Menu

في يوم الأسير الفلسطيني..

الأسيرة المحررة ميس أبو غوش للهدف: هكذا تعيش الأسيرات الأجواء الرمضانيّة رغم المعاناة الكبيرة

الأسيرة المحررة ميس أبو غوش

خاص بوابة الهدف

ما تزال سلطات الاحتلال الصهيوني مستمرة في انتهاك حقوق المرأة الفلسطينيّة، حيث تحتجز في سجونها العديد من الأسيرات، منهن الجريحات، والمرضى والأمهات، ويُمارس الاحتلال بحقهن مختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.

وتقبع الأسيرات في سجن "الدامون" بظروفٍ قاسيّةٍ وصعبة، حيث يفتقر هذا السجن لأدنى مقومات الحياة الإنسانيّة.

وبمُناسبة يوم الأسير الفلسطيني، السابع عشر من نيسان، تواصلت "بوابة الهدف الإخباريّة" مع الأسيرة المُحرّرة ميس أبو غوش مُخيّم قلنديا شمال مدينة القدس المحتلة، لتحدّثنا عن معاناة الأسيرات في سجن "الدامون" وعن الضغوطات التي يُمارسها الاحتلال وطقوس الأسيرات وملامح شهر رمضان والأعياد وغيرها من المناسبات داخل الأسر.

وقالت أبو غوش، إنّ "الضغوطات التي يفرضها السجّان الصهيوني على الأسيرات في سجني الشارون والدامون كثيرة، ومن أبرزها إدارة السجن السيئة، وهي تاريخيًا لا تعرف كيف تتعامل مع الأسيرات الأمنيّات، لأن السجن بالأساس كان مدنيًا، ومن فترة قريبة أصبح للأسيرات الأمنيّات والأشبال".

ولفتت ميس إلى أنّه "وعلى مدار شهور اعتقالها -15 شهرًا- داخل سجن الدامون، كان هناك تضييقًا كبيرًا إزاء إدخال الكتب الدراسيّة، ومن المفترض أن تستطيع كل أسيرة أدخال كتابين في كل زيارة ولكن كان هناك تضييقات كبيرة ويصادروا الكتب وينزل ضابط المخابرات إلى القسم ويهدد الأسيرات بحجّة أنّ هذه المواد غير مسموح إدخالها إلى السجن، وبالفعل صادروا عددًا كبيرًا من السجن".

وتابعت ميس حديثها للهدف: "في الفترة الأخيرة قبل تحرّري اقتحمت قوات من مخابرات الاحتلال القسم وصادروا الكتب الجامعيّة والتعليميّة، وقمعوا الأسيرات وفتشوا القسم تفتيشًا دقيقًا، وعندما رفضنا الخروج من القسم هددونا باستدعاء القوات الخاصة إلى القسم"، تُضيف: "إللي صار إنه أجوا مرة وحكوا إنّه في تفتيش على عدد الملابس لأنه في عدد محدد للملابس لكل أسيرة، وما كنّا نعرف إنه تفتيش كامل على الكتب والملابس وغيرها من مقتنيات السجينات، وكانت الساعة 7 الصبح وأخرجونا من غرفنا وهددونا إنه راح يتم عزل كل الأسيرات إلي بيعلّمن أو بيتعلّمن في السجن، وهذا كان وسط الساحة وكان الحكي وطريقة التعامل مليانة ذل وقهر".

وشدّدت ميس على أنّ "هذه الممارسات متعمّدة من أجل مُحاربة الوعي بشكلٍ كامل، خصوصًا أنّ هناك عدد من الأسيرات ذوات أحكام عالية، ويهدف الاحتلال إلى تجهيل الأسيرات، وبالرغم من كل شيء إلّا أن الأسيرات يواصلن التعليم رغم كل المعيقات"، مُشيرةً إلى أنّ "الأسيرات في سجن الشارون اعترضن قبل أعوام على تركيب كاميرات المراقبة في ساحة السجن لأنّها تنتهك خصوصيتهن، وبالفعل اعتصمن داخل الغرف 60 يومًا ما دفع إدارة السجن لنقل الأسيرات نقلاً تعسفيًا إلى سجن الدامون حيث يوجد كاميرات في الممرات وفي الساحة مما يصعب على الأسيرات ممارسة الرياضة والركض وكذلك الاهتمام بشؤونهم الخاصّة أيضًا، وفي كل مرّة تعترض الأسيرات على الكاميرات يرجع ضباط المخابرات هذا الإجراء بزعم وجود أسباب أمنية تمنع إزالتها".

وبشأن الحمامات في السجن، قالت ميس: "الحمامات في سجن الدامون خارج الغرف ولا يمكن استخدامها إلّا وقت الفورة، غير أنها ضيقة للغاية وعددها قليل والمياه فيها ضعيفة جدًا"، مُشيرةً إلى أنّ "وضع الأسيرات مختلف عن وضع الأسرى، فلا يوجد تيليفونات ولا أي وسيلة تواصل وهذا يسبب الكثير من التوتر والقلق لدى الأسيرات ولدى أسرهم خاصّة مع انتشار فيروس كورونا، وفقط كنّا نعتمد على الإذاعات، وهناك إذاعات كان إرسالها رديء سواءًا بسبب الطقس أو بسبب أجهزة التشويش التي تضعها إدارة السجن".

كما أوضحت ميس أنّ "عيادة السجن سيئة للغاية ويُمارس فيها الإهمال الطبي بشكلٍ متعمّد وبطرقٍ مختلفة، وكل هذا يدلّل على منظومة استعماريّة كاملة هدفها القهر والإذلال للأسير والفلسطيني".

أمَّا عن ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، فقالت أبو غوش للهدف، إنّ "أهالي الأسرى دائمًا ما يتذكرون بناتهم وأولادهم في الأسر، إلّا أنّ الكثيرين لا يتذكرون قضية الأسرى غير في هذا اليوم فقط، أي بشكلٍ موسمي"، مُؤكدةً أنّ "مناسبة يوم الأسير يجب أن تكون لتكثيف الجهود السابقة المتواصلة لنصرة قضية الأسرى وبشكلٍ يومي، وليس انطلاقًا من فكرة مناصرة الأسرى وتسليط الضوء على مشاكلهم في يوم واحد فقط من خلال الفعاليات أو الموجات الإعلاميّة وغيرها من طرق التعبير".

ودعت ميس إلى "ضرورة أن تكون قضية الأسرى حاضرة بشكلٍ يومي، لأن الأسير يعاني يوميًا من سلسلة مستمرة من الضغوطات التي يتعرّض لها دون أن يعرف أحد حجمها ومدى تأثيرها على صحته الجسمية والنفسية"، وحول شهر رمضان، أوضحت ميس أنّ "كل مناسبة في الأسر مختلفة تمامًا عن الوضع الطبيعي خارجه، وأنا مثلاً خارج السجن ما كنت أحتفل بأعياد الميلاد، ولكن داخل السجن وفي ظل وجود أسيرات محكومات أحكام عالية من واجبي الاجتماعي والوطني أن أحتفل معه في أعيادهن وفي كل المناسبات، فمن واجب الأسيرة أن تُشارك رفيقاتها وشريكاتها في المعاناة بأعياد ميلادهم ومناسباتهم الدينيّة وغير ذلك، كنوعٍ من إدخال البهجة والسعادة على قلوبهم، وبالنسبة لشهر رمضان في السجن كان من أحلى الفترات، وكنّا نحضّر مونة رمضان كالمخلالات مثل الجزر والزهرة ونستغل كل شيء موجود لصناعة الطقوس والفرح، كما أنّ الأسيرات يعزمن بعضهن على الإفطار ويقمن بتحضير الفطور والسحور مع بعضهن، كما ينظّمن المسابقات الرمضانيّة وهذه الفعاليات تدفع الأسيرات للتفاعل مع بعضهن البعض رغم وجودهن داخل سجن، وفي العيد يقمن بتحضير الحلويات من المواد والأصناف المتوفّرة، ويقمن أيضًا بصلاة العيج وخلق حالة من الفرح والتزاور".

يُشار إلى أنّ ميس أبو غوش اُعتقلت بتاريخ 29/8/2019، بعد اقتحام منزلها بعددٍ كبيرٍ من الجنود والكلاب البوليسيّة، حيث تم تفتيش وتخريب المنزل ومصادرة أجهزة حاسوب وهواتف متنقلة، وتم نقلها بوحشية للجيبات العسكرية ومن ثم إلى حاجز قلنديا العسكري، ومن ثم نُقلت إلى مركز تحقيق المسكوبيّة حيث شهدت التعذيب النفسي والجسدي القاسي لمدة تزيد عن الشهر.

كما حُرمت أبو غوش أثناء فترة التحقيق العسكري من الاحتياجات الصحيّة الخاصة، ولم يُسمح لها بالاستحمام أو استخدام الحمام إلّا بإذنٍ من المُحققين وبناءً على رغبتهم، وبعد انتهاء فترة التحقيق القاسي، قدمت بحقها لائحة اتهام تتضمن مشاركتها في أنشطة طلابيّة والتنسيق لمُخيّمٍ صيفي.

واعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 13,000 امرأة فلسطينيّة منذ العام 1967، وتستمر باعتقال النساء والفتيات الفلسطينيات، سواء من الشارع أو أثناء عبورهنّ الحواجز أو بعد اقتحام منازلهنّ ليلاً، مع اصطحاب كلاب بوليسيّة لترهيب العائلة وتدمير محتويات المنزل، وعند الاعتقال يقوم جيش الاحتلال بتعصيب عيونهن وتقييد أيديهن خلف ظهورهن، ووضعهن داخل الجيبات العسكريّة، ويتعرضن أثناء ذلك للتعذيب وسوء المعاملة.

ووفقًا للقانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكولاتها الإضافية، فإنّ سلطة الاحتلال مُلزَمة بحماية الأسيرات، ومُلزَمة بفصل النساء المعتقلات عن الرجال، وأن تكون إدارة السجن الذي تقبع فيه الأسيرات من السجّانات النساء، بالإضافة إلى وجوب توفيرها للاحتياجات الصحيّة الأساسيّة الخاصّة بالنساء.