Menu

سوريا تقود الحرب البرية ضد الارهاب!!

هاني حبيب

يقول الروس، " انظروا لما حدث ويحدث في ليبيا من فوضى واحتراب داخلي وتعزيز قدرات القوى الإرهابية" وذلك عندما يشير هؤلاء إلى أن التدخل الدولي بقيادة الولايات المتحدة لدعم القوى المناهضة للقذافي قبل أكثر من ثلاث سنوات، أدى إلى تلك النتيجة التي تتبنا شهوراً عليها من دون أن يتمكن  أحداً من وقف نزيف الدم وإنهاء الفوضى ومواجهة التطرف والارهاب، إلاّ أن الروس لا يشيرون في تلك الأقوال إلى نتائج تلك الحرب الدولية  في ليبيا، بل هناك إشارة ربما باطنية إلى حد ما من أن روسيا لم توافق في ذلك الوقت على مثل هذا التدخل لصالح طرف في مواجهة طرف آخر، وأما القوى الدولية بقيادة الولايات المتحدة خدعت روسيا، عندما أشارت إلى أنها حرب سريعة لوضع حد للفوضى لصالح القوى المتمردة، غير أن هذه الحرب طالت ونجم عنها كل ما نشاهده الآن على الساحة الليبية.

الآن، تتدخل روسيا في سوريا، بشكل منهجي يعزز تواجدها السابق الدائم في طرطوس واللاذقية، وبات الدرس الأفغاني لكل من روسيا والولايات المتحدة ماثلا أمام الجميع، إلاّ أن الدرب الأهم هو نتائج الحملة الدولية في ليبيا، الروس قادمون، ولكن ليس من خلال جيش بري أو بحري، بل من خلال اسناد النظام القائم، بهدف مزدوج، محاربة الارهاب من خلال الجيش السوري، ووضع حد لانهيار مؤسسات الدولة السورية، سيتزود الجيش السوري بكل ما يلزم باعتباره آداة وحيدة مع الحلفاء على الأرض لمواجهة استحقاقات تحقيق الهدفين المشار إليها.

والواقع أن الحرب على الإرهاب، كما يراها الروس، تتجاوز الساحة السورية التي باتت أكثر تداخلاً واختراقاً مع ساحات أخرى، خاصة الساحة العراقية، وهي ساحة الارهاب التي "توحدت" تحت سقف داعش وفصائل الارهاب الأخرى، هذه الساحة الشاسعة تعززت وتطورت رغم ادعاء التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بأنه يحرز تقدماً ولو بالنقاط، بل أن شكوكاً متزايدة، حتى لدى بعض الأوساط الأمريكية الخبيرة، بأن هناك مصلحة أمريكية، وخليجية عربية، في عدم المواجهة مع الإرهاب وقواه المختلفة، وأكثر من ذلك، هناك شكوك تتعزز باستمرار من أن الدعم الأمريكي الخليجي العربي، لهذه القوى، هو ما يفسر بروزها وفرض سكونها وسيطرتها في إطار من المصالح المتشابكة والمعقدة، والنظرة المذهبية لهذه المصالح.

من هنا، باتت روسيا أكثر قناعة، بأن وقف مواجهة الارهاب من خلال الطلعات والغارات الجوية، يهدف إلى خداع الرأي العام حول مواجهة الإرهاب، إذ أن الجميع  بات بعلم أن ذلك ليس بمقدوره، حتى لو صلحت النوايا، وقف الارهاب، من دون قوة على الأرض، وقوات برية قادرة ومزودة بكل ما يلزم من أدوات الحرب الحديثة، فإن الإرهاب سيزداد قوة وسيطرة وامتداداً على ساحات مجاورة، محاولات الجيش العراقي وقواه الحليفة فشلا حتى الآن في المواجهة وتحرير ما تم احتلاله  من قبل قوى الارهاب والأسلحة التي تعاقدت الحكومة العراقية مع الولايات المتحدة عليها، منذ سنوات لم تصل، لذلك كله ترى روسيا، أن ضرورة مد القوى النظامية على الأرض بكل ما يلزم، من تدريب وتسليح، باتت أكثر الحاحاً، وهو ما يفسر الجديد في السياسة الروسية تجاه سوريا.

وأهم ما في هذه الحرب ضد الإرهاب، وككل حرب، هي حرب الاستخبارات والمعلومات، ولعل في تشكيل قيادة العمليات المشتركة للقوات المسلحة لكل من العراق و سوريا وإيران وروسيا، والتي بدأت العمل فعلاً انطلاقاً من العاصمة العراقية، بهدف تأمين المعلومات الاستخبارية حول قوى الارهاب، ما يعزز بالضرورة من قدرات القوات على الأرض وبالتنسيق مع كافة القوات الأخرى، الجوية على وجه الخصوص، في تلك المواجهة التي فرضها الارهاب على شعوب المنطقة، ما سيفرض على التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة التعاون والتنسيق مع قيادة العمليات المشتركة، بعدما كانت تحتكر الأجواء وتختار الأهداف وفقاً لمصالحها وسياساتها، ولن تكون أطراف التحالف الدولي بمنأى عن رقابة صارمة من قبل القيادة المشتركة التي من المتوقع أن تصبح أكثر فاعلية في زحمة الحرب على الإرهاب وفقاً لمصالح شعوب المنطقة، وليس مجرد شعار لخداع هذه الشعوب التي باتت ضحية هذه المصالح والسياسات!!