Menu

في مداخلته بالمؤتمر السنوي لمركز (مسارات)

الغول يدعو إلى إنهاء الانقسام وإعادة تأصيل الصراع مع الاحتلال

غزة_ بوابة الهدف

قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كايد الغول، إنّ الحلقة المركزية للإجابة على تساؤل "ما العمل"، في ضوء الواقع الذي تشهده القضية الفلسطينية، سيّما بعد رؤية ترامب، المُسامة "خطة سلام"، تلك الحلقة المركزية هي إنهاءُ الانقسام السياسي الفلسطيني، والإسراع لاستعادة الوحدة الوطنية.

وفي مداخلته، باللقاء الثاني للمؤتمر السنوي للمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات)، أكّد الغول على ضرورة الحديث عن الدولة الفلسطينية، دون الإقران بحلّ الدولتين وتبريره، لأنّ التركيز على "الدولة الفلسطينية" هو الذي يفتح على تحقيق الأهداف الوطنية الإستراتيجية، في حين "حل الدولتين" يقطع على ذلك.

ودعا إلى أهمية وضرورة استخلاص نتائج التجربة لمجمل مكوّنات العمل الوطني الفلسطيني، منذ أوسلو وحتى الآن، عبر حوار وطنيّ لا غني عنه، بما يُساهم في إعادة بناء المشروع الوطني. كما دعا إلى صوغ الإستراتيجية النضالية لإدارة الصراع مع الاحتلال، وإعادة الاعتبار لمكانة المقاومة وتنوع أشكالها وأساليبها، باعتبارها حجز الزاوية في تلك الإستراتيجية.

وتطرّق الغول إلى ما ذكره التقرير السنوي لمركز مسارات حول "قرار السلم والحرب" ومُطالبته بضرورة مراعاة التوافق الوطني على هذا القرار، إذ رأى الغول أنّ هذا الأمر يُمكن الحديث فيه بين دول، ومن غير المقبول الحديث عن قرار السلم والحرب في ظل وجود قوّة مقاوِمة تواجه احتلال استيطاني استعماري، وبدلًا من هذا يُمكن الحديث عن "إدارة الصراع" مع هذا المحتل.

كما علّق على استخدام التقرير مصلطح "جيش وطني واحد"، حين دعا إلى توحيد الأجنحة العسكرية للقوى والفصائل الفلسطيني في غزة، وهو ما اعتبره الغول غير ممكنٍ، في ظل الانقسام، فلا يُعقل وجود جيشين في غزة والضفة، وبدلًا من هذا اقترح الحديث عن توحّد تلك الأجنحة العسكرية في جبهة مقاومة، بمرجعية سياسية موحدة، وعلى أساس الإستراتجية الوطنية النضالية.

ودعا إلى إطلاق طاقات شعبنا في جميع محاور الاشتباك على أساس برنامج وطني ناظم للمقاومة، وبناء أدواته الوطنية الموحدة وامتداداتها، في كل مناطق الوطن، لقيادة وتوجيه نضال شعبنا.

وفي سياق تساؤل "ما العمل؟" تابع الغول حديثه بالتأكيد على مطلب إعادة بناء المؤسسات الوطنية، وفي القلب منها منظمة التحرير الفلسطينية، على أسس وطنية وديمقراطية، وتوفير الشراكة الوطنية الديمقراطية في قيادتها، بما يضمن وحدة البرنامج والمرجعية فيما يتعلّق بإدارة الشأن الفلسطيني العام وكذلك إدارة الصراع مع الاحتلال.

وضمن مطلب إعادة بناء (م.ت.ف) والمؤسسات الوطنية، نوه إلى أنّ هذا يتطلّب مغادرة ذهنية الاستخدام لتلك المؤسسات، والتعامل معها باعتبارها جبهة وطنية تتطلب المصلحة الوطنية العمل على انضواء كل القوى وممثلي القطاعات والتجمعات الفلسطينية ضمن هذا الإطار، وتمثيلهم في هيئاتها القيادية، وفصل رئاستها عن رئاسة السلطة أو أي مؤسسات أخرى. وإلى جانب هذا دعا الغول إلى بناء سياسة تنموية فلسطينية تُعزّز صمود شعبنا ومقاومته وتستجيب لمصالح الشرائح الطبقية الفقيرة، وحماية المشاريع الصناعية الوطنية.

وتحدّث عضو المكتب السياسي للشعبية عن أهمية وضرورة إعادة تموضع حركة التحرير الفلسطيني، عربيًا ودوليًا، والعمل على تحصين القلعة الثقافية العربية في مجابهة التطبيع وحماية القضية الوطنية والدفاع عنها. وكذلك إعادة صياغة العلاقة العربية، لصالح تعزيز العلاقة مع الشعوب والاتحادات والنقابات بالأساس، وكذلك القوى وأحزاب التحرر المناهِضة للإمبريالية والمُسانِدة لنضالنا وحقوقنا.

وربطًا بالمطلب الأخير، اختلف الغول مع البند الذي تناوله تقرير "مسارات"، حول النأى بالموقف والسياسات الفلسطينية عن المحاور العربية والدولية، إذ قال الغول "خاصةً في ظلّ الانزياحات التي نشهدها في المنطقة العربية والعالم، لا يُمكن النأي بالسياسات الفلسطينية عمّا يجري، فالمصلحة الوطنية تقتضي الانحياز لمحاور تدعم شعبنا ونضاله لنيل حقوقه، وإلّا كيف سنواجه تحالفات ومحاور تهدف لتصفية قضيتنا، تمامًا كالتي أشار إليها التقرير نفسه حين تحدّث عن (تشكيل تحالف أمني يضم اسرائيل وأمريكا ودول خليجية)، والذي من المتوقع أن يكون أوسع عدديًا ووظيفيًا، لنكون أمام (تحالف سياسي أمني عسكري، ضد كل القوى المناهِضة للمشروع الأمريكي الصهيوني، ومن هذه القوى بالتأكيد إيران).

وتطرق إلى اتفاق التطبيع الإماراتي الصهيوني، مشيرًا إلى أنّه يتجاوز حدود التطبيع إلى المساهمة عمليًا في توسع تموضع المشروع الصهيوني في المنطقة، بعدما ثبّت تموضعه في فلسطين، أمّا عن تموضعه في "الخليج" فيكتسب أهمية من كون الخليج كتلة جغرافية واحدة، يمتلك موقعًا ومقدّرات، تُمكّن الكيان الصهيوني من تعزيز نفوذه، وبلورة محور معادٍ- أوسع شمولًا- للشعوب والمصالح في المنطقة.

وحول رؤية ترامب، أكّد الغول أنّ هنا إجماع على كونها تأتي لاستكمال المشروع الصهيوني فلي فلسطين والمنطقة العربية، الذي بدأ من منذ كامب ديفيد مرورًا باتفاق أوسلو ووادي عربة، وهي رؤية تُؤكد مجددًا تشارُك الإدارات الأمريكية المتعاقبة في دعمها الكيان الصهيوني، لتعميق وجوده وتعزيز واستكمال مشروعه في المنطقة. لافتًا إلى أنّ الإدارات الأمريكية على مدار التاريخ لم تنطلق يومًا في مواقفها، من "أسس ومفاهيم الصراع ضد المشروع الصهيوني"- وهنا اختلف الغول مع ما ذكره تقرير (مسارات) في هذا الصدد- مشيرًا إلى أنّ الولايات المتحدة كانت تاريخيًا شريكًا لكامل السياسيات الصهيونية الهادفة إلى سرقة الأرض وتفتيت الهوية الفلسطينية.

ولفت إلى أنّ مواقف الحكومات الصهيونية المتعاقبة ورؤيتها إلى الحقوق الفلسطينية،  كانت دومًا لا تتجاوز "حكمًا إداريًا ذاتيًا للسكان"، وهذا يقود إلى استنتاج عبثية وعقم أية رهانات على إمكانية العودة إلى مفاوضات مع الاحتلال برعاية أمريكية.

وسجّل الغول ملاحظات تفصيلية تتعلق بما ذكره تقرير (مسارات) حول "ضعف اليسار وتعثّر بناء تيّار ثالث"، إذ لفت إلى أنّ "نقطة الوضوح السياسية في الحالة الفلسطينية لليسار أمر رئيسيًا، وهذا كان نقطة خلاف ساهمت في ضعف وتعثر بناء التيار الثالث. كما أن بنية قوى اليسار في غالبيتها لا تختلف عن بنية القوى السياسية الأخرى وهذا أثر أيضًا على تبنيها القضايا الديمقراطية والنضال لتحقيقها. 

ودعا في ختام مداخلته إلى تصويب فكرة "القديم شارف على الانتهاء والجديد لم يأت بعد"، التي يطرحها تقرير (مسارات)، ورأى أنّ الأصوب هو القول إن الاستنتاج الأبرز من إخفاقات قطبي الانقسام والقوى السياسية الأخرى هو الحاجة إلى تجديد بنية الحركة الوطنية في سياق عملية نضالية تراكمية قد تؤدي إلى ولادة "الجديد".