Menu

الحلقة الثامنة

المسيرة التاريخية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "قراءة وعرض لوثائق مؤتمراتها حتى المؤتمر السابع"

انطلاقة الجبهة الشعبية غزة المقاومة اكتمال حمد كتائب الشهيد أبو علي مصطفى الانطلاقة أبو علي مصطفى جورج حبش (7).jpg

خاص بوابة الهدف

(في الذكرى الثالثة والخمسين لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؛ تنشر بوابة الهدف الإخبارية، على حلقات متتابعة: كتاب المسيرة التاريخية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (قراءة وعرض لوثائق مؤتمراتها حتى المؤتمر السابع) الذي أعدته الدائرة الثقافية المركزية للجبهة، وصدر منه طبعتين؛ الأولى في آب/أغسطس 2010، والثانية في يوليو/تموز 2014).

الفصل الخامس

المحطة الخامسة: المؤتمر الوطني الخامس - مؤتمر شهداء الانتفاضة

(ح 8)

وتمتد منذ عقد الجبهة لمؤتمرها الوطني الخامس (مؤتمر شهداء الانتفاضة) في شباط 1993 ثم عقد الكونفرنس الحزبي الأول في حزيران 1994 وصولاً إلى المؤتمر الوطني السادس في تموز 2000  ، ثم المرحلة التاريخية الممتدة منذ عام 2000 حتى ديسمبر عام 2013 حيث انعقد المؤتمر الوطني السابع .

ففي شباط 1993 ، بعد مرور 12 عاماً على انعقاد المؤتمر الرابع ، عقِدت الجبهة مؤتمرها الوطني الخامس، لعدة أيام ، وكان هذا المؤتمر وفق نصوص الوثيقة الصادرة عنه  بمثابة "وقفة مع الذات، مع طروحاتنا الفكرية والسياسية والتنظيمية والعسكرية، حيث جاء المؤتمر بعد طول تحضير ، وفي ضوء ظروف فلسطينية وعربية ودولية بالغة الدقة والحساسية"[1].

وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الخامس ، ألقى الرفيق القائد جورج حبش مداخلة مطولة تضمنت العديد من القضايا البالغة الأهمية جاء فيها، "ينعقد مؤتمرنا في ظل واقع دولي أصبحت فيه الولايات المتحدة الأمريكية الاستعمارية سيد العالم ،وترافق مع ذلك انهيار النظام العربي الرسمي، واستسلامه شبه الكامل للغزوة الصهيونية وما ولدته من واقع عربي جديد كان من أخطر نتائجه على الصعيد الوطني، انحراف القيادة المتنفذة لمنظمة التحرير الفلسطينية وقفزها عن البرنامج الوطني وتعاطيها مع المشروع الأمريكي- الصهيوني، مما يمهد لتصفية  كاملة للقضية الفلسطينية، خاصة وأننا اليوم نشاهد حالة استسلام رسمية شبه كاملة, اذ بات واضحاً مدى الاستعداد للاعتراف بهذا الكيان ليس على الصعيد العربي الرسمي فقط بل وعلى الصعيد الرسمي الفلسطيني كذلك."[2].

وأضاف الحكيم " إن كل ذلك يضعنا أمام ظروف ووقائع جديدة تستلزم المناقشة العلمية والجادة والهادفة الجريئة والديمقراطية لإستراتيجيتنا وتكتيكنا، ولأيديولوجيتنا وخطنا السياسي ولأساليب عملنا ومفاهيمنا التنظيمية والعسكرية والمالية والجماهيرية، بهدف تثبيت وترسيخ ما برهنت الحياة والتجربة صحته وسلامته"[3]... لكن السؤال هو: على ضوء كل المتغيرات النوعية العميقة التي حصلت في العالم، وتأثيراتها على قضيتنا الوطنية، وعلى ضوء معرفتنا بمواطن قوتنا وضعفنا كجبهة، وبالاستناد لقراءة علمية للواقع الملموس والمستقبلي على الصعيد المحلي والعربي والإقليمي والدولي, هل لا زال مشروعنا الوطني الاستراتيجي التاريخي مشروعاً عملياً يمتلك مقومات الاستمرار والاستقطاب والجذب الجماهيري؟ بالنسبة لي, فإن جوابي الحاسم المستند لقناعة علمية عميقة، هو أن تحرير فلسطين ليس عملية ممكنة تاريخياً فحسب, بل عملية حتمية رغم كل الظروف والتطورات المؤلمة التي نعيشها"[4].

وفي هذا الجانب ، "علينا الاستفادة من تجربة عدونا، فالحركة الصهيونية وضعت نصب أعينها أهدافاً كانت تبدو إلى زمن ليس ببعيد مستحيلة التحقيق، لكنها تعاملت مع الواقع وتمكنت من فرض العديد من أطماعها وعلى مراحل... إن الحركة الصهيونية التي تمكنت من تحقيق أهداف كبيرة كانت ولا زالت تسير عكس تيار التاريخ, كان بالأحرى أن نتمكن نحن أصحاب الحق والقضية العادلة من تحقيق كامل أهدافنا شرط التمسك بتحقيق هذه الأهداف والتشبث بها والسعي إلى تحقيقها مهما طال الزمن"[5].

أما على الصعيد الأيديولوجي وتحديداً بالنسبة للوثيقة النظرية ، فقد قال الحكيم " لم تهتز قناعاتي قيد أنملة بصحة المنهج- المادي الجدلي التاريخي كدليل لفهم وتحليل الواقع. وتعمقت قناعاتي بطريقة فهمنا للماركسية بأنها مرشد للعمل وليست عقيدة جامدة.

"إن التحدي الكبير الذي يواجهنا اليوم على الصعيد النظري, هو إعادة إنتاج النظرية النابع من واقعنا وبيئتنا وتربتنا الوطنية، وهذا يعني دراسة تاريخنا دراسة علمية وتحليل الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الفلسطيني والعربي، بالاستناد للمنهج المادي الجدلي والواقع الملموس وقراءة التناقضات الأساسية والرئيسية والثانوية ونستشعر الواقع والتكوين الطبقي وأهمية النضال الاقتصادي وقراءة العملية التي يظهر من خلالها الاضطهاد القومي والطبقي، الذي ترزح تحت وطأته الجماهير الفلسطينية والعربية وبدون ذلك لا يمكن تأمين التفاف الجماهير حول برنامج اليسار الفلسطيني والعربي"[6].

وعلى صعيد البرنامج السياسي أكد الحكيم على " أن رؤيتنا السياسية الإستراتيجية والتكتيكية، تتوقف على فهمنا لحقيقة إسرائيل وحقيقة الصهيونية، فالحقائق تفرض نفسها فوق كل شيء في نهاية المطاف, إن مشاهدتنا الواقعية المباشرة والملموسة منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى اليوم, تظهر بشكل واضح أننا أمام غزوة استعمارية تهدد كياننا الوطني والقومي".

من هنا "يتحدد جوهر برنامجنا السياسي ورؤيتنا وتصليب وتعميق هذه الرؤية، لأن الفهم الحقيقي لتاريخ الجبهة ومواقفنا ينطلق من هذه الرؤية بغض النظر عن أية أخطاء تكتيكية وقعنا بها... إن الابتعاد عن هذه الرؤية السياسية العلمية يضع الجبهة في موقع يختلف كليا عما كانت عليه في ذهن مؤسسيها وآلاف الشهداء الذين ضحوا في سبيل برنامجها ومشروعها الوطني التاريخي"[7].

وفي هذا الجانب أضاف بقوله " إن تأكيدي على هذا الخط السياسي الاستراتيجي, لا يعني أن لا نتعامل مع التكتيك السياسي وبالمواقف التكتيكية. والتي يتم تحديدها على ضوء جملة من العوامل: أهمها ميزان القوى على الصعيد الدولي والعربي والفلسطيني، والمزاج الجماهيري والعامل الذاتي والتحالفات والظروف الموضوعية المحيطة وغيرها ، حيث أن التكتيك لا يعني الانخراط بالعملية السياسية الجارية والقائمة على أساس مشروع الحكم الإداري الذاتي ولا يعني دخول أية مساومات سياسية بغض النظر عن طبيعة وشكل ومحتوى هذه المساومات ، إن الشرعية الدولية لا تعطينا كامل حقوقنا التاريخية والمشروعة في كامل الأرض الفلسطينية ولكن الشرعية الدولية, تعطينا حق تقرير المصير وإقامة الدولة وحق العودة و القدس وإزالة المستوطنات"[8]. واستطرد  قائلاً " إن الجبهة الشعبية على ضوء قراءتنا لمسيرة الثورة الفلسطينية بقيادة البرجوازية المتنفذة في م.ت.ف وتتبعها للأخطاء الجسيمة التي تعرضت لها الثورة خلال هذه المسيرة, والتي تشكل عاملاً أساسياً في تحليلنا وتشخيصنا للمأزق الذي تعيشه الساحة الفلسطينية اليوم, قد اتخذت الموقف السياسي الذي يعبر عن أعلى وتيرة من التعارض مع القيادة المتنفذة ل م.ت.ف في إطار الوحدة الوطنية, وهذه أصبحت أحد سمات الجبهة الشعبية وما تمثله في الساحة الفلسطينية"[9].

ثم أضاف القائد الراحل جورج حبش قائلاً " إن قضيتنا الوطنية, تتعرض في الظروف الراهنة لمخاطر جدية وحقيقية من خلال العملية السياسية الاستسلامية الجارية، فالإدارة الأمريكية تقدم حلا تصفويا للقضية الفلسطينية, يقفز بصورة واضحة عن حق تقرير المصير والدولة والعودة ويتحدث بصورة مبهمة عن حقوق سياسية للفلسطينيين غير واضحة المعالم والأبعاد, ويأتي هذا الحل التصفوي في مسلسل متغيرات وموازين قوى مائلة بصورة ساحقة لصالح الإمبريالية والكيان الصهيوني" [10]، وبناء على تحليله هذا طرح الحكيم تساؤلاً هاماً بقوله " على ضوء كل هذا : ما هو موقفنا وكيف يمكن مجابهة هذا المخطط؟ كيف نواجه هذه اللحظة السياسية الخطيرة التي تهدد بتصفية القضية الفلسطينية, وتدمير الإنجازات والمكتسبات الوطنية الكبرى التي حققتها الثورة الفلسطينية المعاصرة؟.

كيف يمكن أن نفرض على القيادة المتنفذة في م.ت.ف الخروج من هذا المجرى الخطير والعودة للالتزام ببرنامج الإجماع الوطني؟ وكيف يمكن أن نعمل لحشد إطار وطني فلسطيني مناقض لمشروع الحكم الإداري الذاتي الذي يراد فرضه على شعبنا كسقف للحل السياسي الإمبريالي الصهيوني المطروح للقضية الفلسطينية؟"[11]. أجاب عليه كما يلي  " إن مواجهتنا للمخطط المطروح وتصعيد مقاومته يلقى على عاتقنا مسؤولية أساسية لتحشيد كافة القوى السياسية الفلسطينية المناهضة لهذا المشروع بهدف الحفاظ على م.ت.ف وحماية برنامجها الوطني، وحتى نستطيع ذلك، لا بد من إخراج قيادة المنظمة من المجرى السياسي الأميركي. ولكي نفرض على قيادة المنظمة الخروج, لا خيار أمامنا إلا تجميع وحشد كافة الفصائل المناهضة لهذا المجرى... إذ أن هذا المخطط ليس قدراً محتوماً لا مناص منه بل إفشاله وإحباطه إذا عرفنا كيف نستثمر ونستنهض طاقاتنا وطاقات شعبنا من خلال استمرار التصادم مع العدو وتعبئة الجماهير ضد الخط السياسي المهادن"[12].

وفي هذا السياق، أضاف القائد الراحل الحكيم قائلاً " إن مواجهتنا وتصدينا للواقع السياسي المعقد بات يتطلب العمل الجاد لإحياء واستنهاض حركة الجماهير العربية من خلال إعادة الاعتبار نظرياً وعملياً لشعارات الوحدة العربية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والعمل على إقامة أوسع جبهة عربية، من خلال التيار الوطني والقومي والماركسي. ومن خلال ذلك، أي من خلال حركة الجماهير العربية، يمكن أن نُؤَمِّن الحماية للخط الرافض والمناهض للمخطط الإمبريالي الصهيوني الرجعي"[13].

أما على الصعيد التنظيمي ، فقد أشار الحكيم في مداخلته أمام المؤتمر الخامس إلى " أهمية وخصوصية البعد التنظيمي في عملنا وكفاحنا كحزب، فبدون توفر الأداة التنظيمية الصلبة والنواة الكفاحية والتي تتوفر فيها اشتراطات عالية المستوى، يصبح الحديث عن المواجهة والتصدي ضرباً من الكلام غير المستند لأسس واقعية صلبة . وحتى نخرج من دائرة تفسير الواقع الذي نعيشه إلى دائرة تغيير هذا الواقع بصورة فعالة، نصبح أمام واجبات وشروط أساسية وكبرى، أولها ما يتعلق بنا كحزب، وهل نحن مستعدون فعلياً للانقضاض على الذات ومعالجة السلبيات بكل عزم ولكن بعلمية، ومن خلال ممارسة عملية البناء بوتائر متصاعدة ولكن ثابتة وصلبة لكي نصبح واثقين بان مشروعنا الثوري يخطو بثبات على الطريق الذي حلم به مؤسسو الجبهة والذي شكل عنواناً لاستقطاب عشرات الآلاف من الأعضاء والجماهير وشكل عنوانا استشهد تحت راياته قوافل الشهداء"[14] ، وفي هذا الجانب أضاف " إننا أمام فرصة راهنة حيث تحتدم التناقضات مع البرجوازية المتهافتة والمتلاعبة في البرنامج الوطني، كما يتنامى فعل وتأثير الاتجاه الأصولي الديني، لهذا نصبح أمام استحقاقات البديل الثوري فإما نحن وإما غيرنا، فلا مكان للفراغ في الطبيعة كما في الظواهر الاجتماعية"، و إذا ما أقررنا بكل ما تقدم، تتضح أمامنا معالم الطريق لتصفية مرحلة سابقة، بالمعنى الايجابي للتصفية، وتحقيق قفزة نوعية للأمام تعيد التوازن بين طروحاتنا وبرنامجنا وبين واقعنا ومستوى وضوح ممارستنا"[15].

كما شدد الحكيم في مداخلته الافتتاحية للمؤتمر الوطني الخامس على أهمية العمل السري كخط أساسي صارم من خطوط عملنا في المرحلة القادمة، قائلاً " لا شك أننا يجب أن نعمل بكل طاقاتنا للاستمرار في المحافظة على المكتسبات والانجازات التي حققتها الظاهرة العلنية للثورة الفلسطينية لكن المحافظة على هذه الانجازات والمكتسبات لا يجوز أن يتعارض مع بناء منظماتنا الحزبية السرية، حيث أصبح هذا الوضع من الموضوعات الأساسية التي يجب أن نعمل على تجسيدها في المرحلة القادمة. لقد كنا نؤكد باستمرار في برامجنا ومهامنا على أهمية وضرورة بناء المنظمات السرية، ولكننا على صعيد الترجمة العملية لم نستطع تجسيد ذلك، أعتقد أن هذا خطأ استراتيجي وقعنا به ، يتطلب المعالجة والمحاسبة الصارمة في المرحلة القادمة . إن حزباً لا يستطيع الدفاع عن نفسه لا يستحق أن يعيش -على حد قول لينين - وأرى أنه آن الأوان لبناء ذاتنا وحزبنا بطريقة جديدة نستطيع من خلالها مواجهة كافة الظروف والاحتمالات المتوقعة"[16].

أما عن تناقضات الجبهة وكيف رآها القائد الراحل في تلك المرحلة، فقد أشار بوضوح إلى " أن تطور الجبهة الملموس بكوادرها وقياداتها وأعضائها وتعقد الظروف الموضوعية المحيطة بنضالنا، تجعل من الطبيعي أن نكون أمام وجهات نظر متنوعة ومختلفة للتعاطي مع المهام الصعبة للغاية التي تواجهنا في مسيرتنا النضالية"[17]، وأضاف " أن التنوع والاختلاف الجدل والتناقض في صفوفنا هو مظهر قوة وليس ضعف.. ولكن كيف تعاطينا كجبهة , كمؤسسة وكأفراد ، مع التطورات والأحداث الكبرى التي حصلت في العالم؟ من واجبي أن أشير وبكل مسؤولية وطنية لجميع الرفاق، أن البعض لم يتمكن من التوغل والتفكير  بعمق فيما يجري وهذا خطاْ كبير، لأن معناه الجمود وعدم القدرة على مواكبة الأحداث والبعض الآخر يتصرف وكأنه لم يعد لدينا أية ثوابت، وليس هذا فقط، بل بدأ يعبر عن ذلك بطريقة ليبرالية، وهذا أيضا يقود إلى الفوضى "[18] ، وأضاف موضحاً " إنني أدرك جيدا أن هناك تناقضات سياسية تكتيكية في صفوفنا كجبهة سواء على صعيد الهيئات القيادية أو على صعيد الكادر، وهذه التناقضات السياسية التكتيكية تشمل موضوعات عديدة، أهمها وتيرة الموقف السياسي الذي نتعاطى به مع قيادة م.ت.ف وبالتكتيك الأسلم في التعامل مع مؤسسات المنظمة ومدى فعلنا وتأثيرنا في الحركة السياسية ، وموضوع التحالفات مع الفصائل المتواجدة خارج إطار م.ت.ف ...إلخ من موضوعات سياسية تكتيكية مختلفة. من ناحيتي وبكل مسئولية أقول إنني لا أخشى مثل هذه التعارضات السياسية التكتيكية، لكن ما يهمني التأكيد عليه بهذا الصدد نقطتين أساسيتين:  الأولى : أهمية وضرورة ربط التكتيك بالإستراتيجية، لكن علينا أن نتفق أن أي تكتيك قد نمارسه يجب أن لا ينتهك الإستراتيجية ويضرب خط الجبهة ومنطلقاتها الأساسية . الثانية :هيبة الحزب ولغته الموحدة أمام الجماهير، أي بعد أن يأخذ حوارنا الداخلي الديمقراطي مداه يجب أن نلتزم جميعاً بترجمة التكتيك المقر من الحزب وهيئاته المركزية "[19].

ثم تحدث القائد الراحل عن التجديد وضرورته في حياة الحزب، راسماً بذلك ملامح المستقبل بقوله " إن فهمي للتجديد لا يقوم على أساس أنه موضة لابد أن نمارسها ولا يقوم على أساس شكلي أو ردة فعل على أحداث جرت في هذا العالم. إن التجديد ضرورة موضوعية وعملية دائمة ومتواصلة يفرضها منطق الحياة والتطور. والتجديد ليس كلمة تقال، بل هي مضامين وتغيير جذري لأسلوب وعادات وطرائق عمل أصبحت بالية تحتاج للتغيير, لأننا لا نستطيع مواجهة المرحلة الجديدة بنفس الأساليب والأدوات والطرق القديمة. إن التجديد منهج حياة وممارسة شاملة تطال كافة جوانب العمل بهدف التطوير والتقدم الدائم للأمام, والتجديد في الهيئات القيادية التي يجب أن يتم ضخها باستمرار بالدماء والأفكار الجديدة ... إننا أمام واقع جديد ووضع جديد وبداية معالم مرحلة جديدة، تتطلب استراتيجية جديدة على ضوء المتغيرات الكبرى في العالم من ناحية, وعلى ضوء تجربة الثورة الفلسطينية وما أفرزته المرحلة السابقة من دروس, وهنا أرى أهمية تسجيل بعض النقاط والاستخلاصات  الأساسية التالية[20]:

  1. التطورات السياسية النوعية التي حدثت على الصعيد العالمي والعربي الفلسطيني والإسرائيلي, والتي أدت إلى وضع يهدد فعلا بتصفية القضية الفلسطينية, تفرض علينا أن نقف أمام هذا الوضع الجديد ورسم الاستراتيجية والتكتيك السليمين على الصعد السياسية والتنظيمية والعسكرية والمالية والأيديولوجية وهذه المهمة مطروحة أمام مؤتمركم.
  2. إننا على ضوء انخراط القيادة المتنفذة في م.ت.ف في مجرى التسوية الأميركية الصهيونية, وعلى ضوء انهيار النظام العربي الرسمي وسيره في طريق تطبيع علاقات مع العدو الصهيوني، نصبح أمام مرحلة جديدة، تطرح أمامنا بقوة وجدية مسألة البديل الديمقراطي الذي يُسْقِطْ مشروع التصفية ويسير بالثورة و م.ت.ف نحو تحقيق وإنجاز البرنامج الوطني.
  3. ضرورة الربط بين النضال الوطني والقومي واعتبار ذلك قضية أساسية وخط سياسي أساسي للمرحلة القادمة. لأن التركيز على الشعب الفلسطيني لا يجوز أن يعني إغفال البعد القومي, وبذات الوقت فإن التأكيد على أهمية العامل القومي لا يعني التقليل من أساسية العامل الوطني.

إن تسجيلنا لهذا الخط وتبنينا له، لا يعني أن الجبهة ستنوب عن الجماهير العربية في تحقيق أهدافها الوطنية والقومية.

إن فهمنا الجديد لهذا الخط يقوم على أساس ضرورة التنسيق والتفاعل المستمر مع كافة القوى السياسية والتقدمية والقومية العربية المؤمنة بتحرير فلسطين والوحدة العربية.

  1. أن الاستناد إلى أسلوب الكفاح المسلح لا يجب أن يعني إهمال أساليب النضال الأخرى ، لأن التركيز على أسلوب الكفاح المسلح كان على حساب الأخرى وتحديداً النضال الاقتصادي.
  2. أن القرارات الشرعية الدولية تشكل أكبر سند وأفضل تكتيك يمكن أن نستند له في مواجهة مرحلة الانهيار الصعبة.
  3. يجب أن نخوض معركتنا ضد المشروع الأمريكي الصهيوني والنهج الاستسلامي على أساس إمكانية النجاح في إحباطه وليس على أساس أن التصفية قادمة لا محالة وقدر لا يرد.
  4. التأكيد على الأهمية الخاصة للبعد التنظيمي لعملنا في المرحلة القادمة, لأنه بدون تصليب البنية التنظيمية والتخلص من أمراض الظاهرة العلنية والبيروقراطية والجمع الخلاق بين العمل السري والعلني وتعميق الديمقراطية والتجديد لن نستطيع إنجاز برامجنا ومهامنا.
  5. التأكيد على أهمية الجبهة الثقافية، فقد نخسر الجبهة العسكرية والجبهة السياسية, ولكن لا يجوز أن نخسر الجبهة الثقافية.

 

وفي ختام مداخلته الافتتاحية في مؤتمرنا الوطني الخامس ، قال القائد الراحل مخاطباً رفاقه " إن القيمة الحقيقية لهذا المؤتمر أن يحدث ثورة في أوضاعنا, أن يردم الهوة ما بين خطابنا السياسي وواقعنا وممارستنا, وهذا غير ممكن إلا إذا استطعنا النهوض بواقعنا نهوضاً شاملاً وهذا هو التحدي الذي يواجهنا, فهل سنكون بمستوى هذا التحدي؟ نتائج مؤتمركم ستعطى الجواب"[21].

وفي ضوء مداولات ومناقشات المؤتمر ، أصدرت الجبهة التقرير العام للمؤتمرفي آب 1993 الذي تضمن أربعة عناوين رئيسية :1- التقرير السياسي.   2- الوثيقة النظرية.  3- التقرير التنظيمي.  4- ملخص التقرير العسكري.

 

 

[1] التقرير العام للمؤتمر الوطني الخامس – الطبعة الأولى – آب 93 – ص3.

[2] الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – المؤتمر الوطني الخامس – الوثائق – بدون تاريخ – ص4 .

[3]المصدر السابق – ص 4+5

[4]المصدر السابق – ص 5 .

[5]المصدر السابق – ص11 .

[6]المصدر السابق – ص15

[7] المصدر السابق – ص16

[8]المصدر السابق – ص18-19.

[9]المصدر السابق – ص19.

[10]المصدر السابق – ص21

[11]المصدر السابق – ص21-22

[12]المصدر السابق – ص22- 23 .

[13]المصدر السابق – ص24.

[14]المصدر السابق – ص25.

[15]المصدر السابق – ص25

[16]المصدر السابق – ص 27- 28 .

[17]المصدر السابق – ص30 .

[18]المصدر السابق – ص31 .

[19]المصدر السابق – ص31.

[20]المصدر السابق – ص 39-42 .

[21] المصدر السابق – ص42.