Menu

النفط والغاز في المياه الفلسطينية على سواحل المتوسط.. الحق المهدور

علي شريدة

الجزء الثالث

ترسيم الحدود ومعادلة الردع

 

أود أن أبدأ بالحالة اللبنانية ومستجدات ترسيم الحدود بعد توقف المفاوضات غير المباشرة في يناير الماضي 2021 بطلب من (الكيان الإسرائيلي) بعد أن وضعه المفاوض اللبناني البارع والمدعوم بالوثائق والخرائط والخبرة العالية في مأزق.

 

الحالة اللبنانية:

تشكل الوفد اللبناني المفاوض في المفاوضات غير المباشرة من فريق متكامل متجانس، خبير عسكري – خبير قانون دولي في ترسيم الحدود – خبير فني على دراية عالية في قطاعات النفط والغاز خبرته مكتسبة من شركة شلمبرجير العالمية في الدراسات والاستكشاف واختيار المواقع وتحليل المعلومات ودراسة الطبقات والإنتاج.

بدء التفاوض بالطرح الذي فرضه الوسيط الأمريكي غير النزية والمنحاز إلى (الكيان الإسرائيلي) المتمثل بالترسيم على أساس الخط المعروف بـ (خط هوف) الذي عرض على لبنان في عام 2012 والذي يقضم مساحات واسعة من المياه ذات المنفعة الاقتصادية الخالصة للبنان، الغنية بالغاز والنفط.

بدأت المفاوضات غير المباشرة في 14 أكتوبر 2020 وفق اتفاق إطار غير منصف أو متوازن. بعد عشر سنوات من المفاوضات قادها الوسيط الأمريكي نيابة عن (الكيان الصهيوني) مع بعض السياسيين في لبنان، ونتيجة لظروف دولية ومحلية، ثم التوافق على اتفاق إطار على أن يتحدد الترسيم البحري النهائي بناءً على مفاوضات غير مباشرة بين الخبراء اللبنانيون ووفد (الكيان الإسرائيلي).

بمراجعة الخريطة (1) و(1) نجد أن اتفاق الإطار تركز على البدء من نقطة عند رأس الناقورة مع أخذ الخط الوهمي رقم 23 كمرجع. حيث أن المفاوض (الإسرائيلي)
 

 يطالب بحدود بحرية إلى لبنان تبتعد 17كم إلى الشمال من الخط 23، وهذا يعني أن مساحات واسعة من القطاعات النفطية اللبنانية 10، 9، 8، بدأ من السواحل اللبنانية، والمحاذية ل فلسطين المحتلة تصبح ضمن إطماع (الكيان الإسرائيلي) الذي يخطط إلى نهب الغاز اللبناني في هذه القطاعات الأقرب ما يمكن لحقل كاريش للغاز الطبيعي الذي تسيطر عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي بحكم احتلالها لأرض فلسطين. وهذا الترسيم يعطي السيادة الكاملة لدولة العدو على حقل كاريش للغاز الطبيعي.

تراجع وفد (الكيان الإسرائيلي) عن موقفه السابق بعد أن برهن الوفد اللبناني أن الخط رقم (1) الذي استند إليه وفد (الكيان الصهيوني) هو خط اعتباطي وغير مبني على أي أسس قانونية أو تقنية مما أحرج وفد (الكيان الصهيوني) المفاوض. كما واستطاع الوفد اللبناني المفاوض المدعوم بخبرة عالية ومستندات ثبوتية أن يوثق أن حقوق لبنان حسبما لدى الفريق من خرائط يقع جنوب الخط 23 بمساحة إضافية تبلغ 1430 كم2.

1.jpg
 

خريطة رقم (١) تبين حقول لبنان في البحار أمام سواحله والخط الأسود ٢٣

تراجع وفد (الكيان الصهيوني) عن تمسكه بالخط 23 وعرض مرغماً إعادة ما مساحته 864 كم2 من المياه البحرية اللبنانية. وهذا يعطي لبنان الحق في 80 إلى 90% من القطاعين النفطيين 10 و9 وتقريبا نصف القطاع 8.

2.jpg
خريطة وقم (٢) تبين الخط (٢٣). خط اتفاقية الإطار والذي تقبل به دولة العدو ويرفضه لبنان

هذا طبعاً يصب في مصلحة (الكيان الصهيوني) ومرفوض من قبل الوفد اللبناني لأنه يعطي دولة (الكيان الصهيوني) الحق في قرصنة مساحات واسعة من القطاع النفطي  اللبناني رقم 8 وكل مساحة حقل كاريش.

رفض الفريق اللبناني لهذا العرض لأنه يتعارض مع ما يطالب به هذا الفريق أي الخط 29 كحدود ترسيم بحرية مقبولة.

 

منذ ما يزيد على سنة تجري مفاوضات بين (الكيان الإسرائيلي) وشركات أجنبية للبدء بالحفر التطويري (Development Drilling) في حقل كاريش والحفر الاستكشافي (Exploration Drilling) في القطاعات المجاورة له. والمرشح أن يبدأ الإنتاج منه سنة 2021.

لتنفيذ هذه الخطة لا بد (للكيان الإسرائيلي) من التوصل إلى تفاهم مع الدولة اللبنانية. ولا بد من توفر جو من الأمن والاستقرار مع الدول المجاورة وعلى رأسها لبنان.

بسبب التصلب اللبناني وجهوزية الجيش اللبناني للمواجهة وبسبب وجود المقاومة اللبنانية وصواريخها الدقيقة.

ولما كان (الكيان الصهيوني) قد وقع عقداً للحفر في حقل كاريش مع شركة استكشاف يونانية وينوى البدء بأقرب فرصة وجد نفسه في مأزق ولا بد له من التوصل إلى اتفاق مع الدولة اللبنانية لخفض التوتر في المنطقة  لأن هذا التوتر يضع كل عمليات الحفر والاستكشاف تحت رحمة قوة الردع للجيش اللبناني وصواريخ المقاومة الدقيقة وهذا ما يعرف بتوازن الرعب.

إذا استمر التوتر في المنطقة على حاله دون التوصل إلى اتفاق يرضي الدولة اللبنانية ذلك سوف يجعل مخاطر التأمين على العمليات برمتها عالية جداً. لا سيما أن الخط 29 يعبر حقل كاريش مما يجعله وفق القانون الدولي، حقل متنازع عليه. وهذا يجعل الشركات المقاولة تحجم عن العمل فيه. مما يعيق عمليات الحفر والإنتاج الأحادية من دون موافقة الطرق اللبناني صاحب الحق القانوني بالمشاركة في ملكية هذا الحقل.

3.png
خريطة رقم (٣) تبين نهاية الخط اللبناني نهاية القطاعات الصفراء ودخول جزء من حقل كاريش ضمن القطاعين (٩) و(٨)
 

منذ توقف المفاوضات غير المباشرة غابت عن المشهد السياسي الغطرسة المعروفة (للكيان الصهيوني) وغابت لغة التهديد والوعيد وأصبح مسؤولوه السياسيون يميلون إلى لغة الدبلوماسية والتودد وإبداء المرونة. لذلك سمعنا وزير الطاقة الإسرائيلي أمس يتحدث إلى الاعلام بلغة سلسة مهادنة دبلوماسية مستجدياً لبنان العودة إلى المفاوضات (التي هي في صالح لبنان) على حدٍ تعبيره. ويعرب عن حزنه (لأول مرة نسمع الأسف من الكيان الصهيوني) لتصلب الجانب اللبناني وعدم قبوله بالعرض (الإسرائيلي) بإضافة 864كم2 إلى مياهه والقبول بخط 23. أكثر من ذلك تقدم بعرض مساحات إضافية (تقريباً 340كم2 بعد الخط 23 أي الخط الأخضر). معطياً لبنان ما مجموعة 1204كم2 إضافية هذا التراجع (الإسرائيلي) والاستجداء والاعراب عن الحزن لم يكن ليتحقق لولا العوامل الأربعة التالية:

1- الموقف الموحد لكل الفرقاء اللبنانيين من دعم الوفد المفاوض وعدم التنازل عن حقوق لبنان في ثرواته.

2- الدرجة العالية من الخبرة التي تمييز بها الوفد المفاوض والتمسك بحقوق بلده وعدم التأثر بأي ضغوطات.

3- توازن استراتيجي تمثل بقوة الجيش اللبناني المتمسك بحقوق بلده  والحامي لهذه الحقوق في استغلال ثرواته. إضافة إلى ذلك دعم المقاومة وصواريخها الدقيقة.

4- امتلاك لبنان لخرائط تاريخية وإحياء لترسيم الحدود بين فلسطين المحتلة ولبنان وفق معاهدة بولييه –نيوكمب عام 1923 التي تؤثر على انطلاق الخط البحري من نقطة رأس الناقورة والذي يحاول (العدو الصهيوني) التلاعب به بغية حرف الخط شمالاً.

وعلى الرغم من التراجع (الإسرائيلي) قليلاً بعد الخط 23. محتفظاً بالسيطرة الكاملة على حقل كاريش وأجزاء من القطاعات اللبنانية 9 و8. تبقى هذا العرض مرفوضاً من قبل الدولة اللبنانية مع إصرار الوفد اللبناني المفاوض على مساحة 1430 كم2 بعد الخط 23 أي الخط الأخضر في الخريطة رقم (2) وإلى نهاية الخط الأصفر في نفس الخريطة مما يعطي الدولة اللبنانية الملكية التامة للقطاعات 10 و9 و 8 وجزء من حقل كاريش الذي يقع ضمن القطاعين 9 و8 اللبنانيين.

 

ملاحظة هامة جداً:

نظراً لما يتمتع به اللبنانيون من حرية تعبير والإعلام الحر الذي كفلة الدستور اللبناني فإن كل ما يناقش في ملف الغاز ومفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع (الكيان الإسرائيلي) يطرح بشفافية ويناقش في الإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي بحرية تامة ولا يتم إخفاء أي معلومات تحت ذريعة السرية أو ما شابه ذلك ويشارك جميع رجال الإعلام والسياسة ومختلف التيارات السياسية الحوار حول ما يجب طرحه وما تم التوصل إليه. وتعطي كل جوانب ملف الغاز وترسيم الحدود حقها من النقاش على صفحات التواصل الاجتماعي بموضوعية.

 

الحالة الفلسطينية:

للأسف أن ما تم نشره عن ملف الغاز الفلسطيني وترسيم الحدود مع (الكيان الإسرائيلي) ومع جمهورية مصر العربية قليلاً جداً وتغيب عنه التفاصيل والشفافية والتعميم على وسائل الإعلام المحلية والخارجية.

لم نشاهد حوارات وبرامج إعلامية أو لقاءات مع خبراء على مستوى عالٍ من الخبرة والشفافية في طرح جوانب هذين الملفين. ونتيجة لذلك فإن الفلسطينيين في الشتات يجهلون تماماً ما دار خلف الكواليس من مفاوضات وما تم التوصل إليه من اتفاقيات  لترسيم الحدود واستغلال ثروات الغاز الطبيعي.

ن خلال الحوارات التي أجريتها مع إعلاميين ومنتسبي فصائل فلسطينية تكونت لدى صورة أن هذين الملفين لم يعطيا حقهما من الوضوح والنقاش. للأسف لم نقرأ نشرات صادرة عن السلطة الفلسطينية ولم ينشر الخبراء الفلسطينيون في مجال النفط والغاز الكثير من دراسات حول هذا الملف.

4.png

خريطة وقم (٤) تبين تقزيم القطاعات البحرية امام سواحل غزة بعد ان قضمتها دولة العدو من الشمال ومصر من الجنوب

كذلك نتساءل عما إذا تعاقدت السلطة الفلسطينية مع خبير دولي معترف به من قبل المجتمع الدولي في ترسيم الحدود يعترف بتوصياته وتحترم من قبل محكمة العدل الدولية.

منذ بضعة أسابيع نشرت السلطة الفلسطينية بياناً مقتضباً من عدة سطور عن التوصل إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع جمهورية مصر العربية. متى جرت هذه المفاوضات. من هم خبراء السلطة الفلسطينية المشاركون. ما هي الأسس التي تم بموجبها الترسيم. هل الخط الأصفر المبين في الخريطة رقم (4) جنوب المثلث الأصفر هي الحدود الصحيحة التي تضمن حق دولة فلسطين في حقوقها المائية إلى الجنوب. أسئلة تحتاج إلى إجابات.

لو أجرينا مقارنة بين الوضع اللبناني والوضع الفلسطيني يبرز التباين الواضح في الحالة اللبنانية حيث يتم نشر كل شيء عن ملف الترسيم بين لبنان (والكيان الصهيوني)  بكل تفاصيله ويتم المناقشة بكل حرية من قبل اعلاميين وخبراء. وهناك كم هائل من المعلومات المتوفرة.

بينما في الحالة الفلسطينية فإن ما قرأناه عن ملف الترسيم مع مصر أو (الكيان الصهيوني) وحتى عن ملف الغاز الفلسطيني كتبه خبراء أوروبيون.

لا يتوفر لدينا الكثير مما تم نشره من قبل السلطة الفلسطينية. اللهم إلا بعض ما نشره مركز الدراسات الفلسطينية في بيروت.

لقد فاوض الوفد اللبناني ومن وراءه دعم حكومي وشعبي من مختلف التيارات السياسية فكان موقفه صلباً وأرغم (الكيان الصهيوني)  على الاعتراف بمعظم حقوق لبنان في مياهه وثرواته من الغاز الطبيعي. ذلك مرده إلى النقاط الأربعة التي ذكرتها سابقاً تحت الحالة اللبنانية.

أما المفاوض الفلسطيني فإنه دخل المفاوضات بموقفاً ضعيفاً. فلم يستطع انتزاع حقوقه في مياهه وحقه في استغلال ثرواته النفطية وخاصة حقلي غزة مارين (1) و(2).

هذا الموقف غير القوى يعود إلى عدة عوامل وأسباب:

1- عدم وجود وفد على مستوى عالٍ من الكفاءة مستنداً إلى تقارير من خبراء دوليين في مجال ترسيم الحدود البحرية وفنيين خبراء في مجال النفط والغاز.

هذا الأمر يعيدنا بالذاكرة إلى حقبة المفاوضات مع (الكيان الصهيوني) للانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد اتفاق غزة أريحا، حيث لم يكن هناك خبير فلسطيني في القانون الدولي مما دعى السلطة الفلسطينية إلى الاستعانة بخبير دولي من إخواننا المصريين.

2- عدم وجود دعم شعبي للمفاوض أو السلطة الفلسطينية ليس بسبب المعارضة وإنما لتغييب الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وفي الشتات عن كل ما يتعلق بترسيم الحدود والاطلاع على حقوقه في مياهه وثرواته من الغاز الطبيعي.

3- عدم مشاركة خبراء من فصائل فلسطينية أخرى غير فصل السلطة في المفاوضات. أو على الأقل اطلاع هذه الفصائل على كل ما يجري حول ملفي الترسيم واستغلال ثروات الغاز الفلسطيني، وحصر هذه الملف وكل ما يتعلق به بالسلطة الفلسطينية التي غالبيتها من فصيل وحيد معروف.

4- عدم استطاعه السلطة الفلسطينية تأكيد حقوقها في مياها وثرواتها الغازية من خلال مشاركتها في منتدى دول شرق المتوسط. وعدم استحصالها على قرار يجبر (إسرائيل) السماح باستغلال حقلي غزة (1) و(2).

5- تراخي السلطة وعدم جديتها فيما يتعلق بترسيم الحدود مع (الكيان الصهيوني) نتيجة الوضع الدائم من التوتر والقطيعة المستمرة. وكذلك مع مصر بسبب العلاقات المطلوب أن تكون جيدة لاعتبارات عدة بعضها يكون من قبيل المجاملة أو الضغوط.

6- الخلاف الفلسطيني الحاد الذي استمر سنوات بين السلطة الفلسطينية وفصيلها الأوحد من جهة وبين حماس من جهة أخرى وكذلك التباين الكبير في وجهات النظر بين السلطة الفلسطينية والفصيل الثالث في الساحة الفلسطينية، وأسلوب التفرد والتهميش الذي تتبعه السلطة الفلسطينية. لذلك نجد أن التنظيمات الفلسطينية وحتى جزء من فتح ليس لديهم دراية بملفي الترسيم والغاز ولا يتوفر لهم إلا القليل الذي لا يؤهلهم للحديث عنه سلباً أو إيجاياً.

7- تخوف السلطة الفلسطينية من المكاسب المادية والسياسية والمكاسب الشعبية التي قد تجنيها حماس إذا انطلقت عمليات الاستكشاف واستغلال موارد الغاز التي لا شك سوف تستفيد الكثير منها سلطة حماس في غزة وكذلك سكان القطاع من فرض العمل والاستثمارات والشركات الأجنبية المتوقع قدومها إلى القطاع للمشاركة في عمليات  الاستكشاف والإنتاج. وفرص العمل الكثيرة التي سوف تتوفر لسكان القطاع في مجال العمليات والخدمات اللوجستية والتموين والإتجار بالمواد الغذائية. كل ذلك ينعش حركة الاستيراد والتجارة، ويرفع عائد الربح، ويؤدي إلى تحسن مستوى المعيشة من دخل مئات ملايين الدولارات على شكل أجور ومرتبات وأرباح بيع الغاز وأرباح التجارة. وهذا يساهم في رفع مستوى المعيشة في القطاع الذي قد يتفوق على المستوى في  الضفة الغربية. عدا عن استفادة القطاع من الغاز للحصول على طاقة كهربائية 24/24 وحل أزمة الطاقة المزمنة مما يعزز الأمن والاستقلال الطاقوي للشعب الفلسطيني.

8- عدم استخدام السلطة الفلسطينية أوراق هامة في التفاوض. أهمها توازن الرعب الذي تملكه حماس من صواريخ قادرة على تدمير منصات الحفر والمنشآت (الإسرائيلية) في حقل تمار على سواحل فلسطين المحتلة وحقل ليفيتان المجاور له. هذا الورقة القوية لم يتم التلويح بها حتى الآن ولم تستغل كما استغلها لبنان بنجاح. والسبب يعود إلى أن اللاعب الأساسي في هذه الورقة هو حركة حماس منفردة. هي التي تملك قوة الردع.

وحتى هذه الورقة للأسف الشديد يخضع استخدامها لضغوطات خارجية من دول لها تأثير على قرارات حماس ومن دول مجاورة لاعتبارات لوجستية. وكذلك للخلافات المتجذرة في الساحة الفلسطينية.

ذكرت النقطة الثامنة من ناحية فنية فقط لكوني محايد متابع لما يجري في الساحة الفلسطينية في الداخل والشتات دون الانتماء إلى أي تنظيم (هذا نوع من السلبية والتقصير). والسبب يعود إلى عملي في قطاع النفط في الخليج العربي لأربعة عقود حيث السياسة والانتماء التنظيمي يتناقض مع العمل في هذا القطاع في منطقة الخليج.

اخلص مما تقدم إلى أنه لا بد للسلطة الفلسطينية من امتلاك دراسة قانونية تبين حقوقها في مياهها وثرواتها من الغاز الطبيعي والتفاوض الفني والتقني مع العدو المحتل بعيداً عن السياسة للوصول إلى اتفاق حول البدء باستغلال حقلي الغاز الطبيعي غزة مارين (1) و(2) وعدم ترك هذا الملف إلى مفاوضات الحل النهائي التي أخذت عشرات السنين نتيجة مماطلة العدو (الكيان الإسرائيلي) المحتل وعدم جديته أو نيته الالتزام باتفاقات تسمح للفلسطينيين بالسيطرة على ثرواتهم واستغلالها على الوجه الأمثل.

وإذا تركت الأمور على ما هي عليه فإن (الكيان الصهيوني) سوف ينتج الغاز من كل حقوله على الساحل الفلسطيني المحتل ومن حقول حوض ليفيان المجاور لحقول غزة. وسوف يستخدم أساليب فنية معروفة مثل الحفر المائل والإنتاج بأساليب فنية وطاقات عالية من الآبار القريبة من الحقول الفلسطينية. ومع مرور الزمن نرى (الكيان الصهيوني) يجني مليارات الدولارات بينما غزة نعيش في الظلام والسلطة في رام الله، نعاني من أزمات اقتصادية ومالية خانقة.

وبعد أن يستنزف (الكيان الصهيوني) ثروات حقول غزة يسلمها للسلطة الفلسطينية خزانات أرضية مستنفذة (Depleted Reservoirs)  قد تخدم الشعب الفلسطيني ما يزيد قليلاً 15 إلى 20 سنة. يحصل بعدها انخفاض في الإنتاج والضغط في الآبار (Pressure drop and law production) وتصبح الحقول ذات جدوى اقتصادية متدنية وعائد مادي قليل. لا يلبي احتياجات الشعب الفلسطيني وطموحاته وتطلعاته المستقبلية. وحلمه في امتلاك ثروة من الغاز الطبيعي والدخول في نادي الدول المنتجة للنفط والغاز.