام البديل.

وتشير بعض التسريبات، بأن الحكومة الأردنية، ستعمل على استخدام العديد من الأرواق لديها في حال أقدمت حكومة العدو على تنفيذ قرار الضم سواءً كان كلياً أو جزئياً مثل: التخفيض الدبلوماسي مع (إسرائيل) أو سحب السفير الأردني من تل أبيب، أو طلب مغادرة السفير الإسرائيلي من عمّان، في حين ستكون خطوة وقف التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري موضوعة على الطاولة الأردنية، إضافة لوقف التنسيق الأمني والاستخباراتي؛ غير أن تجميد العمل باتفاقية السلام (وادي عربة) مستبعد مرحلياً.

وأشار رئيس الديوان الملكي السابق، جواد العناني" في مقابلات صحفية: "أن المملكة لن تستخدم أوراق الضغط مرة واحدة، إذ إنها تتابع اتخاذ القرار الإسرائيلي المنتظر لتبني عليه فعلا يناسبه، حيث إن إسرائيل ربما تضم عدة مستوطنات فقط، أو تضم أجزاء من الكتل الاستيطانية بالضفة والتجمع الاستيطاني فقط، أو تعلن عن الضم دون تنفيذ فعلي له، فلا يوجد تصور واضح عن الضم، أو كيف سيكون على أرض الواقع لغاية اللحظة". وأكد  العناني "أن هناك أشواطاً كثيرة منتظرة أمام الأردن لمواجهة القادم، فلا بد من استمرار خطواته الدبلوماسية مع الدول الأوروبية والعربية، لوقف الخطة الإسرائيلية الأميركية، متوقعاً خفض التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل، في حال إقرار مشروع الضم، إلا أن عمّان ستتأنى في اتخاذ أي قرار، ليكون وقعه حقيقياً على الجانب الآخر".

لقد بدأ الجانب الأردني بالتنسيق مع قيادة المنظمة والسلطة مبكراً؛ عبر عن نفسه بزيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى رام الله، ولقائه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لوضع خطة للتحرك على الصعيدين العربي والدولي في مواجهة قرار الضم.

يبقى السؤال هنا: هل بوسع الحكومة الأردنية، أن تتصدى للضغوطات الاقتصادية والسياسية الأمريكية والخليجية، في ضوء أن جزءاً كبيراً من موازنة المملكة، يعتمد على المعونات والقروض، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الأردن يتلقى مساعدات مالية عسكرية وغيرها من الولايات المتحدة قدرها مليار و ( 300) مليون دولار.. سؤال برسم الإجابة؟!

يرى بعض المراقبين، أن بإمكان الحكومة الأردنية، أن تتسلح بموقف الشارع الأردني في مواجهة هذه الضغوطات، وأن تستند لموقف الشعب الأردني، الرافض بقوة للصفقة وقرار الضم، والذي عبرت عنه معظم القوى السياسية والنقابية "بأن الشعب الأردني مستعد لشد الأحزمة على البطون "، ومستعد لتحمل كلف قطع هذه المساعدات، في حال صمدت الحكومة في مواجهة الضغوط الأمريكية والخليجية